كيف يُقيّم الخبراء تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل والتغير المناخي والحروب الإلكترونية؟
كيف يرى الخبراء تأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف والمناخ والحروب السيبرانية؟
آثار الذكاء الاصطناعي على البيئة لا تزال محدودة رغم النمو الكبير في تقنياته
رغم التوسع الكبير في استخدام الذكاء الاصطناعي في الآونة الأخيرة، ما زالت تأثيراته على البيئة محدودة نسبياً. في الوقت الذي تزداد فيه الحاجة إلى مراكز بيانات قوية لتشغيل هذه التقنيات المتقدمة، تظل هذه المراكز تعتمد بشكل رئيسي على الطاقة الكهربائية لتدريب تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وبحسب تقرير قمة سلامة الذكاء الاصطناعي الذي صدر هذا العام، تستهلك مراكز البيانات حوالي 1% من إجمالي استهلاك الطاقة في العالم، بينما يشكل الذكاء الاصطناعي حوالي 28% من استهلاك هذه المراكز للطاقة. مع تطور التقنيات وازدياد تعقيد المهام التي ينفذها الذكاء الاصطناعي، يتوقع أن تزداد هذه النسبة، مما يثير قلقاً بشأن قدرة الطاقة المتجددة على مواكبة هذا التطور. كما يشير التقرير إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تساهم في زيادة استهلاك المياه، التي تستخدم بشكل أساسي لتبريد مراكز البيانات، مما يمثل تحدياً كبيراً في مناطق تعاني من نقص المياه.
مخاوف بشأن تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل
أحد أبرز القضايا التي أثارها التقرير هو تأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف. يشير التقرير إلى أن الذكاء الاصطناعي قادر على أتمتة مجموعة واسعة من المهام التي يمكن أن تؤدي إلى فقدان وظائف بشرية، خاصة مع تقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي العام الذي يمكنه أداء وظائف متعددة. ومن المتوقع أن يكون لهذا التأثير عواقب كبيرة على سوق العمل، حيث يتوقع أن يفقد العديد من الأشخاص وظائفهم لصالح تقنيات الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، يشير التقرير إلى أنه في المقابل قد تُخلق وظائف جديدة تتعلق بتطوير وصيانة هذه التقنيات، لكن هذه الفرص قد تتطلب مهارات جديدة قد تكون بعيدة عن متناول الكثير من القوى العاملة الحالية.
وفقاً لتقرير صندوق النقد الدولي، فإن 60% من الوظائف في الاقتصادات المتقدمة، مثل دول الخليج والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، قد تتأثر سلبًا بتقنيات الذكاء الاصطناعي، مع احتمال فقدان أكثر من نصف الوظائف لصالح الأنظمة الذكية. ورغم أن البعض يرى في ذلك فرصًا جديدة، إلا أن هذه التحولات تتطلب انتقالًا سريعًا في مهارات القوى العاملة.
الذكاء الاصطناعي والحروب السيبرانية: خطر جديد يلوح في الأفق
أما في مجال الأمن السيبراني، فإن الخطر الأكبر يكمن في استخدام الذكاء الاصطناعي لتعزيز الهجمات السيبرانية، خاصة مع تطور تقنيات “التزييف العميق” (Deepfake) التي تُستخدم لإنشاء محتوى زائف يصعب اكتشافه. هذا التحسين في أساليب الهجوم سيجعل من الهجمات السيبرانية أكثر خطورة وتدميرًا، مع إمكانية أتمتة الهجمات وتوجيهها بشكل ذكي.
في هذا السياق، يشير التقرير إلى ضرورة تشديد التشريعات لمنع استخدام الذكاء الاصطناعي في هذا المجال، من خلال فرض قوانين صارمة ضد هذه الاستخدامات وتعاقب الشركات التي تتورط في هذه الأنشطة. أحد الأمثلة الواقعية على ذلك كان هجومًا سيبرانيًا تعرضت له سيدة فرنسية، حيث تم استخدامها في هجوم معزز بتقنية التزييف العميق، جعلها تصدق أن ثلاجتها المنزلية تتحدث إليها.
مخاوف من فقدان السيطرة على الذكاء الاصطناعي
فيما يخص مخاوف فقدان السيطرة على الذكاء الاصطناعي، يشير التقرير إلى أن هذه المخاوف ليست مجرد تصورات خيالية، بل أصبحت أكثر واقعية مع اقتراب الشركات من تطوير تقنيات ذكاء اصطناعي قد تتجاوز القدرات البشرية. ومع ذلك، يطمئن يوشوا بنجيو، الرئيس المشارك في “القمة العالمية لسلامة الذكاء الاصطناعي”، بأن التقنيات الحالية لا تزال تحت السيطرة البشرية، ولا يمكنها تنفيذ خطط معقدة على المدى الطويل. ولكنه يضيف أنه في حال تحققت هذه المخاوف، فإنها ستتطلب تدخلات قانونية وتشريعية لتقليل المخاطر.
تطوير أسلحة حيوية باستخدام الذكاء الاصطناعي
من جانب آخر، يشير التقرير إلى المخاطر المحتملة لتطوير أسلحة حيوية باستخدام الذكاء الاصطناعي. تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة قادرة على تصميم أسلحة تفوق ما يمكن أن يبتكره العلماء البشريون في مجال الأسلحة الحيوية، مما يرفع من مستوى التهديدات التي قد تؤدي إلى تهديدات حقيقية على البشرية. لكن التقرير يشير إلى أن غياب المعدات اللازمة لتنفيذ مثل هذه الأسلحة قد يحد من خطرها في الوقت الحالي.