عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 11-26-2012, 10:27 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي

16ـ استمرار الجهد التوفيقي:
لا يستطيع الناقد العربي الحديث أن يلتفت عن الاتجاهات الجديدة كلياً أو جزئياً، ولعله اعترف أخيراً ألا جدوى من مجانبتها والاكتفاء بالموروث العربي النقدي وحده، مما دعاه إلى الانخراط في جهد توفيقي بين مكونات الموروث النقدي ومؤثرات الاتجاهات الجديدة. واختار مثالاً لذلك ناقداً عربياً منتمياً إلى الموروث النقدي كلية في مرحلة تكونه الأولى، هو عبدالملك مرتاض (الجزائر)، وعرضت نموذجاً لهذه المرحلة كتابه «فن المقامات في الأدب العربي» (ط2 -1998 - وهو مكتوب في أواخر السبعينيات)، ثم ما لبث أن أخذ بالاتجاهات الجديدة، ولاسيما العلاماتية غالباً والتفكيكية قليلاً، وهذا واضح في كتبه، وكنت ناقشت عدداً منها، مثل ألف ليلة وليلة: تحليل سيميائي لحكاية حمال بغداد» (1993)، و«تحليل الخطاب السردي: معالجة تفكيكية سيميائية مركبة لرواية زقاق المدق» (1995)، و«مقامات السيوطي: تحليل سيميائي»(1996) فهو منذ مطلع الثمانينيات غاص عميقاً في محيط الاتجاهات الجديدة، ساعياً إلى نمذجة نظرية تتواءم مع الموروث النقدي في كتابين نظريين لمثل هذا الجهد التوفيقي، هما: «النص الأدبي: من أين؟ وإلى أين؟» (1983)، و«الكتابة من موقع العدم: مسارات حول نظرية الكتابة»(1999). كان الكتاب التنظيري الأول مقاربة نظرية وتطبيقية لمفهوم النص الأدبي لدى أصحاب الاتجاهات الجديدة، أما التطبيق فاتجه إلى نص للتوحيدي من كتابه «الإشارات الإلهية» (ص ص337-338)، وإلى إمعان النظر في مفاهيم البنى الإفرارية والبنى التركيبية والزمان والحيز والصورة والتركيبات الصوتية، وجلي أنها مفاهيم طالما اشتغل عليها العلاماتيون واللسانيون، وهم النقاد الذين مال إلى شغلهم النظري، بيد أن كتابه الثاني «الكتابة من موقع العدم»(1999) يعالج نظرية الكتابة في مسار أكثر استقلالية في رحاب الجهد التوفيقي بين الموروث العربي والجديد الغربي، مما يشي بوعي حاد للمعضلة، فثمة إقرار بألا سبيل لفهم نظرية الكتابة بمعزل عن إنجازات الاتجاهات الجديدة.
ويندرج كتابه «في نظرية الرواية: بحث في تقنيات السرد» (1998) ضمن محاولاته التوفيقية، في تسع مقالات هي:
- الرواية: الماهية والنشأة والتطور.
- أسس البناء السردي في الرواية الجديدة.
- الشخصية: المهاية - البناء - الإشكالية.
- مستويات اللغة الروائية وأشكاله.
- الحيز الروائي وأشكاله.
- أشكال السرد ومستوياته.
- علاقة السرد بالزمن.
- شبكة العلاقات السردية.
- حدود التداخل بين الوصف والسرد في الرواية.
ويلتمس المرء مؤيدات الجهد التوفيقي في الأمور التالية:
أولاً: تكييف علم السرد (من إنجازات الاتجاهات الجديدة لنقد القصة والرواية التقليدي)، وثمة توكيد على التوفيقية في فصله بين نقد القصة ونقد الرواية، لأن علم السرد لا يفصل بينهما، ولأن غالبية النقد التقليدي ينظر إلى فنون النثر القصصي، ومنها القصة والرواية، نظرة واحدة، لتكون الفروق بينهما داخل الجنس الأدبي الواحد. ويوضح عنوان مرتاض أنه يجمع بين نظرية الرواية في مأثورها التقليدي، وبين تقنيات السرد مما نهض بها علم السرد بفضل تطور الاتجاهات الجديدة، فقد رأى مرتاض «أن الكتابات العربية التي كتبت حول نظرية السرد بعامة، ونظرية الرواية بخاصة، تحتاج إلى إغناء وبلورة، وخصوصاً فيما يتمحض للتقنيات الخالصة التي تكتب بها الرواية»( ).
ثانياً: اضطرار مرتاض للتعويل في كتابة مادة هذا الكتاب على المؤلفين الغربيين، ولاسيما الفرنسيين وما ترجموه عن الإسبانية والروسية والألمانية والإنجليزية والإيطالية، حتى إنه اعترف بتعامله المطلق مع المؤلفين الغربيين في معظم مسار البحث( ).
ثالثاً: المزج بين نقد القصة والرواية التقليدي ونقد السرديات، على أن مراجعه لنقد السرديات من أرقى الكتب في بابها، ومن المعروف أن نقد القصة والرواية التقليدي صار إلى نقد أعم وأشمل وأكثر علمية في الغرب في الستينيات، هو علم السرد، بتأثير اكتشافين، أولهما نصوص الشكلانيين الروس، وثانيهما البنية، وكانت انطلاقة الاكتشافين من فرنسا بالدرجة الأولى، فكانت المراجع بالفرنسية هي الأهم والأكثر في مكتبة هذا الكتاب، وإن اعتمد على عدد من كتبه السابقة، وفي مقدمتها كتابه «تحليل الخطاب السردي: معالجة تفكيكية سيميائية مركبة لرواية زقاق المدق» (1995). وكنا لاحظنا في كتبه المتجهة لنقد الموروث السردي المتأثرة بالاتجاهات الجديدة أنه يجمع بين العلاماتية والتفكيكية والبنيوية. أما مراجعه بالفرنسية فتنتمي في غالبيتها إلى مأثور نقاد الاتجاهات الجديدة مثل بارت وتودوروف وغريماس وجينيت وبروب، بالإضافة إلى لوكاتش وجان ريكاردو وآلان روب جرييه وميشيل زيرافا على نحو أقل.
رابعاً: ينحو الكتاب منحى الكتابة الوظيفية استجابة لعاملين من نتاج الجهد التوفيقي، الأول تطلُع مرتاض إلى معرفة التقنيات والفنيات التي يصطنعها كبار الروائيين بوصفه روائياً أيضاً، والثاني ماله صلة بالرواية وكتابتها ولغتها ومكوناتها السردية بوصفه معلماً معنياً بتدريس هذا الفن. على أنه لم يقصد إلى كتابة هذا الكتاب عامداً، بل تجمعت له جذاذات وطوامير صارت إلى مقالات تسع( ). ويفيد هذا السعي إلى محاولة مرتاض تكييف مؤثرات الاتجاهات الجديدة مع حاجات الكتابة السردية العربية.
ولعلي أورد بعد ذلك بعض الملاحظات على محاولة مرتاض التوفيقية، وهي:
أولاً: يتعالى مرتاض على الجهود النقدية السابقة المكتوبة بالعربية في نظرية الرواية، وفي النصوص الروائية، وفي ترجمة الرواية الأجنبية إلى اللغة العربية، فالمترجَم، عنده، هزيل اللغة وضعيف الصياغة الأسلوبية، والمؤلَف ضعيف اللغة أيضاً( ). ولاشك في أن هذا التعالي أدخل في لغة التعممم غير النافعة.
ثانياً: تكاد الممارسة النقدية في هذا الكتاب تفتقر إلى المرجعية، لأن مرتاض لا يعيد نصه إلى مأثور محدد أو اتجاه معين، فثمة مرجعيات واتجاهات متعددة تتساكن في النص الواحد.
ثالثاً: لا يطرح الكتاب نظرية نقدية محددة متأثرة بهذه الاتجاهات الجديدة، لأنه لا يحيل إلى نظرية بعينها.
رابعاً: لا يوافي مشروعه النقدي جهود المؤصلين وكأنه يحرث في أرض بكر، بينما يشير واقع الحال إلى جهود كثيرة سابقة عليه، وقد عرضت لأغلبها، مثلما آل هذا المشروع إلى قطيعة معرفية مع التراث العربي النقدي الذي يعرفه مرتاض حق المعرفة في المصطلح من جهة، وفي مواصلة التقاليد السردية من جهة ثانية، ففي المصطلح لا يعتمد مرتاض المصطلح الموروث، ولا يعني بتطويره، بل يجتهد على الدوام وحيداً، على الرغم من وفرة الجهود السابقة، وأذكر أمثلة لتجاهله أو إغفاله للجهود الناجزة، فقد ترجم المأساة La tragédie بالمشجاة، والدراما La drame بالمأساة، والحكاية La fable بالملهاة..الخ، ولا يخفى أن المشجاة هي تعريب كلمة ميلودراما Melodrame. ثم عرّب Récits بالسرديات، والأفضل والأنسب هو قصص.
ويغفل الجهود السابقة في تعريبه للأسماء كأن يعرف التاء بطاء، وأن يرسم حروف الأسماء حسب تهجئتها مثل فولكنير، بينما تواضع المترجمون على فوكنر، وجينات (المقصود هو جينيت)، ويتضح ذلك في تعريبه للأسماء التالية:
ناتالي صاروت (يقصد ساروت)، وبالزاك (يقصد بلزاك)، وبيطور (يقصد بوتور) وهيسرل (يقصد هوسرل).
ويبلغ التجاهل مداه الأقصى في إنكاره لتواضع المترجمين على مصطلحات وأسماء مؤلفات، مثل La monologue (لا يذكر مصطلح النجوى)، ورواية ميشيل بوتور التعديل أو التحويل (يسميها العدول أو التحوير)، ورواية كافكا المسخ (يسميها التحول) ( ).
خامساً: الأخذ المطلق بالمصطلح الغربي كما عُرف بالفرنسية، وأتوقف عند جزء من المقالة الثامنة «شبكة العلاقات السردية» وعنوانه «العلاقة بين السارد والمؤلف والقارئ»، فقد غلبت على النص اللغة الفرنسية في المصطلحات والمفاهيم والأعلام( ).
أما هوامشه وعددها تسعة في هذا الجزء فكانت جميعها مأخوذة عن اللغة الفرنسية، أو هي مترجمة إلى الفرنسية مثل كتاب بوث المعروف عن «شعرية السرد»، أو كتاب كايزر «ما هي الرواية؟»، باستثناء الإحالة الوحيدة إلى مشاهد من مقامات الحريري( ).
17ـ ملاحظات عامة:
لاحظنا أن النقاد والباحثين قد شرعوا يأخذون بمعطيات من الاتجاهات الجديدة لنقد القصة والرواية منذ أواخر، ثم كانت محاولاتهم النظرية، تعريفاً بهذه الاتجاهات مترافقة مع نزوعهم وتلهفهم لتطبيق هذه الاتجاهات الجديدة، وحوت غالبية الكتب النظرية تطبيقات نقدية، ويمكننا أن نورد الملاحظات التالية:
أ- انحصر التحديث حتى مطلع السبعينيات بما يعرف بالنقد الجديد لدى النقاد الآنجلو سكسونيين، وعرب أحياناً باسم النقد الموضوعي( )، أو النقد التقويمي( )، أو النقد التقويمي التكاملي( ). ثم مال النقاد والباحثون، على نحو ضيق أو واسع، إلى التحليل البنيوي.
ب- نادراً، ما عمد الباحثون والنقاد العرب إلى الالتزام بمنهج نقدي ومعرفي واحد أو محدد في تنظيرهم، وإن عرفوا بمنظر أو بناقد بعينه مثل غريماس، أو لوسيان غولدمان، أو جيرار جنييت.
جـ- سعى بعض النقاد والباحثين إلى تصورات نظرية منهجية لشغلهم النظري، ولاسيما سعيد يقطين الذي قدم مشروعاً رائداً وكبيراً لتوطين منهجية علم السرد في النقد العربي الحديث، على الرغم من الملاحظات والانتقادات الكثيرة لهذا المشروع.
د- سادت عمليات الأخذ عن الغرب في النقد النظري، اجتلاباً وتكييفاً، مقابل القلة القليلة من المحاولات والاجتهادات لتأصيل هذه الاتجاهات الجديدة في النقد العربي الحديث. ولذلك غلبت الشروح والتعريفات والنقل التعريفي، على اعتمال النقاد والباحثين العرب بالحاجة إليها في بناء نقد عربي حديث.
هـ- يلاقي المرء صعوبة في الاهتداء إلى مصطلحات محددة لعلم السرد، لتوزع الجهود وتباين استيعاء هذه الاتجاهات الجديدة لدى المشتغلين بها، ما دامت الغلبة للترجمة والتعريب في النقد النظري ، وليس للتأليف والتأصيل.
و- ثمة ولع بالشكلانية لدى المهتمين بالعلاماتية وشعرية السرد أيضاً، فتكثر الرسوم والترسيمات والأشكال في نقدهم، فيما يلزم وما لايلزم.
ز- يكاد المرء يقع على شيء من قطيعة معرفية ومنهجية لغالبية النقاد والباحثين مع موروثهم النقدي وسيرورة تقاليد النقد الأدبي العربي الحديث.


الفصل السابع
نقد النقد التطبيقي المتأثر بالاتجاهات الجديدة
يصعب الفصل، كما ألمحنا، بين النقد النظري والنقد التطبيقي، فغالباً ما يضع النقاد والباحثون مقدمات نظرية تسوغ التطبيق تاريخياً أو اصطلاحياً أو منهجياً، أو استهدافاً، أو طريقة وأسلوباً. وقد لاحظت أن عدداً من الكتب التي ندبت نفسها للحديث نظرياً عن الاتجاهات الجديدة حوت دراسات تطبيقية كذلك، أي أن الفصل بينهما تستدعيه حاجات البحث. ولما كانت الدراسات التطبيقية هي الأغزر إنتاجاً قياساً إلى النقد النظري وقلته، فقد اخترت نماذج وافية تعبر عن المطلوب، وهو تلمس الاتجاهات الجديدة لنقد القصة والرواية والسرد في الممارسة، وعرضت نماذج متعددة مع مناقشة نقدية لعدد منها في كل منحى، وأوجزت بحثي للنقد التطبيقي في ثلاثة اتجاهات هي:
- دراسات ذات ميل أقل إلى الاتجاهات الجديدة.
- دراسات انتقائية للاتجاهات الجديدة.
- دراسات ذات ميل أكبر إلى الاتجاهات الجديدة.
1- دراسات ذات ميل أقل إلى الاتجاهات الجديدة:
تعامل عدد كبير من النقاد على استحياء مع الاتجاهات الجديدة، فمازجت لغتهم أو طرائقهم أو منهجيتهم أمشاج من هذا الاتجاه أو ذاك، وهي دراسات نقدية يغلب عليها العناية بالموضوع أو التطور التاريخي، أو دراسة الاتجاه. وكانت مثل هذه الدراسات الأكثر دوراناً على أقلام النقاد والباحثين العرب إلى وقت قريب، وهي تقوم على محاولات تطعيم النقد القصصي والروائي بأدوات فنية، ومزاوجة النقد التاريخي، بشيء قليل أو كثير، وهو نادر، من النقد الفني، ولربما كانت دراسة إلياس خوري (لبنان) الموجزة «تجربة البحث عن أفق: مقدمة لدراسة الرواية العربية بعد الهزيمة» (1974) الأكثر مراودة لتطعيم النقد التقليدي بروح جديدة، ولذلك تتداخل المصطلحات التاريخية والجمالية والاتجاهية والفنية في الدراسة الواحدة، كما في دراسة واسيني الأعرج (الجزائر) الواسعة «اتجاهات الرواية الجزائرية في الجزائر: بحث في الأصول التاريخية والجمالية للرواية الجزائرية» (1986)، وتنهض دراسات هذا النمط على تقصي جوانب الموضوع المعالج بوصفها فكرة تعبر عنها الرواية، أو كأن الرواية مطية لحمل هذه الفكرة، فيتحرك الباحث مع التاريخ السياسي غالباً، والاجتماعي والثقافي، بحدود متفاوتة، فيعرف بموضوعات الروايات، ويتلمس، على عجل، جوانب من فنيتها وجماليتها، دون أن يلتزم باتجاه نقدي معين، ومن أبرز ممثلي هذا النمط أذكر مصطفى عبد الغني (مصر) في كتبه «الخروج من التاريخ: عبد الرحمن منيف ومدن الملح» (1993)، و«نقد الذات في الرواية الفلسطينية» (1994)، و«الاتجاه القومي في الرواية» (1994).
استعان عبد الغني لكتابه الأول بعبارة مفتاحية من الرواية المدروسة لعبد الرحمن منيف «مدن الملح»، تشي بسمة دراسته الموضوعية في حضن التاريخ والأفكار معاً، والعبارة المفتاحية هي: «وقت الهزائم، وفي المنافي، يطيب الحديث عن التاريخ أو وهم التاريخ»( ). وقد غلب عبد الغني هذه الدراسة الموضوعية، أي دراسة الموضوعات، على الفنّ، حين سوغ منهجه التاريخي، المطعم بشيء من الفن، في مقدمته التي حملت عنوان «قبل القراءة»، وألحق كتابه بنص مهم، «هو بعض نصائح هاملتون ـ رجل المخابرات الإنجليزي الميكيافيللي ـ للأمير العربي المعاصر، وذلك لدلالتها في السياق الروائي»( ). أما موضوعات الدراسة، وهي فصول كتابه، فكانت: البطل الشعبي ـ الغرب القبيح ـ الرأسمالية التابعة ـ الخروج من التاريخ ـ العنوان والمفتتح ـ نهايات المدن ـ عن عناصر البناء، وهذا يعني أن عبد الغني التفت إلى الفن الروائي قليلاً في فصلين هما: «العنوان والمفتتح» و«عن عناصر البناء»، في صفحات قليلة من دراسته. أما كتاباه التاليان، فيخبر عنوانهما عن المنهج النقدي الذي يعنى بالموضوعات والأفكار بالدرجة الأولى، بينما ختم الكتاب الثالث بثلاثين صفحة من مجموع صفحات الكتاب الطويل (412 صفحة) عن أثر الاتجاه القومي في الشكل.
ضم الكتاب الثاني فصولاً عن عقدة الذنب في الأدب الإسرائيلي، اعتماداً على متواتر القول لدى نقاد الأدب الإسرائيلي والصهيوني مثل رشاد الشامي (مصر)، والانتقال من عقدة الذنب إلى نقد الذات في الأدب العربي الفلسطيني، في تيارات التمرد والتحرير والتعبير والغضب، والانتقال بعد ذلك من نقد الذات إلى استشراف المستقبل. وقد اعترف عبد الغني بخصائص منهجه على النحو التالي:
«استفدت هنا من عديد من المناهج التي هي أقرب لموضوعي من أية مناهج أخرى، فقد أفدت كثيراً من المنهج التاريخي والتحليلي، وأيضاً استفدت من المنهج الوصفي، وسعيت إلى أن أكون أكثر وعياً بالمنهج الموضوعي في تعاملي مع النصوص»( ).
ويستسلم عبد الغني لمنهجه التاريخي الذي يعنى بالموضوعات والأفكار، مع ملاحظات نزرة عن تأثير الاتجاه القومي في الشكل في كتابه الثالث، وعلى الرغم من إشارته في المقدمة إلى اعتماده على عدة مناهج هي النزعة التاريخية والنزعة الاجتماعية والنزعة البنائية، فإن سعيه لاكتشاف العلاقات بين البنى الذهنية والفكرية القائمة في النصوص الأدبية ومجموعات اجتماعية معينة، تتمثل في مرحلة زمنية محددة، ظل شاحب الملامح، وظلت العناية بالموضوعات والأفكار طاغية. وحاول عبد الغني الاعتذار عن ذلك بالإشارة التالية في المقدمة:
«لم نحرص على الحكي الروائي إلا بالقدر الذي يصل بنا إلى الخطاب الروائي، ومن هنا لم نول التسلسل البنائي للعمل أهمية كبرى، وإن لم نهمله تماماً فخصصنا له فصلاً كاملاً»( ). أما أبواب الكتاب فتناولت التحولات والبحث عن الهوية، ومن الوحدة إلى الهزيمة، ومن الثورة إلى الانتفاضة. وغني عن القول، إن مصطلح «الخطاب» يشير إلى النص السردي في علم السرد بما هو الحكي تمييزاً له من القصة، على أنها المدلول أو المضمون السردي، بينما نلاحظ تداخلاً في مفهوم الخطاب الروائي، والحكي الروائي في فهم عبد الغني وممارسته النقدية.
والناقد الثاني البارز في هذا النمط هو عبد الرحمن أبو عوف (مصر) في كتبه «الرؤى المتغيرة في روايات نجيب محفوظ» (1991)، و«يوسف إدريس وعالمه في القصة القصيرة والرواية» (1994)، و«قراءة في الرواية العربية المعاصرة» (1995)، و«فصول في النقد والأدب» (1996).
وقد وضع أبو عوف كتباً في القصة والرواية قبل ذلك، كان أولها كتابه المميز «البحث عن طريق جديد للقصة القصيرة» (1971)، وهو احتفاء بالأصوات الجديدة التي ظهرت في الستينيات في مصر، وتعبيرها عن حساسية فنية مختلفة، غير أن كتبه، في مجملها، لا تخرج عن منهجيته النقدية: العناية بالموضوعات والأفكار، والاهتمام قليلاً أو كثيراً بالفّن، ففي الكتاب الأول عن نجيب محفوظ، نقرأ الفصول التالية: الزمن الروائي عند نجيب محفوظ، بعد الواقع وبعد الفّن في رواية أفراح القبة لنجيب محفوظ، نجيب محفوظ والرؤى المتغيرة في رواياته، حضرة المحترم: الرؤية الفكرية ومستوى إبداعها، الواقع والحلم في حكايات حارتنا، الواقع والأسطورة في ليالي ألف ليلة وليلة لنجيب محفوظ، بعد الواقع ونجيب محفوظ في المرايا، مصداقية شهادة نجيب محفوظ على مرحلتي عبد الناصر والسادات، أنشودة الجنون في قصص نجيب محفوظ، نمط المثقف اليساري في روايات نجيب محفوظ، تحت المظلة وأنشودة القلق، نجيب محفوظ في خمارة القط الأسود، المرأة في أدب نجيب محفوظ. ونلاحظ في الفصل الأول الذي يحمل عنوان «الزمن الروائي عند نجيب محفوظ»، أنه سرعان ما تحدث عن المأساة الاجتماعية والمأساة الوجودية، واستغرق في شرح الموضوعات والأفكار، كمثل هذا المقتطف: «بمعنى آخر توحي هذه الروايات بأشكال ثلاثة للتمرد على أمراض هذه الطبقة الدائمة التشكل والتذبذب:
• التمرد الفردي وإتقان لعبة التسلق والتطلع والتحايل.
• ترديدات انتقائية لنوعيات متباينة لإيديولوجية يسارية تبشر بحل جذري.
• تلمس بناء رؤية مثالية جديدة تخلط بين منابع الدين الإسلامي والعلم، لها برامجها العملية الإصلاحية لحل المسألة الاجتماعية»( ).
وعندما خصص كتاباً ليوسف إدريس وعالمه القصصي والروائي، سار على المنوال نفسه، كما في هذه الفصول: دلالة الرؤية في العالم القصصي ليوسف إدريس، بعد الواقع والدلالة في رواية الحرام ليوسف إدريس، اغتيال الشرف في حادثة شرف، الطفولة، يوسف إدريس بين مرحلتين، آخر أعمال يوسف إدريس: نيويورك 80 ـ مبدع ينتهي أم مبدع يتعثر؟، الجنون في قصص يوسف إدريس، دلالة صمت يوسف إدريس عن الإبداع القصصي، عودة أمير القصة القصيرة يوسف إدريس للإبداع، غربة يوسف إدريس في بيت لحم، أمير القصة القصيرة يقرأ المستقبل. ولا يخفى أيضاً الطابع الصحفي على نقد أبي عوف وغلبة أسلوب مراجعة الكتب والتعليقات النقدية في دورية ما، كأن يختتم أحد الفصول على النحو التالي:
«هكذا هو يوسف إدريس عندما يتوهج يبدع إبداعاً فذاً، ويثير أكثر من مشكلة فنية وفكرية، ولكن في النهاية يجب أن نشير إلى أن المقدمة طويلة، وليست ملحومة عضوياً بموضوع القصة، ولكن هذا لا يمنع من روعتها»( ).
وعلى الرغم من أن كتابه «قراءة في الرواية العربية المعاصرة» تصدر بكلمة «قراءة»، فإن العناية بالشكل أو المبنى أو الفن الروائي ظلت على هامش بحوث الكتاب، مثل ذات والرواية الوثائقية، وانهيارات وتفكك المجتمع في وكالة عطية، ومصداقية الرؤية في العالم الروائي لبهاء طاهر، والهزيمة في بيوت وراء الأشجار، والبناء الأسلوبي في وردية ليل، والرواية عند إبراهيم عبد المجيد، وانكسار الروح لجيل الثورة، وقلب الليل. الرؤية والدلالة، ونموذج القبطي وإنتاج الدلالة في ثلاثية نجيب محفوظ، وبعد الواقع والأسطورة في أدب الطيب صالح، وغربة الفلسطيني في روايات جبرا إبراهيم جبرا، والخطاب الروائي والقمع عند عبد الرحمن منيف، الواقع والحلم في ثلاثية أحمد إبراهيم الفقيه، لغة الرمز في الحي الخلفي لمحمد زفزاف. ولو اخترنا فصلاً حمل عنواناً يشي بعناية بالفن، وهو «البناء الأسلوبي في وردية ليل» لما اختلف منهج أبو عوف النقدي في تغليب اهتمامه بالموضوعات والأفكار في ثوب المراجعة الصحفية غير الدقيقة أو الموثقة، كما في هذا المقتطف:
«ويتأكد هنا قول الناقد الروسي ميخائيل باختين: ظلت الرواية ردحاً طويلاً من الزمن موضع دراسة إيديولوجية مجردة وتقويم اجتماعي دعائي فقط.. كانت المسائل الشخصية لأسلوبيتها تهمل إهمالاً تاماً أو تدرس عرضاً، وبلا مبدئية. كانت الكلمة النثرية الفنية تفهم كما تفهم الكلمة الشعرية بالمعنى الضيق للكلمة، وبالتالي، كانت تطبق عليها تطبيقاً غير انتقادي مقولات الأسلوبية التقليدية، وأساسها المجاز، وكان يكتفي بتقويمها بأوصاف فارغة من تلك التي تطلق على اللغة كالتعبيرية أو التصويرية والجزالة والبيان، وما إلى ذلك دون تضمين هذه المفاهيم أي معنى أسلوبي محدد ومدروس»( ).
ولا يقع المرء في نقد أبو عوف على توثيق أو مرجعية، كما يظهر في هذا المقتطف، ولا نعرف متى يبدأ قول باختين ومتى ينتهي؟ وما حدود وظيفته النقدية؟ إنه كلام نقدي فني عام يستخدم بعض لغة الاتجاهات الجديدة ومصطلحاتها على سبيل الزينة والوشي. وأورد نماذج أخرى لمثل هذا النمط، ومن الكتب المعنية بالموضوعات والأفكار أيضاً، «عبد الرحمن الربيعي وتجديد القصة العراقية» (1977) لسليمان البكري (العراق)، و«الأدب الروائي عند غسان كنفاني» (1982) لرفيقة البحوري بن رجب (تونس)، و«المرأة الأنموذج في الرواية العربية الحديثة» (1985) لشمس الدين موسى (مصر)، و«القصة الطويلة في الأدب الأردني» (1985) لمحمد العطيات (الأردن)، و«القصة القصيرة في المملكة العربية السعودية» (1987) لسحمي ماجد الهاجري (السعودية)، و«الكتابة القصصية عند البشير خريف» (1988) لفوزي الزمرلي (تونس)، و«في نقد القصة والرواية بتونس» (1989) لنور الدين بن بلقاسم (تونس)، و«وعي العالم الروائي: دراسات في الرواية المغربية» (1990) لمحمد عزام (سورية)، و«التجربة الوجودية في اليوم الأخير لميخائيل نعيمة» (1990) لمحمد إبراهيم الحصايري (تونس)، و«صانع الأسطورة الطيب صالح» (1990) لأحمد شمس الدين الحجاجي (مصر)، و«العناصر التراثية في الرواية العربية في مصر: دراسة نقدية 1914-1986» (1991) لمراد عبد الرحمن مبروك (مصر)، و«الأنا والآخر في الرواية العربية الحديثة» (1994) لمنصور قيسومة (تونس)، و«الذات والموضوع: قراءة في القصة القصيرة» (1994) لمحمد قطب عبد العال (مصر)، و«النص والحرية: عبد الرحمن منيف» (1994) لأحمد مشول (سورية)، و«الوقائع والمصير: دراسة في أدب حسن صقر» (1994) لوفيق خنسه (سورية)، و«صورة المرأة في الرواية الأردنية» (1995) لأروى عبيدات (الأردن)، و«الإبداع الأدبي: المصادر/ المخاطر» (1995) لحسين عيد (مصر)، و«الشحاذ: أزمة وعي وانهيار عالم» (1996) لعبد الرزاق الهمامي (تونس)، و«ليلى العثمان: رحلة في أعمالها غير الكاملة» (1996) لعبد اللطيف الأرناؤوط (سورية)، و«الرواية العربية: الإشكال والتشكل» (1997) لمنصور قيسومة (تونس)، و«غائب طعمة فرمان: حركة المجتمع وتحولات النص» (1997) لخالد المصري (العراق).
وتنتمي إلى هذا النمط أيضاً الدراسات التي تعرف بالرواية الأجنبية، معتنية بالتاريخ وتطور الفن الروائي بصورة عامة، مثل «تفاحة آدم: دراسة في النظرة الفلسفية عند د. هـ. لورنس» (1980) لحنا عبود (سورية)، و«دراسات في النظرية الإنجليزية» (1981) لإنجيل بطرس سمعان (مصر)، و«الرواية اليابانية الحديثة» (1986) لعبد الواحد محمد (العراق)، و«مطالعات في الرواية الفارسية المعاصرة» (1986) لإبراهيم الدسوقي شتا (مصر)، و«دراسات في الرواية الأمريكية المعاصرة» (1989) لعنيد ثنوان رستم (العراق، والكتاب ترجمة وتحرير).
واكتفي بعرض بعض الملامح الدالة لهذا النمط:
1-1- عناية مفرطة بالأفكار: فقد وضع حنا عبود كتابه «تفاحة آدم» ليبرهن عن فلسفة د. هـ. لورنس الخاصة، كما في تقديمه الصريح: «وقد جرت العادة أن تستعرض المؤلفات حسب التدرج التاريخي. بيد أني اكتفيت برواية واحدة هي «عشيق الليدي تشاترلي» معتمداً على النسخة غير المعدلة ولا الملطفة، لأني اعتبر هذه الرواية ليس قمة أعماله فقط، بل اعتبرها خلاصة نظرته وفلسفته، ففيها يحدد مواقفه من قضايا عدة إلى جانب القضية الأساسية التي يوليها كل اهتمام، وهي قضية العلاقة بين الرجل والمرأة التي يعتبرها صلب كل أدب»( ).
1-2- اهتمام أساسي بالموضوعات: غلب على نقد النقاد والباحثين الاهتمام الأساسي بالموضوعات، حتى أن ناقدة أكاديمية تلتزم بمنهج النقد الموضوعي بممارسته الانجلو سكسونية هي إنجيل بطرس سمعان (مصر) تسوغ مثل هذا الاستخدام، وترهن استحداث الأساليب الفنية بالموضوعات:
«وتقدم الفصول الأربعة الأولى نماذج لتطور الرواية في فتراتها المختلفة هي فترة مولد فني أدبي جديد على يد أحد رواده الأول هو دانيال ديفو، ثم نموذج لفترة النضج على يد روائي كبير هو تشارلز ديكنز، ثم بعض ما شغلت الرواية الحديثة والمعاصرة ذاتها به من مشاكل الفرد في العصر الحديث، ومن استحداث لأساليب فنية تتفق وما تعالجه من موضوعات»( ).
ويشير استعراض فصول كتب نقاد وباحثي هذا النمط، كما رأينا عند عبد الرحمن أبو عوف ومصطفى عبد الغني إلى تغليب الاهتمام بالموضوعات على الفن.
فقد عالج أيضاً وفيق خنسه (سورية) في كتابه «الوقائع والمصير: دراسة في أدب حسن صقر» موضوعات عديدة مثل القضية الوطنية والقومية، وقضية فلسطين، من خلال التحالف العنصري النازي ـ الصهيوني، والطبيعة والمدينة وقضايا أخرى، بينما خصّ الفن بفصول قصيرة وقليلة مثل التهكم وبنيان القصة، وما يميز معالجته للموضوعات غلبة الحدوس، لذلك تكررت كلمة حدس وحدوس كثيراً، وجرى تجاهل السرد والفن القصصي، ومال إلى شرح المضمون والعناية الشحيحة بالدلالات والرموز، بينما تنعدم العناية بالتوثيق والمرجعية، وتتوالى الأحكام غير المعللة وغير المدلل عليها، كما في حديثه عن «المدنية في قصص حسن صقر» حين يورد أسماء شعراء، والأحكام على شعرهم، من دون الإشارة المرجعية المطلوبة، بينما كان الأولى أن تكون المقارنات مع قصاصين وروائيين مثل حسن صقر( ).
ويفصل خالد المصري (العراق)، نموذجاً آخر، دراسة الموضوعات عن دراسة الفن في كتابه «غائب طعمة فرمان: حركة المجتمع وتحولات النص»، وإن كانت لغته النقدية أقرب إلى لغة الاتجاهات الجديدة من سواه، كما في قوله:
«إن فرمان، بهيمنته على كلية العمل الروائي، يخلق شخصياته، ويخلق معها آلامها وآمالها وهمومها وأفكارها، ويلقي بها في أرضية الصراع، وهو عندما يتيح المجال لشخصياته أن تتصارع أمامه وأمامنا يوهمنا أنه يقف في منطقة الحياد. إن فرمان كثيراً ما يسمح لشخصياته أن تعرض أفكارها وتطرح همومها، وهو بهذا يسعى لتشخيص حالة ما باستظهار كافة جوانبها، يحدد هويات الشخصيات، ويدفعها في مسارات تتعرف من خلالها على الأفكار المتعارضة والمواقف المتقاربة والمتناقضة. وقد تجلى هذا كثيراً في أعمال فرمان الروائية التي اعتمدت، في معظمها، على بناء مؤسس على إبراز وجهات نظر متعددة»( ).
وعندما نمعن النظر في هذا الصوغ النقدي نعرف أن المصري لا يلتزم بمنهج جديد من المناهج التي تستهدي بالمناهج النقدية الحديثة مثل علم الاجتماع الأدبي، وهو الأقرب لكتابة المصري، بينما يرتهن المصري للنظرية الماركسية في فهم الواقعية الاشتراكية، ولا سيما الانعكاس والمطابقة بين مجتمع الرواية ومجتمع الواقع، بينما للرواية مجتمعها الخاص، كما في قوله:
«ولدى تصدينا لبعض أعمال فرمان الروائية ألفينا أن هذه الأعمال تنوي إثارة قضايا مركزية، والتنبيه عليها، وهي تتوزع على المحاور التالية:
جدل الثبات والتحول.
البحث عن الفعل الحقيقي.
البحث عن الذات.
نقد الذات.
وفي نقاشنا لهذه المحاور وكشفنا عن أبعادها، كما تعتمل في النص الروائي سنميل، أحياناً، إلى التنقل بين مجتمع الرواية ومجتمع الواقع، لأن الأخير هو المرجع الذي صدرت عنه بعض الأحداث والأفكار الجاهزة التي أدرجت، فيما بعد، ضمن بنية فنية فغدت مكوناً من مكوناتها الرئيسة»( ).
1-3- اهتمام أساسي بالتطور التاريخي: يضعف الاهتمام بالفن لصالح الاهتمام بالتطور التاريخي، واخترت دراسة سحمي ماجد الهاجري (السعودية) نموذجاً في كتابه «القصة القصيرة في المملكة العربية السعودية منذ نشأتها حتى عام 1384هـ 1964م»، فهو يخص التطور نحو الفنية والصياغة الفنية بأقل من ربع صفحات كتابه الكبير (465 صفحة من القطع الكبير). ويستخدم الناقد مصطلحات حديثة على سبيل الشرح وإيضاح الموضوعات( ).
وهذا الاهتمام بالتطور التاريخي واضح لدى نقاد وباحثين آخرين، مثل عبد الواحد محمد (العراق) في كتابه «الرواية اليابانية الحديثة»، كما في عرضه لكتاب نقدي ياباني عن جوهر الرواية الذي يشير إلى تطور النظرة إلى فنية الرواية:
«وهذه الموضوعة هي أن الرواية شكل من أشكال الفن الخالص الذي لا يحتاج إلى تبرير يتعدى وجوده المجرد. وأنه مهما تعلم القاريء، أو استمد منها من دروس أخلاقية أو روحية، فستظل تلك الدروس عرضية بالنسبة لقيمة الرواية النهائية كعمل فني»( ).
1-4- اهتمام قليل بالفن: تتحول الاستفادة من لغة الاتجاهات الجديدة أو مصطلحاتها أو بعض طرائقها، إلى غلبة لشرح المضمون، فقد عالج محمد محمود عبد الرزاق (مصر) في كتابه «فن معايشة القصة القصيرة» موضوعات عديدة مستفيداً من الاتجاهات الجديدة على نحو قليل، ففي مناقشته لأسلوب القص عند صلاح عبد السيد، على سبيل المثال، نلاحظ أن النقد الفني برمته يصير إلى شرح للمضمون( ).
وثمة نموذج ساطع لذلك لدى فوزي الزمرلي (تونس) في كتابه الكبير «الكتابة القصصية عند البشير خريف»، فهو يعرف الاتجاهات الجديدة، وإمكانيتها الهائلة في العناية بالفن القصصي وعلم السرد، ولكنه لا يذهب عميقاً في استخدام معرفته( ).
1-5- الحيرة المنهجية: تعكس الكتابات النقدية لدى بعض نقاد هذا النمط وباحثيه شيئاً من حيرة منهجية، وقد اعترف بمثل هذه الحيرة مراد عبد الرحمن مبروك (مصر) في كتابه «العناصر التراثية في الرواية العربية في مصر: دراسة نقدية 1914-1986»، فهو يعتقد أن الشكل في الرواية العربية «كان شكلاً أوروبياً يحاكي الأشكال الروائية الأوروبية، بينما كانت المضامين تراثية تعتمد على صياغة الأنماط التراثية في شكل روائي»( ). ولا شك في أن هذا الرأي لا يمكن تعميمه، فليس الشكل الروائي العربي كله تقليداً أوروبياً( ). ثم يعترف بحيرته المنهجية في دعوته لتشكيل نظرية بصدد ظاهرة استلهام التراث في الرواية العربية:
«ووقعت في حيرة وتردد بين الأشكال الأوربية ومقتضيات واقعنا العربي الحاضر، فقد أثبت تطور الأشكال الأدبية أن الحياة لا تقبل إلا ما ينسجم معها ويلبي حاجاتها»( ).
1-6- الحديث عن الفن زينة: يستخدم بعض الباحثين والنقاد في نقدهم حديثاً فنياً يستعين بعلم السرد، دون توظيفه، فيبدو وكأنه زينة أو توشيح للنقد، كما في كتاب محمد قطب عبد العال (مصر) لذات والموضوع ـ قراءة في القصة القصيرة» (1994)، فهو، مثل كثيرين، من النقاد الجادين الذين يطورون نقدهم باتجاه الاستفادة من الاتجاهات الجديدة على قلة، ولكن هذا الاستخدام لا يجعل منه منهجاً، بالقدر الذي يتلفع فيه النقد بشيء من علم السرد توصيفاً، لا تحليلاً شاملاً للنص السردي( ).
2- دراسات انتقائية للاتجاهات الجديدة:
سعى عدد كبير من النقاد والباحثين إلى الاستفادة من اتجاه معين أو أكثر، قاصدين إلى مواءمة منهجية، أو إلى تعديل مناهجهم السابقة، وممارسو هذا النمط واثقون غالباً من اتجاهاتهم التقليدية التاريخية أو الأيديولوجية أو الأسلوبية.
2-1- الإيديولوجيا: تبرز الانتقائية لدى النقاد والباحثين المتمترسين وراء أيديولوجيات معينة، ولا سيما الماركسية، واذكر نموذجاً لهم كاسوحه (سورية) في كتابه «المنفى السياسي في الرواية العربية: حيدر حيدر حنامينة» (1990)، و«الرؤية الإيديولوجية والموروث الديني في أدب حنا مينة» (1991)، ولربما كان الكتابان نموذجاً صارخاً للنقد الإيديولوجي بوصفه معوقاً من معوقات تقدم النقد الأدبي العربي، فالناقد يعترف بطغيان النقد السياسي والفكري عما سواه من العناصر الأخرى، فيحترز بالقول: «فإنه لابدّ من الإشارة إلى أن «وليمة لأعشاب البحر» هي رواية سياسية ذات بعد إيديولوجي مميز وواضح، لكن هذا لا يعني أنه لا يمكن إخضاعها إلى مناهج نقدية متعددة ومختلفة»( ).
ويشير إلحاح الناقد على التماهي والانعكاس والنمذجة، ضمن مفهوم المحاكاة التي تعني النقل المباشر للواقع إلى ابتسار النقد الإيديولوجي واحتباس الرؤية وضيق الأفق، كما في هذا الرأي عن حنا مينة:
«تبقى رواية «الثلج يأتي من النافذة» عبارة عن محاكاة صادقة وأمينة للواقع في مرحلة تاريخية معينة عاشها بطل الرواية فياض في خارج وطنه. لكنها، في الوقت نفسه تظل تفتقر إلى عنصرين أساسيين هما: التشويق الروائي، والتخييل الأدبي، وهذا ما جعلها تندرج ضمن الواقعية الميكانيكية الباهتة»( ).
ومن الواضح، أن هذا النقد الإيديولوجي ميكانيكي أكثر من اللزوم، فكيف تصح هذه الآراء التي تنفي عن رواية جيدة أهم عنصرين فيها؟ وكيف يبيح الناقد لنفسه حق إطلاق الأحكام جزافاً، دون تسويغ، على أنها جزء سيري، نافياً عنها صفتها التخييلية( ).إن الناقد مولع بالأحكام خلل وهم الواقعية وانعكاس الواقع، كمثل قوله:
«لقد بقيت رواية «الربيع والخريف» لاهثة خلف الواقع، ولم تستطع حتى مواكبته، فالواقع لم ينعكس في هذا العمل الروائي بشكل صحيح، كما لم يكتسب فيه مضامين جديدة، بل بقي أغنى وأعمق بكثير مما صوره به حنا مينة الذي أثبت عجزاً واضحاً في مسألة التخييل الروائي عندما كتب الرواية السياسية»( ).
وأعاد الناقد إنتاج أحكامه المطلقة المتعسفة في كتابه الثاني «الرؤية الإيديولوجية والموروث الديني في أدب حنا مينه»، على الرغم من استعانته ببعض مصطلحات النقد الأدبي، وثمة دراستان في كتابه من أصل سبع دراسات مأخوذتان من كتابه الأول. واستخدم كاسوحة المفاهيم الجدانوفية حول أهمية الكاتب البارزة، «بينما طروحاته في التغيير الثوري لعلاقات الإنتاج، لم تكن تتناسب مع حجم طموحاته، بل جاءت متخلفة عنها كثيراً»( ).
ولا يعرف المرء كيف ذلك؟ ما قيمته نقدياً؟ وكذلك تتردد في متنه مصطلحات غير نقدية، مثل الأحكام القاسية حول الفعل النضالي والتعبير عنه بعد الاستقلال، وروح المهادنة، وبروز الميول الإصلاحية والتصالحية، وفتح الثقة التامة للبورجوازية الصغيرة، وسقطة الروائي الفنية والسياسية في روايته «المرصد»، وغلبة التهويمات السياحية في «الربيع والخريف»، ووصف الروائي بمثقف بورجوازي صغير ممتلئ بالانفعالات العاطفية، واستمراره عند عقلية الخمسينيات نتيجة دوغمائية عقائدية، والإدانة الشاملة لبطله الذي تخطاه الزمن.. الخ( ).
وهذه الأحكام القاسية نموذج لنقد يتذرع بالمصطلحات الفنية للإدانة الجائرة والتعسف المطلق، ولعلنا نكتفي بمثل هذا الشاهد المنفر:
«وقد لمسنا افتقار أعمال حنا مينه إلى البعد الفلسفي والعمق النقدي، وإلى الاستبطان السيكلوجي لشخوص رواياته الذين تميزوا بضحالة فكرية واضحة»( ).
2-2- الجمالية: استطاع شاكر النابلسي (الأردن) أن يطوّع نقده الأسلوبي لاحتضان بعض معطيات الاتجاهات الجديدة بما يكشف عن جمالية القصة والرواية، كما في كتبه الكثيرة، ولا سيما «مذهب للسيف ومذهب للحب: رؤية نقدية لأدب نجيب محفوظ من خلال روايته الشاملة ليالي ألف ليلة» (1985)، و«فض ذاكرة امرأة: دراسة في أدب غادة السمان» (1989)، و«مدار الصحراء: دراسة في أدب عبد الرحمن منيف» (1991)، و«جماليات المكان في الرواية العربية» (1994).
كتب النابلسي نقده للقاريء العادي حسب اعترافه في مقدمة كتابه «مدار الصحراء»( )، وأنه لم يلتزم بمدرسة نقدية معينة، بقدر ما أخذ «وسائل نقدية مختلفة، من مدارس نقدية متعددة.. ذلك أنني اعتقد بأنه من مصلحة القارئ، وهو مستهلك النقد الأول، أن يتم الفصل النقدي من خلال أدوات مختلفة، وصولاً إلى الفعل النقدي التام»( )، واعترف أيضاً أنه اعتمد في دراساته على ما سوف يكتشفه بنفسه في ضوء ما قرأه من جماليات المكان في الرواية الغربية( ).
يقوم نقد النابلسي على قراءة ذوقية انطباعية للرواية موظفاً بعض تقانات الاتجاهات الجديدة، على نحو شديد التبسيط، مما ينم عن استيعاب واضح لآليات النقد الجديد في الغرب، ومتجنباً في الوقت نفسه الارتهان لهذه الآليات، ولذلك تتصادى في نقده مصطلحات: بناء الشخصيات المعماري، كيمياء الرمز، بطولة إلى المكان، دوالي الزمن، الهندسة الروائية، التكوين اللغوي، معمارية الشخصيات، جماليات المكان وتشكيلات الزمان، معمارية الخلايا التعبيرية، بنائية الملحمة الروائية، دلالات الصور الفنية الطبيعية، جماليات أمكنة المجمعات السكنية، جماليات أمكنة المسارات والمصبات، جماليات أمكنة السكن الكبرى، جماليات أمكنة السكن الصغرى، جماليات أمكنة المأكل والمشرب، جماليات الأمكنة الطبيعية، جماليات أمكنة الليل والنهار، جماليات سجون الإنسان والأشياء، جماليات الفصول الأربعة كأمكنة.
غير أن دراسة علي نجيب إبراهيم (سورية) لجماليات الرواية أكثر منهجية واتساقاً في كتابه «جماليات الرواية: دراسة في الرواية الواقعية السورية المعاصرة» (1994)، فهو يمهد في فصله الأول لفهم الانتقال من علم الجمال العام إلى جماليات الرواية، شارحاً منهجه التطبيقي في سيرورته الجمالية ووسائله التقنية ومثله الجمالية، ويمعن النظر في البطولي والسامي في الرواية الواقعية السورية بعامة، وفي روايتي «الياطر» و«الشراع والعاصفة» بخاصة، وفي التحولات الاجتماعية والقيم الجمالية في الرواية الواقعية السورية بعامة، وفي رواية «الخيول» بخاصة، وفي سقوط المثل الأعلى الوطني بعامة، وفي رواية «قلوب على الأسلاك» بخاصة، وفي القيمة الجمالية بين صعود البورجوازية الصغيرة وسقوطها بعامة، وفي رواية «ينداح الطوفان» بخاصة، وفي الثورة الجمالية للشكل الروائي والثورة الاجتماعية في «ألف ليلة وليلتان»، وفي المسافة الجمالية بين عالم الرواية وعالم الواقع. وتفصح الخاتمة عن فلاح الناقد في تناول الرواية في سياقها الجمالي والتاريخي، مستعيناً ببعض منهجية البنيوية، كما في قوله:
«لكننا نميز في إطار أوسع ضربين من المقولات الجمالية الظاهرة في الشكل الروائي للنصوص التي حللناها:
أ- مقولات بنيوية إيجابية كالتناسب المحقق في رواية «الياطر» عن طريق التناقض بين القوى المحولة وقوى التوازن، وإن كان يمكن صقله أكثر لو أن الكاتب نظم قليلاً أفكار الراوي المصبوبة في جملة واحدة لا تقسيم فيها ولا فواصل.
ب- مقولات بنيوية سلبية كالتفكك الذي يعتري حكاية رواية «المذنبون»، والخلل الداخلي في حبكات رواية «ينداح الطوفان» الناتجة عن تدخلات الكاتب المستمرة في حياة شخصياته، وفي مخابئ مشاعرهم وأفكارهم»( ).
نقد علي نجيب إبراهيم جمالي فني تقني يوازن بين البنية والدلالة إلى حدود مقبولة، مما أتاح للناقد استبصاراً دلالياً نابعاً من فهم البنية في تشكلاتها الجمالية والفنية، ولا تخفى استفادة الناقد من بعض معطيات الاتجاهات الجديدة.
ونقع على مثل هذا النقد، لدى محمد بدوي (مصر) في كتابه «الرواية الحديثة في مصر: دراسة في التشكيل والإيديولوجيا» (1993)، في تصديه لدرس علاقة الشكل الروائي بالبنية الاجتماعية، متخذة من الإنتاج الروائي لروائيي الستينيات ميدان عمل لها. وعلى الرغم من الأخذ المنهجي والنظري عن الغرب، فإن الناقد ينقد أيضاً المركزية الأوروبية النقدية:
«ويرى الباحث أن كثيرين ممن يلوكون هذه المقولة غير جادين في استعمالها. ما دام عملهم النقدي، يبدأ من مقولات جاهزة تقسر النص العربي على الانصياع لها. إننا نحيا في إهاب ثقافة فقدت عقلها النقدي، ولكي نجاوز شرك التبعية. ينبغي أن نعاند لاستخلاص جناحها العالق بهذا الشرك. شريطة أن نعي أن جناحنا عالق حقاً به. وأول شروط نجاح هذه المعاندة كامن في البدء بالنصوص.
لست أدعو طبعاً إلى ضرب من الانطباعية. ولكني أدعو إلى أن نأخذ النظريات الغربية بوعي وحذر»( ).
التفت بدوي إلى مغامرة الشكل الروائي، من خلال بعض آليات الاتجاهات الجديدة: جدل التاريخ المعيش والذاكرة التاريخية، استراتيجية السمر الريفي، جماليات التشكيل الفولكلوري، قناع التاريخ والمعارضة النصية، النص المغاير، أسطرة المكان والشخصيات، استراتيجيات تعدد اللغات والمنظورات. ودرس، بالتفصيل، الجمالي في السياق التاريخي والاجتماعي. ولعل استعراض جانبمن تحليلاته واستبصاراته النقدية، يوضح استخدام بدوي اليقظ لعديد من آليات الاتجاهات الجديدة:
«فالبوليفونية تتجلى في «الزيني بركات» وتتفاعل في «التجليات»، وتكسر الأزمنة جلي في «نجمة أغسطس»، ويكاد ينعدم في «اللجنة». ورواية الصوت الواحد موجودة في «رامة والتنين»، شاحبة في «الزمن الآخر». وجماليات التشكيل الفولكلوري واضحة في «أيام الإنسان السبعة» بالغة الشحوب في «محاولة للخروج». وعلى مستوى آخر، نجد الترميز واللجوء إلى القناع التاريخي والمعارضة في «الزيني بركات» متجاوباً مع سيادة القهر وتضخم أجهزة أمن الدولة. لكننا نجد في الفترة نفسها شكلاً مغايراً محطماً للمواضعات واللغة المتعالية غير التاريخية في «تلك الرائحة»( ).
3-2- السردية: عمد عدد غير قليل من النقاد والباحثين إلى استعمال بعض آليات عمل السرد، كما هو الحال مع بدري عثمان (لبنان) في كتابه «بناء الشخصية الرئيسية في روايات نجيب محفوظ» (1986)، فقد اختار هذا الناقد شيئاً من خصائص البنائية( ) والسردية، اعتماداً على الموروث البروبوي والبارتي (نسبة إلى بروب وبارت). فقد أورد عثمان في مقدمته آراء عجيبة، كأن يجزم «أن الأشكال الروائية التي ظهرت قبل روايات نجيب محفوظ، أو معها، لا تتجاوز نطاق الإرهاصات الأولى»( )، أو أن ينسب كتاباً اسمه «إبراهيم الكاتب» لمصطفى ناصف، وهو رواية لإبراهيم عبد القادر المازني في الصفحة نفسها، أو أن يستنكر في الصفحة التالية إطلاق كلمة رواية على روايات نجيب محفوظ التاريخية، وبعض الروايات الأولى لتوفيق الحكيم ومحمد حسين هيكل، أو أن يغفل عن التراث القصصي العربي، أو أن يغرق في الكلام الإنشائي الذي لا طائل وراءه( )، أو أن تأخذه السذاجة والتبسيط المخل، حين يشبه كلاماً لمحمود أمين العالم بمفهوم الجاحظ للأدب( ). غير أن عثمان ما يلبث أن يستعين بمعطيات بنيوية سردية، مثل أنماط بناء الشخصية: الواقعي التصويري التركيبي للشخصية الرئيسية، وأن يسوغ منهجه البنيوي جزئياً، وأن يحصره ببعض المصطلحات: «وقد استعان الدارس ببعض المصطلحات الحديثة المستخدمة في المنهج البنائي، ولكن في حدود ضيقة جداً وذلك لأن هذه المصطلحات، تعبر عن قاموس نقدي جديد لم يستقر بعد، كما أن الإيغال في استخدامها، قد يخرج العمل الفني عن طابعه الإبداعي الذي لا يساوي فيه إلا نفسه»( ).
إنها آراء غريبة لا تنتظم في منهجية محددة أو متآلفة، فغلبت على الدراسة شكلية وبنيوية ودلالية مما يندرج في المنهج العلامي، وثمة استخدام واسع لوظيفة التصوير اللغوي، وللوحدات اللغوية والوظائف، وللتصوير والوصف في تحليل بناء الشخصية الرئيسية.
وختم عثمان كتابه بالدعوة إلى نقد نصي، الرواية بما هي لغة، واستنتج ما يلي:
• اتخاذ الشكل أو القالب اللغوي مقياساً أساسياً في بناء نجيب محفوظ للشخصيات الرئيسية.
• جاءت المحاولات التحليلية مرة، والوضعية الاستنتاجية مرة ثانية، لبنية الشخصيات الرئيسية، قائمة على ما للغة من نشاط دلالي فعال.
• كشفت الدراسة التحليلية للنصوص الروائية، على شيء مهم في عالم هذا الفنان، وهو أنه يوجد وراء مختلف الأبعاد المحسوسة والمرئية للشخصيات الرئيسية، رؤية فنية وفكرية شاملة تبدو بمثابة الينبوع الذي بتوقفه، تفتقد الحياة توازنها وعطاءها، وهو يتمثل في توقف معنى العدل الإنساني عن التحقق في الحياة.
• بنيت شخصيات نجيب محفوظ الرئيسية، باعتبارها مجموعة صور لوجود تناقض صارخ بين ما هو كائن فعلاً في الحياة، وبين ما يجب أن تكون عليه.
• محاولة تقديم طريقة خاصة في التحليل اللغوي للنصوص الروائية.
• يرى الدارس أن نجيب محفوظ، كظاهرة لغوية فنية، لا تزال بحاجة إلى مزيد من الدراسات البناءة القائمة على فحص اللغة وتحليلها( ).
ثمة تداخل في معالجة عثمان للسرد، جعله يمزج بين عدة مناهج وصفية وبنيوية وسردية. وقد اختار مدحت الجيار (مصر) بعض معطيات السرد في كتابه «السرد النوبي المعاصر» (1994)، فدرس «مجمل النصوص النوبية المعاصرة، كظاهرة واحدة، ذات تجليات مختلفة، تحتاج إلى تأمل نقدي وجمالي ومضموني»( )، وهكذا، عني الجيار بالسرد الأدبي من خلال روايات نوبية معينة، باحثاً عن سياق السرد النوبي، وخصائصه بين التناص والتعالق النصي. وتحفل صفحات كتابه بتحليلات ذكية للسرد، ولو على سبيل الإجمال والشرح:
«كما تزدحم الرواية بصيغة السؤال، فلا تخلو صفحة في هذه الرواية من علاقة استفهام أو تعجب، وهذه التقنيات اللغوية الأسلوبية، تواءمت مع موضوع هذه الرواية السياسية التي غلب عليها حس المحقق، والسائل والمسؤول، وانتظار الإجابة»( ).
2-4- التاريخ والفن: يواءم بعض النقاد والباحثين العرب بين التاريخ والعنصر في ممارستهم النقدية، فينجزون نقداً تقليدياً مطعماً بمعطيات من الاتجاهات الجديدة، كما هو الحال عند محمد رجب الباردي (تونس) في كتبه «شخص المثقف في الرواية العربية المعاصرة» (1993)، و«الرواية العربية والحداثة جـ1» (1993)، و«حنا مينه روائي الكفاح والفرح» (1993).
يلتزم الباردي إلى حد كبير، بنهاجية النقد التقليدي الشارح الواصف، وتكاد تندرج دراسته عن شخص المثقف في دراسات الموضوع، كأن ينصرف إلى تصنيف بيئة المثقف أو تنزيل الصورة في المكان، وعمر المثقف أو تنزيل الصورة في الزمان، ووضعية المثقف الاجتماعية أو تنزيل الصورة في البيئة الاجتماعية، ووضعية المثقف السياسية والدينية أو تنزيل الصورة في البنية الفوقية. وثمة معالجة لسلوك المثقف تجاه قضيته، والمثقف ومواقفه من المثقف والمرأة والجنس والثورة والغربة، بيد أن الباردي لا يبين ذلك من خلال دراسة النص أو السرد، ناهيك عن إغفاله الإجابة عن أسئلة أخرى، فماذا عن المثقف المنفي إزاء مهاجره وانتمائه؟ وماذا عن المثقف والسلطة؟ وماذا عن أشكال المثقف المناضل والعضوي؟.( )
ويتناول الباردي في كتابه عن الرواية العربية والحداثة علاقات التأثير والتبادل بين الرواية الجديدة في فرنسا والرواية الحديثة في مصر من خلال أعمال صنع الله إبراهيم وجمال الغيطاني ويوسف القعيد، فترد بعض طرائق الاتجاهات الجديدة ومصطلحاتها في نقده، ويلاحظ على مستوى الشكل التناص في الرواية المصرية وغيابه في الرواية الفرنسية، وعلى مستوى المضمون بروز معاني السخرية والجنس والسلطة في الرواية المصرية بينما تكاد تغيب في الرواية الفرنسية. إنه منهج تقليدي ذو تلوينات بنيوية وشكلية في تتبع تفاصيل الحكاية أو الحبكة أو طبيعة الشخوص( ).
وتكثر في السياق التباسات المعلومات وضعف التدقيق في المصادر والمراجع مثل:
• مجلة «غاليري»، وليس فاليري ص21.
• ذكر أن أدوار الخراط شرع في كتابة روايته «الحيطان الأربعة» في الأربعينيات، ولكنه نشرها لأول مرة سنة 1958. والصحيح أن العنوان هو «حيطان عالية»، وأنها قصص، وليست رواية. ص22.
• استخدام مصطلح «ما بعد الحداثة» دون تحديد ص54.
• لا يلتزم المأثور لدى مترجمي أعمال الرواية الجديدة الفرنسية.
• رواية الغيطاني الأولى هي «الزيني بركات»، وليس «الزويل» ص54 (قارن مع ص124).
• بدأ الغيطاني النشر في مجلة «القصة» (القاهرة) ص57، وليس كما ذكر الناقد.
• أولغا بارنال أنثى، وليست ذكراً ص7.
• ثمة طبعة صودرت من «تلك الرائحة»، بينما نشرت، على نطاق عربي، مجلة «شعر» البيروتية الرواية في أحد أعدادها ص87.
• لا يوضح مصطلح «كتاب» أو «رسالة» ص108.
• الطبعة الأولى من «رسالة في الصبابة والوجد» هي طبعة دار الهلال، وليست طبعة دار الشروق ص125.
وأشير إلى بعض مظاهر النقد التقليدي وتطعيمه ببعض معطيات الاتجاهات الجديدة:
• اصطناع أوجه تشابه بين الرواية الجديدة الفرنسية والرواية الحديثة في مصر ص61 (قارن ص366).
• تعريف مفهوم السرد التقليدي ينتمي إلى النقد الأنجلوسكسوني ص95.
• الاستشهاد، على ندرة، بالشكلانيين الروس - توماشفسكي ص209، والبنيويين - تودروف ص210، والميثاق السردي للالتزام 282، واستخدام مصطلح الوظيفة Motive للحافز، شأن كثير من النقاد في المغرب العربي، ص248.
• التعويل المبالغ فيه على تصريحات المؤلف إزاء مؤلفاته؟! ص302.
وكان الباردي واضحاً في منهجيته التقليدية في كتابه عن حنا مينة، فتناول سيرة حنا منيه إنساناً وكاتباً، مطابقاً بين السيرة الشخصية والكتابة الروائية، ومسمياً بعض رواياته بالروايات الأوتو بيوغرافية (السيرية) معتمداً على لوجون( )، وعد «الربيع والخريف» جزءاً ثالثاً من ثلاثيته السيرية «بقايا صور» و«المستنقع»، بينما الجزء الثالث هو «القطاف».
وثمة ملاحظة تصيب مثل هذا النقد المولع بأحكام القيمة والتفضيل، فقد رجح أن أهم ما قرأناه عن حنا مينه هو كتاب محمد كامل الخطيب وعبد الرزاق عيد «عالم حنا مينه الروائي» (1976)( )، وهناك كتب وأبحاث كثيرة عن حنا مينه تتسم بمنهجية ودقة علمية وموضوعية لا مجال لتعدادها.
واستخدم طرائق النقد التقليدي في التعريف، فعدّ بعض روايات مينة تسجيلية، على أن التسجيلية هي الأسلوب الصحفي في كتابة السرد( )، وليست التسجيلية كذلك، وليس ثمة روايات تسجيلية عند مينة. ثم استفاد من بعض معطيات الاتجاهات الجديدة في دراسته للخصائص الفنية في روايات حنا مينة، على سبيل التحليل السردي المبسط، مثل الحبكة، وطبيعة الأفعال، والبطل الروائي أو الإيجابي أو الإشكالي، والمكان والزمان، والسرد والسارد، ولعبة الضمائر، والرؤى، وتهشيم السرد والتعامل مع الزمن، ويعلن أنه توخى منهج جينيت بالنسبة لتراكم الحكايات والرموز ونظام الزمن ووصف الأشياء.
عول الباردي كثيراً على المساعدات الخارجية في دراسة أدب حنا مينه كالنقد المكتوب عنه، ومواقف القراء من أدبه، واعترافاته وكتاباته وأفكاره السياسية وآرائه الفلسفية، والعوامل الخارجية المؤثرة، النفسية والاجتماعية والثقافية. ولربما يفيد عنوان الكتاب في التعرف إلى طبيعة ممارسته النقدية «حنا مينه روائي الكفاح والفرح»، فمما لا شك فيه أن كلمتي الكفاح والفرح، لا تشيران إلى مصطلح نقدي، أو دلالة محددة.
وعلى العموم، نلمس انتقائية لبعض معطيات الاتجاهات الجديدة وآلياتها ومصطلحاتها في هذه الكتب، بالإضافة إلى كتب أخرى كثيرة نذكر منها «فصول في النقد» (1984) لغالب هلسا (الأردن)، و«دراسات في الرواية العربية» (1987) لإنجيل بطرس سمعان (مصر)، و«الأدب الحديث والمعاصر: إشكاليات الرواية 1» (1990) لمصطفى الكيلاني (تونس)، و«تيار الزمن في الرواية العربية المعاصرة» (1991) لمحمود محمد عيسى (مصر)، و«وهم البدايات: الخطاب الروائي في الأردن» (1993) لفخري صالح (فلسطين)، و«الزمان، المكان، النص في الرواية الأردنية» (1993) لغسان عبد الخالق (الأردن)، و«عبد الله العروي وحداثة الرواية» (1994) لصدوق نور الدين (المغرب)، و«عالم عبد الرحمن منيف الروائي ـ تنظيروإنجاز» (1995) لصبحي الطعان (سورية)، و«أفق النص الروائي: دراسات تطبيقية في الرواية والقصة القصيرة» (1995) لعبد العزيز موافي (مصر)، و«تأملات في إبداع الكاتبة العربية» (1997) لشمس الدين موسى (مصر)، و«الأرض والصدى: دراسة نقدية لرواية الأرض لعبد الرحمن الشرقاوي» (1997) لمحمد البدوي (تونس).
وتظهر الدراسات والبحوث الصادرة خلال الأعوام الأخيرة (1998-1999) غلبة التوفيقية والانتقائية في التعامل مع الاتجاهات الجديدة، وكأن حال الناقد الأدبي العربي الحديث هو مجاراة الجديد داخل بنى النقد التقليدي المأثور عن الغرب أيضاً، ولعلنا نورد إيضاحات أخرى لمثل هذا النقد التطبيقي الانتقائي والتوفيقي:
2-4- الالتزام المنهجي:
لا يخفي ممارسو هذا النقد التزامهم المنهجي بمنهج تاريخي أو وصفي، أو ما يحظى بتسمية خاصة من هذا الناقد أو ذاك، فقد أعلنت بثينة شعبان (سورية) في كتابها «100عام من الرواية النسائية العربية» (1999) أن منهجها استقرائي في معالجتها التاريخية والفنية لموضوعات الرواية النسائية العربية خلال القرن العشرين، وهو عمر هذه الرواية، التي تراها في موقع الريادة من الكتابة الروائية العربية، لا كما تنسب للرجل مثل رواية «زينب» لمحمد حسين هيكل أو سواه، وهكذا كان شاغلها «حل خيوط العناصر الاجتماعية – السياسية والثقافية التي أنتجت العمل، والأهداف الأدبية والسياسية التي سعى العمل لتحقيقها»( ).
بينما أعلن نقاد آخرون التزامهم بمنهج تحليلي مقارن كما هو الحال مع كتاب «تولستوي ودوستيفسكي في الأدب العربي» (1999) لممدوح أبو الوي (سورية)، ويستطلع مؤلفه فيه مدى انتشار هذين الكاتبين العظيمين في الأدب العربي الحديث، ولاسيما تأثيرهما على بعض كبار القصاصين الروائيين من فرح أنطون إلى أمين الريحاوي وميخائيل نعيمة وجبران خليل جبران ونجيب محفوظ وسواهم، أساليب وتقنيات ومعالجة موضوعات.
2-5- المزج الأسلوبي:
غالباً ما يعلن ممارسو هذا النقد أنهم يمزجون في أساليبهم بين إجراءات النقد التقليدي وبعض مصطلحات أو تقانات الاتجاهات الجديدة، وأذكر مثالاً لذلك كتاب شرين أبو النجا (مصر) «عاطفة الاختلاف: قراءة في كتابات نسوية» (1998)، الذي يركز على الآليات النصية من خلال العلاقة بين البناء والمتن Praxis، إذ تستخدم مؤلفته العوامل المساعدة مثل التعرف إلى تجربة الكاتبة وآرائها لتحديد مدى التداخل والتشابك ما بين التجربة الذاتية والعمل الأدبي، أو أن تتكرر على استحياء مصطلحات الخطاب السردي والخطاب الهامش والخطاب المهيمن، والإشارات اللانهائية والتناص( ).
وكان صرح نذير جعفر (سورية) في كتابه «رواية القاريء» (1999)، أنه سعى في نقده التطبيقي إلى التحرر، قدر الإمكان، من سطوة النص وسطوة المؤلف وسطوة الانتماء الإيديولوجي، مستفيداً من علم النص وعلم السرد، في دراساته، التي تتناول أعمال ستة روائيين من سورية، بالإضافة إلى نجيب محفوظ (مصر) وعبدالقادر عقيل (البحرين) وعبدالإله عبدالقادر (العراق).
2-6- تسويغ نقد الموضوعات:
ثمة دراسات كثيرة يستفيد من الاتجاهات الجديدة دون أن تسميها، فتتلامح في ممارستهم النقدية إشارات ودلالات من النقد الجديد، ونذكر نموذجاً أول لمثل هذه الدراسات كتاب عماد العبدالله (لبنان) «الأرض الحرام: الرواية والاستبداد في بلاد العرب» (1997)، والكتاب بمجمله يعتمد نقد الموضوعات، ولكنها يسوغها باستفادته البصيرة من الاتجاهات الجديدة في نقده التحليلي التأويلي، لصوغ نصه النقدي صوغاً دالاً بلغة اتصالية ثرية.
على أن نقاداً آخرين يسوغون نقد موضوعاتهم ببعض معطيات الاتجاهات الجديدة وذكر مرجعياتها، وثمة أمثلة كثيرة لذلك. يأخذ حسان رشاد الشامي (فلسطين) في كتابه «المرأة في الرواية الفلسطينية 1965-1986» (1998) ببعض إجراءات المنهج البنيوي التكويني في جانب الدراسة الفنية، وهو الجانب الأقصر في كتابه، فيورد إشارات عن دراسة نماذج الشخصية وبنائها والمكان والزمن النفسي وحركتي الزمن السردي، والاسترجاع والاستشراف وأنماط السرد، وعلاقاته بالخطاب والحوار والوصف واللغة.
ويميل محمد نديب التلاوي (مصر) إلى المنهج الدلالي أو العلاماتي قليلاً في كتابه «الذات والمهماز: دراسة التقاطب في صراع روايات المواجهة الحضارية» (1998)، ولاسيما جانب دراسته التطبيقية، وهو الأوسع في كتابه.
وهذا ما فعله مصطفى الضبع (مصر) أيضاً في كتابه «رواية الفلاح، فلاح الرواية» (1998) الذي يستعمل لغة الاتجاهات الجديدة في السرد والوصف من خلال بحث وضعية السارد، وأثرها في السرد، وقد خصص الفصل الثالث والأخير للمسات الفنية لرواية الفلاح وأثره في هذه تشكيل هذه البنية من خلال بنيات ثلاث هي: العنوان الروائي، والسرد والوصف والحوار، وما يلحقها من دراسة البنية الوصفية للمكان وأشيائه، والرمز وجماليات البنية.
ومضى في هذا المسار شريبط أحمد شريبط (الجزائر) في كتابه «تطور البنية الفنية في القصة الجزائرية المعاصرة 1947-1985» (1998)، فهو يعنى بتحليل النصوص استهدافاً لدراسة الموضوعات، ومستنداً إلى عناية جلية بالنقد القصصي والروائي التقليدي، ولاسيما البنية الفنية للحدث القصصي وبناء الشخصيات، يتخللها على استحياء بعض مصطلحات علم السرد مثل صيغ سرد الأحداث( ).
2-7- انتقائية داعمة أو متمثلة:
عمد عدد كبير من النقاد والباحثين إلى تدعيم نقدهم القصصي والروائي ببعض معطيات الاتجاهات الجديدة أو تمثيلها ضمن خصوصية ممارستهم النقدية. وقد برع عبده عبود (سورية) في تمثل الاتجاهات الجديدة دون مبالغة على أنها تراث للناقد أينما كان، ويظهر هذا التمثل الواعي في دراساته الاستقبالية للنثر القصصي الألماني في اللغة العربية، ولاسيما كتابه الأخير في مجاله «القصة الألمانية الحديثة في ضوء ترجمتها إلى العربية» (1996)، فتشير ممارسته النقدية التطبيقية لنصوص محددة ولكتاب بعينهم إلى مدى انتشار القصة والرواية العالمية في الأدب العربي الحديث، وإلى الشأو العالي لتمكن الناقد العربي الحديث من الاتجاهات الجديدة، في تعامله مع نظرية الاستقبال والتلقي ونقد المثاقفة.
وهذا واضح أيضاً في شغل إدوار الخراط (مصر) النقدي، الذي يتمثل ما يناسبه من الاتجاهات الجديدة في رؤيته للحداثة، كما في كتابه الأخير «أصوات الحداثة» (1999) الذي يتقصى فيه الاتجاهات الحداثية في القص العربي مستعيناً إلى حد كبير بالمناهج الحديثة مثل الاتجاه الفنتازي (ما بين الواقع)، والأسطورة والشعر في القص، والتشييء وشبه الحياد وتحديث التراث..الخ.
ويظهر شيء من هذا التمثل في ممارسة بعض النقاد والباحثين في الكتاب المشترك «دراسات في الرواية العربية» (1998)، أمثال غسان عبدالخالق (الأردن) وعواد علي (العراق) وطراد الكبيسي ( العراق)، ففي دراسة عبدالخالق «نجيب محفوظ واستدخال النص التراثي: ليالي ألف ليلة.. نموذجاً» استعمال محدود لمنهج كريستيفا ومفاهيمها للتناص، بينما يلجأ عواد علي في بحثه «من زمن التخيل إلى زمن الخطاب: قراءة في رواية جمعة الفقاري لمؤنس الرزاز» إلى بعض تقانات علم السرد، كما أوضحها حسن بحراوي في كتابه «بنية الشكل الروائي» (1990).
واعتمد الكبيسي في بحثه «الرواية العربية المعاصرة والتراث: سيميولوجيا الهدم والتكوين - سابع أيام الخلق أنموذجاً» على المغريات المعرفية عند فوكو، والعلاماتية عند كريزنسكي وكايزير والدلالالة عند تودوروف.
وقد اقتصد نضال عبدالقادر الصالح (سورية) في تمثله للاتجاهات الجديدة في كتابه «تحولات الرمل: الحكائي والجمالي في القصة القصيرة في قطر» (1999)، فدرس بواكير التجربة القصصية القطرية وشواغل القص في تجارب الثمانينيات والتسعينيات كالمرأة وقضاياها وتجليات المثقف والتحولات الاقتصادية، قم انتقل إلى درس السمات الفنية متمثلاً بعض معطيات الاتجاهات الجديدة مثل تقنيات القص ورؤاه ولغته.
3- دراسات ذات ميل أكبر إلى الاتجاهات الجديدة:
تظهر خريطة النقد القصصي والروائي العربي في التسعينيات على وجه الخصوص، الإقبال المتزايد للنقاد والباحثين العرب على الأخذ بالاتجاهات الجديدة، أو إخلاصهم لهذا الاتجاه أو ذاك، أو تطوير استخدام هذه الاتجاهات على نحو ما.
3-1- الاشتغال السردي النصي:
عني النقاد والباحثون العرب بالسرد، كما رسخه علماء السرد، واتجهوا إلى دراسة الاشتغال السردي النصي بمظاهره المختلفة: أساليب السرد، البنى السردية، لغة السرد، تقنيات السرد، عتبات النص.
وضع صلاح فضل (مصر) كتابه «أساليب السرد في الرواية العربية» (1992) بتأثير انتعاش السرديات الحديثة إذ عدّها «من الدوائر اللافتة التي تقترب عندها جملة البحوث النقدية من منطق الخطاب النقدي بمناهجه الحركية المضبوطة، فقد استطاعت في العقود الثلاثة الماضية فحسب أن تؤسس معرفة متنامية ودقيقة بالنصوص السردية في تجلياتها المختلفة حتى غدت نموذجاً مشجعاً لما يسمى بعلم الأدب في تشكله المتطور الدؤوب، المتجدد بقدر ما ينبثق في المخيلة الإنسانية من إبداع»( ).
ورأى أن نقده التطبيقي يندرج في دراسة أشكال الصيغ والكيفيات المختلفة لأنماط السرد وعمليات التركيب في أجرومية الرواية ووظائفها، مما عرض له بالتفصيل في كتابه «بلاغة الخطاب وعلم النص» (1992). واتساقاً مع موقفه الناقد للشكلانية المغالية في هذه الاتجاهات الجديدة، فقد أثار سؤالاً ميز بموجبه، إزاء لغة النقد الحديث واستعصائه على القارئ العادي، بين نقد توزع فيه الوظائف الطليعية التجريبية على المجال الأكاديمي، ونقد تطبيقي موجه على النطاق الثقافي العام، فليس نافعاً «أن نقوم بتطبيق هذه المفاهيم ـ بطريقة آلية ـ على جميع ما نتناوله من نصوص سردية، فنحيلها إلى عدد من الرسوم والجداول البيانية المجافية للحس الفني والتذوق النقدي لألوان الشعرية المتفاوتة»( )، مثلما رفض فضل أيضاً أن يتحدث النقد «عن المادة القصصية اعتماداً على مضمون الخطاب السردي وتوجهاته المذهبية، فقد انتهت سيادة الإيديولوجية وشعاراتها القديمة. ولم تعد النوايا الطيبة هي التي تحدد مستويات الأعمال ودرجة أهميتها، فقد اتضح أن مستويات التوظيف ترتبط بالإنجازات التقنية والجمالية، ودخلت علوم اللغة بصرفها ونحوها ودلالتها، ومباحث الأسلوب بإشكالياتها المتعددة وأدواتها الإجرائية، ثم علم النص بما أسفر عنه من طرق تحليلية للأبنية الصغرى والكبرى وكيفية تراتبها، جاءت كل هذه العلوم لتصنع خرائط جديدة للحقول الإبداعية، واستحدثت معها مصطلحاتها وآلياتها، وقامت السيميولوجيا عن طريق تنظيم مجالات الإشارات وترابطاتها الرمزية بالتوسط لفض إشكالية التعارض المزعوم بين البنية المنبثقة والسياق العام للنص»( ).
استند فضل إلى هذه الإنجازات التي تحققت لعلم السرد، وأقام على مكتسباتها تصنيفاً نوعياً جديداً، يسمح برصد ما يسمى بالأساليب السردية.
وعمد فضل في تصنيفه لأساليب السرد العربي المعاصر، إلى التوافق بين ثلاث مجموعات ثنائية من العناصر الروائية هي الإيقاع والمادة والرؤية. والإيقاع ناجم عن حركتي الزمان والمكان أساساً، كما أن المادة تتمثل في حجم الرواية، أي امتدادها الكتابي من ناحية، وطبيعة لغتها من ناحية ثانية. بينما تبرز الرؤية من خلال كيفية عمل الراوي وتوجيه المنظور. وأهم خاصية لهذا الطرح هو التعالق والتراتب، فالفصل بين تلك الوحدات إنما هو مجرد إجراء تحليل يضع في اعتباره أصلاً طبيعة تداخلها. وافترض نتيجة لذلك وجود ثلاثة أساليب رئيسة للسرد العربي هي:
1- الأسلوب الدرامي: ويسيطر فيه الإيقاع بمستوياته المتعددة من زمانية ومكانية منتظمة، ثم يعقبه في الأهمية المنظور، وتأتي بعده المادة، وعالج في إطاره روايات «يوم قتل الزعيم» لنجيب محفوظ، و«الولاعة» لحنا مينه، و«خالتي صفية والدير» لبهاء طاهر.
2- الأسلوب الغنائي: وتصبح الغلبة فيه للمادة المقدمة في السرد حيث تتسق أجزاؤها في نمط أحادي يخلو من توتر الصراع، ثم يعقبها في الأهمية المنظور والإيقاع. وطبق ذلك على روايات «الآن.. هنا» لعبد الرحمن منيف، و«هاتف المغيب» لجمال الغيطاني، و«تجربة في العشق» للطاهر وطار، و«كناسة الدكان» ليحيى حقي، و«سرايا بنت الغول» لأميل حبيبي.
3- الأسلوب السينمائي: ويفرض فيه المنظور سيادته على ما سواه من ثنائيات، ويأتي بعده في الأهمية والإيقاع والمادة. وفحص في هذا النمط روايتين هما «وردية ليل» لإبراهيم أصلان، و«ذات» لصنع إبراهيم.
ونوه فضل في تمهيده لبحثه إلى أنه لا توجد حدود فاصلة قاطعة بين هذه الأساليب، إذ تتداخل بعض عناصرها في كثير من الأحيان، و«كل رواية تتضمن قدراً من الدرامية والغنائية الذاتية أو الملحمية والسينمائية، لكن تفاوت النسب، وتراتبها، ومستويات توظيفها في النص ككّل هي التي تحدد موقعها. كما أن المقاربة النقدية لكلّ نص على حدة تهدف إلى اكتشاف شعريته الخاصة وما يثيره من مجالات تتجاوز نطاق العناصر الأسلوبية المعتمدة في هذا السلم، بحيث لا تصبح الدراسة جدولاً برهانياً لفرضية التصنيف، تعمي عما عداه من مناطق الإثارة الجمالية والدلالية في النص»( ).
يدقق فضل مصطلحه ويضبط إجراءاته النقدية، وعندما تناول رواية «يوم قتل الزعيم» لمحفوظ، حدد نوع هذه الرواية بأنها سياسية، بينما القراءة السردية بطبيعتها جمالية، وأطل عليها خلل «مقاربة تقنية، تنبثق مكوناتها مما يتجلى من عناصر مهيمنة في النص، وقد برز منها عنصر هام عند تحليل العنوان ذاته، وهو «المفارقة» التي تقرض وجودها على القارئ منذ الوهلة الأولى كذلك». واستخدم لقياس الإيقاع في الرواية نموذجاً اهتدى إليه الباحثون يعتمد على سرعة عملية القص ذاتها، و«ذلك بأن تؤخذ لحظة المشهد الحواري الذي يبرد أثناء السرد باعتبارها نموذجاً لتطابق الزمنين، وحالة قصوى من تعادل القول مع الفعل. ثم يقاس على نمطها التباين بين هذه الأطراف كثافة ورهافة، أو سرعة وبطءً»( )، ويضمن ذلك سلم إيقاع مكون من خمس درجات هي الخوف والاختصار والمشاهدة والتباطؤ والتوقف.
يبدو استيعاب فضل للاتجاهات الجديدة، وإعادة إنتاجها في ممارسته النقدية مثار إعجاب، كما في معالجته لتعادل الإيقاع الدرامي على سبيل المثال. فوقف عند دلالة هذا الشكل الذي يعتمد على منظور ثلاث شخصيات تتبادل السرد فيما بينها بنظام لا يتسرب إليه الخلل، بل يمثل ذروة ما ينتهي إليه المؤلف من الصرامة والضبط والدقة. ثم شرح نظام السرد ووحدات القص المكونة لإيقاع الرواية الكتابي، وأورد ملاحظاته.
وأوضح فضل ميزة الأسلوب السردي في هذه الرواية وهو المفارقة بوصفها مجاز الرواية، متجنباً الغوص في الخصائص الشكلية، لأنها إما أن تعقد فوقها غشاوة، وإما أن تغيب أمام المحتوى الذي تكشف عنه بصفاء... لذلك يجب أن يكون الفن والأدب المتميز بتوظيف المفارقة مشتملاً على السطح والعمق، الغشاوة والصفاء، كما يجب أن يستحوذ على انتباهنا على مستوى الشكل إذ يوجهنا نحو مستوى المحتوى. ولهذه الخاصية الجوهرية في المفارقة، باعتبارها عوناً على ازدواج الرؤية، أو لنقل تجسيدها من أبعاد عديدة، إسهامها في تعدد دلالات النصوص الأدبية بطريقة موضوعية بارزة.
وحدد الأسلوب الغنائي بخصائصه الذاتية وبالفيض الإنشائي اللغوي والاسترسال الصوري (جمع صور)، وبإحلال الذات محل الموضوع، وبالإلصاق، وبالبعد السيري.. الخ، مما يدفعه إلى التسلح بالتأويل، فلعل الغنائية خيار فني لمواجهة شروط التاريخ الباهظة في بذخ أسطورية الواقع، تقيه، أو إحاطة بالحدود المتلاشية بين الواقع والخيال.
وأفاض في وصف خصائص الأسلوب السينمائي، وكان الأسلم والأفضل أن يسميه الأسلوب الوثائقي أو التسجيلي، نظراً لخصوصيته في تنظيم نسق خطابه، لأن الأسلوب السينمائي لا يقتصر على تقنية الوثيقة فنياً فقط، بل يتعداها إلى تقنيات أخرى تفعل فعلها في صياغة الأسلوب، فليس يكفي التقطيع أو تتالي المشهدية، أو حركية المنظور، أو الوصف الخارجي. لكن فضل يجتهد في صوغ خاص غير متكلف لأساليب السرد، حريصاً على فك مغاليق النصوص وتفريد نظامه السردي ومنظومته القيمية، لاستخراج دلالاته الكامنة، ولعله أفلح في ذلك كثيراً، كمثل قوله عن اللعبة السردية لصنع الله إبراهيم في رواية «ذات»( ).
يتجلى في كتاب «أساليب السرد في الرواية العربية» تمثل الاتجاهات الجديدة وهضمها وإعادة إنتاجها، ومحاولة الاستغناء عن شكلانيتها المفرطة، على أن فضل لا يخل بشروط قراءة منفتحة على التأويل مؤمناً أن للنص خطابه الخاص الذي ينبغي تفكيك وحداته وآلياته. بيد أن المرء يتساءل عن تعمد المؤلف في تجاهله أو إهماله لتوثيق مرجعيته ومصادره، ولا يسوغ ذلك دعواه أو دعوته لتطبيق نقدي موجه على النطاق الثقافي العام.
ويقدم عبد الله رضوان (الأردن) نقداً تطبيقياً مختلفاً عن فضل في كتابه «البنى السردية: تقنيات القص في القصة القصيرة الأردنية» (1995)، إذ يعمد إلى تقسيم شكلي متعسف غالباً، وفي الوقت نفسه لا يلتزم بالشكلانية أو بالبنيوية، أو بهما معاً. إنه أقرب إلى نقد لغوي شكلي يكاد يغيّب الأغراض أو المحتوى. ويصرح رضوان أن كتابة إلياس خوري عن القصة القصيرة في ندوة مكناس (1983) حفزه لإنجاز هذه الدراسة عن تقنيات القص في التجربة القصصية الأردنية منطلقاً من افتراضات ترى أن القصة «نظام»، أو «بنية»، أو «قول لغوي أساساً»، أو «تقنيات حيادية يوظفها القاص لتقديم خطابه ـ قوله ـ فتتخلى عن حياديتها، وتصبح جزءاً من بنية القص»، ثم اعتمد على البنيويين، ولا سيما بارت، والشكلانيين الروس، من أجل خطاطة رئيسة لأشكال تقنيات القص تشمل: السرد: أشكاله وأزمانه ومستوياته، الحوار، الوصف، التداعي، المونولوغ، اللغة باعتبارها أداة القص ـ أداة صياغة واستخدام التقنيات القصية المختلفة.
وآثر اللجوء «إلى تقسيم تاريخي قد يبدو في ظاهرة جائراً، ولكني رأيته معبراً عن تطور حركة القص في مجال استخدام تقنيات القص المتعددة، وقد اعتمد هذا التاريخي مع وعيي الكامل بتداخل النصوص القصصية بحيث لا ينجح هذا التقسيم كثيراً في وضع مفاصل مقنعة في سياق تطور ـ تجديد ـ القص»( ).
وأختار لتقسيمه منطق الأجيال، على صعوبته، وهي: الرواد الأوائل، الرواد الشباب، الشباب، الجيل الجديد، وهذا التقسيم متعسف أيضاً وغير نقدي، لأنه يعول على عمر القاص بالقياس إلى الفترة التي مارس فيها كتابته القصصية لأول مرة، وإلا كيف يكون رائداً وشاباً؟ وما الفرق بين الرواد الشباب، والشباب، والجيل الجديد؟. بالإضافة إلى سؤال هام يتصل بتجربة الرواد الأوائل الذين لا تصمد قصصهم أمام النقد الفني بالنظر إلى مستواها المتواضع.
باشر رضوان نقده التطبيقي دون مقدمات نظرية أو منهجية مكتفياً بقدر قليل من الشرح اللغوي أو التوصيف الشارح لا تلتزم باتجاه محدد أو بمنهجية محددة، فقد داخل بين تقنية وأخرى، وذكر تقنية السرد، وعزلها عن تقنية الوصف، ثم ما لبث أن عاد إليها في السياق، جاعلاً من التقنية سمة لغوية فحسب، كما في هذا الشاهد الدال على ممارسته النقدية المبسطة، واستعماله غير الدقيق للمصطلح إذ صار فيه «التحفيز»، وهو مصطلح أساس في علم السرد، مرادفاً للحركة، أي الاقتصار على معناه اللغوي: «مسألة أخرى تبرز في تقنية الوصف التي يستخدمها الرواد في قصصهم، متعلقة بأن الوصف: «يتناول تمثيل الأشياء الساكنة»( )، مما يقلل من جمالية النص القصصي القصير، الذي يظل بحاجة إلى التحفيز والحركة ليستمر بعيداً عن جمود الوصف»( )، ناهيك عن أن رضوان لم يخبرنا عن مصطلحه، ولم يوضح دلالة ملفوظيته، فما معنى «جمود الوصف» على سبيل المثال؟.
وقد راكم رضوان معلوماته عن السرد مستعيناً بمراجع مختلفة تنتمي إلى سياق واحد إلى حد كبير، هو الشكلانية الروسية وتطوراتها لدى البنيوية وما بعدها. نلمح الربط المستمر بين الشاهد المدروس من قصة ما، وبين الرأي النقدي قاصداً إلى تبسيط شارح لا يصل بنقده إلى مستوى عام أو نموذجي اعتمالاً بظاهرة أو قضية أو خاصية. واستتباعاً لذلك، فإن رضوان يمهد لكل نقد يتناول مجموعة قصصية بكلمات عامة حول السرد أو عنصر من عناصره، ويستشهد برأي أو قول أو تصنيف لناقد أو باحث أو منظر غربي غالباً، أو عربي قليلاً جداً، كما في حديثه عن مجموعة «أبو مصطفى وقصص أخرى» لأمين فارس ملحم:
«وقصص هذه المجموعة قد كتبت معظمهما في فترة الخمسينيات، ولعل ما يميزها سردياً هو بروز صيغتين سرديتين، إذ نلتقي فيها بالشكلين التاليين:
- السارد صاحب المعرفة الكلية.
- السارد الذي يشكل إحدى شخصيات الحكاية.
مع بروز لصيغة ضمير المتكلم، في تقديم السرد، وفي هذا السياق نشير إلى الأنماط النظرية التي حددها «نورمان فريدمان» في دراسته لأنماط السرد التي تبرز في صيغ تقديم الحكاية من وجهة نظر الراوي ـ السارد»( ).
أما الأنماط الذي أوردها فلا تنسب لفريدمان، بل استخدمها مثل الباحثين والنقاد الآخرين. ومن الملحوظ، أن رضوان لا يعنى بتحديداته النظرية ومرجعياتها، واذكر أمثلة لذلك ما يلي:
1- الإفراط في النقد الشكلاني: حتى لتفقد النصوص دلالتها ومعناها، أو هي تشحب وتغيب خلف تحليل سردي متقطع غالباً، وغير متجانس أحياناً، ونقتطع جزءاً من كتابته النقدية عن مجموعة زليخة أبو ريشة «في الزنزانة» مثالاً: «وهكذا تختلف بنية السرد في كل مقطع، مع بقاء شخصية المرأة قائمة في مجمل المقاطع، إن قصة «في الزنزانة»، بما تحويه من تداخلات في أزمان السرد، وتعدد في مستوياته، وتناوب في أشكال السرد تمثل أنموذجاً للقصة الأردنية المعقدة بناء، ولكنها تظل متماسكة قادرة على أن تكون قولاً قصصياً، ففي إطارها السردي يمكن أن نميز فيها الترتيب السردي التالي:
- راوٍ أكبر من الشخصية، ويعلم أكثر من الشخصية حيث تتجلى سردياً: الرؤية من الوراء.
- راوٍ مساوٍ للشخصية، يعلم ما تعلمه الشخصية بحيث تنضج سردياً: الرؤية مع.
- راوٍ أصغر من الشخصية، يعلم أقل مما تعلمه الشخصية يبرز سردياً من خلال الرؤية من خارج»( ). وشاهد الترتيب السردي مأخوذ من «بناء الرواية» لأدوين ميوير( ).
2- التداخل غير المسوغ بين الفني والأخلاقي، وكذلك مع مفاهيم ومصطلحات أخرى، كما هو الحال مع مناقشة قصص لمحمد طملية، مازجاً بين الكاتب وقصصه دون تسويغ فني أو فكري( ).
ولاشك أن أحكام رضوان السيرية والأخلاقية لا تتناسب مع نقده للبنى السردية.
3- يحول رضوان نقد لغة القصة إلى نقد لغوي مباشر، ونادراً ما يربط استطاعته اللغوية بجمالية البناء القصصي كما في إشارته عن لغة القصة عند جمال أبو حمدان، التي لم «تعد مجرد وسيلة لإيضاح الفكرة أو لإبراز السرد وأحداثه، وإنما أصبحت أداة جمالية مستهدفة لذاتها وبذاتها»( ).
4- يغلب على كتابة رضوان النقدية طابع المراجعات النقدية أو المقالات المفردة، ولا سيما القسم الثاني الذي يستأثر بصفحات كتابه من ص83 إلى ص 352. ويتناول هذا القسم أعمال تسعة عشر قاصاً، بل إن القسم الأول الذي يتناول تقنيات السرد يبدو أنه مكتوب في فترة تالية للكتابة المراجعات والمقالات الإفرادية لهذا القاص أو ذاك ليكون بمثابة التمهيد الذي يسوغ جعلها في كتاب واحد.
هنالك شهوة واضحة للأخذ بالاتجاهات الجديدة لنقد القصة والرواية، وميل كبير لاستخدام تقنياتها ومفاهيمها السردية، بيد أن ممارسته النقدية تعجز عن حمل ذلك كلّه، وإن كانت قد تطورت كثيراً باتجاه الاستفادة من الاتجاهات الجديدة عن كتابه النقدي «أسئلة الرواية الأردنية: دراسة في أدب مؤنس الرزاز الروائي» (1991) الذي يبطن هذه الشهوة ولا يظهرها، إذ غلب على نقده حينئذ الدينامية والمقدرة على التحليل والتفسير والمقارنة والحكم والميل التقليدي إلى الموضوعية وبعض لوازم المنهج الموضوعي.
على أن تغلغل الاتجاهات الجديدة لنقد القصة والرواية يتجلى صريحاً لدى النقاد والباحثين الجدد، ونذكر مثالاً لذلك أنموذجين من المغرب واليمن. أصدر عبد الفتاح الحجمري (المغرب) كتابه «عتبات النص: البنية والدلالة» (1996)، معتمداً على جيرار جنيينت في دراسته «عتبات» (1987)، بقصد تحليل بعض العتبات نصياً، وإضاءة طبيعة العلاقة التي تقيمها مع أشكال متنوعة من الخطابات، واستخلاص الروابط الممكنة بينها وبين باقي مكونات النص، ضمن بنية دلالية شمولية تراعي سياق إنتاج الخطاب وشرطه وتداوله، وتشغيل مفاهيم محددة ضمن تمثلات وتمثيلات نصية متنوعة: عتبات النص في الخطاب الإبداعي (رواية «الضوء الهارب» لمحمد برادة)، والمقدمة كعتبة في الخطاب النقدي (مقدمات عبد الفتاح كيليطو النقدية)، والحوار والاستجواب كعتبة نصية موازية لمقاربة بعض مقومات الخطاب النقدي ومساءلتها (الحوار والاستجواب عند عبد الكبير الخطيبي).
وأكد الحجمري أن تحليل العتبات يرتبط بالاختبارات التي يقدمها تصور النص الموازي Le Para****e، والأخذ بالاعتبار خاصية التجنس مدخلاً أولياً لتقريب علائق النص بالموازي النصي وفهمها في إطار شمولي، ينطلق من إنتاج العلم الأدبي، ويقف عند حدوده وأنماط تلقيه.
وتنهض خاصية التجنس على اعتبارات أساسية تخص جملة من المظاهر النصية تندرج في مفهوم التناص: معمارية النص، أنماط التعالي النصي، العبر ـ نصية، التناص أو التعالق النصي، النصية اللاحقة، الميتا نصية (هكذا كانت الترجمة؟!).
واستخلص من تحليلاته النصية ثلاث قواعد، لا تمثل قصدية حضور العتبة النصية أو غيابها فحسب، وإنما تمثل أيضاً طرائق اشتغالها، وإن على مستوى معيارية التلخيص أو التوجيه، وفي ارتباط بأطروحة المؤلف والمؤلف وتصوراته النظرية والمنهاجية في الكتابة والتحليل، والقواعد هي:
«القاعدة الأولى، وتقف عند المظهر التركيبي للعتبة النصية من حيث قدرتها التمثيلية على احتواء شروط الإنتاج النصي وبدائله، إنها قاعدة تنظر إلى العتبة في إطارها العام كنص مواز لسياق العمل الأدبي والنقدي والفكري.
القاعدة الثانية، وتعتبر العلاقة النصية علاقة تضمينية تحقق نوعاً من التجاور والتحاور بينها وبين بقية مكونات هذا العمل أو ذاك، والتضمين مقترح مركزي يستفاد منه تفصيل الحديث عن جملة من المقدمات التي تحقق نوعاً من التحليل السياقي الذي يجعل من العتبة بنية نصية ضرورية لإنتاج المعنى.
القاعدة الثالثة، وتعرض لها خاصية القراءة المتعددة التي ترتبط بتوظيف العتبة باعتبار سياقها النصي أو النصي الموازي المنفتح على مقاصد المؤلف وإمكانات الكتابة»( ).
اعتمد الحجمري، كما أشرنا، في تحديد العتبات إلى الضوابط التي وضعها جينيت، «كأسماء المؤلفين والمقدمات والعناوين والإهداءات والعناوين المتخللة والحوارات والاستجوابات وغيرها بوصفها عتبات لها سياقات توظيفية تاريخية ونصية، ووظائف تأليفية تختزل جانباً مركزياً من منطق الكتابة»( ).
إن العتبات إذن علامات تدخل في التركيب الدلالي للنص الروائي، وتحيل على مجموعة من العلاقات المشكلة للعلاقة (القصة) كمعنى، تحدد جملة من الوظائف التي تعين العمل الأدبي أو مضمونه، أو تمنح النص قيمته منجزاً بذلك ثلاث وظائف: تسمياتية، تعيينية، إشهارية. ثم يبالغ الحجمري في قيمة هذه العلامات، شأن نقاد العلاماتية السردية، فيذكر مستويات للعنوان:
اعتبار العنوان نصاً (بخصوص النص).
تحقيقه لسرّ الملفوظ الروائي.
إنتاجه لفائدة النص.
لقد عوّل النقد العلامي السردي على استراتيجية العنوان أو التسمية، ولكن اللسانيين بتركيزهم على الملفوظية وسعوا المدى اللغوي إلى مستوى النص بكامله لما يقيمه العنوان من علاقات متشابكة مع بنية النص، وعلائقه الداخلية، ولذلك كان تحذير جينيت من العتبات، وكأن إهمالها أو التقليل من شأنها يضعف الدلالة ولا يستقيم هذا مع الاستغراق الشكلاني الذي يخمل المخيلة، ويحيل النقد إلى مظهر سكوني واصف، كما في هذه المبالغة القصدية حين تضفى على التحليل، ولا تنبثق منه:
«من هذا المنظور، يتخذ عنوان رواية «الضوء الهارب» لنفسه وضعاً خاصاً في التشكل والاشتغال. إنه نواة الحكاية وبؤرتها التخييلية. وهو أيضاً أول عتبة تلج من خلالها عوالم النص، وهذا الوضع هو ما يجعل «الضوء الهارب» حضوراً وظيفياً ضمن البنية الحكائية لنص الرواية، وحضور تمظهره بقية العتبات، هكذا تستعيد القصدية المعنية لاختيار عنوان الرواية صيغاً نصية تتضمن بعضاً من أبعاده التركيبية في العديد من الفقرات والمقاطع السردية»( ).
وتتبدى هذه المبالغة أيضاً في تناوله لعتبة «أخرى هي كلمة غلاف الرواية ومقارنتها بنص الرواية، وكان الحجمري نظر إليها على أنها تتبادل التأثير مع نص الرواية أو النص عموماً، لأن الأغلفة تتغير بتغير الطبعات، وإذا كانت عتبة العنوان داخلية، فإن عتبة كلمة الغلاف خارجية، فقد لا تكون هناك كلمة، وقد يوضع تعريف بسيرة المؤلف، وقد يضطر المؤلف إلى مراعاة قضية الانتشار كالصناعة والتوزيع وأسئلة الرواج.
ووجد الحجمري في عتبة ثالثة مثل الإهداء أهمية خاصة لتعالقاته النصية، بوصفه «أحد المداخل الأولية لكل قراءة ممكنة للنص، وفق ما رام هذا التحليل إلى إبرازه وتوضيحه». ولربما كانت عتبة الاستهلال وظيفية أكثر من بقية العتبات، لأننا نقتطع النص ـ المطلع، والحجمري لا يتقصى المصطلحات المستعملة، فالاستهلال، برأيه، استشهاد موضوع في الحاشية، عادة في بداية العمل الأدبي، أو في خارج العمل.. وإنما تعني بعد الإهداء، إن وجد هناك إهداء، وقبل المقدمة. من هنا يصبح التساؤل عن متلفظ الاستهلال أمراً أساسياً لفهم سياق توظيفه، فمن هو المؤلف الواقعي أو الوهمي لنص الاستشهاد، ومن الذي يختاره ويقترحه». ويطلق النقد على نص الاستشهاد مصطلح «العبارة المفتاحية» وقد يكون المؤلف هو واضعها، وقد تختفي أمثال هذه العبارات المفتاحية عن كتاب برمته، ولكن الحجمري يعاملها كمتلفظ( ). ويستفاد من هذا الملفوظية قاسم بغداد التوضيح أن الملفوظية نتاجتوجيهه الداخلي، أما العبارات المفتاحية فهي نتاج خارجي، وقد لا تندغم في معنى النص، أي أن الاستهلال المفضي إلى عبارة مفتاحية قد يكون مطية. والسؤال هو إلى أي حد نعد الاستهلال المقبوس من غير نصوص الكاتب، في فعلية النص، وهو موجه خارجي؟ وهل هو جزء من القول الفاعل Illocutoire؟ وكان مؤلف «الملفوظية» أوضح «أن الألسني الذي يسعى إلى تعريف مفاهيم فعّالة Operatoircs لا يمكنه الاستفادة من مفهوم الموّجه إلا إذا قلل من عموميته، وإحدى الطرق الممكنة لذلك هي، قبل كل شيء، استلهام المفهوم المنطقي، والاهتمام الشديد بأقل الأدلة Indice الشكلية لخاصية وتوجيهية معينة، وأيضاً وضع حد مهما كان واهياً ـ بين الموّجه من جهة، والإنجازية Performativite من جهة أخرى، وإذا ما اتبعنا هذه الطريقة فسنصل إلى تمييز الموجّه عن الظاهرة العامة التي ينتمي إليها، والتي يمكن تسميتها بالتوجيه Roodalisation، وتعريفها على أنها انعكاس في اللغة لحقيقة أن ما يمكن للإنسان أن يكونه، أو يشعر به أو يفكر به، أو يقوله، أو يفعله يندرج في إطار منظور خاص»( ).
ورأى الحجمري في عتبة أخرى هي «عتبة الشكر والتنويه» «إعلاناً للحكاية وعناصرها من داخل الحكاية. إنها أيضاً عتبة هامش مرجعي توظفه رواية «الضوء الهارب» في نهاية مادته الحكائية على مستويين:
1- استثمار حكاية شفوية لأحمد المرابط «مرض الزمن» على لسان صديق العيشوني (الرواية ص ص 32-33).
2- استثمار حكاية «آحاد الآنسة بونون» لجاك لوران ضمن المحكي، وعلى لسان فاطمة (الرواية ص130 وما بعدها).
من هذا المنظور، تبرز هذه العتبة انفتاح المحكي في «الضوء الهارب» على بنيات حكائية لها علائق محددة بسياقات الحديث الروائي ومواقف شخصياته، وهي المواقف التي تكشف عنها طبيعة اختيار الحكاية، وتمظهرها نوعية البنية التعليقية المصاحبة لها، لاستثمار الحكاية إذن، بمستواها الأول والثاني، في هذا النص الروائي، مقصدية موجهة تمنح لاختيار الفضاء مقاماً أولياً لتأكيد سياقات التعالق الحكائي»( ). وهذا يعني أن الحجمري يوسع مفاهيم التناص إلى المرجعية التاريخية والسيرية، أي إحالة داخل النص إلى ما هو خارجه في غير ما هو مدون، إتاحة لمدى التأويل الذي يبلغه في معاينة المؤشر الزمني بانفتاح الرواية على زمن الكتابة، لتغدو «عتبة الشكر والتنويه مكوناً مرجعياً مدمجاً ومنصهراً ضمن نص الرواية، متصلاً غير منفصل عنه»( ).
ربما كان هذا لا ينسجم من نقد يعنى بالبنية ويتوسل إلى دلالتها نهاجية معرفية تدعي العلم، بينما هو، كما لاحظنا يعاني من التعميم ويستعين بمرجعية خارجية تسوغ تعالقاته مع مؤشرات ووقائع غير مدونة. واعتقد أن الخوض في الاتجاهات الجديدة تطبيقياً يستدعي تدقيق صلاحياتها لنصوص أدبية عربية، والأهم تمحيص مفاهيمها وآلياتها الداخلية ضمانة للاتساق والانسجام نحو التقليل من التعسف والمبالغة والولع بالشكلانية، وهذا واضح أيضاً في مبحثي الكتاب الأخيرين عن عتبة المقدمة في كتابات عبد الفتاح كيليطو النقدية وعتبة الحوار والاستجواب عند عبد الكبير الخطيبي، وإن كانت أقل اندفاعة في ذلك الولع الذي ساد المبحث الأول، أي أن قابليات تطبيق الاتجاهات الجديدة مرهونة باستعمالها النقدي والمعرفي على ثرائها وتنوعها وتعقيدها.
والتزمت آمنة يوسف (اليمن) الاتجاهات الجديدة لنقد القصة والرواية، ولا سيما المنهج البنيوي الشكلي في كتابها «تقنيات السرد في النظرية والتطبيق» (1997)، وأبدى عبد الملك مرتاض ارتياحه، في تقديمه للكتاب، لاجتهادها وحرصها الشديد على التعلق بالجديد، وعلى الرغم من أنها سلكت المنهج البنيوي «الذي كأنه اغتدى اليوم من قبيل التاريخ»، إلا أن ذلك «لا يقلل من أهمية بحثها الذي نود أن يظفر فيه القراء الأكارم بفائدة وغناء، لأن المناهج والمذاهب الأدبية التي تذبل وتتساقط في مواطنها (وينصرف الوهم هنا إلى فرنسا خصوصاً، وهي البلد الذي صدّر المذاهب الأدبية بمقدار ما صدّر الألمان المذاهب الفلسفية)، قد نكون نحن لا نبرح لها من الجاهلين»( ).
وبينت الباحثة نفسها أن تقارب عدداً من التقنيات السردية التي تنطلق من بنية الرواية اليمنية، لأسباب كثيرة ذكرت منها جدة الموضوع الذي لم تجد الباحثة دراسة منهجية سبقتها إليه، وتوافر المعطى الروائي الذي يسمح بمقاربة عدد من تقنياته السردية المختلفة، وقصد التجريب الفني الذي ينطلق من المنهج البنيوي الشكلي الذي يقارب بنية السرد الروائي من الداخل (الفني)، لا من الخارجي (المرجعي)، «والشعور بمسؤولية النقد التي تتبلور، مثلاً، في إضاءة الطريق أمام الروائي كي يكتب شكلاً حديثاً، ذا اتجاه محدد الرؤية والهوية الفنية»( ). وقد آثرت يوسف أن تقرن النظرية بالتطبيق، في دراستها لثلاثة نماذج روائية تنتمي إلى ثلاثة اتجاهات مختلفة، نسبياً، وتتفاوت برأيها، من حيث المستوى الفني لكل واحدة منها عن الأخرى، وهي:
«الرهينة» لزيد مطيع دماج، نموذجاً للرواية الواقعية (التقليدية).
«السمار الثلاثة» لسعيد عولقي، نموذجاً لرواية تيار الوعي (الحديثة).
«مدينة المياه المعلقة» لمحمد مثنى، نموذجاً للرواية الجديدة (أو الواقعية المعاصرة).
أوضحت يوسف أنها لا تتوخى المنهج البنيوي الشكلي الذي ظهر منذ أوائل هذا القرن، لدى الشكلانيين الروس،ثم انتهى، مات (هكذا؟!)، بل «المنهج البنيوي المعاصر السرداني (الحي) الذي تبلورت (وبرزت) آراء منظريه، منذ أواسط هذا القرن.. وعلى يد جملة من النقاد الفرنسيين على وجه الخصوص من قبيل: ستيفان (والأصح هو تزفيتان) تودوروف، وجيرار جينيت ورولان بارت وجوليا كريستيفا وسواهم.. ممن انطلقوا، في رصد آرائهم النقدية، متأثرين، أساساً، بآراء مدرسة الشكلانيين الروس (1915-1930)، وبأبحاث العالم اللغوي السويسري دي سوسير (1857-1913)». على أن مثل هذه الآراء قابلة للنقاش، فكيف تموت الشكلانية وما تزال مؤثرة في المنهج البنيوي الشكلي الذي تلتزمه؟ وكيف تجد أن هذا المنهج الذي تلتزمه تبلور منذ أواسط القرن، بينما اكتشفت نظرية المنهج الشكلي في فرنسا في مطلع الستينيات؟.. الخ. إن ثمة آراء غير سليمة وتجافي الواقع الذي تطور فيه المنهج البنيوي الشكلي.
لم تخفي يوسف تآثرها بجينيت على وه الخصوص، وإن غلب على تطبيقها النقدي مسوح من التبسيط، تجنباً لتعقيدات منهجه، والمنهج المختار عموماً. وقد قاربت تطبيقها من خلال عدد من الرؤى السردية وأنواع الرواة، وفي ذلك تتبدى نزعتها التبسيطية، على النحو التالي:
1- الرؤية الثنائية، التي تنطلق من بنية السرد في رواية «الرهينة»، وتجتمع فيها رؤيتان سرديتان هما: الرؤية الداخلية، والأخرى الخارجية (التقليدية). وهنا نجد أن الباحثة لا توضح معنى التقليدي، وتتعدد استعمالاتها لهذا المفهوم، كما في وصفها للواقعية/التقليدية، ولا يشير تاريخ المذاهب النقدية إلى مثل هذا المذهب.
مثلما يجتمع فيها راويان اثنان، هما: الراوي بضمير «الأنا»، الذي ينطلق من أسلوب السرد الذاتي، والراوي بضمير «الهو»، الذي ينطلق من أسلوب السرد الموضوعي، وهما راويان، افترضت الباحثة أنهما ينتميان إلى النوع الثاني من أنواع الرواة في السرد الروائي العربي، الذي يبرز فيه راويان متصارعان أو متناقضان، بالقياس إلى موضوعهما المشترك. ولعل الباحثة تشير إلى مبدأ التعدد الحواري الذي لا يؤدي بالضرورة إلى التصارع أو التناقض، وإنما التنوع والتعدد والاختلاف.
2- الرؤيتان السرديتان، المتعددة (الحديثة) والخارجية (التقليدية)، وهما الرؤيتان اللتان تنطلقان من بنية السرد في رواية «السمار الثلاثة»، حين يتناوب الراوي التقليدي، بضمير الهو، مع أبطاله الثلاثة، في الرواية عن حياتهم الفنية والاجتماعية، مفسحاً المجال لهم كي يعبروا عن رؤاهم السردية المتعددة، عبر ضمير الأنا. ومنحازاً من ثم، إلى رؤاهم ومواقفهم المختلفة، على غرار النوع الأول من أنواع الرواة. ولا يخفى أن الباحثة قصرت مصطلح «وجهة النظر» في النقد الإنجلوسكسوني، ومصطلح «التبئير» في النقد الفرنسي الجديد، إلى أضيق حدوده على أنه يعبر عن رؤية سردية أو منظور سردي.
3- وعاينت الباحثة ثلاث رؤى مختلفة في رواية «مدينة المياه المعلقة»، هي الرؤية الداخلية التي تجيء في شكل مناجاة (مونولغ داخلي) على طريقة تيار الوعي، والرؤية الخارجية (التقليدية والجديدة) (وكانت سمتها الحديثة من قبل!) التي يبرز فيها تارة الراوي بضمير الهو، الذي ينطلق من أسلوب السرد الموضوعي، في بنية الرواية التقليدية (الواقعية). وتارة أخرى، يبرز فيها الراوي الشاهد، الذي ينطلق ـ أيضاً ـ من أسلوب السرد الموضوعي. غير أنه في بنية الرواية الجديدة، الأسلوب الأكثر موضوعية، الذي تكون فيه عينا الراوي، الشاهد بمثابة الكاميرا السينمائية التي تلتقط الصور والأشياء التقاطاً، آلياً، خارجياً، محايداً. وتتلامح في هذا الاستعمال للاتجاهات الجديدة إشارات للتراث السردي في النقد الانجلوسكسوني كما عند ا.م. فورستر في «أركان الرواية»(1927)، وبوث في «بلاغة القص» (1961)، وهما أسبق بكثير من النقاد الفرنسيين الذين أشارت إلى امتلائها بهم. ولدى مناقشتها لبنية الزمان السردي، اقتصرت الباحثة في مقاربة معظم التقنيات على نموذج روائي واحد، يكاد يكون زمانياً خالصاً في مجمل بنيته السردية، هو رواية «السمار الثلاثة»، التي تسيطر عليها، إلى حدّ كبير، تقنيات تيار الوعي الحديثة، المنهمرة عبر الذاكرة والتداعي الحرّ والخيال والحلم والمونولوغ الداخلي، وما إلى ذلك، ونلاحظ أن هذه التقنيات لا تنتمي لجنييت وأضاربه، بالقدر الذي تبسط فيه أيضاَ تقنيات من المنهج الموضوعي الباشلاري وما سمي بالنقد الجديد الانجلوسكسوني.
وفي مستوى تال، انطلاقاً من مستويات الزمان السردي الثلاثة، حسب تصنيف جينيت، قسمت الباحثة التقنيات إلى قسمين، هما:
أ- تقنيتا المفارقة السردية، أي التقنيتان اللتان تقعان في مستوى النظام، الأول، حين لا يتطابق النظام في الزمنين، زمن السرد وزمن الحكاية، وينشأ عنهما تقنية الارتداد، بأنواعه الثلاثة: الخارجي والداخلي والمزجي، وتقنية الاستباق (أو الاستشراف).
ب- تقنيات الحركة السردية، وهي التقنيات التي تقع في مستوى «المدة» الثاني، الذي يُعنى بقياس سرعة السرد، التي تترواح بين التسريع والإبطاء، بشكل تبرز معه التقنيات أو الحركات الأربع: تقنية التلخيص، وتقنية الحذف، وهما تعملان على تسريع حركات السرد، وتقنية المشهد وتقنية الوصف، وهما تعملان على إبطاء حركة السرد، بشكل يوهم القارئ بتوقفها عن المضي، أو بتطابق الزمنين، زمن السرد وزمن الحكاية، مما يسهم في الكشف عن الأبعاد النفسية والاجتماعية للشخصيات الروائية، ويفيد ذلك تعديل الباحثة لتقسيم جينيت ليسهم في الكشف المذكور، بالإضافة إلى التبسيط . وقد اعترفت الباحثة بمثل هذا التعديل والتبسيط، لاعتقادها أن المنهج البنيوي الشكلي، منغلق على نفسه، انغلاقاً جعلها «لا تطيل الوقوف كثيراً عند بعض الوظائف البنيوية التي تؤديها للسرد، تقنياته المختلفة»( )، متنبهة إلى انغلاقها عن الأبعاد النفسية والاجتماعية للشخصيات الروائية، مما دعا إلى تعديل حذر «خشية الانزلاق إلى مناهج أخرى، كالمنهج النفسي أو الاجتماعي.. أو سواهما.» واعتقدت أن المراجع الناجزة في منهجها قليلة، وليس ذلك صحيحاً، كما رأينا من قبل، ولعله تعذر حصولها عليها أو الاستفادة منها. ودافعت عن هذا المنهج الذي يتهمه خصومه بأنه يلغي التاريخ والمجتمع والإنسان( ).
ثمة التباسات في تقدير الباحثة لمفهوم الإحالة الخارجية، لأن المناهج الاجتماعية والنفسية والأسطورية لا تستند إلى مثل هذا المفهوم، وهي تطورت كثيراً وصارت في صلب الاتجاهات الجديدة لنقد القصة والرواية، غير أن الباحثة قامت بمحاولة جريئة تؤكد الامتلاك المعرفي والمنهجي لهذه الاتجاهات الجديدة لدى طلائع النقد في الوطن العربي.
3-2- قضايا في السرد:
غلب على النقد التطبيقي المتصل بالاتجاهات الجديدة لنقد القصة والرواية العناية ببعض قضايا السرد. وكانت جهود عبد الله إبراهيم (العراق) من المحاولات الأكثر استفادة والأكثر تماسكاً منهجياً، وهذا واضح في كتابه «المتخيل السردي: مقاربات نقدية في التناص والرؤى والدلالة» (1990)، وقد جمع فيه عدداً من مقالاته وأبحاثه، مشيراً إلى اشتداد عود التحليل السردي للقصة والرواية العربية باعتباره مظهراً من مظاهر هذه الاتجاهات الجديدة.
واختار نماذج من التأليف القصصي في العراق، بالإضافة إلى مجموعة قصصية من مصر لبهاء طاهر. وانطلق في مقارباته النقدية من إشكالية الرؤية والمنهج في النقد الأدبي العربي الحديث، وهي طالما عولجت على أقلام الباحثين والنقاد، وها هو ذا إبراهيم يعزف كثيراً من المعزوفات المتواترة، فيحدد مفهومي الرؤية والمنهج، موضحاً مدى تداخل هاتين الركيزتين في العملية النقدية، وموجهاً اهتمامه إلى ضرورة «إعادة النظر في المنجز النقدي العراقي الحديث المتعلق بالقصة القصيرة والرواية، للوقوف على حالة هذا المنجز النقدي!» ( ). وقرر ابتداء أنّ المتابعات النقدية السريعة في الصحف والمجلات تفتقد تماماً الرؤية والمنهج، وهو تعميم لا يجدي في تشخيص الوضعية واستنطاقها دلالات معينة، فثمة ما تنشره المجلات ذو قيمة نقدية، يضاف إلى ذلك أن وضعية النقد تؤخذ من الكتب بالدرجة الأولى.
وثمة تعميم آخر لا يتناسب مع الدقة العلمية والسلامة المنهجية التي يتحلى بها نقد عبد الله إبراهيم التطبيقي، حين يقول: «لقد بدأ النشاط النقدي في مجال دراسة القصة القصيرة والرواية ونقدهما في العراق انطباعياً، وكان البحث فيه متركزاً حول قدرة الكاتب التعبير عن مكونات الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي»، ومن دواعي الحكم بالتعميم أيضاً أن الناقد لا يحدد فترة البداية ويتصف بحثه على العموم بلغة التعميم، كأن يذكر «أن معظم الدراسات النقدية التي نحت هذا المنحى، لم تكن تهدف إلى مقاربة حقيقية للنص، بل كانت دراسات وبحوثاً اجتماعية أو نفسية أو تاريخية، لسبب بسيط، كونها تدور حول النص، ولا تتجزأ على ملامسته، وإن حدث، واستطاعت أن تقترب إليه، فذلك لكي تسقط عليه مما توفرت عليه من مقولات الواقع الخارجي، أي جعله حقلاً لمجموعة من المعارف المتراكمة عبر التاريخ»( ).
الصحيح، أن حال النقد لا تختلف كثيراً عما ذكر، غير أن جوانب أخرى مختلفة لا تحتمل لغة التعميم، والأجدى أن يورد نماذج مؤيدة لأحكامه المطلقة، وكذلك كان حكمهُ على شيوع النقد الأيديولوجي في مراحل محددة: «وصار النص المثالي هو الذي يتيح للناقد، بسهولة، تطبيق موروثه الفكري وحيثيات النظم الأيديولوجية التي وصفت في كتب الفكر، أو استمدت من الواقع»، بيد أننا سنلتفت عن هذه الاطلاقية، إلى الجوهر المهم في بحثه، وهو نقد الأخذ الحرفي للاتجاهات الجديدة دون مراعاة منهجية جديدة توافي النصوص العربية، فتتحول «العلمية النقدية التي تستعير آليات التحليل عن ذلك المنهج، وجهاز مفاهيمه الخاص، إلى عملية قسرية لا تهدف غير استنباط ما يتفق وآليات المنهج المستعار، وتبدأ آنذاك قضية رغاية في الخطورة، ألا وهي الاستغناء عن كل ما لا يتطابق ومفردات المنهج، وحشد كل ما يتطابق معه، ويصبح الهدف هو المطابقة بحدّ ذاتها، لا المقاربة النقدية الخاصة»( ). وأورد مثالاً لذلك تطبيق المنهج المورفولوجي الذي اجترحه بروب عن بنية الحكاية الخرافية الروسية، ومحاولة تطبيقه على القصة القصيرة أو الرواية. إنّ أي استعارة كاملة لآليات منهج دونما مراعاة خصوصيته موضوع الدرس ـ حسب عبد الله إبراهيم ـ يقود دون شك إلى إخضاع المادة الأدبية كلية إلى موقف مسبق، وسيتم إقصاء كل ما ليس له علاقة بذلك المنهج، وعمل غير هادف مثل هذا سيقود إلى الوقوع في العدمية، ويتبع هذا أن يتحول النص القصصي أو الروائي إلى مجموعة من المقولات الجامدة التي تستظل بظلال المصطلح الجديد الذي فرضه منهج بروب، دونما تمثل لما تنطوي عليه من رؤية ومن خصوصية في المعالجة والتحليل حسب الجنس أو النوع الأدبي، أو حسب الظاهرة الإبداعية.
يفيد حديث الخصوصيات الثقافية عند ابراهيم في تدعيم أبحاث الهوية في الأدب والنقد. ولذلك دعا إبراهيم إلى بديل نقدي يحول «العملية النقدية إلى معرفة إبداعية أصلية»، وإلى حسم القضايا الإجرائية الأولية، ليستطيع النقد الجديد «أن يواصل حفرياته بالاتجاه الذي يختار، وبالعمق الذي يستطيع، فأرض الخطاب الإبداعي واسعة وخصبة، ولا بد من تحقق المعرفة في الذي ينتدب نفسه لذلك، ولا بدّ أن يكون نتاج حفرياته معرفياً، كيما يكون عمله مسوغاً»( ).
لقد ميز إبراهيم شغله في النقد التطبيقي بحرصه على الهوية المتمثلة في وعي الخصوصية، ونلمس ذلك في تعضيد مشروعه النقدي، متفرداً برؤيته الخاصة في السرد، حين عبر بصراحة أن بحثه «يصدر عن رؤية ترى أن المعارف تتحاور ولا تحترب، وعليه فإنه مدين لبعض ما توصلت إليه البحوث المعنية بالسرد، لكنه يبدأ من تصور مغاير، فهو، لا يتعمد على ثنائية الخطاب والحكاية أو مستوى الأقوال والأفعال، شأن التيارين الرئيسين في السرديات التي وقفنا بإيجاز على اتجاهاتها». وشرح اختلافه في رؤيته «أن المادة الحكائية» ما هي إلا «متن مصاغ» صوغاً سردياً، وهذا المتن، إنما هو خلاصة كما هي العناصر الفنية الأساسية، وهي الحدث والشخصية والخلفية الزمانية ـ المكانية، بالوسائل السردية التي نهضت بمهمة نسجها وصياغتها. وعليه، فالمتن، لا يمكن أن يكون، بالنسبة لهذا البحث، هو الحدث لوحده ـ أو الوظائف التي تنهض بها الشخصيات، أو الإطار الذي ينتظمها. إنه «كتلة» متجانسة مصاغة صوغاً فنياً، وتتكون خصوصيته من تداخل عناصره على نحو خاص يميزه عن غيره، وبهذا، فإن الصوغ ذاته لا يتجزأ عن المتن، بل يعطيه صورته ووجوده»( ).
وقد أعمل إبراهيم اجتهاده في رؤيته تطبيقياً على قصص وروايات من العراق، مثل تصنيفه للمتون في مبحث الزمن، ما دام ثمة أربعة نظم أساسية، تستأثر بالصياغات البارزة في الخطابات السردية التي انتهت بوصفها عينة للبحث، وهي التتابع والتداخل والتوازي والتكرار، وثمة تعديل في هذه النظم بتأثير النظرية النسبية والنظرة العلمية ما انعكس على تناوب الضمائر في صلتها بالزمن، فأحدث نمط التكرار، ولا تكتفي فيه بعض المتون بأن تقدم مرة واحدة، وإنما تعتمد نظاماً يكررها أكثر من مرة، تبعاً لعدد الشخصيات المشاركة في المادة الحكائية، وهذا يؤدي إلى أن يعاد تقديم أجزاء كبيرة من المتن، وربما المتن كله أكثر من مرة.
تتميز تعليلات إبراهيم بطزاجتها وخصوبتها واستنادها إلى اختبار لمصدرها، وفي استعمالها المباشر في نقد النصوص، استيعاباً وتطويراً للسرديات في النقد العربي الحديث. ولنلاحظ نموذجاً لذلك في تقديره النهائي لنظام التكرار، والمتن فيه تعاد روايته، وهذا يؤدي إلى ضمور حركة الزمان في الحركات اللاحقة حيث تعاد الخلفية الزمانية والمكانية ذاتها. كما تتكرر الوقائع والأحداث والشخصيات، فجميع مكونات المتن، باستثناء رؤية السارد، تظل ثابتة، لكن الرؤية مختلفة عن غيرها في كل مرة، بما لا يخلخل تعاقب المتن زمانياً( ).
أثار إبراهيم العديد من قضايا السرد في كتابه، بلغة نقدية مستوعبة ودقيقة، ومنها: تناص الحكاية في القصة القصيرة، وظيفة الرؤى في القصة القصيرة، استنطاق الخطاب وتعويم المرجع، نظم صوغ المتن الروائي، الوظائف البنائية للرؤى في الرواية. ويتصف نقده التطبيقي بالصفات التالية:
المعرفة النظرية وتجانسها.
الوضوح المنهجي واتساقه.
معارضة المرجعية الفرنسية بمرجعيات أخرى مثل الإنجليزية.
الانشغال بإثارة أسئلة النقد.
الصدور عن مشروع نقدي.
النفور من الاستطراد والشرح إلى بلاغة جديدة قابعة ضمن المتن الحكائي نفسه.
ومن الواضح، أن إبراهيم يطوع إنجازات الاتجاهات الجديدة لنقد القصة والرواية لرؤيته النقدية بما يجعل من ممارسته النقدية، ولا سيما اجتهاداته البينة، خطوة على طريق الاستقلال الفكري، فهو ينطلق من موقف نقدي صريح لهذه الاتجاهات الجديدة.
ولا يعفينا ذلك من الإشارة إلى شيء من غلبة الدرس السردي بمفاهيمه وآلياته وإجراءاته وشبكة علاقاته على مطمح شغله المعلن «التناص والرؤى والدلالة»، وهو شغل يحتفي بالمعنى بالدرجة الأولى، لابالشكل، وهذا ما استدركته مناهج متعددة لما بعد البنيوية.
وأعلن فاضل تامر (العراق) في مفتح كتابه «الصوت الآخر: الجوهر الحواري للخطاب الأدبي» (1992)، ضرورة مواجهة التحدي الحضاري الجديد وهذا الانفجار النقدي والنظري والمعرفي الواسع والانهماك بشكل جدي في عملية إعادة تشكيل رؤياه النقدية في ضوء كشوفات العصر الكبرى»، وربط ذلك، صريحاً أيضاً، بسعي «الناقد العراقي لإعادة اكتساب ذاته، بل وأدرك هذا الناقد أهمية أن يكتشف بتجربته الخاصة طريقه النقدي الخاص وصولاً إلى التميز والخصوصية، ولكي لا يضيع صوته بين حشد الأصوات المتشابهة»( ). وظهر ميل تامر الرئيس إلى التعامل مع الاتجاهات الجديدة لنقد القصة والرواية على أنه ينادي في ممارسته النقدية بما سماه «رؤيا نقدية سوسيو ـ شعرية جديدة» ترفد عمليات الوعي النقدي المحتدمة في الواقع النقدي في العراق منذ أواخر السبعينيات ومطلع الثمانينات، وتتبدى مظاهر هذا الوعي النقدي «بإعادة بعض النقاد المعروفين تشكيل رؤاهم النقدية في ضوء الكشوفات والمعطيات النقدية والمعرفية الجديدة، كما اقترن ذلك بظهور أصوات نقدية شابة تفتحت تجاربها النقدية داخل إطار الوعي النقدي الجديد»( ).
يعتقد تامر بتساكن المنظورات والمقاربات والمناهج والقراءات النقدية داخل هم حداثي مشترك يتركز على النص الأدبي ذاته. وينتقد تامر الامتثال إلى النظرة المحايثة للنص، وهي خصيصة شكلانية، تكتفي بكشف المستويات الألسنية والسيميولوجية «الإشارية» للنص، قاصداً إلى «استكناه الخيوط السرية التي تشدّ النص إلى سياقه ومرجعه الخارجيين: التاريخ، الواقع، المؤلف، القارئ، منظومة القيم الاجتماعية والأيديولوجية، اللغة، التراث، وكّل الأشياء المادية والروحية المرئية وغير المرئية التي تقع خارج النص، وتتشكل فنياً داخله على مستوى التناص، بوصفها مكونات نصية داخلية، لا بوصفها مقولات مجردة، أو مظاهر معنوية أو أشياء حسية ملموسة ومعزولة عن تشكلها الجمالي والبنائي داخل فضاء النص». ويلاحظ أن تامر معني بتبعات الموقف من قضية الشكل مما هو سائد في الساحة النقدية العربية إلى وقتنا الراهن، فيجد أن رؤياه «نقدية واقعية حداثية ترفض تغييب الإيديولوجي و السوسيولوجي والتاريخي لحساب الجمالي والشكلاني والنهلستي (العدمي)» ( )، أي أن نقده ليس بمنجاة من ذيول هذه القضية المزمنة، فدعا، لتجنب ذلك أو التقليل من وطأته إلى «ضرورة الدمج الفعال والجدلي بين الأدوات المنهجية والإجرائية للرؤيا النقدية الحداثية، بما فيها من وصف وتحليل وتأويل من جهة، وبين منظومة القيم الإنسانية والاجتماعية التي تزخر بها التجربة الإنسانية وصولاً للكشف عن «رؤيا العالم» التي يكشف عنها النص على حد تعبير لوسيان غولدمان»( ). وهكذا، اهتدى تامر في صوغ طريقته بالبنيوية التكوينية، وعالج في ضوئها بعض قضايا السرد في الباب الأول «الصوت الآخر في الخطاب القصصي والروائي»، ولعله نظر إلى التقنيات أدوات إجرائية لا تستلزم صدورها عن طبيعة تكون نهاجيته الجديدة، فاستعار مصطلحي «البوليفونية» و«المونوفونية» من باختين في بحثه «من رواية الصوت الواحد إلى الرواية متعددة الأصوات»، وتتبع جانباً من رحلة المصطلح في الاتجاهات النقدية الجديدة، عند اوسبنسكي وليون سومرليان من كتابه Technigues of Fiction Rriting ولوكاش وباختين من دراسة لبرابها كراجها في مجلة ديوجين (1986)، ممهداً لدراسته «النزعة الحوارية في النزعة متعددة الأصوات» على أنها تعادل تعددية أشكال الوعي، بينما وضحها، تالياً اعتماداً على باختين نفسه، مجموعة العناصر الحوارية المختلفة، بالإضافة إلى اللغات وأصوات الشخصيات الأجنبية والغيرية ضمن تأليف نغمي وسمفوني متكامل شبيه بالفوغ بلغة الموسيقى الحديثة. ثم استغرق في نظرية باختين شارحاً إياها، فذكر على سبيل المثال أن النزعة الحوارية تتمظهر في العمل الروائي مجسدة في الأنماط الحوارية الثلاثة التالية: التهجين، العلاقات المتداخلة ذات الطابع الحواري بين اللغات، أو ما يسمى بتعالق اللغات القائم على الحوار، والحوارات الخالصة. وكانت هذه الشروح النظرية تمهيداً لاستقصاء بعض مظاهر تشكل الرواية، متعددة الأصوات في مسيرة الرواية العراقية، من خلال أربع روايات عراقية، كمرحلة أولى، ظهرت خلال عقود العشرينيات والثلاثينيات والأربعينيات هي «جلال خالد» لمحمود أحمد السيد، و«مجنونان» لعبد الحق فاضل، و«الدكتور إبراهيم» لذي النون أيوب، و«اليد والأرض والماء» لأيوب أيضاً. ولاحظ أن السمة الغالبة على نتاج تلك المرحلة «يتسم بهيمنة النمط المونولوجي الذي يهيمن فيه صوت المؤلف ورؤياه وأفكاره على العمل الروائي، مما يجعل هذه الروايات تنتمي إلى نمط رواية الصوت الواحد، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة غياب بعض ملامح البوليفونية داخل هذه الأشكال الروائية الرائدة»( )، وبذلك انغمس تامر فيما حذر منه عبد الله إبراهيم وسماه «إخضاع المادة الأدبية كلية إلى موقف مسبق»، وكان الأجدى لو عاين هذه النصوص من داخلها مثلما ألزم نفسه بمفاهيم نظرية وفكرية وإجرائية في مفتتح كتابه. ومن الواضح، أن تغليباً لهذه النزعة طغى على كتابته النقدية، كما في مثل هذه الاستنتاجات( ).
بيد أن هذه النزعة تخفت في مواقع أخرى، تراعى معها خصوصية النص إلى حد مقبول، كما هو الحال في تناوله للتناص والنص الغائب في رواية «اللعبة» ليوسف الصائغ، وفي تناوله للمنظور السردي ووجهة النظر عاملاً من العوامل المساعدة على إنضاج المنظور البوليفوني في الرواية متعددة الأصوات، وهو تمهيد آخر لدراسة الرواية العراقية في الستينيات وبدايتها الناضجة للرواية متعددة الأصوات، ولا سيما رواية فؤاد التكرلي «الرجع البعيد» بوصفها ذروة الصوغ الفني للرواية متعددة الأصوات.
يمثل شغل فاضل تامر حول بعض قضايا السرد خطوة أخرى في التملك المنهجي للاتجاهات الجديدة من منظور نقدي، على الرغم من النزوع الإملائي لتقنيات سردية قد تجافي خصوصية النصوص العربية، ونلمح هذه التباينات في أكثر من مقالة وبحث، مثل «المروي له: وظيفته وموقعه في البنية السردية» و«من ثنائية المتن الحكائي/ المبنى الحكائي إلى ثنائية القصة/ الخطاب».
وواجه أحمد اليبوري هذه الإشكالية في كتابه «دينامية النص الروائي» (1993)، فهو يعتمد على السيميائيات الدينامية اقتراباً من المعنى الذي أعطاه إياها جورج ماري G. Mary في دراسته «من الصور إلى البنيات»، وفي الوقت نفسه ينطلق من النص أساساً، تفكيكاً وإعادة تركيب، ومتقيداً بهذه النصوص، في خصوصيتها وتنوعها «بما يجعلنا في مأمن نسبي من الوقوع في أوهام التصورات المسبقة، والتأويلات المرتبطة بها»( ).
وكان اليبوري أوضح أن عمله «استفاد من السيميائية والسيميائية الدينامية، والسوسيو نقد والتحليل النصي في إطار لا شعور النص، ومن نظرية التلقي، وغيرها من المناهج التي تسعى إلى تأسيس مقاربة ملائمة للنصوص الأدبية عامة، والروائية بصفة خاصة، وذلك ما يعني تحليلها وفق قواعد ومفاهيم إجرائية، في إطار التكامل المعرفي»( )، أي أن اليبوري يعتمد ثلاث مسائل متلازمة، الأولى حرصه على نهاجية معرفية ونقدية مستمدة من الاتجاهات الجديدة لنقد القصة والرواية، والثانية الابتعاد عن النزعة الإسقاطية والإضفاء المسبق، والثالثة انطلاقته من النصوص نفسها، بعيداً عن أحكام القيمة والتأويل المبالغ فيه، لأن كل رواية تطرح أسئلتها الخاصة، سواء على مستوى التكون الأجناسي أو المستويين البنائي والدلالي، فرصد اليبوري في مرحلة أولى، مسألة التكون النصي في روايتي «الزاوية» للتهامي الوزاني، و«المعلم علي» لعبد الكريم غلاب، وعلاقة المرجعي بالاستطيقي في مرحلة ثانية، في «الغربة» لعبد الله العروي، و«لعبة النسيان» لمحمد برادة، واشتغال النصي في اللاشعور في «المرأة والوردة» لمحمد زفزاف، و«بدر زمانه» لمبارك ربيع، و«اشتباكات» للأمين الخمليشي في مرحلة ثالثة، بينما رأى أن التنويع على «العلاقة» في إطارها العبر لساني، وما يقتضيه من تطويع لأدق تقنيات السرد والبناء، من أهم سمات المجموعة الروائية الأخيرة: «الجنازة» لأحمد المديني، و«أخلاق بقرة» لمحمد الهرادي، و«المباءة» لمحمد عز الدين التازي.
لا يرتهن اليبوري لإنجازات السردية بصورتها الناجزة لدى أعلامها، بل يتعامل مع أطروحاتهم في صوغه الخاص لها، وهو يطبقها على نصوص روائية عربية، فيكتفي بعرض موجز لطريقته وتعريف دقيق لشبكة مفاهيمه النقدية. ومما يجدر ذكره أن اليبوري نفور من الشرح والإنشاء اللغوي من أجل ممارسة نقدية تعي ذاتها، وتستقيم في لغة دالة منضبطة، وعندما تحدث عن النص، على سبيل المثال، لاحظ أن النظرية السيميائية لدى غريماس تثير ست مقولات تحيل على النص، بينما تفيد مساهمة يوري لوتمان في ضبط مفهوم النص، غير أن كريستيفا ميزت «بين النص والخطاب من جهة، وبين البنية والتبنين من جهة أخرى، فبعد تعريفها للنص بأنه ممارسة دالة وصيرورة لإنتاج المعنى، أبرزت أن النص لا يمكن أن يدرس كبنية جاهزة، ولكن كتبنين، أي كجهاز لإنتاج وتغيير المعنى، قبل أن ينجز ذلك المعنى ويدخل مرحلة التداول»( )، أما ريفاتير فقد عدّ النص فضاء لنصوص متعددة، تخترقه وتتفاعل فيه عن طريق أشكال شتى من الحوار والجدل، وهي النظرة التي طورها جينيت ليصل إلى نتيجة تتلخص في أن ما يهمه ليس هو النص، ولكن التسامي النصي الذي يشمل التناص والميتانص وموازي النص وجامع النص، مما يؤكد خاصية التعددية النصية Hype rtex tualite التي تعني العلاقات القائمة بين نص معين وعدة نصوص أخرى مثلت بالنسبة إليه نماذج أجناسية، كما يتضح من فحص ما سماه الباحث نفسه بالإشارات والسمات والآثار الأجناسية.
ثم عرض اليبوري لمصطلح الرواية، وتوقف عند طابعها التركيبي، إذ أن إنتاج الرواية ينشأ، برأي أحد الباحثين، «عن توترات تتم، ضمن حركة مراوحة، بين سيناريوهات إيديولوجية وإحالية وأخلاقية وتناصية واستطيقية ونزوية»( )، بيد أن توكيده المستمر على وفرة الإحالات إلى مراجع متعددة يثير أسئلة ما تزال قيد الاشتغال النظري والمعرفي والنقدي، حول أهمية تعريب الاتجاهات الجديدة أو النظر إليها مجرد وسائل وتقنيات وإجراءات في منظومة فكرية ونقدية جديدة؟!، وحول النظر إلى اندراج النقد التطبيقي في سياق معرفة الآخر أم إدغامه في ممارسة نقدية عربية تراعي خصوصية النصوص العربية!؟. لا يخفى اليبوري نزوعه إلى التأصيل، ولكنه في الوقت نفسه لا يعتني بتعريب المصطلح وما ينتج عنه من إشكاليات، وهو جلي في صلب استخلاصاته من النماذج المدروسة، كمثل هذا الرأي: «ويمكن بصفة عامة، أن نستخلص أيضاً أن تكون الرواية المغربية قد ارتبطت بأنماط تفكير معينة، وبجدلية الحركة السوسيو ثقافية، وخاصة ببداية تشكل وعي إيديولوجي ـ استطيقي متأرجح بين قيم الماضي ومستلزمات الحاضر، متردد في الشروع في حوار مع الآخر»( ).
وفي مواقع أخرى، يحيل اليبوري إلى مصطلحات غير مندمجة في سياق ممارسته النقدية مثل «التنسيب والانشطار والميتاحكي»( ) على أنها مثيلات لعناصر بنائية مكونة للرواية المغربية على مستوى الرؤية والتعبير مثل الواقع والتاريخ، ولماذا لا يعرب «الاستطيقي» وعشرات المفردات والمصطلحات؟ ولماذا لا يبين مفهومه الخاص أو استعماله الخاص لهذه المفردات والمصطلحات؟. إن الإجابة على هذه الإشكاليات تستجيب للمستوى العميق والنافذ والحاذق للتحليل السردي في ممارسة اليبوري.
ويتعزز نزوع اليبوري للتأصيل لدى تحليله لرواية مبارك ربيع «بدر زمانه» أنموذجاً من نماذج لا شعور النص، يلاحظ تجاور أرقى تجليات التحليل النفسي مع النسق السردي التراثي، حيث «يحيل التحليل النفسي على مفاهيم وتقنيات واتجاهات متشعبة، من بين أهدافها دراسة الميكانيزمات التي من خلالها، يتم التعبير عن الرغبة اللاشعورية، بينما يمكن تقديم تعريف للنص، وبصفة مؤقتة ومحدودة، بأنه بناء لغوي يتمظهر داخل سلسلة تركيبية ودلالية متعددة المسارات والمستويات»( ).
ولعلنا نحترز أيضاً من الاستغراق في العلاماتية السردية التي تبدو أقرب إلى البناء «اللغزي»، وتبدو عناصر التحليل السردي أقرب إلى أنساق ملتبسة بعيداً عن الأغراض المهملة، فالعلامات نفسها تلتبس على التلقي، وأذكر مثالاً لذلك خلل دراسته لرواية التازي «المباءة»: كيف تندرج البنية السردية في شكل استعارة في حديثه( ).
لا شك، أن اليبوري ميال إلى الاختزال والتكثيف الاصطلاحي في الوقت نفسه، مما يجعل من نقده التطبيقي شبكة مفاهيم تستلزم إطاراً نظرياً محدداً، ومسرد مصطلحات واضحاً من شأنه أن يضيء هذا الشغل النقدي المتميز، على أن الملاحظات الختامية الواردة في تركيبه العام أشد اختزالاً وتكثيفاً اصطلاحياً، حين لم يهتم اليبوري بالإضاءة المطلوبة. ونذكر من هذه الملاحظات ما يلي:
• لاحظنا أن جلّ الروايات وظفت الحكي الشعبي بمختلف سجلاته الأسلوبية.
• وإذا كان التراث السردي العربي مندساً بأشكال مختلفة في ثنايا النصوص الروائية المدروسة، فإنه برز بقوة في «الجنازة» للمديني من خلال التناص مع القرآن والحديث النبوي، وبشذرات من كتب أخرى.
• وليست طرائق السرد الغربية بأقل حضوراً، فجميع الروايات المدروسة، لها وعي بدرجات مختلفة، بهذه الأساليب السردية، كما أن لها قدرة على توظيفها.
• تكاد جل روايات المتن تلتقي في استعمال تقنية الحلم، كوظيفة سردية، وكمجال لتمظهر الرغبة المرتبطة بالهو.
• جل روايات المتن تتضمن أشكالاً من «التحول» الذي استعمل جزئياً عند زفزاف لإبراز الصراع بين «الأنا» و«الآخر».
• تم تشغيل المفارقة في جل روايات المتن، عنصراً ساهم في تشييد النصوص وصياغاتها.
• ارتقى التعبير في هذا المتن إلى مستوى اللغة الروائية، في دقتها وتنوعها وشفافيتها.
• تطرح روايتا «لعبة النسيان» و«الجنازة»، بطرق مختلفة حيناً، ومتقاربة حيناً آخر، مسألة البحث عن الجذور واللحظات البدئية في عالم مليء بالمفاجآت والتغيرات.
• انخراط الروايات بدرجات متفاوتة في الواقع وانشغالها بأسئلة الراهن.
• الاهتمام المتزايد بالشكل والبناء.
إذا كانت كل رواية، كما يقال، تخضع لاستراتيجية سردية، وفق نموذج دينامي، يؤشر على التجاوزات في الدرجة الأولى، فإن ما لاحظناه إلى جانب ذلك، هو أن جل هذه الروايات كتبت وفق نموذج منطقي يربط بين البدايات والنهايات، رغم اختلالاتها، ووفق تصميم هندسي ضمني، رتبت على أساسه المسافات والمواقع والأشكال والألوان، وهكذا يبدو أن الاختراقات التي سجلناها في إطار دينامية النص، تخضع هي نفسها لاستراتيجية تقيم التوازن بين المعيار وخرقه من أجل تشييد كتابة روائية جديدة، تدخل في اعتبارها أفق انتظار محفل التلقي»( ).
تعبر كتابة اليبوري في هذا النقد التطبيقي عن تنازعات في وجدان الناقد العربي ووعيه إزاء التعامل مع الاتجاهات الجديدة لنقد القصة والرواية: إدماجها في المسار النقدي العربي أم تعريبها، وقد تجنب اليبوري حدة هذه الأسئلة، مؤثراً ممارسة نقدية تستهدي بحلولها داخل عمليات تطورها، والتجربة مفتوحة على زمنها والزمن.
ويقدم محسن جاسم الموسوي (العراق) معادلة أخرى مختلفاً عن غالبية نقاد السرد في الاطمئنان إلى أن فن السرد العربي الحديث مدين إلى الموروث السردي، وليس إلى التقليد الغربي، وهذا هو المعنى الذي يشير إليه عنوان كتابه «ثارات شهرزاد، فن السرد العربي الحديث» (1993). والموسوي، كما ذكرنا من قبل، ممن اشتغلوا على مقولة «المثاقفة المعكوسة» التي تقول بأن الموروث السردي العربي أثر في السرد الغربي منذ أزمان بعيدة، مع «ألف ليلة وليلة» وسواها، ولربما، لهذا السبب، نظر الموسوي إلى الاتجاهات الجديدة لنقد القصة والرواية على أنها ذخيرة من ذخائر تراث الإنسانية الغني والمتفاعل، فاستخدم إنجازاتها حيث وجد ذلك نافعاً ومناسباً، فحفلت أبحاثه ومقالاته بالإشارات المرجعية إلى عشرات الفلاسفة والنقاد والأدباء والباحثين الأجانب، فوردت في مدخله وحده أسماء: بول اندريه لوسور، هايز نبيرغ، ييتس، هيدجر، بول دي مان، Peck الناقد من القرن التاسع عشر، اليوت، بارت، باشلار.. الخ، ويضاف إلى ذلك أنه لا يعنى بتدقيق هذه الأسماء، ولا يورد مقابلها الأجنبي، ولا يوثق مصادره ومراجعه، إلا فيما ندر، وهو العالم والناقد الأكاديمي المعروف، ولا يبوب أو يصنف كتابته، فليس ثمة أفكار محددة مرتبة، وإنما هناك ثراء فكري ونقدي يصير معه النص النقدي إلى مجاز مرسل ومتعة ذوقية. يبطن الموسوي خبرته المعرفية والمنهجية وموقفه من السرديات، وكأنه يسترخي على مراح خصيب من تطور التقليد السردي العربي، مستفيداً من توافر عوامل متعددة أدبية واتصالية، كانت في صلب تحولات السرد العربي واستراتيجياته، ولا يهتم الموسوي بنقل منهجية الاتجاهات الجديدة، باستثناء ما يضيء هذه التحولات وتعبيرها التاريخي والمجتمعي والفني، فالفن الروائي فن اتصال، ويميزه استعانته بالأجناس المدخلة، وطبيعة مشكلات خطابه الخاص، والتعبير المجتمعي عن النص الروائي، إفراز الخطاب الروائي لمشكلات مختلفة. تتراكم الأفكار والإشارات المغذاة بمصطلحات الاتجاهات الجديدة إلماحات متوالية لعقل نقدي خصيب ونير، كما في مثل هذا الشاهد:
«والنص هنا ليس مطابقاً لما يسمى بـ «ما وراء النص»، لكنه يخلخل جزئياً سنن التعارف التي تلجأ إلى تأكيد سمات التمثيل أو المشاكلة والعرض. فبعد أن يعتمد هذه طوال سرد خطي يتشكل في وقائع متتالية ضعيفة التوتر، يطمئن القارئ ويخرجه من الإبهام، منبهاً إلى أنه كان سارداً لا غير. ومثل هذه الخلخلة تأخذ أشكالاً عدة في نص سليم بركات «الريش» الذي مرّ ذكرهُ»( ).
إن نقد الموسوي التطبيقي أشبه بنظرة طائر على نصوص روائية وإحالات معرفية ومنهجية إلى الاتجاهات الجديدة لنقد القصة والرواية على وجه الخصوص. ولكننا، في هذا الركام الغني الذي يفتقر إلى التنظيم والتبويب، نتلمس خصائص ممارسته النقدية:
1- يمتحن الموسوي خصوصيات السرد العربي الحديثن في نصوص روائية كثيرة، في شكلها وتقنياتها وسرودها، ولا سيما غوصها في موروثها الذي يراه معيار الخصوصية، وهي جهود أصبحت غالبة على أقلام النقاد والباحثين العرب. غير أن الموسوي يأمل في «ظهور «خصوصيات» أخرى للكتابة، تجعلها أكثر عمقاً، فملامسة السطوح بقيت واحدة من مشكلات التأليف والإبداع العربيين كلما جرت المقارنة بين الكتابة العربية وبين ما هو متميز في الرواية العالمية»( ).
إن مجرد طرح سؤال المقارنة مع الرواية العالمية باهظ الثمن في مجال البحث عن الخصوصية، لما يعنيه من لزوم أحكام القيمة، والقياس إلى «الآخر»، والمرجعية الواقعية والتاريخية. وفي ضوء هذا الاستنتاج نستطيع أن نفهم هذا الرأي الذي يجافي إلى حدّ كبير شغل الموسوي نفسه في تأصيل السرد العربي: «إذا لم يزل العديد من النقاد والدارسين العرب والأجانب يرون أن الواقع يبقى أعتى وأكثر ثقلاً وثراء ورهبة وقسوة مما تتمكن النصوص منه، حتى أكثرها واقعية. والغريب أن خصوصيات الرواية العربية الأخرى لم تزل «خصوصيات غياب» مقارنة بالقليلة الحاضرة منها في القص أو في الخطاب». ويتكرر هذا الرأي صراحة في مطلع بحثه الموسوم «الحداثة والتجريب في الأدب القصصي: دراسة في ثلاثة نصوص»، وينطلق الموسوي فيه من «فرضية مفادها أن الأدب القصصي العربي لم يستكمل نضجه أو دورته التقليدية عندما داهمته صدمة الحداثة»( ).
2- لا يقف الموسوي على منهجية محددة في قراءة السرد، فغالباً ما يلجأ إلى تحليل سردي خاطف ممتزج بالشرح والنبرات الموضوعية والدلالية من جهة، وإلى تداخل بيّن بين لغة النقد وإيثار تعميم الرأي وأحكام القيمة. لقد درس، على سبيل المثال، في بحثه المشار إليه ثلاثة نصوص هي «السؤال» لغالب هلسا، و«أنت منذ اليوم» لتيسير سبول، و«اعترافات كاتم صوت» لمؤنس الرزاز، وانتهى إلى آراء نقدية قاطعة، ولكننا لا نعرف كيف وصل الناقد إلى هذه الآراء، كأن يقول عن رواية «السؤال» ببساطة، أنه يمكن اختصارها «إلى الثلث دون خلل واضح في السرد الوظيفي». ويضيف جازماً: «ومثل هذا الورم السردي لا يخص «السؤال» وحدها: فالرواية التقليدية لا ترى ضيراً في التمدد ما دام يؤكد سنن الاحتمال»( ).
ولا أعتقد أن هذا الرأي صائب أو يصمد للتحليل السردي المنهجي، وهو يذكرني بغضب هاني الراهب شاباً من طول روايات ديستويفسكي، مما دعاه إلى اقتراح حذف مئتي صفحة من الرواية الواحدة دون أن يؤثر ذلك على مسارها السردي أو قيمتها الفكرية والفنية( ).
3- لا يدقق الموسوي مصطلحه النقدي، استتباعاً للملاحظة السابقة، فقد تواضع النقد على تسمية الرواية الجيلية بالرواية «النهر»، أو «الرواية الإنسيابية»، بينما اكتفى بتسميتها بـ«الخطية» بقوله: «وما ظهر في ثلاثيات نجيب محفوظ ومحمد ديب يتماشى مع هذه «الخطية» حيث الزمن عمر يمتد من جيل إلى آخر، تنتقل فيه بعض البذور وتضيع أخرى، مزعزعاً بالمصادفات مرة، وبالذكريات مرة أخرى»( ). لا شك، أن من حق الموسوي مثل أي ناقد وعالم من وزنه أن يفترق في مفاهيمه واصطلاحاته عن التواضع المتفق عليه شريطة أن يحددها من منظوره النقدي. وثمة مثال آخر لاستخدام مصطلحات الموروث السردي الصوفي التي استبدلها أو داخلها بمصطلحات حداثية تؤول مرجعيتها إلى «الواقعية *****ية» في رواية أمريكا اللاتينية. ولدى مناقشته للزمن في رواية سليم بركات «الريش»، أفاد أن الزمن في هذا النص المتميز والفريد يتعدى بعده السردي المألوف ليستجمع الخارق والأخروي والأسطوري بالدنيوي والدارج مرة واحدة.
4- يشير نقد الموسوي التطبيقي إلى تملك معرفي هائل في تحليل السرد العربي، وهذا واضح في بحثيه «ثارات شهرزاد في ألف ليلة: ستراتيجيات السرد عند نجيب محفوظ» و«النص خارجاً على الواقع القائم: ستراتيجيات الانشقاق في الكتابة العربية المعاصرة»، إذ حلل بمهارة نقدية بارعة تقنيات السرد المحفوظي: المفارقة، اللفظية، الموقعية، الدرامية، المحاكاة الساخرة، العجائبي والخارق، المقابلات العديدة، القطع والترقيع والرصف والمزج، ليكشف بعد ذلك دلالة النص: «يفضح الاستبداد ويشرحه ويعيد مخاطبته كما هو أمره في العصر الراهن»( )، مثلما أكد ذلك لدى تحليله لعدة نصوص روائية وغير سردية بقوله: «أي أن أنماط المراوغة والتزويغ في نقد الأوضاع القائمة تشكل بمجموعها ستراتيجيات الانشقاق عن حالات السكون والتلفيق في آن واحد. وعندما تتهافت الأسماء وتلوذ أخرى، بالسكون، وتندفع مجموعة في جوقات التلفيق، تصبح الكتابة اليقظة الحية جزءاً من هوية الخروج على المأزق»( ).
وتتبدى هذه المهارة البارعة في استخدام مصطلح «رواية النص» الذي اقترحته باتريشيا واف Patricia Waugh في كتابها «رواية النص: نظرية الرواية الواعية بذاتها وتطبيقاتها» (1984)، ويشير إلى «الكتابة الروائية التي تستدعي الانتباه إلى ذاتها بشكل واع ومقصود ومنتظم على أنها صنعة، لكي تثير التساؤل حول العلاقة بين التخيل والواقع»( ).
وعلى الرغم من أن هذا التملك المعرفي الهائل مفيد في غنى التحليل السردي باتجاه أصالته، إلا أن الموسوي ما يلبث أن يردد فكرته التي تنتقص من الجهود الروائية العربية الحديثة برمتها بقوله: «وعدا هذا السياق، فإن الروائي العربي لم يكن صاحب علاقة متكاملة أو حقيقية مع النوع الروائي، رغم علاقته الوثيقة بالحكاية الشعبية»( ).
3-3- التحليل السردي النصي:
بلغ النقد التطبيقي المتأثر بالاتجاهات الجديدة لنقد القصة والرواية شأواً عالياً في ميادين التحليل السردي النصي لأعمال روائية وقصصية بعينها، وهو نقد واسع أقبل إليه حشد غير قليل من النقاد والباحثين. وقد اخترت من عشرات الكتب خمسة منها تعبر عن ميل أكبر للتمثل المعرفي والمنهجي والنقدي لهذه الاتجاهات إلى حدّ الاستسلام لمنجزاتها. وأبدأ مناقشتي للكتابات المعبرة عن هذا الميل بكتاب الصادق قسومة (تونس)، وعنوانه «النزعة الذهنية في رواية الشحاذ لنجيب محفوظ» (1992)، ويلحظ ذلك في متن الكتاب، بينما حوت التوطئة والمقدمة معلومات غير دقيقة، وغير مستوعبة، وغير وافية عن النزعة الذهنية في مجال الرواية، وموقع نجيب محفوظ في مجال الرواية العربية، وموقف النقاد من محفوظ وأدبه، وموقع المرحلة الذهنية ومواقف النقاد منها، ومواقف النقاد من رواية الشحاذ. وينطبق هذا الرأي على عروضه للنقاد والنقد الجديد عن الرواية، كأن يجزم أن الرواية وليد حديث متأثر بالغرب، و«أن ممارسة النصوص الروائية لم تكن ميسورة لحداثة عهدنا بالمناهج القصصية، ولطبيعة ثقافتنا التي لا سند فيها لمثل هذه البحوث»( ).
جنح قسومة إلى رفض التقيد بمنهج قصصي معين (يقصد منهجاً نقدياً معيناً) لصعوبة هذه النظريات والمناهج الغربية، ولإبهارها، ولعدم نضوجها واكتمالها، معولاً على التطبيق بالدرجة الأولى، استئناساً بقول جينيت «إن أفضل السبل استنباط طريقة مقاربة من النص ذاته»، وقد أعلن في توطئته، ولا تصح الإعلانات دائماً، أنه «لم يكتب لنصرة مذهب أدبي معين، ولا لتطبيق نظرية مخصوصة في الشرح أو التأويل، ولا استنباط أحكام نهائية جازمة، وإنما مقصدنا لفت الانتباه إلى بعض القضايا الجديرة بالنظر في رواية الشحاذ». أراد قسومة أن يكون بحثه «نوافذ على بعض الأفكار، ومفاتيح لمعالجة بعض التقنيات القصصية»( )، ولكنه ما لبث أن اعتمد مباشرة على جينيت الذي سماه «الطبّ بالنصوص القصصية وطرق مقاربتها»( )، فعرض وقائع الرواية في أطوارها الأساسية، وهي:
الطور الأول: الإحساس بالاختلال ومحاولة تشخيص أعراض الأزمة.
الطور الثاني: محاولة العلاج والبحث عن سبل التجاوز من خلال التحرر من وطأة حياته السابقة، وتجربة الفن، وتجربة الجنس.
الطور الثالث: الهروب والانعزال.
وكانت هذه الوقائع سبيله لدراسة الأدوات الروائية والتأويل، فاعتمد ثانية على جينيت في تحديد مكونات العمل القصصي: الحكاية والسرد والنص ذاته، وفي تحديد مكونات السرد: النظام الزمني وطرائقه في إيراد السوابق واللواحق ووظائف هذه اللواحق، والتواتر وضروبه الثلاثة، القص المفرد والقص المكرر والقص المؤلف، والديمومة، وضروبه الأربعة، السرد المجمل والإيقاف أو القطع المؤقت، والإسقاط أو الغياب الكلي، والمجانبة أو الغياب الجزئي، والمشهد والوصف، ووصف الأماكن من الرمز والتعبير عن باطن الشخصية، وعناصر الطبيعة، ووصف الشخصيات، ووظائف الوصف: خدمة الأحداث، والتفسير، وتمثيل الموجودات، واستبطان الشخصية، وتكثيف الأبعاد الرمزية، والتنوع الكيفي، والوفرة الكمية، والحوار وتندرج هذه القضايا في قسمين: قضايا ذات صبغة فكرية، وقضايا ذات صبغة وجدانية، وخصائص الحوار، ووظائف الحوار: ‘رضية، واستبطان، وتمثيل أو تصوير، وتطوير، وتأويل، وإثراء الزمن، وتقنيات كشف الباطن وأساليبها: الحوار الباطني (النجوى)، والحوار الباطني الموجه إلى قائله، والحوار الباطني الموجه إلى شخصية أخرى، والحوار الباطني السردي، والتحليل النفسي، والرؤى وأحلام اليقظة، والتذكر، والتداعي.
ولا يخفى إن دراسته للأدوات الروائية تستند أساساً إلى جينيت في كتبه «الخطاب القصصي الجديد» (1983) Nouveau Discours du Recit «وصور 2» (1969) Figure 11، و«صور 3» Figure 111، وتستند إشارات إلى جان روسي وميشال زيرافا وناتالي ساروت وفيليب هامون والبيريس وتيبودي ودي جردان، أي أن هذا النقد التطبيقي مرتهن كلياً، مع نزوع لتبسيط المنهج إلى العلامية السردية في مستوياتها الشكلانية البنيوية، ولا سيما جينيت. وربما لهذا السبب غلبت التعليمية الشارحة على التطبيق، كما في هذا المثال عن «وظيفة تأويل»:
«يؤديها حوار تأويلي Dialogue Interpretatil وهو حوار يفسر بعض الجوانب، لكنه لا يؤدي إلى تطوير الأحداث، ولا إلى تغير في حركية القص، وإلى هذا النوع ينتمي الحوار الذي دار بين عثمان وصديقيه في الفصل 15، وفيه فسر كل منهم ماضي حياته، لكنه لم يخرج عن الوضع الذي عرفناه له في الحيز السابق من النص»( ).
وقد وجد قسومة أن أدوات المنهج الذي التزمه لا تلبي حاجات دراسة التأويل، فعمد إلى منهج ظواهري تأويلي اعتماداً على نقاد وباحثين كثر، فاعتنى بالوجه النفسي، والوجه الاجتماعي، والوجه الذهني، والمنزع الفكري: منزلة الفن والعلم والفلسفة، وعلاقة الفن بالإنسان والمجتمع، ومعنى الحياة، والمنزع الوجودي: أدموند هوسرل، سورين كيركجورد، أهمية مفهوم القلق، التحول والصيرورة، الاختيار، والحرية، والمسؤولية، وطبيعة الأزمة، وأهمية الوحدة، ومبدأ الإغراب، وقيمة الحرية، والمنزع الصوفي: أهمية القلب، الإحساس بالوارد والمجاهدة، والمنزع العبثي. وتحفل مناقشاته لوجوه التأويل ومنازعه بتصنيفات شكلية مماثلة، وبشروح خارجة عن السياق النقدي، أو هو يسقطها عليه، وكثيراً ما اعتمد على أقوال خارجة عن النص في تأويله كقول محفوظ نفسه: «إنني ضعيف الإيمان بالفلسفات، ونظرتي إليها فنية أكثر منها فلسفية»( )، أي أنه يسقط على النص معاني وأفكار من خارجه، ولا يتسق هذا مع منهجه العلاماتي السردي، فهو غالباً ما اعتمد على نقاد آخرين مثل محمود أمين العالم في الصفحة 94، أو على وقائع خارج الحدث كذكره لهزيمة عام 1967 في الصفحة 95، بينما الرواية مكتوبة عام 1965.
إن قسم التأويل أقرب إلى الشروح التعليمية تلمساً للمعاني والأفكار على طريقة الإسقاط، كما في هذا المثال الذي يتحدث عن «أهمية القلب»: «هو عند المتصوفة باب الروح ونافذة الوجدان، وهو عند عمر أداة رئيسية لتحريك الذات وهزّ الإحساس عبر نشوة تطلب متسامية من قيود العقل وتحديد العلم، ذات خصائص لا جدال فيها ولا منطق»( ).
وحوى كتابه قسماً ثالثاً هو أنموذج تطبيقي، شرح فيه نصاً من الفصل الخامس من «الشحاذ»، ووضع حدوداً لتحليله «على النحو الذي وردت عليه، لأننا اعتبرنا النص مقطعاً قصصياً واقعاً بين بداية ونهاية تفصلهما وحدات متباينة في أحجامها مختلفة في وظائفها، ومن علاقاتها جميعها تبرز خصائص النص وتتضح دلالاته»( )؛ وقد مهد لتطبيقه بإلماحة عن تحليل النصوص، ليتوسل إلى شرح نصه بطرق مختلفة بدل أن يتقيد بمنهج واحد، فدرس وحدات النص على أساس الأغراض، وفق مذهب جريماس، والنص في مستوى النظام الزمني، وفق مذهب جينيت، واكتفى بالحد الأقصى من التحليل البنيوي الشكلي، وبالحد الأدنى من التأويل، لأن قسومة أخذ بالاتجاهات الجديدة على أنها تقنيات فحسب، وليست منهجاً فكرياً وفنياً يشكل في مطاويه وانثناءاته وتجلياته البنية والدلالة في آن واحد.
ويندرج كتاب شكري المبخوت «سيرة الغائب ـ سيرة الآتي: السيرة الذاتية في كتاب الأيام لطه حسين» (1992) في منوال احتذاء الاتجاهات الجديدة لنقد القصة والرواية في جنس أدبي ملتبس هذه السيرة الذاتية التي طالما درست في إطارها التاريخي والنفسي، بينما اختار المنجوت النظر إليها، متأثراً بالنهاجيات المعرفية والنقدية الجديدة، «من حيث هي نص أدبي»، وهو مدرك صعوبة ما أقدم عليه. لقد اهتدى بالأبحاث الجديدة في مجال السيرة الذاتية، ولا سيما كتابي جورج ماي G. May المعنون «السيرة الذاتية» “L’Autobiographie” (1979)، وفيليب لوجون Pb. Lejeune، وعنوانه «الميثاق السير ذاتي» Le Pacte Autobiographique (1975)، الكتاب الثاني، كما أشرنا في الباب الأول، معني بالإجابة على إشكالية صلات السيرة الذاتية بالواقع التاريخي المخصوص، وبشخصية صاحبها ونفسيته، فأخذ عنه تعريفها:
«قصة استعادية نثرية يروي فيها شخص حقيقي قصة وجوده الخاص مركزاً حديثه علىحياته الفردية، وعلى تكوين شخصيته بالخصوص»( ).
وتضمن هذا التعريف شكل الكلام (السيرة الذاتية قصة منثورة) وموضوعها (مدار السيرة الذاتية حياة المتكلم الفرد وتاريخ شخص ما)، ووضعية المؤلف (أن يكون الكاتب ويحيل اسمه على شخص حقيقي متطابقاً مع الراوي)، ووضعية المؤلف (أن يكون الراوي متطابقاً مع الشخصية الأساسية أولاً، ومتشبثاً بالمنظور الاستعادي للقصة ثانياً).
واختبر المبخوت نظرياً هذه المعايير التي لا مناص منها، ولا سيما وحدة الراوي والشخصية، ووحدة المؤلف و«الراوي ـ الشخصية»، معتمداً على لوجون كما ذكرنا. وناقش تالياً السيرة الذاتية والأجناس القريبة منها، من خلال الميثاق، إذ يقاس على غراره ميثاق روائي( ).
وعاين المبخوت في الباب الثاني «ظاهرة السيرة الذاتية تاريخاً وثقافة، فلها تاريخ يضبط نشأتها وتطورها، وسياق ثقافي يكتنفها، وأرخ لها، ونظر في شروط إنتاج نص سير ذاتي حديث كما يبرزها التاريخ الثقافي العربي، راصداً بعض التحولات القيمية والمعرفية التي أسهمت في نشأة السيرة الذاتية، «فهي من جهة كونها نمطاً في الكتابة ـ لا تخضع لرغبة الفرد في الحديث عن نفسه رغم أنها كتابة لتاريخ شخصي بقدر ما تخضع لموقف ثقافي عام من الفرد مفهوماً ومنزلة ووجوداً»( )، وأورد جانباً من تاريخ السيرة الذاتية في الأدب العربي القديم وأنواعها، وجانباً من تاريخ السيرة الذاتية في الأدب العربي الحديث، دخولاً في سيرة طه حسين، على «أن السيرة الذاتية لا تمثل إشكالية فنية (شكل ـ تعبير) فحسب، بل تمثل بالخصوص إشكالية ثقافية اجتماعية بها يمكن أن تقاس بعض فضاءات الحرية في المجتمع»( )‎.
أجرى المبخوت تدقيقاً لافتاً للنظر في صلة «الأيام» بقضية الجنس الأدبي، واستعرض نماذج من نقد هذا الأثر الباقي لعدة نقاد، ثم أوجز المواقف من جنس الأيام، وهي: أولها صعوبة الجزم بانتماء «الأيام» إلى جنس السيرة الذاتية، ومثله الجزم بأنه رواية يعسر قوله، وثانيها أن تردد الدارسين بين الرواية والسيرة الذاتية لا يرتكز في جل الأحيان على معايير صارمة تضبط الفوارق بين الجنسين الأدبيين، وثالثها النقاط التي تشترك فيها مختلف المواقف من «الأيام» هي أن الدراسات ظلت تحوم حول إشكالية الجنس الأدبية لسببين لم يتبينهما جل النقاد بوضوح: أولهما غياب عقد القراءة و«الميثاق السير ذاتي»، وثانيهما كتابته بضمير الغائب، مما أسهم في جعل جنس «الأيام» الأدبي ملتبساً، فاستخلص المبخوت من قراءة ماكتب عن «الأيام» ثلاث طرق في حل هذه الإشكالية:
الطريقة الأولى قائمة على التخمين وإقامة ضروب من المشابهة بين النص وما يعرفه الناس عن حياة طه حسين.
الطريقة الثانية، ويكاد ينفرد بها الباحث فؤاد القرقوري، وقد أجمل الموقف بوضوح في قوله: «إن كتاب «الأيام» لا جنس له، إنه قتل للجنس، لأن قدره أن يكون بلا جنس» (واعتقد أن هذا الكلام لا معنى له لأن القرقوري نقضه، حين أقر في بحثه بأن الأيام سيرة ذاتية لتلك اللحظة المتناقضة. هكذا؟!).
والطريقة الثالثة، وهي متضمنة في سياق عرضه لرأي محمد القاضي، الذي ينفي عنها مفهوم السيرة الذاتية انطلاقاً من غياب التطابق بين أعوان السرد أساساً. غير أن المبخوت ترك مسألة انتساب «الأيام» إلى جنس أدبي معين مفتوحة، «فميزة «الأيام» فنياً كامنة في ضروب التقنع التي تكشف عنها لعبة الضمائر فيه.. وربما كان الفرق كامناً في أن القراءة اليقظة تنال متعتين مجتمعتين من طيبات نص «الأيام»: متعة التعرف إلى البطل في كفاحه من أجل المعرفة ومتعة ذهنية مصدرها ما يقوم بين أعوان السرد من ألوان الاتصال والانفصال»( ).
لقد أفادت المقدمات كثيراً في مقاربته لكتاب «الأيام» بالتباسه وخصوصيته، مما ييسر سبل قراءة هذا النص المخادع والمخاتل برأيه، «فهو من النصوص التي لا تفصح عن وجوه الفن فيها، ولا عن مقاصدها إلا بعد معاشرة ومجاهدة، فقد تطالعه ولا تجد فيه ما يشدك إليه عدا بعض وجوه كفاح بطله من تحت كيانه واستحقاق منزلة في الإنسانية رفيعة»( ). وعلى الرغم من راويه الماكر، فقد استحق كتاب الأيام مكانة لا تبلى على الزمن، «لأن صاحبه بناه على خلق مسافات جمالية بين النص وجنسه الأدبي، وبين زمن التلفظ وزمن الملفوظ، وبين الراوي والمؤلف والشخصية الرئيسية. وأدخل في لعبته السردية القارئ، على نحو من الأنحاء، وفي هذه المسافات كان بعض السرّ الذي جعل «الأيام» نصاً حياً اخترق ظروف إنشائه ليستمر إلى الأبد»( ).
أفصح المبخوت عن ميله الكبير للاتجاهات الجديدة في مستويات تناوله للصنعة والسرد في كتاب «الأيام»، وأثار في الباب الأول لتحليله سؤالاً مشابهاً لأسئلة الشكلانيين الروس: كيف صنع كتاب الأيام؟ ومضى مع كشوفاتهم السردية التي طورت فيما بعد، ودرس طريقة طه حسين في البناء التي تقوم على انفصال الفصول واتصالها في آن، من خلال مبدأين هما التكثيف والتوسع من جهة، والتعليل من جهة أخرى. ففي مبدأ التكثيف، يدور كل فصل من فصول الأيام على محور دلالي يستقطب الأحداث على تنوعها، والملفوظات المكونة للنص. وهذه المحاور تتوسع في الفصل وتنتشر فتحدد ما يجب أن يتحدث عنه الراوي. «إن مبدأ التكثيف والتوسع ليس مجرد وسيلة تصل بين المتباعدات التي يدعو بعضها بعضاً على سبيل الاستطراد، وإنما هو مبدأ محكم في تنظيم الفصول يجمع ما تماثل وتشابه، ويرده إلى نواة دلالية واحدة منسجمة»( ).
ويعاضد مبدأ التعليل المبدأ السابق، «فالأيام» بحث مستمر عن الظل والأسباب الكامنة وراء المواقف والحالات أو الأفعال والأقوال وعن آثارها ونتائجها. ولا يلغي انفصال الفصول مزايا الاتصال، ولا يمنع من رؤية بعض العلاقات القائمة بينها، من خلال الروابط الظاهرة مثل مبادئ الاستعادة والتداعي والتتابع، والروابط العميقة، استعانة بالحفر المعرفي واللغوي، وقد أفضت هذه الطريقة إلى فهم الدلالة العامة للبناء الذي ينخرط في التخييل من أوسع الأبواب، «إن مؤلف الأيام، برأيه، لا يستعيد ما انقضى من أحداث استعادة محاكاة عمادها الإيهام بالتطابق بين المادة الوقائعية والمعطيات السردية الخطابية. فلم يستعد بذاكرته عالمه «الواقعي» بكل تفاصيله وإحداثياته المكانية والزمانية مما يشي بقلة «الضبط» وعدم الاحتفال بالدقة»( ). ولاحظ المبخوت توكيداً لطاقة التخييل التي تطبع «الأيام» أيضاً استعمال مبادئ دالة تخرق «الميثاق السير ذاتي» مثل مبادئ الانتقاء والتفسير الغالبة على الصنعة أو الصوغ، فهو نص أدبي لا مفهومي «أو لنقل يظل نصاً أدبياً تندس في أعطافه أفكار خالقة سواء، شاء ذلك أم أبى»( ) لا يأنس المبخوت للأفكار المسبقة مؤثراً الغوص في جنبات «الأيام»، وممعناً في التحليل السردي: لعبة الأزمنة ـ لعبة الضمائر ـ سياسة الكلام، ومطوعاً النهاجيات المعرفية والنقدية لحاجات نقد تطبيقي متطور في سيرورته واستشرافه للنصوص وقضاياها. ولعمري، أن نقد المبخوت يياسر إلى آلياته الحديثة، سلساً طيعاً، زاهي العبارة في فض مغاليق النص واستنطاقه الدلائل والبنيات.
ولعلنا نوجز سمات شغل المبخوت في معاينة الأنموذج التطبيقي مما حلله سردياً، وهو الفصل الأول من كتاب «الأيام»، حين يضيق النص بطاقات المنهج المحدودة، وحين يستعان بطاقات المنهج المحدودة لتحليل نص شديد الثراء. لقد عمد المبخوت إلى نهاجيات الاتجاهات الجديدة في تحليله دون تعسف أو ابتسار، وقصر نقده على النص من داخله، وهذا ما يجعل نقد المبخوت التطبيقي من النماذج الأكثر إشراقاً بيانياً والأكثر تملكاً معرفياً ونقدياً لنهاجيتها النقدية الجديدة في حركة نقد القصة والرواية في العقدين الأخيرين.
من اليسير أن نلاحظ أن الميل إلى الأخذ بنهاجيات الاتجاهات الجديدة قد طغى طغياناً واضحاً على قطاع غير قليل من ممارسي النقد التطبيقي في التسعينيات، فيستفيد هؤلاء بقدر كبير من العلامية البنيوية وشعرية السرد على وجه الخصوص. وهذا واضح في كتاب بهاء الدين محمد مزيد (مصر)، وعنوانه «خالتي صفية والدير بين واقعية التجديد وأسطورية التجسيد» (1995). واختار رواية بهاء طاهر «خالتي صفية والدير»، لأنها، برأيه، معين خصب«للتحليل الأسلوبي بما تشتمل عليه من تجليات أسطورية وجدل مستمر بين الواقع والرمز، بين التجسيد والتجريد، بين اللغة والميتا لغة، والرواية والميتا رواية، ووعي بما تحمله اللغة من دراما وصراع يعكس الواقع بما فيه من تناقض وتعارض». وقد مهد مزيد لتحليله بإيجاز موضوع الرواية، ملاحظاً طابعها الرمزي، أو حرص مؤلفها على البعد الرمزي، «فالثيمة Theme البارزة في الرواية هي الحب في مواجهة الثأر، لكن بهاء طاهر يريد لعمله أن يكتسب طابعاً قومياً وطنياً، فلا يكتفي بتصوير وحدة المدافعين عن الحب في القرية في مواجهة الثأر والانتقام، بل يحاول توسيع نطاق هذه الوحدة لتصبح القرية رمزاً للوطن مصر، بل ورمزاً للوطن الأكبر ـ العرب ـ في مواجهة العدو المشترك»( ). ولا اتفق مع مزيد في هذا الرأي، فلو اقتصرت موضوعة الرواية على «الحبّ في مواجهة الثأر» لما كان لها هذا الشأو الذي سامقته في الكتابة الروائية العربية، ولغدت إحدى الروايات الاستهلاكية التي لا نفع منها ولا ضرر، فما يميز الرواية هو طابعها الاستعاري الذي وصفه بالرمزي ثم ما لبث أن غفل عنه، مشيراً إلى «ضعف جزء النكسة وإقحامه على النص»، بل إن قيمة الرواية في مقاصدها الإنسانية والقومية المفعمة بثراء بنيتها الداخلية ومستوياتها السردية العميقة. وكان أوضح مزيد أن أول ملمح لهذه الرواية هو «تجليات الأسطورة»، إذ «تنفتح الرواية على عوالم لا حصر لها من الرموز الدالة والأساطير القارة في وعي الكاتب والمتلقي على حد سواء، فتبدو متعددة الوجوه، وقابلة للتأويل على مستويات مختلفة»( ).
أعلن مزيد أن منهجه تحليلي، ولكن استعان بآراء نقاد آخرين أشاروا إلى «ما تحمله الرواية من إحالات إلى تلك العوالم الأسطورية التراثية التاريخية»، وإلى التناص الذي يجعل الرواية «مفتوحة لقراءات جديدة للتناص مع يهوذا وسيدة الآلام وحادثة الصلب ودخول أورشليم وقصة الرسول (ص) والنجاشي وهابيل وقابيل والحسن والحسين»( ). وذكر مزيد عنصراً آخر هو النبوءة، كان له دور كبير في إضفاء الأسطورية على صفية بطلة الرواية إنها تغني لحربي غناء حزيناً كأنها تحس بما يحمله القدر لها وله.
أوضح مزيد أن «الدير» المركز الأهم للدلالات، بالإضافة إلى البيت والسراي والمسجد والسجن، وعني ملياً بالعلاقة بين هذه الأماكن متبعاً تحليلاً أسلوبياً متضافراً مع سبع ترسيمات لحركة الدلالات التي تنقل «حقيقة مهمة وهي أن المسلمين والمسيحيين لا بديل لهم من التعايش والتعاون في وجه المصير المشترك؟ كلاهما منتصر في حال تعاونهما، وفي حالة الفتنة كلاهما مهزوم»( ).
ثم اهتم مزيد بالتحليل السردي لجوانب أخرى من الرواية: الميتا لغة والميتا رواية، دراما اللغة، أجرومية السرد، لغة الرواية، تجليات الواقع، الرواية كميتا نص، دلالات ودروس. أما الملاحظات على هذا النقد التبطيقي فنوجزها فيما يلي:
1- يعتمد مزيد على بعض خصائص العلامية البنيوية كما شرحها بعض النقاد والباحثين العرب، وبعض الباحثين الإنجليز، ممن لا يشكلون عمدة في بابهم، بل أنه يبدو غير معني بذكر مرجعيته كما في حديثه عن مفاهيم الميتا لغة ************ والميتا نص ******** والميتا رواية ****fiction، وتعني على الترتيب: الكلام عن الكلام (التعليقات اللغوية على اللغة)، ونص عن نص (تعليق نص على نص آخر، رواية عن الرواية (تعليقات في رواية على كتابة الرواية حيث يصبح الفن سؤالاً ملحاً عن ماهية الفن)( ).
2- لا يحدد مزيد منهجه النقدي أو مرجعيته النقدية، وهو يخرج أحياناً عن خصائص العلامية البنيوية إلى نقد لغوي أو اجتماعي. وهذا واضح في تناوله لتجليات الواقع، المرأة، الثأر وبعض التجليات الأخرى. ولا ينفع في هذا المجال قوله أن «المنهج ينبع من النتاج، وليس من مبادئ مسبقة، وكل عمل أدبي مستقل بذاته»، لأن العبرة دائماً بالممارسة النقدية.
3- ثمة تعارض بين التزام منهجية تقترب من العلم، وبين الحدس الذي رأى فيه محور العمل( ).
4- ثمة استطرادات تخرج النقد التطبيقي عن مساقه التحليلي، كمثل الحديث عن الاختيارات المطروحة بين الفصحى والعامية( ).
5- يبسط مزيد نهاجيته النقدية إلى حدود الاختزال المخل، ويتوضح ذلك في مواقع كثيرة مثل المقارنة بين هذه الرواية، ورواية اميلي برونتي «مرتفعات وذرنج» Wuthering Heights التي لا تحتل إلا صفحة واحدة( ).
ولا يختلف محمد الصالحي (المغرب) وسعيد الحنصالي (المغرب) عن سابقهما في إظهارهما لنهاجيات الاتجاهات الجديدة، غير أنهما يتميزان بسوية علمية أقرب منالاً، وأكثر انسجاماً في التحليل السردي. وقد وضع محمد الصالحي كتابه «قنديل أم هاشم: قراءة وتحليل» (1995) قاصداً تحليل السارد في هذا النص الروائي، وطبيعة المحكي، والتعرف الزمني. ومن الواضح، أن الكتاب تعليمي، موجه لإرواء حاجات الدرس النقدي المشبع بالاتجاهات الجديدة، فغالباً ما نظر إلى الأعمال الأدبية «باعتبارها أعمالاً فكرية ذات بعد تاريخي أكثر، نظر إليها كأعمال أدبية». لقد نظر إلى هذا النص الروائي «كسرد حادثة ذات صبغة تاريخية حضارية، من خلال مجموعة أحداث صغرى تتعاقب في الزمن، وأنها بداية ونهاية، وكذلك مساءلتها كنص ذي بناء ووظائف، أي النظر في البنية والشكل ومحاولة فهم معنى النص من خلال شكله»( ).
استملح الصالحي التبسيط، وقصر استخدامه في التحليل السردي على جوانب دون أخرى، واستعاد وظائف السارد الخمسة، كما حددها جينيت: الوظيفة السردية، وظيفة التوجيه، وظيفة التواصل، وظيفة الشهادة، الوظيفة الإيديولوجية.
وفعل ذلك في درسه لطبيعة المحكي، سواء محكي الأحداث ومحكي الكلام ومحكي الأفكار، ونسب ترسيمة تحدد ثلاثة أنواع ضمن محكي الأفكار، إلى دوريت كوهن "Dorit Cohen”، وهي المحكي السيكولوجي والمونولوغ المستحضر والمونولوغ المسرد، وعندما ننعم النظر في شرحه للمحكي السيكولوجي لطبيعته، وذكر نموذجيه: التنافر والتناغم، نجد أن أمثلة الصالحي كانت من نصوص روائية مغربية مثل «تجاعيد الأسد» لعبد اللطيف اللعبي، و«العشاء السفلي» لمحمد الشركي؛ ولا يتسق هذا مع تحليل نصي محدد هو «قنديل أم هاشم»، وكأن نقده شارح لتقنيات سردية.
إن الصالحي يتعامل مع هذه التقنيات السردية في نقده التطبيقي على أنها تسود المشهد النقدي، فيأخذ من باحثين ونقاد عرب بادروا إلى التعريف بها مثل وليد نجار وعبد اللطيف محفوظ وحميد لحمداني وسيزا قاسم، ولاحظنا من قبل ما يعتريها من تداخل، والأولى أن يعود إلى المصادر الأساسية. ولربما كانت مناقشته للتصرف الزمني خير تمثيل لطريقته في النقد:
1- مهد الصالحي لنقده التطبيقي بشروح عن زمن السرد وزمن الحكاية، من أجل الحديث عن زمن السرد وزمن المحكي في «قنديل أم هاشم»، ثم ما لبث أن أثقل شروحه برسوم وأشكال لا تنفع ولا تضر، شأن الكثيرين المولعين بالشكلية ومجاراة ضروب الادهاش بحجة العلمية ومبالغات ما يسمى بعلم النص.
2- عرض الصالحي أن رهان نقده التطبيقي هو الانتقال من القراءة الطامسة إلى القراءة العالمة، ولا أعرف ما الفائدة من نهاجية تمضي بشكليتها إلى حدود قصوى؟ وكيف تصبح قراءة عالمة مع الرسوم التوضيحية للسرد الأربعة: السرد المتداخل، السرد المتزامن، السرد اللاحق، السرد الاستباقي، ودوائرها وأسهمها وإنهاك البنية السردية بما يؤدي إلى إبهام الدلالة؟ إن المضي إلى القراءة العالمة يفيد الكشف عن الدلالة، وما حصلنا عليه هو تناثر الدلالة في تحليل شكلي ينغلق على المعنى الشمولي، أو ما يسمى عند الشكلانيين الروس «الأغراض»، وفي هذه الحال يصير الحديث عن تحليل اللعبة السردية غاية بذاته، ويحتاج إلى إدغامه في القراءة الشمولية، ولعلنا نأخذ مثالاً لذلك في حديثه عن الوقفة من تقانات السرعة السردية، واذكر هذا المثال عن «التردد المفردي» برمته، ولنلاحظ أنه منقطع عن مدى التحليل الشمولي باتجاه الوصول إلى «الأغراض»:
«التردد المفردي، وهو عكس التعددي، وفيه نذكر مرة واحدة ما حدث مرة واحدة، ويبرز خاصة في بداية النص حيث يفصل الكاتب المشهد العام للرواية قبل الدخول في تفاصيل الحكاية:
«... فما كاد يرى ابنه الأكبر يتم دراسته في الكُتّاب حتى جذبه إلى تجارته ليستعين به..».
«.. ولكن الشيخ رجب سلمه بقلب مفعم بالآمال إلى المدارس الأميرية..».
«ومال الرجل للفتى واختصه بحنانه، هذا الحنان هو الذي حمله ذات ليلة على الإفضاء إليه بسر لم يُفض به إلى أحد غيره...».
وكلما تقدمنا في قراءة النص، قلّ التردد المفردي وكثر التردد التعددي»( ).
وقد دافع الصالحي عن طريقته في خاتمة بحثه، بقوله أنه «لا يكفي أن نعرف ماذا قال يحيى حقي في قنديل أم هاشم، لكن المطلوب والضروري، أن نعرف كيف قال. والسؤال عن الكيف يدفع إلى، وضع اليد على التقنيات السردية الموظفة، من غير وعي غالباً»( )، أما سؤالنا فهو أن السؤال عن الكيف ينبغي أن يكون غائياً في النقد التطبيقي، لأن النقد في أساسه وطبيعته ومرتجاه: قراءة وظيفية للكشف عن المعنى.
ويندرج كتاب سعيد الحنصالي «بداية ونهاية: قراءة وتحليل» (1995) في الإطار نفسه لشغل محمد الصالحي، فالكتاب يتبنى نهاجيات الاتجاهات الجديدة، نفوراً من «قراءة انطباعية عفوية»، واشتغالاً على «قراءة تدعي أنها تتبنى حداً أدنى من شروط العلم: قيام التحليل على بنية مفهومية، ثم انسجام هذه البنية مع أوضاع النص اللغوية والتعبيرية والجمالية والمعرفية. السؤال الذي ألح علينا قبل وأثناء هذا التحليل هو: كيف نمارس القراءة بوعي أداتي منهجي؟»( ).
وانسجاماً مع هذه النهاجية الجديدة، أعلن الحنصالي أنه اختار الوجهة التحليلية التي تراعي الشكل والمحتوى والوظيفة، وقسم كتابه تبعاً لذلك إلى:
• ما قبل النص، ويتضمن مدخلين، مدخل تعريفي، ومدخل تأطيري.
• البنيات، ويدرس فيها: البنى الكبرى، البنى الفوقية، بنيات التحول.
• الوظائف، درس فيها السياق التواصلي التداولي للنص.
• المكونات: ودرس فيها الزمان والمكان والمنظور.
• الموضوعات.
• خلاصة تركيبية.
غير أن الحنصالي، وهو يستعين «بالعديد من المفاهيم الجديدة التي تنتمي إلى نظرية الخطاب ونظرية السرد، والتي تفسح مجال التعرف على الداخل النصي وخارجه وفهمه بالشكل الذي يوافق سياقه الاجتماعي والنفسي والتاريخي واللغوي وكشف المكونات الأساسية للخطاب وتفكيكه بنيوياً ودلالياً وتداولياً»، لا يخفي عنايته بالشكل بالدرجة الأولى، فهو ضروري و«ناقل لما يتضمنه النص من محتويات ومعارف ومرتبط بها، وإن مقاربة هذا الشكل لا يمكن أن تتم دفعة واحدة، لأن عناصر العمل متراكبة»( )، وهذا يعني أن الحنصالي مهتم بالتحليل النصي كما أوضح بنفسه: زمن الخطاب، مضمون الخطاب، مقاصد الخطاب، صياغة الخطاب، متلقي الخطاب.
وضع الحنصالي مدخلاً تعريفياً لمفاهيم الرواية التي آلت مع الاتجاهات الجديدة إلى خطاب سردي مرتهن لتطورين: «تطور طبيعي محكوم بقوانين التكون وتطور نصي يتلاعب بهذه القوانين وتحكمه الفوضى. هذا التلاعب بالدلائل هو الذي يؤدي إلى التباسها وكثافتها داخل النص الأدبي»( )، ثم ألحقه بمدخل تأطيري عن نجيب محفوظ والواقعية ومبدأ الاحتمال السردي، ومكانة «بداية ونهاية» في تطور كتابته الواقعية الاجتماعية الكلاسيكية، وكان الأنسب أن يسميها «واقعية نقدية»، لأنها كذلك، بينما يعتري هذا التصنيف خلل في نسبتها بين الكلاسيكية والواقعية، فالكلاسيكية (الإتباعية) سابقة على الواقعية، ومتميزة عنها.
ولدى مقاربة النص ودرس بنياته، استعاد شروح نقاد علم النص وشعرية السرد، ولا سيما فان ديك وجيرار جينيت، لمعالجة الحكاية من خلال الغلاف والعنوان، والخطاب من خلال البنى الفوقية والخطاطة السردية الكبرى للنص، والخطاطات المتفرعة، وبنيات التحول، ونلاحظ هنا استغراق الحنصالي، شأن الصالحي، في شكلية لا يسهل إدغامها في البنية الدلالية، ما دام يحرص على «ما ينقله النص» بجلاء. وهذا مثال لذلك مأخوذ من تحليله لإحدى بنيات التحول:
«من حالة مُرضية إلى حالة غير مرضية (أو العكس) حسن: حالة مرضية: ما قبل الانحراف. الرغبة: اختراق جدار الفقر.
العائق: غياب إمكانية العمل.
إمكان الرغبة: العمل (مغني، فتوة).
التحول: تجارة المخدرات.
المصير: الهروب.
من الصعب هنا التمييز المطلق بين حالة مرضية وأخرى غير مرضية، لأن أي واحدة منهما هي كذلك بالنسبة لحالة سابقة، فحالة حسن مرضية عند موت الأب بالنسبة لما سيأتي من انحراف، وغير مرضية بالنسبة لما سبق من تمرده على الأسرة وعدم الرغبة في الدراسة أو العمل»( ). ومما يجدر ذكره أن هذا هو نموذج جينيت، وبالنسبة لفان ديك فقد أخذ عنه، في تحليله للوظائف، السياق التداولي أو النص كفعل كلامي، وفيه مقاربة أفضل للدلالة، عوداً على البنية العميقة للنص، بوصفها «بنية تحولية تعكس كيف يواجه الأفراد قدرهم ومصائرهم، ويحاولون تغييرها انطلاقاً من مجمل الأفعال التي يمارسونها، والتي تمثل الطبيعة التكوينية للغة: التواصل ضمن مجال إنساني اجتماعي اقتصادي»( ).
أما الموضوعات، فقد اعتمد الحنصالي على نقاد المنهج الموضوعي، طلباً أعمق لدلالية النص، وهو استدراك مفيد، لولا انفصامه عن الآليات والطبيعة المنهجية لنقاد علم النص وشعرية السرد. ومن نافل القول، أن نشير إلى أن المنهج الموضوعي يلبي ما ينشده الحنصالي من تحليليه السردي دون اللجوء إلى مثل هذا التلازم المنهجي. ولعل الاستخلاصات التي أوردها في خاتمة بحثه ناتجة عن استخدامه للمنهج الموضوعي، بأفضل مما فعل في الاستغراق الشكلي.
إن نقد الحنصالي التطبيقي مثال للولع بالاتجاهات الجديدة، وللحيرة المنهجية، التي تجعل من هذا النقد باحثاً عن صوته، على أن هذا البحث سبيل لابد منه من أجل الهوية والاستقلال الفكري.
ولعل استعراض بعض الدراسات النقدية التطبيقية خلال السنوات الأخيرة يوضح مدى الأخذ بالاتجاهات الجديدة ميلاً أكبر وانتشاراً أكبر، ففي كتاب «مكونات السرد في الرواية الفلسطينية» (1999) ليوسف حطيني (فلسطين) انطلاقة واضحة من عناصر السرد الروائي، وهي بعض مكونات علم السرد وتوثيقها مع النقد القصصي والروائي السائد مثل بناء الشخصيات ونمذجتها وتصنيفها، والحدث الواقعي والتخيلي، والحوافز المشتركة والحوافز الحرة، والفضاء الروائي (المواصفات والمكونات والوظائف)، والزمن الروائي، واللغة في مستوياتها المجازية والاجتماعية والرؤيوية والإيقاعية، والتناص.
واعتمدت أمينة رشيد (مصر) في كتابها «تشظي الزمن في الرواية الحديثة» (1998) على التقسيم الباختيني «بين مبدأي المعمار L,archite ctonique والإنشاء La composition للرواية، يمثل المعمار المبدأ الشكي التأسيسي للرواية الذي يحكم بنيتها الفنية، وقيمتها الجمالية، بينما يقوم الإنشاء على إبداع وتنظيم وترتيب التقنيات التي تحقق إنجاز هذه البنية المعمارية»( ).
واستخدم مراد عبدالرحمن مبروك (مصر) في كتابه «بناء الزمن في الرواية المعاصرة» (1998) مصطلحات النقد الموضوعي، ولوّنها ببعض مفاهيم الشكلانيين الروس وخلاصات علم السرد لدراسة مفهوم الزمن في قضاياه الرئيسة: الترتيب والتتابع والتواتر والدلالة.
وتبنى صالح سليمان عبدالعظيم (مصر) إلى حد كبير التحليل البنيوي التكويني في كتابه «سوسيولوجيا الرواية السياسية» (1998)، مثل البنية الدالة، والوعي الفعلي والوعي الممكن، ورؤي العالم بين الرواية والواقع والأديب، وهي مصطلحات مستمدة من مناهج: الشكلانيين الروس والبنيوية، والبنيوية التكوينية.
وتعمق خيري دومة (مصر) في منهجية الاتجاهات الجديدة في دراسته التطبيقية «تداخل الأنواع في القصة المصرية القصيرة 1960-1990» (1998)، وحاول تفسير تطور الأنواع القصصية فيما يشبه التمرد على الشكل الدرامي للقصة القصيرة بتقاليدها الكلاسيكية ومجاوزتها لاستيعاب الغنائية بما هي أدوات شعرية كالإيقاع والمجاز من جهة، وإدراج الأشكال السابقة كاللوحة والنجوى والحكاية في نسق سردي جديد، والتفاعل مع الأشكال والأجناس الأخرى مثل الرواية والقصيدة والمشهد الدرامي والحكاية والمقال من جهة أخرى، واستخدم دومة في محاولته تحليلات النص لا تحليلات النوع، حواراً بين النص المفرد والنوع الجامع، مازجاً بين النقد التقليدي والاتجاهات الجديدة وما أعطته لعلم السرد عند الشكلانيين الروس وبارت وجينيت وتودوروف وغيرهم.
وأظهر سليمان حسين (فلسطين) ميلاً كبيراً للأخذ من الاتجاهات الجديدة وتوفيقها مع الاجتماعي والسياسي في الخطاب الروائي في كتابه «مضمرات النص والخطاب: دراسة في عالم جبرا ابراهيم جبرا الروائي» (1999)، فقد درس روايات جبرا من خلال النص وبنيته، أو ما سماه هيكلية النص، وأفرد التحليل للمكان والسرد والحوار والحدث الروائي والشخصيات واللغة الروائية والتصوير الروائي، فيمتزج التحليل بأدوات النقد القصصي والروائي التقليدي السائد مع معطيات كثيرة لعلم السرد، داعياً إلى منزع تكاملي في دراسة النص الروائي.
4- ملاحظات ختامية:
يفيد نقدنا للنقد التطبيقي المتأثر بالاتجاهات الجديدة الملاحظات التالية:
1. لانقع على ناقد يأخذ كلياً باتجاه أو آخر.
2. يعسر علينا أن نفصل بين النقد النظري والنقد التطبيقي، إذ يجمع غالبية النقاد بينهما، على تباين في المستوى والتوجه.
3. غلب على النقاد الآخذ بالاتجاهات الجديدة المتصلة بالبنيوية وما بعدها، بينما ضعف تأثير الاتجاهات الجديدة المتصلة بالعلوم الإنسانية كالنقد النفسي والاجتماعي.



الفصل الثامن
منزلة الاتجاهات الجديدة
إزاء بعض المشكلات النقدية والفكرية

1- منزلة الاتجاهات الجديدة إزاء بعض المشكلات النقدية:
بدا جلياً خلال السنوات الثلاث الأولى من حكم غورباتشيوف أن المتغيرات قد عصفت بكل شيء، ولا سيما النظرية والأيديولوجيات برمتها، وكنت قد نشرت عام 1989م مقالة عن «التفكير الأدبي العربي وآفاق التسعينيات» وجدت فيها أن المتغيرات قد مست «في عواصفها الشديدة جذور التفكير الأدبي العربي المغالي في تبعيته، والمغالي في أوهام تنظيره، والمغالي في قبليته، فقد انكشفت أوهام كثيرة، ومتابعة وعي الذات في هذا البحران الهائج هي السبيل إلى هزيمة الأوهام الأخرى»( ).
ولعل من السخرية أن يقرن حديث المتغيرات في ميادين الأدب والثقافة بحدث سياسي في بلد ما، غير أن واقع الحال وتطور حركة الأدب العربي الحديث يؤيد ذلك تماماً، لأن التفكير الأدبي العربي الحديث منذ الخمسينيات مرهون بتحكميات سابقة على التجربة الأدبية وخارجة عنها، مظهرها القبليات المتعددة، وباعثها نزوعات النظرية والأيديولوجيات المختلفة التي غالباً ما أضيفت إلى المبدعات الأدبية والفنية من خارجها، فاحتدمت الساحة الثقافية العربية غالباً بمعارك وهمية أو موهومة، زائفة أو غير أصيلة، وحوكمت المبدعات باسم التحزب أو التسييس أو الالتزام من جهة، أو الشكل والمضمون أو التجديد أو التجريب من جهة أخرى؛ وسادت صراعات «على الهوية» بالتعبير الدارج، أو وفق تصنيفات خارجة عن عمليات الإبداع، وربما كانت معارك الأدب الملتزم الأكثر دوراناً، بل ذهب ضحيتها مبدعون كثر، تهميشاً أو إهمالاً أو خنقاً بطيئاً بفعل الاستعداء أو الاستخذاء أو التقية، مما يجعل حديث المثقف العربي والسلطة أو السلطان أحد أكثر جذور موضوعنا متانة، وهو حديث ذو شجون، ومن المفيد أن نلتفت عنه لنبحث عن ضغوط النظرية أو الأيديولوجيات على حركة النقد الأدبي العربي الحديث، ونتملى تأثير المتغيرات على الإبداع النقدي من خلال تمحيص بعض الأوهام، قاصدين إلى استجلاء منزلة الاتجاهات الجديدة إزاء قضية محددة هي مصطلح الواقعية أولاً، ومصطلح الحداثة ثانياً.
ويلاحظ أنني عالجت هذه المشكلات في إطار النقد بعامة، ونقد القصة والرواية بخاصة، لأنه يعسر علينا أن نعزل النقد الخاص بالقصة والرواية عن السيرورة النقدية العامة حين نعالج قضية من قضاياه:
1-1- وهم الأيديولوجيا أو وهم الواقعية:
سنبدأ الحديث عن وهم الأيديولوجيا أو وهم الواقعية، بتوكيد أن الثمانينيات شهدت انقلاباً في المفاهيم الأدبية مما طبع التفكير الأدبي برمته بطوابع جديدة مفارقة لما ساد من حساسيات أدبية فيما بعد الحرب العالمية الثانية، وإذا كانت عملية النقد الواسعة قد أشارت إلى هذه الحساسيات في مطلع الثمانينيات فإن تأثيرات المتغيرات، أو ما سمي بالبروسترويكا في أول الأمر، قد عجلت في سيرورة هذه الطوابع الجديدة. كان «تغييراً في عمق التفكير»، كما سماه علي عقلة عرسان إثر حضوره ندوة الكتاب السوفييت بمناسبة الذكرى السبعين للثورة (1-3/ 10/1987م)، مما فاجأ مثقفين عرباً كثيرين ما زالوا موهومين بفكر أدبي مسلح بنظريات خاضت معارك ضارية في عقود الخمسينيات والستينيات والسبعينيات في مفاهيم الواقعية والالتزام والتسييس وتكون الاتجاهات والمدارس والهوية والمثاقفة وسوى ذلك من ظواهر وقضايا أضرت كثيراً بالممارسة الناهضة آنذاك.
أجل فاجأت مقالة عرسان( ) الكثيرين بأطروحات جديدة تصاغ بقوة في النظرية الاشتراكية، وهي بالأساس لا تجيب على تعقيدات التفكير الأدبي والتباساته، حتى إن ما سمي بالواقعية الاشتراكية ليس منهجاً بقدر ما هو توجيه رسمي للسلطة الستالينية، فقد ورد هذا التعريف رسمياً في المعاجم الأدبية على اختلافها، في إحدى مواد دستور اتحاد الكتاب السوفييت الذي وضعه أول مؤتمر عام لهذا الاتحاد سنة 1934م، ونص المادة هو: «إن الواقعية الاشتراكية هي المنهج الأساسي للأدب والنقد الأدبي السوفييتيين، وهي تتطلب من الأديب تمثيله الواقع في حالة نموه الثوري تمثيلاً صادقاً. وعلى هذا فإن صدق التمثيل الفني للواقع يجب أن يرتبط بنوعية العمال، وبدعم إيمانهم بروح الاشتراكية».
وكان استخدم هذا المصطلح لأول مرة في الاتحاد السوفيتي سنة 1932م ليعبر عن حركة احتجاج جديدة ظهرت ضد الإنتاج المسرحي والأدبي التقليدي الذي كان يقدمه فنانون غير واقعيين من أمثال ميير هولد (1873 ـ 1943)، وقد كان هذا الكلام مرفوضاً في تلك المرحلة( ).
وفي غمرة الانصياع للنظرية، أغفلت الجوانب الإيجابية للواقعية الاشتراكية كما أظهرها منظروها الكبار مثل جورج لوكاتش وأرنست فيشر وروجيه غارودي مثل التوفيق بين الذاتي والموضوعي، على توهمه كونه يقاس على مثال سياسي، ومثل الفهم الجمالي للوعي التاريخي تمييزاً له من الوعي الزائف، على تزمته كونه بالنتيجة جزءاً من نظرية سياسية حديثة، تفرضها سلطة تعتقد أنه شيء لا يمكنه تحديه( ).
تكشف الصراعات حول الواقعية ذلك المدى الشاسع في تحكم النظرية بالأدب، فبالقدر الذي تشبث فيه دعاة النقد الأيديولوجي وما جاوره بالواقعية وصولاً إلى الواقعية الاشتراكية، فإن الكثرة الكثيرة من المبدعين رأت أن الواقعية هي إفساد الواقع على حد تعبير والاس ستيفنز، ويمثل هذه الكثرة محي الدين صبحي في كتابه «دراسات ضد الواقعية في الأدب العربي»(1980م).
كان أساس الصراع بين هؤلاء المنظرين والمختلفين معهم هو تحرير الخيال العربي من إسار الأيديولوجيات. ثم ارتفع الصوت عالياً في مناهضة التنظير فهو «ليس نقداً ولا بديلاً عن النقد، لأنه لا يستطيع أن يقوم بمهمة النقد في الكشف عن بنية العمل الأدبي وحتى في مضمونه»، مثلما جهر المختلفون «بإلغاء محاكمة (العمل) الأدبي على ضوء المواقف السياسية والأصول الطبقية لصاحبه، والعودة إلى قراءة النص بدلاً من قراءة شجرة العائلة، لأن وعي الأديب يحدد انتماءه أكثر من أصوله الطبقية»( ).
ولعلنا نعود إلى جذر الصراع في الخمسينيات مع كتاب عبد العظيم أنيس ومحمود أمين العالم «في الثقافة المصرية»(1995م)، حين ضحي بالعمل الأدبي، باسم الدلالة الاجتماعية العامة، أو الدلالة الوطنية والسياسية والموقفية للالتزام بالنظرية المادية.
ومن الملحوظ أن قرابة أربعة عقود من الزمن وما شهدته من تطور، بل ما شهدته من عواصف في السبعينيات والثمانينيات على وجه الخصوص، لم تغير من آراء مؤلفيه، وهاهما في الطبعة الثالثة للكتاب (1989م) يقولان: «إننا مازلنا نرى الجوهر الفكري والمعرفي للكتاب ما يزال صحيحاً من الناحية الاجتماعية الخالصة. فما تغيرت وجهة نظرنا في الدلالة الاجتماعية العامة للعمل الأدبي، وما تغيرت وجهة نظرنا في العلاقة العضوية البنيوية الديناميكية بين الصياغة والمضمون، بين القيمة الإبداعية الجمالية والدلالة المعرفية والموقفية. إلا أننا نقر أننا في الكثير من تطبيقاتنا النقدية، كانت العناية بالدلالة الاجتماعية والوطنية للعمل الأدبي تغلب على العناية بالقيمة الجمالية»( ).
لقد مرت مياه كثيرة تحت الجسور وما تزال الممارسة الأيديولوجية باسم الأدب هي السائدة في أمثال هذا الذي يسمى بالنقد. ومن باب التجوز نقول مع عبد الله الغذامي إنه «نقد اللحظة أي أنه حديث المناسبة والظرف الآني، ولم يكن نقداً منهجياً يعتمد على أية نصوصية، وإنما كان يعني بالمعاني الظاهرة للنص مهما كانت ساذجة أو بسيطة، ولم يكن يغوص في الأعماق، أو يطمح إلى دراسة الدلالات الضمنية للنص».( ) ولقد قيل مثل هذا الرأي في نقد محمود أمين العالم الأيديولوجي الذي لم ينفع معه التورط في استعارة لباس النقد الألسني، وهو ما فعله في كتابه «ثلاثية الرفض والهزيمة»(1985م).
هل علينا أن نشير إلى بعض هذه المياه الصافية أو العكرة التي مرت تحت الجسور؟ لتقل إن النقاد الأيديولوجيين، وغالبيتهم شغلوا بالتنظير، لم يروا إلى هذه المياه وهي تتلاطم بالقرب منهم، ما داموا لا يرونها في مظانها، في بلاد النظريات والعقائد. ولنشر إلى جهود بعض المنظرين الأيديولوجيين ممن نقلت أعمالهم إلى العربية منذ أواخر الستينيات، كما هو الحال مع المنظر والمفكر الكبير جورج لوكاتش، إذ ترجم له خلال ثلاثة أعوام أهم أعماله النظرية في الواقعية، وهي: «دراسات في الواقعية»(1970م)، و«معنى الواقعية المعاصرة»(1971م)، و«دراسات في الواقعية الأوروبية»(1972م). بل إن بعض تطبيقات لوكاتش قد نقلت إلى العربية كما في دراسته البديعة «غوته وعصره»(1984م)ناهيك عن تعريب أعمال أخرى كثيرة لا رنست فيشر وروجيه غارودي في أواخر الستينيات، ثم تضاعف جهد التعريف من نقد الواقعية في بلد النظرية الماركسية إلى جذور النظرية الجمالية المادية التي أدت إلى التأكيد على أهمية الفن الاجتماعي، وهذا واضح في مؤلف الناقد الديمقراطي الثوري الروسي تشرنيشفسكي «علاقات الفن الجمالية بالواقع»(1983م). وفي العام نفسه ظهر تعريب كتاب «في سبيل الواقعية» لمؤلفه لافريتسكي عن هؤلاء النقاد الثوريين الروس بيلينسكي وتشرنيتشفسكي ودبروليوبوف الذي يقر بالتناقضات الأساسية للنقد الواقعي فما يخص المجتمع الطبقي أو النمذجة أو التفاؤل المجاني وتعارضه مع العقيدة أو طبيعة الموهبة وفرديتها أو استقلالية مجتمع العمل الأدبي..الخ، وهي تناقضات رافقت نشوء المذهب الواقعي في القرن التاسع عشر، وبدلاً من أن تجد حلولاً تالية لها، نلاحظ أنها تمترست في جدران النظرية وحمى إيديولوجياتها، وفارقت الحياة والواقع لصالح الشعار أو الدعاوي أو الطوبي في أحسن تقويم.
وفي العام نفسه ظهر تعريب كتابين: الأول هو «الواقعية النقدية»(1983م) لبتروف الذي تنفتح فيه الواقعية على النظرية والتاريخ، فليست الواقعية بنت القرن العشرين، ولم تنشأ في القرن التاسع عشر، بل تعود إلى عصر النهضة، ومن هذا المنظور كان للواقعية سيرورتها التاريخية وتشكلاتها الفكرية في واقعيات. وفي «موسوعة المصطلح النقدي»، وفي فصل «الواقعية» على وجه التحديد، وقد ظهرت ترجمته في العام نفسه أيضاً، وهي موسوعة تختلف أيضاً مع دعاة النقد الأيديولوجي ومنظريه، رأى ديمن كرانتأنك تقع على واقعيات بعدد حروف الأبجدية أو أكثر مما ورد ذكره في نقد القرن العشرين مثل: «الواقعية النقدية، الواقعية المستديمة، الواقعية الناشطة، الواقعية الخارجية، الواقعية الجموح، الواقعية الشكلية، الواقعية المثالية، دون الواقعية، الواقعية الساخرة، الواقعية المقاتلة، الواقعية الساذجة، الواقعية القومية، الواقعية الطبيعية، الواقعية الموضوعية، الواقعية المتفائلة، الواقعية المتشائمة، الواقعية التشكيلية، الواقعية الشعرية، الواقعية النفسية، الواقعية اليومية، الواقعية الرومانسية، الواقعية الهجائية الاشتراكية، الواقعية الذاتية، الواقعية فوق الذاتية، الواقعية الرؤوية»( ).
أما الكتاب الثاني «الإبداع الفني والواقع الإنساني»(1983م) لخرابتشينكو، فهو يمثل من زاوية ما انفتاح النظرية على الاتجاهات الأخرى الواقعية وسواها، كالسريالية واتجاهات النقد البنيوي والدلالي واللغوي والتحليل المنظومي للأدب. بينما استكان فهم الواقعية لدى النقاد الأيديولوجيين لدى الحدود الجدانوفية. إنها ليست مفارقة أن رئيف خوري الذي عرب تقرير جدانوف إلى مؤتمر الكتاب السوفييت السيء الذكر «إن الأدب كان مسؤولاً»(1948م)، قد أصدر في أواخر الستينيات كتابه «الأدب المسؤول»(1968م) تيمناً وتمثلاً، وفيه ما فيه من استمرار الانساق النقدية إياها حيث تلعلع عبارات مثل «التوجيه في الأدب» و«نريد نقداً عقائدياً». وليست مفارقة أيضاً أن يستمر النهج الجدانوفي، إذ أصدر جلال فاروق الشريف كتاباً مشبعاً بتأثيرات الجدانوفية المستمرة، ويحمل عنوان تقرير جدانوف نفسه، وهو «إن الأدب كان مسؤولاً»(1978م)، ولا يبتعد كثيراً عن ذلك النزوع ما تصدر واجهات التفكير الأدبي في تلك المرحلة، ومنه ما صدر من مناقشات عن «علاقات السياسة والثقافة»(1986م) التي جمعت في كتاب، تشبث فيه غالبية الكتاب الماركسيين بالفهم الجدانوفي الستاليني للأدب.
ثمة مثال آخر يتبدى في كتاب عبد المعين الملوحي «الأدب في خدمة المجتمع»(1980م)، ففي المقالة التي يحمل الكتاب عنوانها شرح لأفكار جدانوف. ولعل هذا الشاهد يكشف محنة هذا التتبع الأعمى لما يصدره التوجيه الرسمي للأدب. ولنلاحظ أن هذا الشاهد يتناول مأساة شاعرة عظيمة هي أخماتوفا في ظل الستالينية، بينما يسمي الملوحي ذلك جريمة حسب الإعلام السوفييتي آنذاك:
و«المشكلة أن هذا الكتاب ـ يقصد مغامرات قرد لزوتشكينو ـ راج في روسيا ومثل على مسارحها عدة مرات… فلماذا انتشر لو لم يكن هناك ما يدعو إلى انتشاره. أما جريمة أخماتوفا، فهي أنها تتحدث عن حياتها الخاصة، وأنها انبثقت من صفوف الرمزيين، وراحت ترفع لواء الشعر الصالوني الأرستقراطي الأجوف المادة، الذي يمثل نزعة فردية متطرفة في الفن، شعرها شعر امرأة أرستقراطية مدلعة تترجح ترجحاً محموماً بين مخدعها وكنيستها، توكيدها الرئيسي على موضوع الحب الجنسي»( ).
والحق أن الواقعية، تحت وطأة النقد الأيديولوجي، غدت موضة عقدي السبعينيات والثمانينيات مسايرة لهيمنته ومجاراة للسائد فيما يندرج بشكل أو بآخر في الرياء الأدبي، أو توقي النبذ والخسران، فظهر على سبيل المثال كتاب حنا عبود «المدرسة الواقعية في النقد العربي الحديث»(1978م)، وعلى الرغم من النقد الخجول الذي وجه في هذا الكتاب إلى الواقعية حيث «جملة من الأخطاء والتشددات والكبوات والانحرافات كما نجد أحياناً تدنياً في مستوى التعبير، وقلة اتقان للصورة الفنية وبعض الشح في استخدام الأخيلة والرموز»، فإن حنا عبود يرى أن الواقعية «تظل المذهب الأقدر على الانفتاح واستيعاب شتى التيارات والتعامل والتفاعل مع شتى المذاهب والمدارس فتغتني وتغني وتتطور وتطور»( ).
وفي هذا كله مفارقة أخرى، فقد أصدر حنا عبود كتاباً آخر هو «واقعية ما بعد الحرب»(1980م)، أراد أن يكون علامة في تغير النظرة إلى الواقعية من أجل تحديد أعمق وأجدى للواقعية، غير أن نقد هذه الواقعية في الأدب والنقد والشعر، وهو ما فعله الناقد، لا يستقيم مع حديثه عن مذاهب غير واقعية تحت اسم الواقعية، مثلما بدت ملاحظة تأثيره للأزمة العامة التي تعاني منها الواقعية غير أصيلة في إشارته للأيديولوجيا والسياسة والجماهيرية وضعف الاهتمامات الفنية، إنه يتابع ولعه بالواقعية ويجر إلى حظيرتها أدباً لا ينضوي تحت لواء هذا المذهب العريق.
من الواضح أن صنيع حنا عبود لا يختلف عن عشرات الدراسات التي ظهرت في عقدي السبعينيات والثمانينيات عن الواقعية في الأدب العربي الحديث. لنذكر على سبيل المثال الكتب التالية التي تناولت الرواية العربية وحدها مثل: «الاتجاه الواقعي في الرواية العربية الحديثة في مصر»(1981م) لحلمي بدير، و«الواقعية في الرواية العربية السورية»(1980م) لفيصل سماق، و«الاتجاه الواقعي في الرواية السورية»(1987م) لسمر روحي الفيصل، و«الرواية المغربية ورؤية الواقع الاجتماعي»(1985م) للحمداني حميد…الخ.
وفي هذا المدار سنتوقف عند إلماحات أخرى نلاحظ فيه سطوة النقد الأيديولوجي الذي طوّر إلى حد ضئيل دراسة الواقع، ثم تلون في الثمانينيات بتلوينات الاتجاهات أو المذاهب النقدية الأخرى، وربما كانت دراسة لحميد حمداني، وهي بنيوية تكوينية، الأكثر اعترافاً «بسياقية الجدل الروائي وسياقية الجدل الاجتماعي»، كما يقول محمد الكتاني في مقدمة الكتاب، فقد تطور النقد الأيديولوجي إلى توازن بين المنهج اللغوي والمنهج الاجتماعي، فاندغم «مستوى البنية الفنية بمستوى العلاقة مع الواقع باعتبارها مكوناً للرؤية الأيديولوجية»( ).
أجل لقد أثار عقد الثمانينيات على وجه الخصوص حساسيات جديدة في التفكير الأدبي العربي، ومن أبرز هذه الحساسيات، كما لاحظنا، ذلك التغير الواضح في المفاهيم النقدية ولا سيما الاتجاهات والمذاهب الأدبية ومدى تعبيرها عن حركة الأدب العربي من جهة، ومدى إسهامها في تطوير الإبداع العربي من جهة أخرى، ولا شك أن أهم هذه المفاهيم هو مفهوم الواقعية فيما بعد الحرب العالمية الثانية. فمنذ مطلع الخمسينيات، وما تزال العبارة التقليدية متواترة حتى نهاية الثمانينيات: إن المسألة تدور حول الواقعية. وحتى وقت قريب صار هذا المفهوم إلى مرتكز لفهم الأدب وحزبيته وطبقيته، بل امتدت إلى تعبيراته الفنية كالشكل والمضمون والنمذجة، والانعكاس أو التمثيل… الخ.
وقد لاحظنا أن المتغيرات العاصفة في الثمانينيات هي وحدها التي حدت من التطبيق المباشر والميكانيكي على نشوء الاتجاهات الفنية وتطورها لمفاهيم الأدب العربي مما لا يوافي طبيعة الأدب العربي الحديث وتكون أجناسه واتجاهاته. وبتأثير الطغيان الأيديولوجي، ممثلاً بالنقد على وجه الخصوص، على التفكير الأدبي العربي في الخمسينيات والستينيات، احتل المذهب الواقعي موقع الصدارة في المفاهيم النقدية المتداولة، فاستخدم غالباً كسيف انكشاري في وجه من لا يعتقدون بها، أو من لا يرون جدارة نسبتها إلى هذه التجربة أو تلك. وليس من المفيد أن نستعيد الذكريات المريرة للمعارك النقدية الجائرة بحق مبدعين وبحق إبداع لا يقاس بمسطرة المؤدلجين والنظريين المتحزبين, وإذا كانت هذه المعارك قد سميت بتسميات لطيفة في مطلع السبعينيات كالرأي والرأي الآخر، فإن الحال لم تكن كذلك في الخمسينيات والستينيات، حيث أخضع الأدب لممارسة الخطاب السياسي والعقائدي التي سربلت في تلافيفها طبيعة الأدب ووظائفه غير المباشرة بوصفها تخييلاً ضمن أنساقه المعرفية والفنية.
لقد أشرنا إلى إسهامات نقدية كثيرة ظهرت في ميادين النقد الأدبي العربي الحديث منذ منتصف الستينيات باحثة «عن واقعية بلا ضفاف» ـ بتعبير روجيه غارودي ـ ومتجاوزة الاختلاط بين الممارسة الأدبية والممارسة السياسية العقائدية، وأعيد النظر في مفهوم الواقعية وجذورها التاريخية، كما في كتاب صلاح فضل «منهج الواقعية في الإبداع الأدبي»(1978م)، في إطار تلك الجهود النقدية والنظرية المعرّبة والمؤلفة إلا أن غلاة المنظرين الأيديولوجيين ضيقوا الواقعية إلى مجرد فكرة في موازاة العمل الأدبي، ولعل الإشارة إلى كتاب نبيل سليمان وبوعلي ياسين «الأدب والأيديولوجيا في سورية»(1974م)، تفصح عن هذا المآل بصورة أكثر جلاء، فقد رفض هذا الكتاب رفضاً قاطعاً من غالبية المبدعين والنقاد في سورية ممن تناولتهم سطوة الأيديولجيا ومسطرة التنظير وسلاح النظرية والعقيدة وسواهم، وقد فعل مؤلفاً الكتاب، بالإضافة إلى محمد كامل الخطيب، خيراً حين جمعوا بعض ردود الفعل الناجمة على هذا الكتاب بأقلام هاني الراهب ومحمد عمران وزكريا تامر ورياض عصمت وغيرهم، وثمة مبدعون كثر تجاهلوا الكتاب بالصمت أو التعتيم، لأنه برأيهم لا يستحق مجرد التعليق، ولنقرأ بعض العنوانات الناقمة مثل: «عندما تخلو الأيديولوجيا والأدب من الأيديولوجيا والأدب»، و«جدانوف عربي»، و«الفهم الميكانيكي للأدب الأيديولوجي»، و«حكي الأدباء الأصفار»، و«مشانق الأيديولوجيا تلتف حول أعناق الأدباء السوريين». وبلغت النقمة حداً لا يخفى عند المبدعين الذين من المفترض أنهم ينتمون إلى هذا المذهب، فقد كتب شوقي بغدادي نقده تحت عنوان: «محاولة رائدة هامة ولكن». ولا بد أن نشير إلى أن نبيل سليمان حتى مطلع الثمانينيات قد ضيق المفهوم الواقعي وضيق النقد الأيديولوجي إلى منتهى حدود التضييق، ليس في الكتاب السالف وحده، بل في نقده للنقد الأدبي في سورية وللرواية السورية في كتبه: «الرواية السورية»(1983م)، و«النقد الأدبي في سوريا ـ الجزء الأول»(1980م)، و«مساهمة في نقد النقد الأدبي»(1983م). لقد تفاوتت مواقف النقاد الأيديولوجيين كثيراً تحسساً مبكراً لهذه المتغيرات، أو تزامناً معها، أو رضوخاً لمنطقها الجديد، ويعد نبيل سليمان ويمني العيد من النقاد الأيديولوجيين الذين استشرفوا المتغيرات منذ مطلع الثمانينيات، بينما كان محمود أمين العالم نموذجاً للنقاد الأيديولوجيين الذين دهمتهم المتغيرات، وحاولوا مجاراتها دون جدوى.
ثمة بون شاسع بين نقد السبعينيات عند نبيل سليمان ويمني العيد ونقد الثمانينيات وما تلاها، وسع نبيل سليمان فهمه للواقعية بعد قرابة عقد من ممارسته للنقد مع كتابهالمشترك «الأدب والأيديولوجيا في سورية»، وتلمس مثل هذه الرحابة في فهم الواقعية لدى منظري الماركسية بالدرجة الأولى في كتابه «أسئلة الواقعية والالتزام»(1985م)، ثم توضحت مثل هذه الرحابة في كتابيه: «وعي الذات والعالم ـ دراسات في الرواية العربية»(1985م)، و«في الإبداع والنقد»(1989م). وفي هذين الكتابين يعرف نبيل سليمان بأمرين، سينقلانه فيما بعد مع هذين الكتابين إلى نقد يختلف إلى حد كبير أو قليل مع النقد الأيديولوجي الأول، الأمر هو تغير النظرة إلى مناهج الفكر النقدي الحديث وإلى توظيف تلك المناهج في نقدنا، والثاني هو تقليص أو انتفاء تلك النظرة الوثوقية واحتكار المرجعية الفكرية حين أكد على أن ما يقدمه يحتاج إلى المزيد من الإغناء والتدقيق، ثم تعلل بمحدودية الجهد الفردي أيضاً، أما آخر كتاب في هذا المسار لنبيل سليمان وهو «فتنة السرد والنقد»(1993م)، فهو تكريس للاختلاف مع المرجع القديم، لأنه يحفل أساساً بالسرد وفتنته، أي بتجليات الشكل بالدرجة الأولى. وهكذا انتقل نقده من خارج العمل الأدبي وسطحه إلى داخله وإلى أعماقه وشبكة علاقاته المعقدة.
وعجلت يمنى العيد إلى تغيير موقعها بتأثير النقد البنيوي التكويني الذي سعى إلى تطوير النظرية لعلاقات النص البنائية والشكلية. كان كتاب يمنى العيد الأول، بعد كتبها التعليمية، هو «ممارسات في النقد الأدبي»(1975م)، وفيه اقتراب من المنهج البنيوي التكويني على استحياء في بعض دراسات الكتاب، ولكن كتابها التالي «الدلالة الاجتماعية لحركة الأدب الرومانطيقي في لبنان بين الحربين العالميتين»(1979م)، تساؤل حائر ومترددد حول تغير مضامين الأدب وأشكاله وكيفية هذا التغيير، ثم انحازت إلى أثر الواقع الاجتماعي في الأدب، أو تحويل النقد إلى بحث عن الدلالة الاجتماعية التي يحملها الأدب، ولا يغير من ذلك سعي الناقدة للبرهنة على كون الأدب أثراً ينتجه الواقع الاجتماعي، وذلك بتحديد، ربما أكثر وضوحاً ودقة علمية، لأثر هذه العلاقة الإنتاجية في شكل القول وصوره وعالمه»( ). ثم لازمت هذه الإنفتاحات النقدية على مناهج حداثية كتابها «في معرفة النص»(1983م)، لتنتج بعد ذلك، ثلاثة كتب نقدية هي أقرب إلى المنهج البنيوي منها إلى أي منهج آخر، كما في: «الراوي الموقع والشكل»(1986م)، و«تقنيات السرد الروائي في ضوء المنهج البنيوي»(1990م)، و«الكتابة تحول في التحول» (1993)، وفي الكتاب الأخير ميل واضح إلى الشكلانية، بل إن بعض مقالاته تغوص في النقد التأثري أو الانطباعي الذي عماده تفتيق اللغة عن اللغة في جمالية لفظية أو وجدانية.
غير أن محمود أمين العالم حاول مجاراة التغيرات دون جدوى. كان من الصعب على ذلك التكوين الميكانيكي والشعاراتي والسطحي لفهم الأدب أن يتبدل على الرغم من النوايا أو سواها. دخل العالم إلى النقد الأدبي في مطلع الخمسينيات مستنداً إلى النظرية، وجبه الحياة الثقافية بإجاباته الجاهزة لقضايا الأدب والنقد من الجدانوفية والستالينية وصوت الشعارات السياسية الطنان، وتلك هي حصيلة كتابه المشترك الشهير «في الثقافة المصرية»، وفي العقود التالية توفر العالم على النقد الأدبي في غمرة مشاغله الفكرية والسياسية، فكتب من منظورات أيديولوجية أخف وطأة كتابيه: «تأملات في عالم نجيب محفوظ» (1970)، و«توفيق الحكيم مفكراً فناناً» (1983)، وجهد نفسه ما وسعها الجهد، فاستخدم النقد الألسني بروحية النقد الأيديولوجي القديم في كتابه «ثلاثية الرفض والهزيمة» (1985).
ومن اللافت للنظر أن كتاباً مؤخراً صدر للعالم يعود فيه بجلاء إلى مواقع النقد الأيديولوجي الذي مارسه وسواه، وكان موضع نقمة كبيرة، هناك مقالتان في كتاب «مفاهيم وقضايا إشكالية» (1989)، تبعثان على الأسى، وتشيران إلى بؤس ذلك النقد الأيديولوجي، وهاتان المقالتان هما: «ملاحظات حول نظرية الأدب وعلاقاتها بالثورة الاجتماعية» و«الجذور المعرفية والفلسفية للنقد الأدبي الحديث والمعاصر». وليس بذي طائل أن نورد شواهد لمثل هذا البؤس. ونلمس رحابة العالم في التعامل مع نقده الأيديولوجي في كتابه «أربعون عاماً من النقد التطبيقي» (1994).
وفي فترة الثمانينيات نفسها تلمس نقاد آخرون دروب الإبداع ودروب الواقعية في غير النقد الأيديولوجي وهيمنته الطاغية، مثلما فعل فيصل سماق في كتابه _4الواقعية في الرواية السورية» في وقت مبكر، فكان النزاع إلى انبثاق الاتجاه الفكري والفني من النصوص نفسها، وسيعلن ناقد على سبيل المثال، صراحة، خلافه ليس مع منهج النقد الأيديولوجي فحسب، بل مع نتائجه في دروس الواقعية، كما فعل سمر الفيصل في كتابه آنف الذكر «الاتجاه الواقعي في الرواية السورية»، ولا سيما ملاحظته الجديرة بالتأمل والنظر: «أما الرواية الواقعية في سورية فأمرها مختلف جداً، إذ لم تتأثر بالمنهج الفني للواقعية النقدية أو الاشتراكية، ولم يكن لها تاريخ تستفيد منه. لهذا السبب بدت صورتها اقتطافية، امتصت الأفكار الاشتراكية عن العمال والفلاحين والمظالم والاستغلال من الشارع السياسي الذي تبني هذه الأفكار، ومن العقيدة الماركسية التي فسح لها الشارع نفسه مكاناً محدوداً تعمل فيه. وقد استفادت الرواية الواقعية في سورية خلال تاريخها القصير من الرومانتيكية والكلاسيكية والطبيعية والتعبيرية، لكن تأثرها الفني لم يكن منظماً، وإنما كان عشوائياً إلى حدًّ من نمو العناصر الواقعية فيها»( ).
وضمن هذه الرحابة في فهم الواقعية بتأثير المتغيرات، اكتفي في هذا المجال بذكر شيء من هذه الحالة في سورية، أعيد تقويم مبدعين كثر طالما غمط إبداعهم تحت سطوة النقد الأيديولوجي مثل وليد إخلاصي وأديب نحوي وحيدر حيدر وعبد السلام العجيلي وزكريا تامر، فالتفت النقد الأيديولوجي بتلويناته الجديدة، أو المتأثر بالمتغيرات إلى هؤلاء الأدباء الذي تجاهلهم، أو أهملهم، أو عاداهم، عداء صريحاً ومعلناً أو مبطناً، فقد كانوا برجوازيين وبرجوازيين صغاراً وممثلي الإقطاع والرجعية، أو كانوا عدميين تجريبيين حداثيين منقطعين عن جذورهم وعن جمهورهم وعن طبقتهم.
ثم شهدت أواخر الثماينيات أبحاثاً وكتباً نقدية عن هؤلاء الأدباء بالذات في أضواء جديدة مثل عبد الرزاق عيد في كتابه «عالم زكريا تامر القصصي. وحدة البنية الذهنية الفنية في تمزقها المطلق» (1989). وأحتفي من جهة أخرى بكتاب أمثال وليد إخلاصي وعبد السلام العجيلي في الدوريات الأدبية الماركسية وفي الاحتفالات الثقافية بحجة أنهم أصبحوا قريبين من دائرة الأدب الوطني ودائرة الواقعية في الوقت نفسه، فما الذي تغير؟ لا شك أن هؤلاء الأدباء لم يتغيروا، والأصح أنهم رسخوا ممارستهم الأدبية بوعي حاد بالنظرية الأدبية حسب مفاهيمهم ونظراتهم الفكرية وما يتطلبه شغلهم الفني، كما هو الحال مع العجيلي وإخلاصي وتامر وحيدر. إن الطبيعي هو التغير في الاتجاه نفسه، لا الانقلاب على الثوابت.
لربما كان التفكير الأدبي لهذه الجماعة أو تلك، لهذا المنهج النقدي أو ذاك، هو الذي قارب المواقع الفنية والأيديولوجية لهؤلاء المبدعين لا العكس، وعلى هذا الأساس نفهم انخراط بعض هؤلاء المبدعين في كتابه الرواية التسجيلية أو كتابة رواية التأرخة التي تقرّب مفهوم الرواية الواقعية أو الملحمية من الرواية التاريخية، وهذا واضح في أعمال نبيل سليمان وخيري الذهبي وحنا مينه وعاصم الجندي وغيرهم.
هل تغير مفهوم الواقعية، وهل تغيرت النظرة إلى الاتجاه الواقعي؟ إن الإجابة على ذلك تتطلب بحثاً أكثر استقصاء، وشمولاً، ولكن الأشارات التي قدمناها تمهد لمثل هذا البحث.
إن أفول الواقعية بدأ في مطلع الثمانينات، ويسجل كتاب وائل بركات «الواقعية الاشتراكية- المغامرة والصدى- دراسة مقارنة» (1997) ذروة النقد في هذا الاتجاه.
ومن الملحوظ أن حساسية أدبية جديدة في فهم الواقعية تكاد تشكل قطيعة معرفية وفنية مع التراث النقدي الذي ساد طويلاً في الأدب العربي الحديث، ومثل هذه الحساسية الأدبية الجديدة على أنها ليست مذهباً معزولاً عن التجربة الأدبية يطبق برمته على مسار ونصوص قد لا تقبل مثل هذه الأنظمة المعرفية والمنهجية، ثم جرت إعادة نظر في معالجة تطور الأجناس الأدبية ضمن تاريخها وعلاقته بصراع الأفكار وانبثاقه من تقاليده الثقافية العريقة، فالواقعية عناصر قائمة في كل تجربة أدبية قديمة أو حديثة... الخ.
إن تغير النظرة إلى الواقعية بدأ مع الإقرار بصعوبة تطبيق مصطلح مجرد على تجربة أو تجارب أدبية محلية معنية في خصوصيتها، وكانت بوادر هذه النظرة مع توسيع استخدام مصطلح الواقعية الذي اختلط، وما يزال مع اتجاهات أخرى كالتعبيرية والانطباعية والتأثيرية، ثم طبعت هذه النظرة بطوابعها الاعتراف بالواقعيات الجديدة. الخ، فأطلقت الواقعية التعبيرية على أعمال لغادة السمان وزكريا تامر، وعرفت واقعية عبد السلام العجيلي بالنقدية لاحقاً... وهكذا، إن الواقع الأدبي، والنقد المتصل به، يحتدم بالصراعات تحت وطأة المبتغيرات الهائلة التي عصفت بالممارسة الأدبية، وأثرت أيما تأثير على وجدان الأديب. وقد جرى التحذير دائماً من الجدانوفية وآثامها في تاريخ الواقعية، وتكشف الحساسيات الأدبية الجديدة في التفكير الأدبي العربي عن البضاعة الجدانوفية الكاسدة بمظاهرها المختلفة، مثلما تعلن عن بوادر تفكير أدبي جديد، أشرنا إلى بعض ملامحه إزاء قضية واحدة هي الواقعية.
1-2- وهم الحداثة أو وهم المثاقفة:
صارت الحداثة إلى هوس في الإبداع العربي الحديث، وفهمت، حتى وقت قريب، على أنها الاقتداء بالغرب وتمثل التقليد الغربي، وكانت الأطروحة المركزية للنقد الأدبي العربي الحديث منذ مطلع الخمسينيات هي التطلع إلى نقد حديث، فاختلط مفهوم حديث بمفاهيم مجاورة مثل «جديد»، وعومل «القديم» في مراحل متعددة على أنه نقيض «الحديث»، واقترنت «الحداثة» بنقض «الماضي» حتى بلغ النقض حد القطيعة مع «التراث»، مادام التراث من ذلك «الماضي». وهكذا أنجب الموقف من الحداثة تيارين هما الأبرز في مسار النقد الأدبي العربي الحديث، الأول المحافظة. في وجه الحداثة على انها مروق عن الأصول وهدم للقديم، وتشبث المحافظون منوقت لآخر بمواقعهم جهلاً أو تعصباً أو تخلفاً عن مواكبة العصر، ويعد موقفهم لدى غالبية ممثليه استمراراً لذلك الصراع الأبيد بين القديم والجديد.
ويكشف كتاب محمد الكتاني الكبير «الصراع بين القديم والجديد في الأدب العربي الحديث»(1983م) تاريخاً طويلاً متعثراً وباهظ التكاليف لتردي النقد العربي الحديث في وهدة الإعاقة الذاتية، فكان أن جرى عصر النهضة، وهو عصر التحولات العظيمة، من الانفتاح والحركة والتحديث. إنه تاريخ مليء بالإحباط واليأس والخيبة، ولكنه يعج أيضاً بالحركة بالثقة والأمل، فقد طال الصراع بين القديم والحديث شؤون التأصيل والتحديث جميعها في قضايا الأدب والنقد كالوعي والهوية من خلال الصراع حول العامية والفصحى، أو الصراع حول قضايا الشعر، أو الصراع حول مناهج الدراسة الأدبية وتقويم التراث، وفي العقود الثلاثة الأخيرة، الصراع حول تشكل الأجناس الأدبية، أو الصراع حول المذاهب في ظل التبعية، أو اتصال الصراع بأنماط الحياة وأشكال الوعي الأخرى.
وفي آخر كتاب حول القديم والجديد، جمع محمد كامل الخطيب نصوصاً من فكر النهضة حول مقدمات مسألة القديم والجديد، ومشكلة كتاب في الشعر الجاهلي مثالاً للمعارك الفكرية حول القديم والجديد، وقضية الطربوش أم القبعة إشارة إلى تواصل الصراع بين الأدب والحياة أو تعبير الأدب عن الحياة. لا يضيف كتاب الخطيب «القديم والجديد»(1989م) إلى جهد الكتاني كثيراً، ولكنه، يعطي انطباعاً مستمراً عن ضغط دعاة القديم ضد الجديد، أو ضد الحداثة، لا فرق.
أما التيار الثاني فهو نابع من التيار الأول، ويعنى بالتراث أو بالتقاليد الثقافية والأدبية والنقدية، فكان درس التراث المعمق ومكانته الكبرى في تحقق الذات والتأصيل عماد التحديث، وثمة مكتبة كاملة لشغل المبدعين والنقاد العرب الحديثين في التراث الأدبي والنقدي من منظورات حديثة، ونذكر منها على سبيل المثال لأهميتها في وعي الذات النقدية العربية كتاب محمد مندور «النقد المنهجي عند العرب» (1944م) وكتاب مصطفى ناصف «نظرية المعنى في النقد العربي»(1965م) وكتاب إحسان عباس «تاريخ النقد الأدبي عند العرب»(1971م) وكتابي جابر عصفور «الصورة الفنية في التراث النقدي»(1974م) و«مفهوم الشعر دراسة في التراث النقدي»(1977م).. الخ.
وفي هذا المناخ المحموم تنامى التفكير النابذ للتراث، لأن الحداثة عند كثيرين لا تكون مع مكونات الهوية بعناصرها الأصيلة أو الخاصة أو الذاتية، بل في اجتلاب الآخر المتقدم لاالحديث، إذ ليس بالمستطاع كما دلت التجربة التاريخية العربية للنهوض القومي التوفيق بين عناصر الذات والحداثة. صار هذا المناخ عدائياً، وتولدت فيه ثنائيات عانى منها النقد الأدبي كثيراً، مثل ثنائية الشرق ـ الغرب، وثنائية الذات ـ الآخر، وثنائية الأصالة ـ المعاصرة، وهي كلها استمرار لثنائية القديم ـ الجديد؛ فغرق النقد في وهاد التبعية، توهماً على «موضات» ما تلبث أن تتبدل كلما ظهرت موضة نقدية أحدث، وهذا شأننا مع الفرويدية أو الوجودية أو البنيوية أو تمازجاتها مع مناهج نقدية أخرى.
هل نستطيع القول: إن السائد في ساحة النقد الأدبي حتى مطلع الثمانينيات هو تأثير المثاقفة بالدرجة الأولى؟ لعل الإجابة بنعم لا تكون مغالية في تقدير حجم تأثير ثقافة غازية قاهرة مثل الثقافة الغربية في ثقافة مغزوة مقهورة مثل الثقافة العربية، وهذا هو معنى المثاقفة بإيجابيات هذا التأثير وسلبياته. لقد شكلت المثاقفة تحكمية أخرى في التفكير الأدبي تحت وطأة هذا الهوس بتقليد الغرب سواء أكانت الثقافة الفرانكوفونية أو الأنجلوسكسونية. وإذا كانت الأخيرة باهتة التأثير إزاء الأولى. فلأن الأولى تدعم عمليات انتشارها تمويلاً وإجراءات ليس في الأدب وحده، بل في الفنون والنشاطات الثقافية الأخرى. وثمة مراكز متعددة لإشاعة هذه الثقافة ورموزها ونقدها في المغرب العربي ولبنان على وجه الخصوص؛ فجرى تسويق الوجودية في الخمسينيات والستينيات غير ان الهزيمة المنكرة في عام 1967م، أرغمت التفكير الأدبي العربي على نقد ذاتي موجع ما تزال أصداؤه تقرع الآذان حتى اليوم؛ وفي تضاعيف هذه الأصداء إحساس مرير بأزمة ذاتية متفاقمة دفعت نقاداً كثيرين إلى «تلقف» البنيوية في السبعينيات متداخلة مع اتجاهات تطورت عنها، أو زامنتها وماثلتها.
لعل كتاب الناقد جلال العشري المسمى «ثقافتنا بين الأصالة والمعاصرة»(1968م) هو الأسبق والأكثر اكتمالاً لوصف الأزمة التي عانى منها النقد الأدبي الحديث. حوى الكتاب فصولاً عن أزمة النقد من خلال جهود النقاد محمد مندور ولويس عوض ورجاء النقاش، وقد حاول العشري أن يتعرف إلى كنه النقد العربي وجوهره، من حيث هو نقد له سماته الخاصة وملامحه الذاتية التي ليست ترجمة أو اقتباساً لمذاهب النقد الأجنبية، فكانت محاولة توفيقية تؤكد الأزمة ولا تجد إجابة لها. منذ الصفحات الأولى في المقدمة «البحث عن نظرية»، يصدمنا في دراساته «البحث عن منهج» اطمئنانه إلى أن مجاوزة الأزمة تكمن في ضوء ثقافة أجنبية هادفة، وفي ضوء تجربتنا الاشتراكية (هكذا؟!)، وهذا ما عبر عنه بمفهومي الأصالة والمعاصرة: في أن نصدر عن ذواتنا الحقيقية لا عن غيرنا من الذوات، والمعاصرة في أن نحيا تجربتنا الواقعية دون أن نقطع صلتنا بتراثنا الماضي، ودون أن ننعزل عن العالم من حولنا»( ).
ومن الملحوظ، أن ثمة غلبة للشعارات والعبارات الجاهزة شاهت معها اللغة النقدية، وتسطح النقد، وغدا أسير المثاقفة أكثر من ذي قبل، وصار الصراع النقدي والفكري بين مؤثرات أجنبية معلنة وصريحة.
أما الصوت النقدي الأنقى، فكان يسعى إلى عقلنة المؤثرات، كما في نقد جبرا إبراهيم جبرا وإحسان عباس وخليفة التليسي ومحمد مندور وغيرهم، بينما النقد في عمومه يوغل في نقد بلاغي أو تعليمي أو صحافي. وكانت معركة الشعر الحديث، مثل معارك أخرى، مثالاً نموجياً لحال النقد حتى نهاية السبعينيات حيث الصراع بين الماضي والجديد الذي التبس طويلاً مع مفهوم «الحديث»، وتعد كتب جبرا إبراهيم جبرا شهادة حية عن تلك الحال المؤرقة المستمرة بشكل أو بآخر، إذ تلخص راهن الموقف من الحداثة، في الثمانينيات أيضاً. من «الحرية والطوفان»(1960م) إلى «الرحلة الثامنة»(1967م) إلى «النار والجوهر»(1975م) إلى «ينابيع الرؤيا»(1979م) يشكل جبرا إبراهيم جبرا في نقده سيرة لحداثة النقد دون الإرتهان للمثاقفة، إذ تعامل معها باتزان وثقة.
لقد حفل نقده بما ينزع الأوهام عن الممارسة النقدية، فاتجه إلى إبداع نقد خلاق يزهو ببعده المعرفي، وحصافته الفكرية، ودقته الإجرائية، وتأسيس على فهم واضح للنقد والناقد وعدته ولوظائفه. أما الحداثة فهي التثمير الواعي للتراث المشترك بمنأى عن الجهل والتعصب. وبالقدر الذي نقرأ جبرا على أنه صورة للناقد العربي الحديث، فإنه أيضاً صورة لحداثة النقد. وفي مقالته «جدلية النقد والإبداع: من الخاص إلى العام» المنشورة في كتابه «معايشة النمرة وأوراق أخرى»(1992م) يشرح جبرا نظرته إلى تكونه في ظل المؤثرات الأجنبية التي طواها في دخوله إلى النقد الجديد، أيام كنا نفضل كلمة «الجديد» على «الحديث» لشعورنا منذ ذلك الحين بأن «الحديث» (الذي كانت بداياته الحقيقية في أواخر القرن الماضي) غدا مستهلكاً و«غير حديث» وأنّ الجديد يبقى متصلاً بالماضي وهو ينطلق نحو المستقبل، ليجهر بالقول: «إن الناقد كالفنان وارث لحضارة الإنسان كلها، وإلا فإنه لن يكون ذا قيمة تذكر»( ).
وقد أوضح جبرا في وقت لاحق «أن في التراث قوة نستمدها ولكن يجب أن نضيف إليها قوة جديدة، بحيث تكون الحداثة انطلاقاً سهمياً لا دوراناً انكفائياً. يتصور بعض الناس أنك بالعودة إلى التراث تجدده وهذا غير صحيح. فالعودة إلى التراث لا تجدد شيئاً، لكن بالإنطلاق منه، وبالإضافة إليه تجدد قوته إذ بالإضافة فقط تهيء المسار المستقبلي للنسغ الحي الكائن فيه»( ).
غير أن صورة النقد الحداثي لم تتغير كثيراً حتى وقت متأخر، ولعل المقارنة بين نقد جبرا ونقد ناقد حداثي بارز في الثمانينيات هو عبد الله الغذامي تبين ذلك، فالحداثة لا تعني القديم، وليست «الديمومة» إلا عصارة إبداع حي باق على الزمن. أوضح جبرا أن مشكلة الشعر الحر هي مع النقد الخاطئ الذي يجانب العصر ويمضي في الجهل وعناد التاريخ. كتب جبرا عن الماضي لدى المجددين بوصفه قوة اندفاع وتحليق: «فالماضي لدى المجددين جذر ومنبت وجذع تستمد منها اللغة طاقتها، ويستمد منها الإبداع عصارة الديمومة. فيصبح كل جديد فرعاً آخر من دوحة عظيمة، دون أن يعيد الفرع شكل الفرع الآخر. وهنا سرّ حيوية هذا الجديد: أنه جزء من الطبيعة التي لا تنتج ورقتين متشابهتين. بله الأغصان. أما الماضي لدى غير المجددين بأن يعود خط التطور فيستدير نحو أوله. وهذا تناقض أساسي في فهم الماضي وعظمته وقوة إيحائه»( ).
أما عبد الله الغذامي فيلتم على المنطلقات إياها في مواجهة مناوئي الحداثة، ويدعم تجربة النقد الحداثي بأدلة فكرية وفنية في وجه الحملة العنيفة على الحداثة خروجاً على التقاليد الأدبية، وقد خصص كتابين صريحين يعطيان الحداثة من قلب التقاليد الأدبية نفحاً صادقاً وصافياً تسنده حجج دامغة في كتابيه: «الصوت القديم الجديد ـ دراسات في الجذور العربية لموسيقى الشعر الحديث (1987م)، و«الموقف من الحداثة ومسائل أخرى»(1987م).
ويبدو أن الكتابين متصلان وكأن الأول برهان على الثاني، يكشف الغذامي في الموقف من الحداثة حقيقة المعارضة للتجديد من ثلاثة جوانب أساسية، هي أصول المعرفة النقدية، وعليها يتوقف مصير الرؤية النقدية صحة أو خطأ. والجانب الأول هو الموقف النقدي، ويعني به وجود نظرية أدبية تستند إلى أسس علمية مدعمة بالراهين وموثقة بالعلم الصحيح. والجانب الثاني هو قصور المعرفة لدى مناوئي التجديد، ويتجلى ذلك بعدم فهمهم للجديد، وهذا مرض متأصل فيهم منذ القديم. والجانب الثالث في استجلاء حقيقة موقف معارضي الحداثة، وهو في عدم فهمهم لوظيفة اللغة في الشعر». وأخيراً يتضح لنا أن مناوأة الحداثة نابعة من قصور معرفي لدى المناوئين، أسبابه ثلاثة:
• عدم وجود موقف نقدي لديهم.
• عدم فهمهم لفلسفة التجديد ومفهوم الحداثة.
• ضيق حدود نظرتهم في فهم اللغة( ).
إن تأمل هذا الرأي يفضي إلى الرأي المشابه له الذي أطلقه جبرا قبل ثلاثة عقود من الزمن. غير أن الغذامي أضاف جهداً نقدياً أصيلاً إلى هذا الرأي في كتابه «الصوت القديم والجديد»، الذي يكشف عن «حقيقة العلاقة بين اللغة كموروث حضاري والنص الأدبي كتمثل لهذا الموروث، لهي من القوة والوضوح بما هو كاف للتأكيد على أن التجربة الشعرية الحديثة تستند على فنيات شاعرية عربية، لأن مجرد قبول النص الأدبي الفصيح لهذه الفنيات دلالة على أنها جماليات نصوصية مخبوءة داخل لغة هذا النص»( ).
ولنا أن نقول بعد ذلك إن كتاب الغذامي يكشف «العلاقة الفنية بين اليوم والأمس، بين قصيدة الشعر الحديث والمعلقة الجاهلية بأدلة تاريخية نصوصية تقيم العلاقة العضوية الأكيدة داخل اللغة العربية، بل كل أنماط الكتابة الإبداعية فيها»( ).
لا يركن الغذامي للجاهز في النقد بل يمضي فيه على أنه كشف في التاريخ الأدبي وفي النص، فالحداثة بهذا المعنى، وهو الناقد الألسني، وعي للتاريخ الأدبي والنقدي مثلما هي وعي لسيرورة الإبداع في تجربته الخاصة، وقد برهن في كتابه «القصيدة والنص المضاد»(1994م)، أن النقد الحداثي هو الأجدر بكشف التجربة الإبداعية العربية كما في بحث «جماليات الكذب». هذه إشارة إلى معركة الحداثة في التباسها بمفهوم الجديد وفي مواجهة مناوئي التجديد، وهي صوت يجهد لأن يكون أصيلاً مما يفيد كثيراً في رد أطروحات التمسك الأعمى بالقديم الساكن الثابت والمحافظ وفي دفع أطروحات دعاة الحداثة في أحضان التلقف العجول للاتجاهات أو المؤثرات الأجنبية وربما كان تمحيص النقد البنيوي في انتشاره داخل الإبداع العربي مفيداً في استجلاء وهم المثاقفة أكثر.
مع مطلع السبعينيات، تغلغل النقد البنيوي اجتلاباً في سنوات كثيرة خاض فيها النقد الأدبي العربي الحديث في التيارات اللغوية والفلسفية، وفي إشاعة نماذج مختلفة للتحليل الأدبي، وفي شيوع الحديث عن النظرية الأدبية والمستويات الأدبية ونظريات الأجناس الأدبية ولغة الفنون وجماليات الإبداع وتشريح النصوص واندراجها في النظم المعرفية الألسنية والأخرى المستمدة من العلوم الإنسانية كالنقد الاجتماعي على وجه الخصوص، وكان أول مبادر إلى تطبيق البنيوية هو كمال أبو ديب في كتابه «جدلية الخفاء والتجلي: دراسات بنيوية في الشعر»(1979م). وتنبع أهمية هذه المبادرة في أنها تطبيق كامل على الشعر العربي القديم بمنهجية ومصطلحات البنيوية إلى حد الميكانيكية. وفي تلك الفترة ظهر كتابان يعنيان بالنظرية البنيوية، الأول رحابتها الفلسفية وهو كتاب زكريا إبراهيم «مشكلة البنية»(1977م).
والثاني في علاقات البنيوية باتجاهات النقد المجاور أو المماثل، وهو كتاب عبد السلام المسدي «الأسلوب والأسلوبية: نحو بديل ألسني في نقد الأدب»(1977م). ولأن الداخل كان قائماً في التعريف بذلك الاتجاه النقدي، وجدنا المسدي ينقح الكتاب في طبعته الثانية بعد سبع سنوات، ويميز الأسلوبية من البنيوية، ويبين ناقداً في الفهرست الملحق بلغته الهادئة سرعة انتشار هذه المناهج النقدية الحديثة بما أطلق عليه نعت «طفرة الرائجات وشكلية البدائل»( ). فدل المسدي وهو يعرف بهذا المنهج الحديث على غلبة «النقل» لدى النقاد العرب.
ثم توفر ناقد بارز آخر على درس البنيوية في النقد هو صلاح فضل في كتابه «نظرية البنائية في النقد الأدبي»(1978م)، وهو كتاب كبير يعرف بأصول البنائية في مدرسة جنيف الرائدة وفي ميراث الشكلية الروسية وحلقة براغ اللغوية وفي علم اللغة الحديث، ويخصص فصولاً طويلة للبنية والبنائية وتطبيقاتها في العلوم الإنسانية، ولا سيما علاقة البنية بالتاريخ. أما الفصل الأكبر فهو البنائية في النقد الأدبي حيث يفصل القول في مستويات التحليل الأدبي وشروط النقد البنائي ولغة الشعر وتشريح القصة والنظم السيميولوجية. ولا مجال هنا لنقد هذا الكتاب التعريفي الذي يعتمد أساساً على التعريب، ولكننا نشير إلى العنوان الهامشي في خاتمة الكتاب، وهو «محاولات تطبيقية في النقد العربي» ويقع في أقل من عشر صفحات ضمن كتاب جاوزت صفحاته خمسمائة صفحة. كان صلاح فضل في صفحاته الأخيرة القليلة يشير إلى دراسات تطبيقية لنازك الملائكة. ولا نعتقد أنها كذلك، والطاهر لبيب وحسين الواد، بينما وضع باحث وناقد آخر هو فؤاد أبو منصور كتاباً آخر كبيراً عن النقد البنيوي من مواقع قريبة منه تضمن حوارات مباشرة بين المؤلف وبعض أعلام هذا النقد في أوروبا، مثلما تضمن استقصاء تاريخياً لملامح النقد البنيوي في لبنان، وخصص فصولاً مطولة لبعض النقاد مثل سعيد عقل وأنطوان غطاس كرم وأدونيس وخالدة سعيد وكمال أبو ديب وكمال خير بك وإلياس خوري وناهدة طويل، وليسوا جميعاً نقاداً بنيويين بالمعنى الاصطلاحي لهذا النقد ولطرائقه.
وضع أبو منصور لكتابه عنواناً طويلاً طموحاً هو «النقد البنيوي الحديث بين لبنان وأوروبا: نصوص ـ جماليات ـ تطلعات»(1985م). ربما كان هذا الكتاب موسوعة نقدية عربية تتناول مدارس النقد الأوروبي والمحاولات النقدية اللبنانية العربية، ولكن كلمة البنيوي لا تنطبق تماماً على ما ذكر ومن ذكروا، ناهيك عن الارتهان الكامل للمثاقفة.
قبل ذلك بزمن كانت البنيوية، تعلن إفلاسها في الغرب، وتواجه نقداً من الماركسيين وسواهم، وفي ذلك الوقت الذي جرى التلقف العجول للبنيوية، عرّب جورج طرابيشي أحد هذه الكتب التي تنقد البنيوية وأيديولوجيتها، وهو كتاب روجيه غارودي «البنيوية فلسفة موت الإنسان»(1979م)، وكان ظهور هذا الكتاب لأول مرة بالفرنسية عام 1969م ـ ثم عرّب محمد مصطفى بدوي كتاب جورج واطسون «الفكر الأدبي المعاصر»(1980م)، علامة على تراجع فكر التلقف على سبيل الموضة أو الادعاء أو مجانية الواقع الثقافي وسيرورة الإبداع العربي ونقده. وظهر هذا الكتاب باللغة الإنكليزية لأول مرة عام 1978م، وهو مخصوص بكشف آليات المناهج النقدية والأدبية الحداثية التي أفرزتها الثقافة الفرنسية، وانتشرت انتشار النار في الهشيم في الثقافة الأوروبية والأميركية، وبعد ذلك في الثقافات التابعة، وقد رآى معرب الكتاب أن الكتاب غاضب، ومؤلفه غاضب، ومعربه غاضب، فقد «حدثت تطورات في النقد الأدبي الغربي في العقد السابع من هذا القرن كان لها أثر خطير في ميدان الدراسات الأدبية. وكان منشأ هذه التطورات فرنسا منبع الموضات، وسرعان ما انتشرت في غيرها من البلاد ولا سيما أميركا، وهي سوق الموضات. ومن شأن الموضات أنها ظواهر عابرة، وحين تقتصر على النواحي السطحية الخارجية من الحياة لا يكون لأثرها ضرر ذو بال. ولكن الوضع يختلف عندما تغزو الموضات الحياة الفكرية، فحينئذ قد يكون الضرر بليغاً»( ).
ضمن واطسون كتابه نقداً عنيفاً للبنيوية والنقد الجديد الفرنسي واللغويات الجديدة مؤكداً «أن الشكل والبنية في الفن العظيم لا يستحقان التعليق إلا لكون الفن العظيم أكثر من مجرد بنية وشكل»( ). ويعزو واطسون غضبه على أمثال هذا النقد لسببين: «أولهما أن التفكير الأدبي تخلى عن زعمه أن مكانه هو في مركز الدراسات الإنسانية أو قريباً منه وقنع فيما يبدو بالإنسحاب إلى مكان جانبي، وثانيهما هو أنه توقف عامداً عن أن يظهر بمظهر الذي يضيف حقائق هامة عن الطبيعة البشرية، فهو في تحمسه لعلاقاته بفروع المعرفة الأخرى تحول ذاته إلى لون من اللعب. وهذه نتيجة تكاد تكون ضرورية لتخليه عن زعمه بأن مكانته هي المركز بالنسبة للأشياء فحين فقد ثقته بمركزه من حيث هو معرفة تحول إلى ضرب من التسلية»( ).
في هذا المناخ النقدي الجديد اتسعت عمليات نقد «التلقف» ليوضع حد للمثاقفة باتجاه وعي أصلب لفعل الحداثة من سيرورة التقاليد الأدبية، فثمة تغير في الموقف من الحداثة أسهمت المتغيرات في تعضيده استناداً إلى مقاربة الهوية وإلى الوعي العميق بالذات من أجل فاعلية أقوى للذات وضد جموح الذات ومن أجل تأصيل الذات. فالحداثة بعد «مفهومي» وليست بعداً «زمنياً»، لأنها وعي الكتابة لأسلوبها ووظيفتها في التاريخ، اتفاقاً مع أكثر التعبيرات الحضارية، واستجابة لتحديات الحداثة نفسها، كما أفادت شهادات عشرات المبدعين العرب التي جمعتها في كتابي «الأدب العربي وتحديات الحداثة»(1987م).
وفي مجال البنيوية أيضاً بوصفها نقداً حداثياً شرع الناقد العربي ينظر إليها اتجاهاً ضمن الاتجاهات لها ما لها وعليها ما عليها، وأنها تقدم هيكلاً من الأفكار والطرائق ضمن مجموعة من الطرائق والأفكار المختلفة أو المغايرة، ويمثل تعريب كتاب «البنيوية في الأدب»(1984م) لروبرت شولز علامة في هذا النقد، وهو كتاب ظهر بالإنكليزية لأول مرة عام 1977م. حوى الكتاب عرضاً موضوعياً للبنيوية ويتعامل مع إنجازاتها دون غلو، ثم وضع عبد السلام المسدي كتاباً سجل فيه موقفاً حول هذه القضية الفكرية والنقدية أعني «قضية البنيوية»، من جانبه ومن خلال منتخبات النقاد العرب في تعاملهم مع البنيوية، وأفصح عن تدرجات الموقف من البنيوية في النقد الأدبي العربي الحديث ضمن منطق تاريخي جدلي من «النقلي» إلى «التأصيل»، فثمة منتخبات للتأسيس أو الأطروحة، وأخرى للاعتراض أو نقيض الأطروحة، وأخرى ثالثة للتجاوز أو التركيب الجديد حيث جرى هضم ما تتيحه البنيوية في المعرفة بأبعادها التكوينية والمنهجية والفلسفية والمعرفية والمذهبية والنقدية والتربوية على صعوبة الفصل بين هذه الأبعاد. وفي هذه المنتخبات عن البنيوية تتلامح أسماء عد كبير من المبدعين والمفكرين والنقاد العرب هم زكريا إبراهيم وسالم يفوت وصلاح فضل وفؤاد زكريا وجابر عصفور ونبيلة إبراهيم وكمال أبو ديب وموريس أبو ناضر وشكري عياد ورشيد الغزي ومحمد بنيس وحسين الواد وسمير حجازي ونجيب العوفي ومحمد سبيلا وحمادي صمود وحسن جمعة ومحمد جمال باروت وعز الدين اسماعيل ومحمود طرشونة وسمير المرزوقي وجميل شاكر وعبد الله الغذامي وصالح القرمادي وجمال شحيد وعبد الفتاح كيليطو وسامية أحمد أسعد ومحمد الهادي الطرابلسي ويمنى العيد ومحمد مفتاح وتوفيق بكار. ولا شك أن في هذه الأسماء غالبيةالنقاد العرب المهمين من أجيال مختلفة ومع منتخبات التجاوز أو التركيب الجديد يتأصل فعل الحداثة إلى أبعد من مظلة «المثاقفة» إلى عقلنة لوعي الذات في تقصيها المعرفي بتعقيداته المتشابكة.
وتتفق أكثر التجليات الثقافية والنقدية في مضمار الحداثة على أنها نهوض أو تجديد حيث فعل الحداثة هو فعل خروج من المثاقفة ليعلن الناقد العربي هزيمة وهم المثاقفة بالمزيد من اكتشاف الذات ونقدها.
في كتاب محمد جابر الأنصاري «تجديد النهضة باكتشاف الذات ونقدها مهام عاجلة أمام المثقفين العرب»(1993م) تكثيف شديد الخصوبة وشديد الدلالة على أهمية محاكمة وهم الحداثة المجتلبة أو المنقولة وفك نزاعاتها أو ارتباطاتها بالأوهام الأخرى، ولا سيما وهم تناقضها مع التراث. ألم يجعل باحث عربي هوبولس الخوري التراث في مواجهة الحداثة وهو يستقريء حركة الفكر العربي الحاضر، ويحدد أهم مراجعة في كتاب «التراث والحداثة»(1983م)، فبدا التحديث العربي أو تعريب الحداثة، «بابتكار نموذج اجتماعي ثقافي جديد، بنقل الثقافة والمجتمع العربيين من شكلهما التقليدي إلى شكل حديث»( ). أي أن هذا الانتقال يعني حل إشكالية التراث بالدرجة الأولى، كما رأى ذلك عند معظم من توسلوا إلى الحداثة. إن المثاقفة لا تعني المؤثرات الأجنبية، لأن الأخيرة لازمة للحداثة ومفيدة إذا جاوزت مجرد النقل إلى إدغامها وتفعيلها في نقد حديث أو أصيل.
في دراسته الرائدة والثمينة «سبل المؤثرات الأجنبية وأشكالها في القصة السورية»(1973م) لاحظ حسام الخطيب أن المؤثرات الأجنبية أفادت كثيراً التطور القصصي العربي، وأن الستينيات بدأت تشهد تمثلها في إبداع عربي حديث.
ولو تأملنا نقد ناقدين في الثمانينيات على سبيل المثال هما عبد الفتاح كيليطو ومحمد لطفي اليوسفي لهالنا كم تغيرت صورة النقد الأدبي العربي الحديث بعيداً عن أوهام المثاقفة، وأولها الخروج من التبعية بأصالة تنهض من وعي الذات، والآخر، بإنجازهما معاً، القديم والحديث، حيث التراث المشترك يتألق في الخصوصية الذاتية. إن ناقداً مبدعاً مثل عبد الفتاح كيليطو يظهر في نقده أفضل تجليات الحداثة النابعة من فهم عميق للتقليد الثقافي والنقدي العربي. وتشهد دراساته «الكتابة والتناسخ. مفهوم المؤلف في الثقافة العربية»(1985م) و«الغائب ـ دراسة في مقامة للحريري»(1987م) و«الحكاية والتأويل ـ دراسات في السرد العربي»(1988م) على ابتعاده عن المظاهر الشكلية في المناهج الغربية أو اصطلاحات النقد على الرغم من اشتغاله بها، جاهداً أن يصوغ منهجه ومصطلحه من قبل الممارسة الذاتية الموصولة بتراثها العريق حين تندغم بوجدان الأمة وتبدع أدبها ونقدها الأصليين.
وفي مثال ساطع آخر، يؤصل محمد لطفي اليوسفي نقده الحديث من الانجاز الغربي، ليكون له إنجازه الخاص، في كتبه التطبيقية «في بنية الشعر العربي المعاصر»(1985م) و«لحظة المكاشفة الشعرية»(1992م)، و«كتاب المتاهات والتلاشي ـ في النقد والشعر»(1992م)، وفي كتابه التاريخي النظري «الشعر والشعرية: الفلاسفة والمفكرون العرب. ما أنجزوه وما هفوا إليه»(1992م).
يعترف اليوسفي أن الشعر العربي شهد «نوعاً من الانعطاف عصف ببنيته المتعارفة، فانفجرت انفجاراً لا عهد لها بمثله. ولقد جاء هذا الإنعطاف في الحقيقة بمثابة الصدى المباشر للمفارقات التي هزت الذات العربية لحظة التصادم مع الغرب واكتشاف الذاات في مرآته عزلاء عاجزة عن الصمود في وجه طاقاته الهائلة على إيقاع الآخر في نوع من الإرباك الحضاري وتقديم مقولاته الفكرية وبضاعته كحلول للمشكلات الخصوصية»( ).
وقد وجد اليوسفي التخطي ممكناً بمجاوزة التأزم بحداثة متأصلة في الذات، ومن هذا المنطلق كان توكيده على أن البنية في هذا الكتاب لا تعني الإمحاء في فضاءات المنهج البنيوي والتورط في مزالقه ومفارقاته، بل يعني التسليم بأن النص إشكالي بطبيعته»( ).
دعونا إذن نردد مع اليوسفي أن الحداثة تفتح «مجراها متكئة على نص مؤسس أصيل هو نفسه: ترسي لتعرف نفسها قانون غبطتها وترحل، ولا شيء يعنيها سوى إيقاعها»( ).
إن المؤثرات الأجنبية غير المثاقفة، لأن الأولى تدخل في ميدان التأثر والتأثير بين الآداب المختلفة، أما المثاقفة فتفضي إلى التبعية الثقافية والنقدية. ولعلنا نستخلص من هذا التتبع، أن النقد الأدبي العربي، في ظل المتغيرات في الثمانينيات على وجه الخصوص حيث نقد التبعية وشيوع قيم المجتمع المدني وانتشار عمليات وعي الذات في مواجهة الاستعمار والعولمة وغيرها، يخرج من آثار المثاقفة السلبية إلى سيرورته، من تقاليده إلى نقد عربي حديث. ليس الغرب ضاغطاً ومخيفاً كما كان، لأن نقد الذات المستلبة حمل في تضاعيفه نقد الآخر المستعلي، وشرع يصوغ حداثته في الإبداع العربي نفسه إذ تتكشف الحداثة رؤية مجاوزة وتخط للمستقبل، وبالتحقق الذاتي.
2- منزلة الاتجاهات الجديدة بين التبعية والتأصيل:
2-1 ظاهرة التبعية الثقافية:
عندما استرد الكاتب الكيني الكبير نفوجي واثيونغو اسمه الأفريقي ولغته الأفريقية، لم يكن يفعل شيئاً استثنائياً، لأنه عبّر، ضمن مسار غالب على اختيارات الكتاب التابعة، عن محاولة، توصف أحياناً باليائسة أو المدمرة، لاسترداد الهوية ومواجهة الإمبريالية الثقافية أو الاستعمار الثقافي، أو ما سماه واثيونغو نفسه «استعمار العقل»، ولم يكتف واثيونغو بالمواجهة، بل دعا إلى «تصفية استعمار العقل» (1986)، فقد وجد أن الخلل اللغوي والثقافي، باستعمال اللغات الإمبريالية أو الاستعمارية وثقافاتها هو خلل علاقة مع المستعمر أو الإمبريالي المهيمن والغاشم. لقد أدرك واثيونغو أنه يكتب عن نفسه مثلما يكتب عن سواه من الكتاب الأفارقة، وهذا ينطبق على الكتاب في البلدان التابعة كلها، «فالإشكالات الراهنة لأفريقيا لم تأت في الغالب بسبب اختيار شخصي، بل إنها نتيجة وضع تاريخي. كما أن الحلول أيضاً ليست مسألة قرار شخصي بقدر ما هي تحول اجتماعي أساسي لبنى مجتمعاتنا يبدأ من قطيعة حقيقية مع الاستعمار وحلفائه من الحكام المحليين»( ).
كانت تجربة واثيونغو تتويجاً للمواقف المناهضة للإمبريالية والاستعمار في مجالهما الأعمق، أعني الثقافة واللغة، غير أن سيرة المناهضة ليست بنت العقدين الأخيرين، فهي تعود إلى عقود مبكرة من هذا القرن في آسيا وأفريقية وأمريكا اللاتينية، وقد شهدت الثقافة العربية منذ سنوات النهضة الأولى في منتصف القرن التاسع عشر عمليات متعددة ومختلفة للوعي الذاتي، إلا أن ثمة عنصراً جوهرياً مفقوداً، بقدر أو بآخر، في هذه العمليات هو الانبثاق من التاريخ الذي يصنعه بالدرجة الأولى الاستعمار أو الإمبريالية.
ثم كان التحدي الأبرز فيما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث تراكمات الاستعمار والإمبريالية التي تجذرت لدى ورثتها المتحالفين أو التابعين، على نحو علني أو خفي، فكان الشعور المرير بوعي الآخر المستعمر أو الإمبريالي في قلب الوعي الذاتي نتيجة التناقض القومي مع الاستقلال والتنمية والحرية والماضي والميراث الديني والعقائدي في ظروف ما بعد الاستعمار، أو في ظروف استتباب الهيمنة الإمبريالية ليس على خرائط الحاضر، بل على خرائط المستقبل أيضاً، وهو ما أكدته ظاهرة معاداة الاستعمار والإمبريالية من قبل رموز قومية ووطنية باءت بالخيبة والفشل والخذلان، وما يوصف في الوطن العربي بالهزائم المتوالية منذ عام 1948 حتى اتفاق «غزة ـ أريحا أولاً» عام 1993، واتفاق "وادي عربة" وما تلاهما من اتفاقيات جائرة بحق الأمة العربية.
لقد انقضت حقبة معاداة الاستعمار والإمبريالية، واستبدلت خلال العقدين الأخيرين بالاستقلال والحرية والهوية على أنقاض أوهام مغامرة وعي سميت معقدة لأول مرة في رواية الأفريقي السنغالي المسلم الشيخ حميدو خان «المغامرة المعقدة» (1953)، فعندما اختار الأفريقي الشاب طريقاً غريبة هي طريق الغرب الاستعماري، كان يعلن هزيمة المغامرة ذاتها: «يبدو لنا فجأة أننا طوال سيرنا لم نكف عن التحول. وأننا أصبحنا أخيراً مختلفين، وأحياناً لا يتم التغيير كاملاً، وقد يستقر بنا هذا التغيير عند مرحلة التهجين وتركنا فيها عندئذ ننزوي وقد ملأنا بالخجل.. لقد اخترت الطريق التي تؤدي إلى الهلاك أكثر من غيرها»( ).
إن كاتباً هو محمد كامل الخطيب استعار في منتصف السبعينيات عنوان الشيخ حميدو خان في توصيفه لمحتوى وعي القاص العربي الحديث بالآخر المستعمر أو الإمبريالي، وهو وعي كان قاصراً مشحوناً بالدونية والعلاقة غير المتكافئة، وبلغ الإحساس بالتبعية مبلغاً لا يحسد عليه لدى جورج طرابيشي الذي لاحظ أن «عامل المثاقفة، أي استيراد الثقافة المتروبولية ـ حاسم الأثر في إلباس العلاقات الحضارية رداء جنسياً، حسبما يتجلى في الأدب الذي يتصدى لهذه العلاقات، ومنه، فإن الأمة المستعمرة تستمر بتبعيتها، أي دونيتها الأنثوية، من خلال عملية المثاقفة»( ).
وخلال العقد التالي، عقد الثمانينيات، سيتوفر ناقد وكاتب عربي آخر هو نبيل سليمان على درس هذا الوعي من منظور الهوية القومية المباشر بما هو «بلورة الكيان، الهوية، وعي الذات الفردية والقومية». ولاحظ أن الهوية القومية محاصرة بالعطالة والسلبية في سوق الكلام والشعارات والأطروحات والمقولات والمجالات التي غالباً ما تطيح التوازن بين الفن والخطاب الإيديولوجي، أما الصوت الأقوى في مواجهة الآخر فهو الانكفاء والتدميرية، و«فمنذ الستينيات أخذت تتردد في الأدب أصداء الانكفاء المتصاعد والخيبات المتواترة، ولئن كانت الأعمال التي رادت الهزيمة 1967 وما سبقها نزوة، فإن ما تلاه في سائر الأجناس الأدبية كان وفيراً، سواء فيما طفا على سطح المرحلة، أم فيما تعمقه». و«بما أن دور المثقف كان راجحاً في الأحزاب والحركات التي تنطعت للتقدم والتحرر، فصنعت الانكفاء وبما أن أغلب الإنتاج الثقافي العربي هو في الأدب، وذلك واحد من الأعراض المرضية على كل حال، فقط جاء العديد من النصوص الروائية التي تجسد مسار الهزيمة أو الهزائم كتجربة ذاتية لمثقف مهزوم، بكل ما يترتب على ذلك في رؤية التاريخ ومغامرة الفن»، وقد بلغت هذه الرؤية التدميرية ذروتها في رواية «عودة الذئب إلى العرتوق» لإلياس الديري (1982) التي قدمت الشريحة البرجوازية الصغيرة، فاقدة الرؤية التاريخية «وغرقت في مساراتها الوجودية العبثية التي لا ينفع معها طفولة يسارية ولا تطرف ولا إرهاب. إنه العجز عن وعي الذات ووعي الآخر، عن وعي العالم، ذلك الوعي المنشود»( ).
اعترف الكاتب العربي منذ مطلع الثمانينيات بظاهرة التبعية، وأن ثقافته تندرج فيها، وأن عليه أن يندرج في سياقها أيضاً، أو أن يتخذ موقفاً آخر، وفعل كثيرون ذلك متخذين سبيلين، الأول هو وعي ظاهرة التبعية تمهيداً للوعي الذاتي وتجذيره وتصليبه من خلال إعمال البحث في الأصالة الثقافية على أن تراث الإنسانية كله، ومنه الثقافة العربية، تراث للثقافة العربية الحديثة، فحفلت الممارسة الثقافية العربية خلال العقدين الأخيرين بعشرات المحاولات التوفيقية أو المنعزلة أو المقهورة لمعضلة الأصالة والتحديث إزاء صدمة الغرب بتعبير أدونيس (1978) أو صدمة الإقرار بأن الثقافة العربية تابعة. وقد رأت كاتبة أخرى هي رضوى عاشور متفائلة في بحثها للرواية في غرب أفريقيا أن «التابع ينهض» (1981)، وهذا هو عنوان كتابها أيضاً. ووجدت «أن كتاب الرواية في غرب أفريقيا يؤسسون أدباً قومياً يعكس الثقافة الوطنية لشعوب المنطقة التي يمتزج فيها حضور التاريخ باللحظة المعاشية»، أي أن أفرقة الرواية برأيها على الرغم من استعمال الروائيين للغات غير أفريقية، ساعدهم على استلهام «تراثهم الثقافي الأفريقي، والاستفادة من الإنجازات الثقافية الغربية»( ).
أما السبيل الثاني فهو اتصال عمليات الوعي الذاتي بالرؤية الثقافية التاريخية من جهة، وبالحفريات المعرفية التي من شأنها تشخيص فعل الاستعمار وتأثيره على الثقافات القومية من جهة أخرى، وربما كان أدوار سعيد من أهم الكتاب الذين عنوا بهذا السبيل عناية من موقع النقد المتبصر والعارف في إطار مشروعه لنقد الاستعمار والإمبريالية في بعدهما الثقافي، وقد أسس له في كتابه الكبير «الاستشراق» (1978)، الذي يربط سلطة المعرفة بالقوة، وهو جوهر تجربة الاستعمار، في كتابه التالي «تغطية الإسلام» (1981) الذي يفضح المحاولات الاستعمارية والإمبريالية لتشويه الإسلام كقوة حضارية في العالم الحديث.
وفي عام 1987، أعلن سعيد بمرارة مشوبة بالقلق أن الإمبريالية الثقافية تحتاج إلى الدرس والفهم والإسهام الفعلي الذاتي في حضارة العصر، لا التجنب أو المراقبة أو الانكفاء أو التدمير: «إن ما نبصره اليوم في المشهد القوي وفي البانوراما الرأسمالية بأسرها، هو باختصار السؤال القلق والمثير للقلق حول علاقاتنا بالآخرين: الثقافات الأخرى، الدول الأخرى، التواريخ الأخرى، التجارب الأخرى، التراثات والشعوب والمصائر. صعوبة السؤال تتبدى في عدم وجود أفضلية خارج واقعة العلائق بين الثقافات، بين القوى غير المتكافئة الإمبريالية وغير الإمبريالية، وبين مختلف «الآخرين»، الأفضلية التي قد توفر للمرء امتيازاً ابستمولوجياً في الحكم والتقدير والتأويل بمعزل عن المصالح المتزاحمة، والعواطف، والالتزامات الخاصة بالعلائق القائمة ذاتها. حين ننظر في ارتباطات الولايات المتحدة الأمريكية ببقية أرجاء العالم، فإننا ـ بصدد الارتباطات تحديداً ـ لسنا خارجها أو فوقها. ذلك يوجب علينا، كمثقفين وإنسانيين ونقاد علمانيين، أن نفهم دور الولايات المتحدة في عالم الأمم والجبروت من داخل الواقعة وكمشتركين فيها، لا كمراقبين خارجيين معزولين نحتسي بدعة ووثوق أكوام عسل أذهاناً مثل أوليفر غولد سميث في عبارة ييتس البديعة»( ).
ولعل هذا ما دعاه إلى تخصيص كتاب كبير لهذه القضية هو «الثقافة والإمبريالية» (1993) يحلل فيه، نظرياً وتطبيقياً، آليات الإخضاع والحرية في خطاب التبعية وسبل مجاوزته.
إن صنيع سعيد ينخرط في جهد ثقافي عالمي موجه لنقد التبعية الثقافية، وفي مقالة صبحي حديدي اللامعة «الخطاب ما بعد الكولونيالي في الأدب والنظرية الأدبية» ذكر ونقاش لأمثال هذا الجهد لدى مفكرين ونقاد وأكاديميين ولدوا في المستعمرات أو العالم الثالث أو الدول التابعة، وطوروا مناهجهم في الجامعات والمؤسسات الثقافية الغربية أمثال غاياتري شاكراً، وفورتي سبيفاك، وهومي بابا، وعبد الرحمن جان محمد، وبيتيا باري وإعجاز أحمد، وكوامي انطوني أبيا، وقمقم ساري، وعقل بلغرامي، وهو جهد يتراكز على استجواب الخطاب الأوروبي واستراتيجاته بوصفه خطاباً استعمارياً وإمبريالياً، ويعنى «بتدقيق الوسائل التي أتاحت لأوروبا فرض و***** خطابها في سياق إخضاعها لثلاثة أرباع البشر الذين يقطنون العالم الراهن»( ).
2-2- ظاهرة التبعية النقدية:
على الرغم من صعوبة تلمس المؤثرات الأجنبية في النقد الأدبي العربي الحديث، كما يقر كثير من الباحثين( )، فإن ظاهرة التبعية الثقافية أكبر من حدود المؤثرات الأجنبية، لأن المؤثرات الأجنبية صحية غالباً. وقد نظر باستمرار إلى النقد الأدبي العربي الحديث على أنه نتاج هذه المؤثرات الأجنبية بالدرجة الأولى ويلخص مثل هذه النظرية المستشرق ف. كانترانيو بقوله: «إن النهضة الحديثة التي يمكن ملاحظتها اليوم في الثقافة العربية، وبالتالي في وعيها الأدبي ـ هي أقل منها استمراراً لتراث عظيم، وأكثر منها نتاجاً للحضارة الغربية، مما يودّ الأدباء العرب أن يعترفوا به ـ والنظرية الأدبية العربية الحديثة أيضاً هي تشعب (أو نتيجة) عن النظرية الأوربية أكثر منها تطويراً للنظرية التراثية العربية»( ).
ولا يجد كثير من النقاد العرب غضاضة بالإقرار بمثل هذا الرأي، وأوردوا أسباباً كثيرة لذلك منها التقليل من شأن إنجاز النقد الأدبي العربي القديم في النظرية النقدية على وجه العموم، وفي النظرية النقدية الحديثة على وجه الخصوص. في منتصف الستينيات، تقصت سهير القلماوي المؤثرات الدافعة، حسب تعبيرها التي جعلت النقد الأدبي عند العرب القدامى منصرفاً في معظمه إلى الشروح اللغوية للقطعة المنقودة. إنه «ميراث رهيب تكاتفت فيه عوامل وعوامل على تفتيت القصيدة إلى وحدة البيت وعلى تفتيت البيت إلى وحدة اللفظ، وكان لابد من صيحة بل صيحات حتى تخرج القصيدة العربية من أسر هذا الميراث الدامع عبر كل هذا التاريخ الطويل»( ). وبعد حوالي ثلاثة عقود من الزمن، تتردد الآراء نفسها في جهد أكثر إحكاماً ودقة لشكري محمد عياد (مصر) في كتابه «المذاهب الأدبية والنقدية عند العرب والغربيين» (1993). محص عياد التراث النقدي بحثاً عن مذاهب، فتوقف عند مصطلحات «مذهب الأوائل» للآمدي و«الصنعة» للجاحظ و«المنازع» لحازم القرطاجني، ولكنه التفت عن ذلك كله إلى القول بأن المذاهب فضفاضة على تلك التجارب الأدبية والنقدية القديمة مؤكداً الآراء التالية:
«- في أن مناقشاتنا حول المذاهب الأدبية المعاصرة تعكس موقفاً تاريخياً من ثقافة الغرب،
- وفي أن اقتباس المذاهب الأدبية الغربية ملازم لاقتباس الأشكال الأدبية،
- وفي المذاهب الأدبية تعكس خصوصية تاريخية للثقافة العربية»( ).
لقد انتعشت هذه الآراء في مناخ التبعية الثقافية الذي عززه صراع الأفكار منذ الخمسينيات إلى يومنا هذا وهو صراع بين دعاة الهوية ودعاة التغريب.
إن تشخيص شكري محمد عياد يقارب إلى حد كبير تطور الموقف العربي من النظرية الأدبية، وإن كنا لا نوافق على تقديره للتراث النقدي العربي، فقد بات واضحاً أن هذا التراث غير مكتشف تماماً وغير مدروس تماماً، وما يزال عنصراً غير أساسي في تكوين الناقد العربي الحديث. ثمة من يعترف بقيمة حية ومعاصرة لهذا التراث، ويتحدث عن إنجازات باقية على الزمن هي قيم نقدية تنفع في تحديث النظرية الأدبية العربية، حتى إن نقاداً دعوا إلى «نظرية عربية في الأدب» بصريح العبارة، مثل حسام الخطيب الذي أسند مقترحاته المبدئية إلى «ثلاث انطلاقات أساسية تشكل مثلثاً للنظرية التي يمكن تصورها هي: الأولى الانطلاق من الواقع الأدبي المعاصر، والثانية الانطلاق من موقف تراثي محدد، والثالثة الانطلاق من المناخ الأدبي العالمي المعاصر»، «وإذا يمكن للمرء أن يتصور نظرية الأدب على شكل مثلث تتفاعل أضلاعه الثلاثة في جدلية دائمة تضمن لكل عنصر أن يوازن العصر ويتداخل معه ويؤثر فيه، فالموقف من التراث مثلاً يتحدد بفعل تصادمه وتوازنه مع العنصرين الآخرين: الساحة الأدبية الفعلية والمؤثرات الأجنبية، والموقف من المؤثرات يتحدد بفعل العاملين الآخرين، وهكذا دواليك. فهناك إذن حركة ديالكتية تصادمية توالدية تتداخل عناصرها المثلثة وتتفاعل لتخرج تركيباً جديداً حياً دينامياً قادراً على توظيف العناصر الثلاثة في نزوع مستمر إلى الخلق والإبداع والتجدد.
إنها نقاط في مثلث دائمة الحركة ودائمة الصيرورة وقادرة على إخراج تركيب كيماوي كاشف»( ) ومن الواضح، أن هذا الرأي تخيلي أكثر منه واقعياً، لأنه لا يعاين الواقع بالدرجة التي يتجه فيها إلى تركيب جديد. ولعل تأمل موقف الخطيب من قضية «البنيوية والنقد العربي القديم» (1986) يشير إلى تغليب الانطلاق من المناخ الأدبي العالمي المعاصر في مقارنة متعسفة، بتقديري بين مذهب حداثي وبين النقد العربي القديم، كأن نقول إن البنيوية تفرق تفريقاً فرزياً بين العمل ذي البنية وبين العمل الذي يفقد البنية، وإن هذه الناحية غائبة تقريباً عن النقد العربي القديم.. الخ( ).
وفي الجانب المقابل، آل هذا الصراع المستمر إلى بروز ظاهرة التبعية إلى جانب ظاهرة الهوية، وإذا كانت التبعية في أشد مظاهرها هي التكون النقدي الغربي، الاستعماري أو الإمبريالي، فإن الهوية لاذت بالتراث والتراث النقدي مؤملاً لاحتضان نظرية عربية حديثة في الأدب والنقد.
ويبدو النقد الأدبي العربي الحديث اليوم، أكثر من أي وقت مضى أسير التبعية الثقافية من مجرد «التلقف» الذي شاع منذ مطلع الخمسينيات حيث اجتلاب المذاهب الأدبية والنقدية دون تمثلها أو هضمها في النقد الأدبي العربي الحديث، ولنتذكر على سبيل المثال الوجودية في الخمسينيات ومزاوجاتها القومية والفرويدية من جهة، ومزاوجات الماركسية في أسوأ تمظهراتها الستالينية والجدانوفية ومفاهيم الالتزام الميكانيكي التي أفرزتها من جهة أخرى، وقد تحكمتهذه «التلقفات» في الممارسة الثقافية والنقدية العربية حتى مطلع السبعينيات وأبرزت ـ فيما أبرزت ـ أشكالاً من التبعية النقدية حيث المرجعية الغربية هي المحك لكل قيمة نقدية أو أدبية، وحوكم أدب عربي كثير وفق معايير نقدية خارجية بتأثير هذه التبعية، مثل وهم الاتجاه أو المذاهب، أو وهم العقيدة والتحزب، أو الانتماء أو وهم الالتزام.
غير أن سنوات السبعينيات والثمانينيات شهدت ظواهر أخرى للتبعية النقدية، أو بتأثيرها، أولها الارتهان المطلق للمرجعية الغربية في نقل المذاهب النقدية وغالباً بعد تراجعها في الغرب كما هو الحال مع البنيوية في إطار هيمنة أطروحات الحداثة التي فهمت على أنها النسج على منوال الغرب أو هي تقليد غربي وكفى. وتلا ذلك نقل مذاهب أخرى نقلاً مباشراً دون تمثلها التمثل اللازم عضوياً في الثقافة العربية كأن تكون مؤثراً أو مكوناً من مكوناتها، لا أن تكون مسخاً مشوهاً أو استعمالاً غير أصيل لها، ونذكر منها: الأسلوبية، والعلاماتية، والتفكيكية. وثمة شكوى اليوم من طغيان اجتلاب أو نقل هذه المذاهب النقدية على سيرورة النقد الأدبي العربي الحديث، فأما أن تكون بنيوياً أو لن تكون ناقداً، وإما أن تحذو حذو جينيت، أو غريماس، أو تودورف، أو دريدا، أو هارتمان، أو بول دي مان، أو أنك لا تكتب نقداً، ناهيك عن تحويل النقد إلى جداول إحصائية وأشكال هندسية وكتابة لغزية أشبه بالمتاهة أو التجريب الذي لا طائل منه.
ومن الظواهر التي نتجت عن هيمنة التبعية النقدية ظاهرة تأصيل النقد العربي الحديث في تاريخه وفي بيئته الثقافية، فاتجه البحث لدى كثيرين إلى استيعاب القيم التراثية النقدية من خلال درس شامل لتطور الثقافة العربية عبر العصور، ونذكر من هذه المحاولات ما قام به عبد الفتاح كيليطو في كتابه عن «مفهوم المؤلف في الثقافة العربية» وعنوانه «الكتابة والتناسخ» (1985)، وفيه إعادة نظر جذرية للمبدعات العربية المكتوبة كتناسخ المقطوعات الشعرية والتبني وطرق الحديث والنوادر وغيرها، مؤكداً أن للثقافة العربية خصوصية تمثلها تقاليدها الراسخة في عصرها الذهبي، العصر الإسلامي حتى القرن الخامس الهجري، ففي «الثقافة العربية الكلاسيكية، لا يكتفي لقول ما أن يتوفر على «انتظام خاص» كي يعتبر نصاً، فضلاً عن ذلك أن يصدر عن، أو أن يرقى به إلى قائل يقع الإجماع على أنه حجة. حينئذ يكون النص كلاماً مشروعاً ينطوي على سلطة، وقولاً مشدوداً إلى مؤلف ـ حجة. وهكذا فقد كان المؤلف ـ النكرة أمراً متعذر التصور»( ).
على مثل هذا النحو، بدأت مشروعات نقدية تأصيلية ضمن السياق الخاص للثقافة العربية ومبدعاتها. ولعلي أشير إلى مشروع مشرقي آخر دلالة على انتشار هذه الظاهرة التي تستند إلى القراءة المعاصرة للنص القديم، وهذا ما فعله، على سبيل المثال أيضاً لا الحصر، حاتم الصكر في كتابه «البئر والعسل» (1992) الذي قدم فيه ممارسة نقدية تأصيلية من داخل النصوص نفسها، «فلقد انقدت حيث أرادت لي النصوص، فسرت في متاهاتها ـ ولم أسلط عليها قراءتي فقط. بل كانت توصلاتي ووسائلي إلى تلك التوصلات آتية من شعاع النص نفسه، من جرمه الذي يدور حولي، ويفرض على رؤية فضائه»( ).
إذن، ثمة رسوخ لهذه الظاهرة التي تعترف للتأليف العربي بخصوصيته وتقاليده، وينبغي نقل «مركزية القراءة إلى النصوص وما يمكن أن يرشح منها معنى أو دلالة» على حد تعبير الصكر نفسه.
ومن الظواهر التي نتجت عن هيمنة التبعية النقدية أيضاً ظاهرة تأصيل الأجناس الأدبية من تقاليدها الموروثة دون مبالغة أو ادعاء، ودون تقليل أو ازدراء، لقد رأى كثير من النقاد العرب أن التراث السردي قابل لتحديث السرد العربي الراهن وتطوره ضمن خصوصيته، ويمكننا أن نأخذ مثالاً لهؤلاء النقاد سعيد يقطين في كتابه «الرواية والتراث السردي» (1992)، وعلى الرغم من أن مؤلفه عالج في متنه نصوصاً روائية متعددة، فإن الكتاب موضوع «من أجل وعي جديد بالتراث»، وهذا هو عنوانه الثاني. وقد كان منطلقه في مشروع قضية «التعالق النصي» معاينة «للتساؤل عن «إنتاجية» الرواية وهي ما تتعلق بالتراث السردي في بعض تفصيلاته، ودلالة هذه الإنتاجية وأبعادها ووظائفها، ومقارنتها بما قدمته لنا نصوص فكرية أو نقدية، وهي تتخذ التراث موضوعاً لسؤالاتها وتأملاتها ومواقفها»، بهدف الإسهام «في مناقشة دائمة ومستديمة لقضية قديمة جديدة تتصل بـ«نحن والآخر»( ).
إن التبعية النقدية شاخصة للعيان ومؤرقة، ولكن السبعينيات والثمانينيات شهدت محاولات مواجهة تستجوب التراث في علاقته بالمثاقفة من أجل تثمير الخطاب الكولونيالي في وعي التراث ووعي الحاضر معاً، ما دام لا مفر من ذلك.
2-3- حالة نقد القصة والسرد:
بدأت معضلة تبعية النقد القصصي العربي الحديث مع بدء النهضة مرتهناً للتفكير الأدبي العربي بقضيتين أساسيتين هما: القضية الأولى فهم فكرة القصة على أنها غربية، فإما أن تكون تقليداً للقصة الغربية حتى تغدو، بالمصطلح العربي الذي ساد زمناً طويلاً، فنية أو لا تكون، ولعل الذاكرة لا تنسى مئات الأبحاث التي وجهت جهداً أشبه بالضائع عن أي القصص العربية الأولى في العصر الحديث كانت فنية في هذا القطر العربي أو ذاك. وجرى هذا في مصر، وتحدثوا عن «زينب» (1913) لمحمد حسين هيكل كأول قصة فنية، ثم فعل نقاد هذا القطر أو ذاك مع قصص وقصاصين آخرين من أقطارهم كتاباً لأول قصة فنية أيضاً. والقضية الثانية هي فهم نظرية الأجناس الأدبية عند العرب التي احتل فيها الشعر مرتبة غالية إلى حدّ القداسة مزدرين الأجناس الأدبية الأخرى على أنها أدنى إبداعاً، ولعله الموقف من التراث النثري برمته. وهكذا تصارع النقد مع هذا الفهم الذي نظر إلى القصة، إلى وقت ليس ببعيد، على أنها ميدان للمحسنات البديعية أيضاً، وعلى أنها مساحة للتربية والتهذيب بالدرجة الأولى، وعلى أنها أدب أجنبي وافد لا طائل وراءه، ولنتأمل ما نشرته دوريات «المقتطف» و«الهلال» و«الضياء» فيما بين 1880 و 1905 مما وثقه محمد كامل الخطيب في كتابه «نظرية الرواية» (1990). كان الصراع واضحاً بين فهم فكرة القصة كجنس أدبي وبين تقبل النقد الأدبي العربي الحديث لها، وقد أخذ الصراع أشكالاً يمكن أن ندرجها في سياق شامل أعم هو الصراع بين التقليد الغربي والتقليد التراثي بمعنى تطويع فن القصة ليستوعب أشكالاً قومية. ومن أسف أنه صراع طال أمده بسبب عزوف أعلام الأدب العربي الحديث عن ولوج فن القصة حتى الأربعينيات من القرن العشرين حين كسبت القصة كتاباً معتبرين في عدة أقطار عربية ولا سيما مصر وبلاد الشام، وفي الخمسينيات نافح القصاصون كتاب الأجناس الأدبية الأخرى، ومنها الشعر، وفي العقود التالية تقدمت الرواية على الأجناس الأدبية الأخرى. وليس حدثاً طارئاً أن يفوز روائي وقاص عربي بجائزة نوبل عام 1988 هو نجيب محفوظ، فقد استوت القصة والرواية على عرش الأدب العربي الحديث خلال أقل من نصف قرن من الزمن. وأن يفوز نجيب محفوظ فهذا يعني أنه أصيل أولاً، ولا ينهج التقليد الغربي وحده؛ وإنها اعتراف بأصالة القصة العربية الحديثة فكيف حصل ذلك؟ وما دور النقد القصصي؟
في عام 1930 كتب محمد عبد الله عنان عن «أدب القصة والرواية وسبب ضعفه في الآداب العربية»، ونعى مستقبل هذا الجنس الأدبي الأسود وقال: «لهذا كله أعتقد أن المستقبل ليس لأدب القصص، وأن هذا النوع من الكتابة سيبقى في مكانه بعيداً عن النهضة الفكرية والأدبية العامة ما بقيت الحياة الإسلامية قائمة على أصولها وتقاليدها الأثيلة، وما بقي للأخلاق والخلال معيارها الإسلامي»( ).
بينما كتب نجيب محفوظ عن «القصة عند العقاد» عم 1945 مؤكداً أن «القصة هي شعر الدنيا الحديثة. وسبب آخر لا يقل عن هذا في خطره هو مرونة القصة واتساعها لجميع الأغراض، مما يجعلها أداة صالحة للتعبير عن الحياة الإنسانية في أشمل معانيها. لذلك توجد قصة عاطفية، وقصة شعرية، وقصة تحليلية، وقصة فلسفية، وقصة علمية، وقصة سياسية، وقصة اجتماعية. ولعل الشمول في التعبير يكون مقاساً أصدق من المقاسين اللذين يقترحهما الأستاذ الكبير، يقصد العقاد، ودلالته واضحة في أن القصة أبرع فنون الأدب التي خلقها خيال الإنسان المبدع في جميع العصور»( ).
استتب الأمر للقصة في الأربعينيات كما ذكرنا، بفضل مبدعيها أما النقاد فكانوا يرون رأيين يتداخلان أحياناً، وينفصلان إلى حدّ التناقض أحياناً أخرى، الرأي الأول يمازج فن القصة بالأشكال القصصية التراثية، ولا سيما المقامة، وخير معبر عن هذا الرأي هو جميل سلطان في كتابه «فن القصة والمقامة» (1967)، وأخصه بالإشارة لأن مقالاته كتبت، ونشرت في الدوريات والإذاعة في الأربعينيات، أما الرأي الثاني وهو السائد حتى اليوم إلى حدّ كبير فيعبر عنه رشاد رشدي في كتابه «فن القصة القصيرة» الذي طبع لأول مرة في الخمسينيات، ثم طبع بعد ذلك مرات، غير أن المهم ليس طبعاته المتكررة، بل اعتماده اعتماداً كلياً لدى الباحثين والأكاديميين والنقاد الذين وضعوا كتباً مدرسية وجامعية ونقدية تقلده أو تنسخه، ومن ذلك أشير إلى كتاب عزيزة مريدن «القصة والرواية» (1980)، وكتاب الطاهر أحمد مكي «القصة القصيرة، دراسة ومختارات» (1977).
ولا يؤمن أصحاب الرأي الثاني إلا بالتقليد الغربي للقصة، فقد استخرجوا الخصائص والمعايير من شوامخ القصاصين الغربيين ومنهم الفرنسي جي دي موباسان، والروسي انطون تشيخوف، والأمريكيين ادغار إل، بو وأو ـ هنري، وبدا حتى مطلع السبعينيات أنه لا مثال للقصة إلا القصة الغربية، وجرت محاكمة الفن القصصي والخطاب القصصي والاتجاهات القصصية والتحديث القصصي بالمقارنة مع القصص الغربي، وانتشر القصص التقليدي والتعليمي الذي يحذو حذو الغرب واحتل الواجهة، ولكن الصراع الذي داخله عنصر الإحساس الفاجع بالهوية القومية أواخر الستينيات والذي وجد ذروته المأساوية في هزيمة 1967، قد أدخل القصة في مداخل مختلفة بتأثير تطور النقد القصصي أيضاً، الذي اكتشف، مع التكاليف الباهظة لوعي الذات، أن فكرة القصة ليست نتاج قصة بعينها، وأنها تستنبط من قصص الشعوب كلها، وربما كانت الإشارة مع اكتشاف السرد وتنوعه وتراثه في كل تجربة قصصية.
لقد تعرف النقاد العرب متأخرين، ربما مثل الغرب الأوروبي، ولا سيما فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، إلى إنجاز الشكلانيين الروس، وخصوصاً إنجاز فلاديمير بروب الذي أطلق النظرة الجديدة لفكرة القصة وعلم تشكل الحكاية والخصائص البنائية للقصة، وتحديد صيغ علمية للتحفيز والحوافز والأغراض في كتابه المشهور «مورفولوجيا الحكاية الشعبية» (1929)، كانت أول استفادة من درس السرديات في شكلانيتها لدى نبيلة إبراهيم «قصصنا الشعبي من الرومانسية إلى الواقعية» (1974)، ثم تلته محاولة أخرى لأحمد مموهي «دراسات هيكلية في قصة الصراع» (1984)، وهو درس لهياكل القصص الشعبي كما تتيحها الدراسات البنيوية والسردية، كما أوضحنا في فصل سابق.
ونلاحظ أن التطور في النقد القصصي العربي، على الرغم من تبعيته الظاهرة أيضاً، قد توجه إلى القصص الشعبي، وهو الأدب الذي لم يعترف به، وظل غير رسمي في الثقافة العربية الكلاسيكية، وجدير بالذكر أن القصص الشعبي أساساً هو الذي مارس نوعاً من المثاقفة المعكوسة على القصص الغربي الحديث، أي تأثير ثقافة مغزوة تابعة على ثقافة غازية استعمارية أو ميتروبولوية، فلا ينكر أحد اليوم تأثير «ألف ليلة وليلة» على كبار القصاصين الغربيين في العصر الحديث، ناهيك عن تأثير قصص عربي آخر مثل «حي بن يقظان» و«كليلة ودمنة»..الخ.
هل يعني هذا أن النقد القصصي العربي قد تحرر من التبعية خلال العقدين الأخيرين؟ إن الإجابة هي أنه ما زال يدور في فلك التبعية، وأن عدداً من ظواهر تحرره تكمل سعيها، وأشير إلى بعض هذه الظواهر:
إن أبرز ظاهرة في هذا المجال هي تطور التفكير الأدبي والنقدي بالقصة جنساً أدبياً موصول التقاليد قد ينبع بالدرجة الأولى من تراثه السردي، ولعل أبحاث عبد الفتاح كيليطو رائدة في هذا المجال، ولا سيما كتبه «الغائب ـ دراسة في مقامة للحريري» (1987)، و«الحكاية والتأويل ـ دراسات في السرد العربي» (1988) و«المقامات: دراسة في الأنساق الثقافية» (1993).
وثمة ظاهرة ثانية هي تطور الموقف النقدي من فكرة القصة مما يؤدي إلى الاعتراف بعناصر القصص الكاملة في الموروث القصصي العربي، وهي عناصر مارسها قصاصون كثر ممارسة مترافقة مع الممارسة النقدية الجديدة، وهناك اليوم دراسات وأبحاث نقدية كثيرة عن استعمال القاص العربي الحديث لهذه العناصر مثل الأبحاث عن استعمال السرد التراثي عند نجيب محفوظ أو جمال الغيطاني أو محمود المسعدي وغيرهم.
وتستند هذه الظاهرة إلى ظاهرة أبعد وأسبق في التاريخ هي تعميق البحث في جذور القصة العربية، وكان أشار إلى ذلك على استحياء القاص يوسف الشاروني في كتابه الصغير «القصة القصيرة نظرياً وتطبيقياً» (1975)، وتكمن أهمية هذا البحث في التوكيد على أن فن القصة ليس نتاجاً غربياً، وأن القصة رافقت مسيرة الإنسان منذ طفولته الأولى. ثم خص فاروق خورشد جهوداً رائدة للبحث في التكوين الأول للقصة العربية تمحيصاً للأشكال القصصية في الجاهلية والإسلام الأول، فكان كتابه «في الرواية العربية ـ عصر التجميع» (1976) الذي دافع فيه عن القصة العربية في الموروث الأدبي العربي الضارب الجذور في التاريخ والأسطورة معاً، وبين بجلاء في كتاب آخر «في الأصول الأولى للرواية العربية» (1992)، أن كثيراً من الدارسين العرب في مطلع النهضة وقعوا في «خطأ اعتبار الأشكال الدرامية المختلفة للأدب أشكالاً وافدة مع معالم الحضارة العربية والفكر الغربي الذي بدأت أمتنا تتصل، وتتأثر به بشكل أو بآخر، واندرج تحت الخطأ أدب المسرح، ومعه أدب الرواية وأدب القصة القصيرة، بل وأدب المقال أيضاً»( ).
إن كتابه الثاني مثل كتابه الأول رد على مقولة مستقرة عند الدارسين والنقاد الذين استسلموا لدائرة التبعية، تنفي معرفة الأدب العربي القديم بالفن القصصي، وتنفي وجود هذا الفن أصلاً في دنيا الإبداع العربي الأدبي الموروث. وهكذا، أتاحت هذه النظرة الجديدة للتراث القصصي المناخ للبحث في فنون النثر القصصي التي عرفها التراث كالمناظرات والجدل والقص والسيرة الذاتية وغيرها، ونذكر من هذه الأبحاث «تاريخ الترسل النثري عند العرب في الجاهلية وفي صدر الإسلام» لمحمود المقداد (1993)، وكنا أشرنا إلى أكثر من كتاب عن هذه الأشكال السردية في فصل سابق.. الخ.
وكان الباحثون والنقاد قد درسوا على نحو غير منتظم الأشكال القصصية في التراث العربي ولا سيما النصوص التي لا تبدو قصصية لأول وهلة كأدب الغرابة والعجائب والرحلات والمنامات وغير ذلك، وأخص بالذكر في هذا المجال كتاب حسين الواد «البنية القصصية في رسالة الغفران» (1976).
ولم يكتف الباحثون والأكاديميون والنقاد بدرس أشكال النثر القصصي التراثية، بل عمق البحث في الثمانينيات بالسرد العربي الذي أسس له كما أشرنا، عبد الفتاح كيليطو على وجه الخصوص، فظهرت أبحاث ومقالات كثيرة حول جوانب أو بنية السردية العربية. من المفيد التوكيد في هذا المنحى على أن دراسة السردية العربية برهنت على تنوع أشكال أو أنواع النثر القصصي التراثي وثرائه من الخرافة إلى السيرة الشعبية إلى المقامة إلى المنام إلى المسامرة إلى المناظرة إلى الليلة إلى الحكاية إلى الخبر.. الخ.
أما الظاهرة التالية فهي تطور الموقف النقدي من نظرية القصة بفضل شيوع دراسة السرد نفسه، فاغتنت مكتبة النقد الأدبي العربي الحديث بدراسات تطبيقية ونظرية حول السرد وبنية النص السردي ونظرية القصة والرواية.
نعيد طرح السؤال: هل يعني أن النقد القصصي العربي قد تحرر من التبعية خلال العقدين الأخيرين؟ ونعيد الإجابة هي أنه مايزال يدور في فلك التبعية، وأن عدداً من ظواهر تحرره، كما رأينا، تكمل سعيها للخروج من المأزق الذي هو حضاري وفكري قبل أن يكون أدبياً ونقدياً. إن التطلع إلى التحرر يحتاج إلى تمكين سلطة المعرفة وسيرورة إنتاجها في المجتمع العربي الحديث، ومن الواضح أن مثل هذا التطلع ما يزال أملاً يشتغل عليه المشتغلون على اختلاف اجتهاداتهم وإشكالياتها وتناقضاتها غالباً، لأننا لو أنعمنا البحث في المحاولات النقدية للتخلص من ربقة التبعية، فسنجدها تغص بمثل هذه الإشكاليات والتناقضات، وهذا كله يحتاج إلى بحث آخر، على أنني سأقدم حالة واحدة هي شغل الناقد عبد الفتاح كيليطو.
2-4- عبد الفتاح كيليطو نموذجاً:
كثيرون لا يعرفون عبد الفتاح كيليطو، لأسباب تتعلق بالعزلة الثقافية بين قطر عربي وآخر، مما يؤثر على إشاعة الثقافة العربية الأصلية وانتشار الكتاب العربي. وتنمية الثقافة العربية بعد ذلك. عبد الفتاح كيليطو، باحث وناقد متميز من المغرب العربي، وهو أستاذ في كلية الآداب بجامعة الرباط، ينتمي إلى جيل الثمانينيات بين النقاد العرب الذين يخوضون معركة تأصيل الثقافة العربية، وفي مقدمتها التعريب والتحديث المستند إلى أصالة نادرة تظهر في دراسات هذا الرجل وأبحاثه. ولعلنا نعرف القارئ بجهوده الكبيرة واتجاهه الواثق المستنير إزاء قضية من أخطر القضايا التي تواجه الأدب العربي الحديث، أعني بها قضية تكّون الأجناس الأدبية العربية الحديثة في خضم التيارات الفكرية المتصارعة، وتأثير المثاقفة على سيرورة الثقافة العربية، ومبالغة اعتمال الأديب العربي بفكرة الأدب كما ينتجها الغرب. لقد درس كيليطو الأدب في فرنسا، ولكنه حين يكتب، فإنه بعيد كل البعد حتى عن المظاهر الشكلية في المناهج الغربية أو اصطلاحاته، جاهداً أن يصوغ منهجه من قبل الممارسة الذاتية الموصولة بتراثها العريق حين تندغم بوجّدان الأمة، وتبدع أدبها الأصيل.
لا يذكر كيليطو، في دراساته وأبحاثه، مصطلحاً غربياً ولا نصاً أجنبياً على سبيل التثاقف أو التفاصح، وعندما يستخدم المنهج البنيوي في النقد، فهو يجتهد لاستعماله منهجاً، فلا يكون نقده مستعاراً أو مباشراً، بل يجعله أسلوباً أستاذياً، على حد تعبير عبد الكبير الخطيبي، أي فاعلاً وتعليمياً ينبع من إبداع يقظ.
كتب كيليطو كتباً قليلة، وصفحاتها قليلة (مجموع صفحات كتبه بالعربية لا يتجاوز 800 صفحة، ولكن هذا القليل وضعه في مصاف أفضل النقاد والباحثين العرب.. صدر له كتابان بالفرنسية «الفصول» (1985) و«المؤلف وشياطينه» (1985) وسبعة كتب بالعربية هي:
• الأدب والغرابة ـ دراسات بنيوية في الأدب العربي ـ بيروت 1982.
• الكتابة والتناسخ ـ مفهوم المؤلف في الثقافة العربية ـ ترجمة عبد السلام بنعبد العالي ـ بيروت ـ الدار البيضاء 1985.
• الغائب ـ دراسة في مقامة للحريري ـ الدار البيضاء 1987.
• الحكاية والتأويل ـ دراسات في السرد العربي ـ الدار البيضاء 1988.
• المقامات ـ السرد والأنساق الثقافية ـ الدار البيضاء 1993.
• لسان آدم ـ الدار البيضاء 1995.
• العين والأبرة ـ دراسة في ألف ليلة وليلة ـ القاهرة 1995.
عني كيليطو في كتاباته بمفهوم التأليف في التراث العربي وأنساقه وطرائقه ولا سيما السرد العربي، وكان سمى الخطيبي في تقديمه لكتاب «الأدب والغرابة» هذه الدراسات بمثابة مدخل لنقد أدبي جديد يأخذ على عاتقه التواصل مع التراث العربي وكذلك النظريات الحديثة المتصلة بموضوع الكتابة، أنه يرمي «إلى تدقيق بعض المصطلحات: الأدب، النوع، النص، تاريخ الأدب، السرد... وفعلاً، أنه يعرف كل موضوع من هذه الموضوعات بانتباه محترز. وبطريقة تدريجية، إلا أنه انتباه مصحوب بنوع من المكر النادر في مجال النقد الأدبي، فلكي يوجد هذا الأخير، يتحتم عليه أن يكون «نقدياً» أي يتمثل نظريات ومناهج التحليل، ومن جهة ثانية، يتحتم عليه أن يكون «أدبياً» وذلك باستنباط الأشكال الأستطيقية لتحليله حتى يتمكن ليس فقط، من الحديث عنها بدقة، بل من أن يصبح فناً للكتابة الخصوصية، وفناً متناقصاً، أي كتابة نقدية بالمعنى العميق»( ).
والخطيبي ماهر في توصيفه لعطاء كيليطو النقدي، فالأخير يعمل بدأب وصبر وتواضع في مصنفات التراث العربي ليؤكد دون لبس السيرورة الإبداعية الخلاقة للتأليف العربي الذي لا يشمل فنون القصة والمقامة والحكاية. بل يتسع لكتب الأخبار والتراجم والسير والمأثورات الشعبية، ففي كتابه الأول «الأدب والغرابة» عالج في قسمه الأول مفاهيم النص الأدبي وتصنيف الأنواع وقواعد السرد. وقدم ملاحظات منهجية حول دراسة الأدب الكلاسيكي: مفهوم الفرد المبدع، ومفهوم تلاحم أجزاء النص أو الوحدة العضوية، ومفهوم الشاعر في التراث العربي. وتعمق في القسم الثاني من كتابه في بحث الغرابة والألفة بين أرسطو والجرجاني ومفهوم السرد والكتابة عند الحريري، ومفهوم الأدب عند الزمخشري، والسرد في الملح والنوادر وحكايات السندباد. ومن الملحوظ أن الدراسات جميعها لا تغادر مفهوم السرد وتطبيقاته الكثيرة في التراث العربي. ويعلل كيليطو عنايته بالسرد، في افتتاحية كتابه، ويقول:
«السرد يبتدئ عادة بوصف سفر أو انصراف أو ذهاب، ما أكثر الروايات والأفلام التي تفتتح بمشهد طائرة تقلع، أو سيارة تندفع، أو فرس ينطلق، أو قطار يستعد لمغادرة المحطة، أو طائر يطير، أو باخرة تبحر، هذه الحركة تنقل البطل من فضاء إلى فضاء. وتثير السؤال المعروف ماذا سيحدث؟ ليس من الضروري أن ينتقل البطل إلى فضاء عجيب تسكنه الجن والعفاريت. المهم هو أن يجد نفسه في فضاء «آخر» يعرفه، أو سمع به فقط، أو تغيب عنه مدة طويلة، أو لم يكن يتصور أن يجتاز يوماً مدخله»( ).
ويجد في طبيعة السرد العربي جانباً لا يخفي من الغرابة، ويتأكد هذا الشعور بالغرابة «عندما يتعلق الأمر بمؤلفات قديمة تحدها عتبة زمنية ليس من السهل اجتيازها ما أكثر القراء الذين لا يبصرون العتبة فيتجولون في الماضي كما يتجولون في الحاضر، وما أكثر القراء الذين يقفون عند العتبة ولا يجرؤون (أو لا يبالون) باجتيازها وما أكثر القراء الذين يقدمون رجلاً ويؤخرون أخرى، على أية حال كلنا يعلم أن تحديد المستقبل مرهون بتحديد الماضي، وتحديد الماضي مرهون بتحديد الغرابة.
أي أن كيليطو لا يدرس السرد العربي وفضاء الغرابة لمجرد الدرس، فالمسألة تتعلق بوعي الذات بالدرجة الأولى، ولعل ختامه لدراسته عن السرد السندبادي يكشف بعض أسلوبه النقدي:
«حكايات السندباد بمثابة حوار، أو جدل، بين الانغلاق والانفتاح، تماماً كالثقافة المعاصرة لها (الجاحظ مثلاً) التي تتميز بالالتحام بين عناصر مألوفة وأخرى غريبة بين البر والبحر. واليوم من ينكر أن السندباد ما يزال يخاطبنا عبر القرون ويسألنا عن علاقاتنا بالعالم المألوف وبالعالم الغريب (الغربي)؟ لقد كثر حفدته. على الخصوص منذ عصر النهضة (انظر على سبيل المثال: الساق على الساق لأحمد فارس الشدياق، وحديث عيسى بن هشام للمويلحي). وليس في الأفق ما ينبئ أن عهد ـ السنادبة ـ قد انتهى، بصفة أو بأخرى، كلنا اليوم، في العالم العربي سندباد»( ).
حين التقيت مع كيليطو، في المرة الأولى بالدار البيضاء عام 1985، في ندوة «النقد والإبداع» كان كيليطو أقرب إلى طابع المثقف الأنجلوسكسوني، يؤثر العزلة والصمت، على الرغم من تثقيفه العربي والفرنسي الذي يصل إلى الأضواء وتحبيذ الانخراط في جماعة، واللهفة إلى تكوين مريدين يتبعون أستاذاً في مدرسة فكرية أو فنية واحدة، والتوق إلى الإعلان عن الإنجاز الإبداعي حتى قبل إنتاجه. كان كيليطو نشطاً في تأمل أعمال الندوة، شديد الاهتمام بما يدور في الأبحاث والتعقيبات والمناقشات العامة، قليل الالتفات إلى الحوار الثنائي أو التفكير بصوت مرتفع.
اتفق معي، على حياء، أن نتحدث في حاضر النقد الأدبي العربي، انطلاقاً من تجربته الخاصة، ومعاينة أبرز الأصوات النقدية العربية المؤثرة في ثقافتنا، ثم انقضت أيام الندوة على حرصه إلا يبوح برأي في تجارب الآخرين وأفكارهم، ومن يقرأ كتابه «الحكاية والتأويل» يرى أنه أمين لأسلوبه في النقد، فغالبية مراجعه ومصادره تنحصر في التراث العربي، باستثناء كتابين لجابر عصفور وشوقي ضيف، كانت الإشارة إليهما توثيقية، وكتاب وحيد ليحيى إبراهيم عبد الدايم عن «الترجمة الذاتية في الأدب العربي الحديث» وجده مجالاً لتعنت درس التراث، مما لا يتفق مع أسلوبه الذي ينطلق من المصنفات التراثية لكشف آليتها الفكرية والفنية وخصائص السّرد فيها، ويتيح لنا تعليقه على عبد الكريم عبد الدّايم في كتابه «الحكاية والتأويل» أن نتعرّف إلى جانب من أسلوبه النقدي:
«الحديث عن الذّات ـ أو حديث الذات ـ عرف عدّة مظاهر، حسب الثّقافات والعصور، بحيث أن ما يسمّى بالأوتوبيوغرافيا: هذا يعنى أنه يتحتّم علينا ألاّ نقرأ تعريف ابن خلدون والسّير القديمة بصفة عامّة، بنفس المقاييس والمفاهيم السّائدة اليوم، هذا لا يعنى أن بالإمكان إلغاء معرفتنا بالسّيرة الحديثة أو نسيانها عند دراسة السّيرة القديمة. فالأوتوبيوغرافيا حاضرة في الأذهان وتشكّل أفقاً معرفيّاً يثرى، باختلاف، فهمنا للأفق المعرفّي الذي ترسمه السّيرة القديمة. المهّم هو أن نحذر ونحتاط حتّى لا نحكم على نصوص كلاسيكية بمعايير عصريّة.
هذا شيء بدهيّ، لكّن البدهيّات تغيب أحياناً عن البصر. فهناك من يتأسف، بصفة صريحة أو ضمنية، لكون السّيرة القديمة تبتعد عن النّموذج الحالي، كما أن هناك ـ وهذا شيء معروف ـ من يلوم الهمذاني والحريري لأنهما لم يتقيدا بقواعد القصّة والرّواية، عندما لا تدرس النّصوص القديمة لذاتها فإنّها لا محالة تبدو مشوبة بالنّقص والشّذوذ، فمن الباحثين من يضفى صبغة المطلق على أسلوب السّيرة الذّاتية الحديثة ويعتقد أنه أسلوب «طبيعي» فتبدو له السّيرة القديمة منحرفة لا تستقيم إلاّ في صفحات قليلة، أي الصّفحات التي لا تتلاءم مع النّموذج الحالي، وهكذا فإنّه لا يفهم لماذا يحفل التعريف بـ «الاستطرادات والتّفصيلات» و«إثبات رسائل مطّولة لابن خلدون ولآخرين لا يفهم لأنه عوضاً عن أن ينظر إلى النّص كما ورد، ينظر إليه كما ينبغي أن يكون»( ).
وربما كان هذا التعليق الوحيد على شغل غيره النّقدي تمهيداً لتطور في أسلوبه النقّدي يسوّغ له الانخراط أكثر في النّشاط الثقافي العربي وحوار الفعاليّة النّقدية الرّاهنة. قدّم كيليطو إلى ندوة «الأدب والإبداع» بحثه الأولى عن «الجرجاني والقصة الأصلية» الذي سيكون دافعاً لجهده البارز في دراسة السّرد العربي، وهو مادّة كتابه «الحكاية والتأويل»، وفيه استطاع أن يقدّم درساً علمياً، هو اجتهاد، وهو بحث في الهويّة والتّأصيل، عن غنى قابليّات السّرد العربي كما رآها في كتب التّراجم (التعريف بابن خلدون ورحلته غرباً وشرقاً) وكتب البلاغة وعلوم اللّغة (أسرار البلاغة للجرجاني) وكتب المتصوّفة (التّشوّف إلى رجال التّصوّف لابن الزّيات)، بالإضافة إلى كتب القصص والحكايات كما في دراسته لحكاية من «ألف ليلة وليلة» و«كليلة ودمنة».
يوّضح كيليطو أمراً في غاية الأهمية هو الغبن الذي لحق السّرد العربي، لأسباب الجهل به أو تجاهله، وعدم توظيفه في السّرد العربي الحديث، قصة ورواية ومسرحية وسوى ذلك من أجناس أدبية، لهذا اختزلوا السّرد العربي بعنوانات قليلة هي «ألف ليلة وليلة» و«كليلة ودمنة» و«رسالة التوابع والزوابع» و«المقامات» و«رسالة الغفران» ولا شيء غير ذلك. «قرون من السرّد يختزلها لك في أربعة أو خمسة عناوين ثم لا يكتفي بهذا ـ هذا يكتب كيليطو ـ بل يشعرك أنه لا يرضى بهذه المؤلفات ولا يعتبرها نماذج صالحة، ولا يمنعه من إعلان احتقاره لها خشيته من هوان الآباء والأجداد.» ( ).
ثم ينعي كيليطو المفهوم الضّيق للأدب لدى النّقاد والباحثين الذين يصبّون اهتمامهم على السّرد «الأدبي» وحده، ويقصون أصنافاً أخرى لا يعدونها أدبية:
«أن دراسة السّرد لن تتقدم ما دام الجري مستمراً وراء» «التخصص»، وما دام العديد من الباحثين لم يفطنوا إلى أن ميدان اهتمامهم ينبغي أن يكون السّرد العربي بمختلف فنونه ومظاهره. إن الحواجز التي نضعها بين الأنواع، لها ما يسوغها، ولكنها تظل نسبية، فهناك خيوط كثيرة تشدّ الأنواع فيما بينها، وعلى عدّة مستويات، حيث لا يجوز لمن يدرس «ألف ليلة وليلة» مثلاً أن يتجاهل تاريخ الطبري ورحلة ابن بطوطة وكتب التّراجم»( ).
أن ما يميز نقد كيليطو، هو سعة النظرة إلى الأدب، والانطلاق من النّصوص الأدبية ذاتها، يحاورها في زمنها وما يبقى منها على مر الأزمان، يستخرج اللؤلؤ والثمين الكريم فيها فيصونها ويحفظ لها خصائصها في أنساق تنضيد لا تعسف فيها ولا مغالاة، وبفتح أسئلتها على العصر لتقول هذه النّصوص بيسر منظومتها المعرفية والجمالية، أنه درس السّرد العربي الذي يكتشف مجدّداً على يدي كيليطو، ليس بمقاييس ومعايير مجتلبة، بل بأحدث المقاييس والمعايير التي تتيحها المناهج النّقدية الحديثة. في دراسته للمقامة الكوفية للحريري، يشرح كيليطو أسلوبه النّقدي أيضاً:
«كان الهدف من الملاحظات السّابقة إبراز جانب من الخلفية التي تدعم المقامة الكوفّية، وهي خلفية يستحيل تأريخها، مثلما يستحيل تأريخ الخيال والحلم، لقد حاولت من خلال تحليل مجموعة من النصوص تنتمي إلى عدّة أنواع (الخطاب البلاغي، الشّعر الخرافة، المثل) وإلى عصور مختلفة (الجرجاني، ابن المعتز، ألف ليلة وليلة، الميداني)، حاولت ربط سلسلة من الأزواج: النّهار، اللّيل ـ النّور ـ الظّلام ـ الشّمس ـ القمر ـ الواقع ـ السّطحي ـ المشروعية ـ الإدّعاء.... الازدواج، سنتعرّف عليها بصفة أدق عند دراستنا لمقامة الحريري»( ).
يستفاد من هذا العرض الوجيز لنتاج عبد الفتاح كيليطو النّقدي ما يلي:
1- يقدّم عبد الفتاح كيليطو نفسه على أنه أحد المشتغلين القلائل بتأصيل الأجناس الأدبية العربية، وأن البحث في حداثية هذه الأجناس يكمن في تتبع التقاليد الأدبية العربية كما تتبدى في ذلك التراث الهائل من الأشكال الأدبية والفنية النّابعة من حوار مختبر مع الزّمن والبشر، وإذا كان كيليطو قد اختار لبحوثه جانباً من هذه التقاليد الأدبية، أعنى به السّرد الأدبي، فإن آخرين يستطيعون أن يثمروا البحث في قضايا التفكير الأدبي الأخرى، في النظرية الأدبية أو الشعر أو المسرح أو غير ذلك.
2- حين يؤصل كيليطو بحثه في السرد العربي، فإنه يؤصل بحثه النّقدي في الوقت نفسه، ويجيب من خلال شغله المتأني والحذر عن معضلات منهجية واصطلاحية لا شك هي في مقدّمة اهتمامات النّاقد الأدبي العربي المعاصر في دأبه وسعيه نحو الحداثة. لقد وصف نقده بالتّأويل، لكنه التّأويلالمستند إلى أدوات معرفية تمازج بين قراءة التّراث النّقدي العربي وأحدث مناهج النّقد الغربي. ولا يغفل المرء هنا حماسته للبنيويين في ميله لتطعيم منهجه بالأسلوبية أو الشكلانية أو اللغوية حين يسترسل في «تفريد» المعاني والدّلالات لاستخراج الصّوى والعلامات على نسق تأويلي لسياق آخر قد يكون معرفياً أو أسطورياً أو نفسياً. ولعلنا نستكمل عرضنا للتعريف بهذا المنهج النقدي من خلال طريقته في دراسة السّرد العربي:
في دراسته لإحدى مقامات الحريري، وسمّاها «الغائب»، ويقصد به نسق السّرد أو سرّ حياكة الحكاية، وربما غير ذلك، ينظر كيليطو إلى المقامة الخامسة الكوفية على قسمين:
- الأول: يحلّل فيه العنوان وبعض إشارات النّص كالاستهواء، وعودة الهلال الخلابة (من فعل خلب)، وإبراهيم وضيفه، والسراج، والوارث الشّقي (حول أبّوة فنّ المقامة).
- الثاني: يبحث فيه السّرد المقامي عند الحريري كالرغبة في السّرد، وشخصيات المقامة، والنّسب والتّرقيش، وقوة السّرد والسّراب، والرّواية والإسناد.
ويغلب على تحليل كيليطو وبحثه في السّرد استغراقه في تأويل النّص لاستخراج مكنوناته اللّغوية والدّلالية سبيلاً لكشف حاضنته الإنسانية وإضاءة خباياه النّفسية والوجدانية تمهيداً لدرس السّرد من مختلف جوانبه ومقوماته: السّارد والرّاوي، الشّخوص والأدوار، المنظور السّردي ووجهة النّظر، الإنساق الحكائية المتّبعة في المقامة، لتخرج من ذلك كلّه بقصة ضمن تنضيدها الخاص تصير فيه المقامة إلى «حياة» تدّب في الحكاية لسعة التأمل واتّساع الرّؤيا. إن آراء كيليطو النّقدية ناعمة لطيفة تعمّرها ثقافة واسعة وذائقة مرهفة الإحساس بمطاوي النّص ومكنوناته، ونورد هنا شاهداً لهذه الكتابة النّقدية من فصل «قوة السّرد»:
«هناك قاعدة لا يجادل فيها أحد، وهي أن الحكاية لا تروى إلا بالمقابل، وذلك أنها تروق له، أو تثير اندهاشه أو تحرك شفقته، فيشعر بالحاجة إلى تعويض الرّاوي. لا تشذ المقامة الخامسة عن هذه القاعدة، بل أنها تؤكدها وتوجه الانتباه إلى العقد الذي يربط الرّاوي والمستمع، فمباشرة بعد الانتهاء من رواية حكايته، حرص أبو زيد على معرفة رأي مضيفيه. فأعلنوا أنه لم يخيّب ظنّهم، وأنه أرضى الرّغبة التي عبّروا عنها، وروى لهم حكاية لم يسمعوا بأعجب منها، بصفّة غير مباشرة اعترفوا له بحقوق عليهم. ليس هذا كلّ ما في الأمر، فعلى الرّغم من كون الحكاية انتهت فإنّها، كفعل سرديّ ما زالت سارية المفعول، أنها تشتمل على طلب ضمنيّ، وتدعو المستمعين إلى القيام بفعل معيّن، لقد رويت من أجل هدف، من أجل غرض لم يعبّر عنه صراحة، ولكنّه يعمل خفية ويفرض نفسه بقوّة، فكأنه يقول: لو كنت ذا مال لتعرّفت إليه... لو منحني أحد ما يكفيني من المال، لو ساعد تموني، لكفلت ابني»( ).
ثّم يختتم تحليله لقّوة السّرد على النّحو التّالي:
«من الصّعب تحديد الوقت الذي تنتهي فيه حكاية، الوقت الذي يشعر فيه المتلّقي أنه أمام حكاية تامّة وكاملة، أّنها مسألة تتعلّق بالعصر وبالنوع السرديّ وبالتّقاليد الأدبيّة، كيفما كان الحال فإنّ النّصاب الذي وعد به أبو زيد يهدف إلى إعطاء الحكاية امتداداً، مشهداً جديداً يتّم فيه الخروج من المأزق الذي أعدّه الدّهر لأب يلتقى بابنه ولا يتجاسر على التّعرّف إليه الحكاية لم تنته به، أو ليست لها النّهاية المرجوّة في الوقت الذي أدرك الحارث وصحبه الطّابع غير النّهائّي للحكاية، أدركوا أيضاً أن خاتمتها المناسبة بيدهم»( ).
وفي «الحكاية والتأويل»، وهذا تصريح بمنهجه النّقدي التّأويلي للحكاية في دراساته للسّرد العربيّ في نصوص مختلفة التّأليف والوضع، من نصوص «ألف ليلة وليلة» و«كليلة ودمنة» التي يتُضح فيها السّرد، إلى الجرجاني (وهو نّص نقديّ) ونصوص التّراجم الذّاتيّة للأصفهاني وابن خلدون ونصوص المتصوّفة، التي تبدو غير سرديّة، يصول كيليطو ويجول في غنى السّرد العربي وتنوّع طرائقه وأساليبه المتصلة بتقاليد الأدب العربي في عصوره المختلفة. وفي تقديمه لدراسته «الجرجاني والقصّة الأصلية»، وكان قدّمها لندوة الدّار البيضاء تحت عنوان «النّقد والأبيسيّة»، يمهّد لطريقته النقّديّة بالكلمة التّالية:
«عندما ندرس نصّاً» على ضوء هذا المنهج أو ذاك، فأنّنا نعتقد أو ـ نفترض ـ أن النّص غامض، مبهم، يكتنفه ليل كثيف دامس، وإلاّ فما الحاجة إلى الضّوء؟ لكي لا نضلّ، أو نحيد عن الجادّة، فأنّنا نستعين بمصباح منهجيّ، كلمة منهج تتضّمن العديد من المعاني اللّغويّة والثقافيّة: المسلك الواضح، الطريق المستقيم، السّبيل البيّن المستوى... هكذا يتحوّل الدارس إلى مخلوق عجيب، إلى مشّاء يقتحم اللّيل وفي يده سراج يستنير به. هذا التّصوّر، الذي نفطن إليه في الغالب، يتراءى أيضاً عندما يتعلّق الأمر بنصوص (واضحة) نصوص يوجد فيها مصباح داخلي يزيح الظلمة عنها، لكن الدارس يعتقد أن هذا الوضوح مفتعل، يهدف إلى إخفاء أمور لا يُراد الإفصاح عنها، أو على الأقل يعتقد أن الوضوح نسبي ومحفوف بمناطق من الظلام، هكذا تمحى الفوارق بين النصوص الفكرة والنصوص الصافية فتصير كلها غارقة في الظلام، ويكون على الدارس أن يشيع النور فيها، أن يحول الليل إلى نهار مشرق»( ).
مسألة الوضوح والغموض تعرف عدة أشكال:
الحقيقة والوهم، اللباب والقشور، المحتوى والغلاف... العديد من النصوص الكلاسيكية، على الرغم من انتمائها إلى أنواع مختلفة، تبرز الصور نفسها، تلك الصور التي تعود في النهاية إلى التعارض بين الظاهر والباطن، أن دراسة الصور تقتضى رفع الحواجز الموضوعة بين الأنواع وافتراض وحدة في الثقافة العربية الكلاسيكية كيفما كانت الأنواع، نثرية أو شعرية، رفيعة الشأن أو ساقطة، واقعية أو أسطورية، بهذا المعنى يمكن القيام بدراسة موازنة لأسرار البلاغة وكليلة ودمنة وألف ليلة وليلة، أنني طبعاً لا أجهل الفروق بين الأنواع، لا أجهل أن الثريا بعيدة كل البعد عن سهيل، وأنهما لا يلتقيان أبداً، بيد أنني عند قراءة أسرار الجرجاني ألمح فيه عناصر قصة أصلية، عناصر مشتتة سأحاول جمعها ولمها، وأعني بالقصة الأصلية قصة تتحدث عن الوجود بناء على مبادئ أسطورية (بالمعنى، الإيجابي لكلمة أسطورة كما تبرزه الدراسات الحديثة).
ومن هذا المنظور، درس السرد في (أسرار البلاغة) وهكذا اختتم نقده بالخلاصة الشيقة لثراء السرد العربي بعد استكمال التأويل الذي يسلس قياد النص للقراءة الجديدة:
«لا تعني الغرابة الشيء الذي لم تره العيون ولم تسمعه الآذان، أنها على العكس متعلقة بشيء معروف ومألوف، إلا أنه منسي ومدفون في أعماق النفس، ووظيفة الشعر هي نشر هذا المطوى وإبراز هذا المخفي، أن المناطق العذراء والمجهولة التي يكشفها الشعر هي في الحقيقة مناطق سبق للمرء أن جال فيها وطاف في أرجائها، وعلى هذا الأساس فإن ما يحدث هو إماطة اللثام عن وجه معروف بصفة حميمة حميمة، في نهاية الأمر لا مفر من الإقرار بأن الغرابة عند الجرجاني، ليست إلا الألفة نفسها»( ).
رأى النقاد العرب في محاولة كيليطو مغامرة يمكن أن تفضي إلى إقامة أوثق العلائق المباشرة مع التراث، وأن قراءته النصية التأويلية مميزة ودالة، أنه يقرأ النص من الموقع ذاته يؤوله ويفتحه على غناه، على احتمالاته على أسراره، على كل إمكانيات القول، بينما النقد معنى أيضاً بتوليد المختلف، بإعادة خلق النص بإبداعه جديداً، وذلك بقراءته من موقع مختلف، هو موقع زمني تاريخي آخر (الرأي ليمنى العيد)، وأفاد نقاد آخرون أن نقد كيليطو يسهم في إضاءة الحدود بين ما هو أدب وما هو نقد، ولا سيما نسب الخطاب الفني وتوالد أجناسه ونموها من مرحلة لأخرى، فالسرد كامن في أجناس أدبية كثيرة، ولكن الشكل السردي مرهون براويه وموقعه وإسناده ومنظوره... الخ، ومن هذا المنطلق الحكاية أو القصة يجنحها السّرد وفضاؤه ثم تستكمل أدواتها الروائية أو الحكائية على طريقتها، وعلى هذا النحو، أنهى كيليطو دراسته لكتاب (التشوف) للمتصوف ابن الزيات، ولا سيما ترجمته لولى اسمه أبو سهل القرشي:
«عندما ينتهي القارئ من قراءة ترجمة أبي سهل، فإنه يتساءل: ماذا حدث بعد أن كلم الجمل أبا سهل؟ ماذا كان رد فعل هذا الأخير؟ هل استجاب للدعوة الموجهة إليه؟ هل وضع المخلاة على ظهر الجمل ليستريح من حملها؟ لا شك أنه لبى الدعوة لأنها، بصدورها من حيوان غير ناطق أصلاً، شيء خارق، شيء يدل على تدخل قوة تتعدى الفهم العادي للعالم وللقوانين المتحكمة في الأشياء، فليس بوسع أبي سهل إلا أن يمتثل للأمر ويستريح من حمل الكتب.
ثم ماذا كان مصير هذه الكتب؟ ومصير الجمل؟ هل ظهر هذا الحيوان العجيب فجأة وخصيصاً لحمل مخلاة أبي سهل؟ في هذه الحالة سيرافق صاحبنا إلى أن يصل إلى مراكش، وبعد ذلك سيختفى لأن دوره سيكون قد انتهى، وخلال السفر الطويل سيرمقه مرافقو أبي سهل بعين الدهشة والإكبار، أما في حالة ما إذا كان الجمل ضمن جمال القافلة فإنه سيصير عند حلوله بمراكش أعجوبة الوقت، لأنه تكلم ولأن الكرامة تحققت عن طريق كلامه، سيصير مقروناً بأبي سهل وسيهرع الناس لمشاهدته، بل سيترقبون منه مزيداً من الكلام، لأن الجمل الذي تكلم مرة لا يستحيل أن يتكلم مرة أخرى»( ).
إن شغل كيليطو النقدي مهم، ليس في تطوير منهج تأويلي نقدي حداثي استناداً إلى التراث النقدي العربي، بل أنه، وهذا الأهم، يضع العلاقة مع الغرب في موضعها التاريخي، لا أكثر ولا أقل، فيجد في تواصل تقاليد السرد العربي ضمانة حية لتطوير الأجناس الأدبية الحديثة كالقصة والرواية والمسرحية، وعلى هذا توضع المثاقفة في سياق معرفي إنساني بعيداً عن أوهام الغزو والمؤثرات الأجنبية التي أهملت وعي التقاليد القومية في الأدب والتفكير الأدبي العربي عمداً أو عن غير عمد بعد ذلك، لربما كان كيليطو ناقداً معبراً عن واقع الحال ومجاوزته في آن واحد، عن الطموح إلى التخلص من ربقة التبعية، وإن لازمت شغله بعض الإشكاليات والتناقضات المؤرقة، وهنا تكمن أهمية جهد كيليطو النقدي بالدرجة الأولى. إشارة إلى استمرارية الصراع مع حالات التبعية والتنميط والتغريب.




الخاتمة

كانت رحلة طويلة متشعبة المسالك، تلك التي قطعناها مع النقد الأدبي العربي الحديث المتأثر بالاتجاهات الجديدة، وهي رحلة عسيرة وشاقة لأمرين، الأول هو افتقاد المكتبة العربية لكتاب شامل عن حركة النقد الأدبي العربي الحديث، وبهذا المعنى، فلعل بحثنا هو أول محاولة في هذا الاتجاه، والثاني هو ضعف الفكر النقدي العربي لدى معاينته لشؤون الهوية وشجونها في الثقافة والأدب والنقد، فمن السهل أن نكتب بحثاً عن تطور جنس أدبي في مرحلة تاريخية محددة، وفي قطر أو أقطار معينة، ولكنني آثرت أن ألجأ إلى المنطقة الأصعب، وهي تقصي هذا التطور في أدق مفاصله حساسية وخطورة وراهنية وضغوطاً على الذات، أعني الهوية، وما تستتبعه من تبعات كثيرة.
ولما كان البحث على هذا التشعب والعسر، فقد التزمت بمنطلقات واضحة، هي العرض التاريخي المدقق، والرؤية النقدية التي لا تجور على النصوص، وشمول الإنتاج النقدي في الأقطار العربية جميعها، وقد برهن البحث أن الوحدة الثقافية العربية لا شك فيها، على الرغم من وطأة التحديات التي تواجه الثقافة العربية في نهايات قرن، ومشارف قرن جديد.
لقد حرصت في الفصل الأول التمهيدي على الإحاطة بنشأة النقد الأدبي العربي الحديث الخاص بالقصة والرواية وتطوره حتى اشتداد عوده فيما بعد الحرب العالمية الثانية. ولم يكن خافياً على الدوام أن النقد الأدبي من أبرز تجليات الفكر والوعي على وجه العموم. كانت عمليات نقد الذات المستلبة ونقد الآخر المستعلي حاضرة في التحولات الكثيرة التي عرفتها حركة الأدب العربي الحديث، وعانت منها في أحايين، ولذلك حمل النقد المظاهر ذاتها مثلما أصابته أسباب التطور نفسها.
ولا يخفى أن البحث يجاوز مدى الإحصاء الكمي، على اتساع مكتبته ووفرة النصوص التي عالجها، إلى الآفاق الفسيحة للحوار حول وعي الذات في تجليات النقد الأدبي العربي الحديث، ولا شك أن النتائج التي خلص إليها البحث في غاية الأهمية، فثمة ظواهر كثيرة للتحقق الذاتي تشهد على تراجع فكر التبعية والتنميط والتغريب. إنها عملية معقدة وشائكة، غير أن النقد الأدبي العربي الحديث في تعامله مع الاتجاهات الجديدة قد أجاب على أسئلة الهوية، مثلما واجه مشكلات فكرية وفنية وتقنية متعددة، فيما يخص المصطلح أو المنهج أو اللغة أو الفكر النقدي ذاته.
ولعل هذا ما يسوغ عنايتي الفائقة بقضية المصطلح، واخترت لهما مصطلحي الواقعية والحداثة، وبقضية التبعية في مجال نقد القصة والرواية، ومثلت لها بنموذج نقدي باهر للتنازع بين التأصيل والتبعية، هو عبد الفتاح كيليطو، على أنني آثرت ذكر العلامات الدالة على القضية، لا الاستغراق بالتفاصيل التي لا طائل وراءها سوى تعزيز الرأي النقدي، ولهذا السبب، على سبيل المثال، لم أفرد حيزاً لكتابه الأخير «لسان آدم»، لأنه لا يضيف شيئاً حول أطروحة كيليطو الفكرية، إلا تأييد أرائه السابقة ومنهجيته الجديدة التي يشتغل عليها.
وأودّ أن أشير في هذا المجال إلى اشتغال النقد العربي الجديد على وعي الموروث السردي، إذ بلغت عناية الناقد العربي بموروثه السردي شأواً عالياً في الكشف عن استيعاب الاتجاهات الجديدة، مثلما يبعث ذلك الألق العميق لخصوصيات الذات القومية في الأدب والنقد.
إن النقد الأدبي العربي الحديث على مفترق طرق، وقد بين البحث سعة الخيارات وآفاقها الرحيبة، كما ظهر ذلك جلياً في النقد التطبيقي، إذ إن الممارسة النقدية استغرقت في التطبيق، بينما خمل صوت النظرية أو التنظير إلى حدود التعريف العجول، أو التسويغ النظري لممارسة نقدية تطبيقية أو التلقف اللاهث للاتجاهات الجديدة دون تمحيص أو تعريب مناسب، فليس ثمة كتاب نقدي نظري ـ خالص، لأن الإسهامات النظرية، كما رأينا، تلازم النقد التطبيقي، بما يشي عن مرحلة المخاض الطويلة التي يقطعها الناقد العربي إلى هويته، استقلالاً فكرياً وصوغاً منهجياً جديداً.
ولعل الكلمة الأخيرة تنفع في جلاء المسألة كلها، وهي أن هذا البحث في الهوية مستمر، وما قدمته من اجتهاد يضاف إلى اجتهادات النقاد الذين ضمهم البحث، وهي كثيرة وذات جاذبية شديدة.


مكتبة البحث

أولاً: المصادر والمراجع العربية
«أ»
- إبراهيم، عبد الحميد: «قصص العشاق النثرية في العصر الأموي» ـ دار الثقافة ـ القاهرة 1972.
- إبراهيم، عبد الله: «المتخيل السردي: مقاربات نقدية في التناص والرؤى والدلالة» ـ المركز الثقافي العربي ـ بيروت ـ الدار البيضاء 1990.
- إبراهيم، عبد الله: «السردية العربية ـ بحث في البنية السردية للموروث الحكائي العربي» ـ المركز الثقافي العربي ـ بيروت ـ الدار البيضاء 1992.
- إبراهيم، علي نجيب: «جماليات الرواية: دراسة في الرواية الواقعية السورية المعاصرة» ـ دار الينابيع ـ دمشق 1994.
- إبراهيم، نبيلة: «قصصنا الشعبي من الرومانسية إلى الواقعية» ـ دار العودة ـ بيروت ودار الكتاب العربي ـ طرابلس 1974.
- إبراهيم، وفاء: «فكرة التاريخ في أدب نجيب محفوظ» ـ ندوة الثقافة والعلوم ـ دبي 1995.
- إبراهيم، وفاء: «الفلسفة والأدب عند نجيب محفوظ ـ قراءة فلسفية لبعض أعماله» ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1997.
- أبو أحمد، حامد: «نقد الحداثة» ـ سلسلة كتاب الرياض ـ مؤسسة اليمامة الصحفية ـ الرياض 1994.
- أبو أحمد، حامد: «الخطاب والقارئ ـ نظريات التلقي وتحليل الخطاب وما بعد الحداثة» ـ كتاب الرياض ـ مؤسسة اليمامة الصحفية ـ الرياض 1996.
- أبو بكر، وليد: «الصوت الثاني في القصة الكويتية» ـ كاظمة للنشر والترجمة والتوزيع ـ الكويت 1985.
- أبو ديب، كمال: «جدلية الخفاء والتجلي ـ دراسات بنيوية في الشعر» دار العلم للملايين ـ بيروت 1979.
- أبو علي، نبيل خالد رياح: «نقد النثر في تراث العرب النقدي حتى نهاية العصر العباسي 656 هـ» ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1993.
- أبو عوف، عبد الرحمن: «قراءة في الرواية العربية المعاصرة» ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1995.
- أبو عوف، عبد الرحمن: «الرؤى المتغيرة في روايات نجيب محفوظ» ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1991.
- أبو عوف، عبد الرحمن: «يوسف إدريس وعالمه في القصة القصيرة والرواية» ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1994.
- أبو عوف، عبد الرحمن: «فصول في النقد والأدب» ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1996.
- أبو شنب، عادل: «كان ياما كان ـ دراسة أدبية اجتماعية للحكايات وأثرها في تكوين شخصية الفرد» ـ منشورات اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق 1972.
- أبو لبن، زياد: «المونولوج الداخلي عند نجيب محفوظ» ـ دار الينابيع للنشر والتوزيع ـ عمان 1994.
- أبو منصور فؤاد: «النقد البنيوي الحديث بين لبنان وأوروبا ـ نصوص ـ جماليات ـ تطلعات» ـ دار الجيل ـ بيروت 1985.
- أبو النجا، شرين: «عاطفة الاختلاف: قراءة في كتابات نسوية» - الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة 1998.
- أبو هيف، عبد الله: «الأدب العربي وتحديات الحداثة ـ دراسة وشهادات» ـ دار الصداقة ـ بيروت 1987.
- أبو هيف، عبد الله: «الأدب والتغير الاجتماعي في سورية» ـ منشورات اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق 1990.
- أبوهيف، عبدالله: «عن التقاليد والتحديث في القصة العربية»- منشورات اتحاد الكتاب العرب- دمشق 1992.
- أبوهيف، عبدالله: «القصة العربية الحديثة والغرب»- منشورات اتحاد الكتاب العرب- دمشق 1994.
- أبو الوي، ممدوح: «تولستوي ودوستيفسكي في الأدب العربي» - اتحاد الكتاب العرب - دمشق 1999.
- أحمد، محمد خلف الله: «من الوجهة النفسية في دراسة الأدب ونقده» ـ معهد البحوث والدراسات العربية ـ ط2 ـ القاهرة ـ 1970.
- أدهم، سامي: «ما بعد الحداثة ـ انفجار عقل القرن ـ النص ـ الفسحة المضيئة» دار كتابات ـ بيروت 1994.
- إدريس، سماح: «المثقف العربي والسلطة ـ بحث في روايات التجربة الناصرية» ـ دار الآداب ـ بيروت 1992.
- ادونيس، (علي أحمد سعيد): «صدمة الحداثة» ـ دار العودة ـ بيروت 1978.
- الأرناؤوط، عبد اللطيف: «ليلى العثمان: رحلة في أعمالها غير الكاملة» ـ الندوة الثقافية النسائية ـ دمشق 1996.
- إسماعيل، عز الدين: «التفسير النفسي للأدب» ـ دار العودة ـ دار الثقافة ـ بيروت ـ الط2 ـ 1973.
- الأشتر، عبد الكريم: «معالم في النقد العربي الحديث: الديوان ـ الغربال ـ الميزان» ـ منشورات دار الشرق ـ بيروت 1974.
- الأعرج، واسيني: «اتجاهات الرواية العربية في الجزائر» ـ المؤسسة الوطنية للكتاب ـ الجزائر 1986.
- الأمانة الدائمة لمؤتمر الشعب العربي: «مؤتمر مواجهة الغزو الثقافي الصهيوني للأمة العربية» ـ مطبعة الاتحاد العام التونسي للشغل ـ تونس 1982.
- أمين، جلال: «تنمية أم تبعية اقتصادية وثقافية ـ خرافات شائعة عن التخلف والتنمية وعن الرخاء والرفاهية» ـ مطبوعات القاهرة ـ القاهرة 1983.
- الأمين، عز الدين: «نشأة النقد الأدبي الحديث في مصر» ـ دار المعارف بمصر ـ القاهرة ـ الط2 ـ 1970.
- الأنصاري، محمد جابر: «تجديد النهضة باكتشاف التراث ونقده» ـ المؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ بيروت 1992.
- الإيراني، محمود سيف الدين: «غبار وأقنعة» تحقيق: د. إبراهيم خليل ـ الأمانة العامة للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب ـ عمان 1993.
«ب»
- الباردي، محمد: «الرواية العربية والحداثة ج1» ـ دار الحوار ـ اللاذقية 1993.
- الباردي، محمد: «حنا مينه روائي الكفاح والفرح» ـ دار الآداب ـ بيروت 1993.
- الباردي، محمد: «شخص المثقف في الرواية العربية المعاصرة» ـ الدار التونسية للنشر ـ تونس 1993.
- بدر، عبد المحسن طه: «حول الأديب والواقع» ـ دار المعارف ـ القاهرة ـ الط2 ـ 1981.
- بحراوي، حسن: «بنية الشكل الروائي» - المركز الثقافي العربي - الدار البيضاء - بيروت 1990.
- البحراوي، سيد: «البحث عن المنهج في النقد العربي الحديث» ـ دار شرقيات ـ القاهرة 1993.
- البحراوي، سيد: «محتوى الشكل في الرواية العربية» ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1996.
- البحوري، رفيقة: «الأدب الروائي عند غسان كنفاني» ـ دار التقدم للنشر والتوزيع ـ تونس 1982.
- بدوي، محمد: «الرواية الحديثة في مصر» ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1993.
- بدوي، محمد: «الرواية الجديدة في مصر» ـ المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ـ بيروت 1993.
- البدوي، محمد: «الأرض والصدى» ـ دار المعارف للطباعة والنشر ـ تونس 1997.
- بدير، حلمي: «الاتجاه الواقعي في الرواية العربية الحديثة في مصر» ـ دار المعارف ـ القاهرة 1981.
- براهم، عبدالفتاح: «البنية والدلالة في مجموعة حيدر حيدر القصصية الوعول» الدار التونسية للنشر - تونس 1986.
- بركات، وائل: «الواقعية الاشتراكية- المغامرة والصدى- دراسة مقارنة» وزارة الثقافة - دمشق -1997.
- بن بلقاسم، نور الدين: «في نقد القصة والرواية بتونس» ـ الدار العربية للكتاب ـ تونس 1989.
- بن جمعة، بوشوشة: «الرواية النسائية المغاربية» ـ منشورات سعيدان ـ تونس ـ سوسة (د. ت).
- بن ذريل، عدنان: «اللغة والأسلوب» ـ اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق 1980.
- بن ذريل، عدنان: «النقد والأسلوبية» ـ اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق 1990.
- بن ذريل، عدنان: «اللغة والدلالة» ـ اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق 1981.
- بكر، أيمن: «السرد في مقامات الهمذاني» الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة 1998.
- البكري، سليمان: «عبد الرحمن الربيعي وتجديد القصة العراقية» ـ المركز الثقافي الاجتماعي في جامعة الموصل 1977.
- بنكراد، سعيد: «مدخل إلى السيميائيات السردية» ـ تانسيفت ـ دار تينمل للطباعة والنشر ـ مراكش 1994.
- بنيس، محمد: «حداثة السؤال: بخصوص الحداثة العربية في الشعر والثقافة» ـ دار التنوير ـ بيروت ـ المركز الثقافي العربي ـ بيروت ـ الدار البيضاء 1985.
- بوجاه، صلاح الدين: «في الواقعية الروائية: الشيء بين الوظيفة والرمز» ـ المؤسسة الجامعية للنشر والتوزيع ـ بيروت 1993.
- بوجاه، صلاح الدين: «في الواقعية الروائية: الشيء بين الجوهر والعرض» ـ المؤسسة الجامعية للنشر والتوزيع ـ بيروت 1993.
- بهنسي، عفيف: «اتجاهات الفنون التشكيلية المعاصرة» وزارة الثقافة والإرشاد القومي - دمشق 1965.
- بورايو، عبد الحميد: «الحكايات الخرافية للمغرب العربي ـ دراسة تحليلية في معنى المعنى لمجموعة من الحكايات» ـ دار الطليعة ـ بيروت 1992.
- بورايو، عبد الحميد: «منطق السرد ـ دراسة في القصة الجزائرية الحديثة» ـ ديوان المطبوعات الجامعية ـ الجزائر 1994.
«ت»
- تامر، فاضل: «الصوت الآخر: الجوهر الحواري للخطاب الأدبي» ـ دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد 1992.
- التدمري، محمد غازي: «لغة القصة ـ دراسة في خاصية اللغة» ـ مؤسسة علا للصحافة والطباعة والتوزيع ـ حمص1995.
- التريكي، فتحي (ورشيدة التريكي): «فلسفة الحداثة» ـ مركز الإنماء القومي ـ بيروت 1992.
- التطاوي، عبد الله: «الجدل والقص في النثر العباسي» ـ دار الثقافة والنشر والتوزيع ـ القاهرة 1988.
- التلاوي، محمد نجيب: «الذات والمهماز: دراسة التقاطب في صراع روايات المواجهة الحضارية» - الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة 1998.

«ج»
- الجابري، محمد صالح: «القصة التونسية ـ نشأتها وروادها» نشر وتوزيع مؤسسات عبد الكريم بن عبد الله ـ تونس 1975.
- جبرا، إبراهيم جبرا: «الحرية والطوفان» ـ المؤسسة العربية للدراسات والنشر ط2 ـ بيروت 1979.
- جبرا، إبراهيم جبرا: «الرحلة الثامنة» ـ والمؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ ط2 ـ بيروت 1979.
- جبرا، إبراهيم جبرا: «النار والجوهر ـ دراسات في الشعر» ـ دار القدس بيروت 1975.
- جبرا، إبراهيم جبرا: «ينابيع الرؤيا» ـ المؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ بيروت 1979.
- جبرا، إبراهيم جبرا: «الفن والحلم والفعل» ـ المؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ بيروت ط2 ـ 1988.
- جبرا، إبراهيم جبرا: «معايشة الثمرة وأوراق أخرى» ـ المؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ بيروت 1992.
- الجزار، محمد فكري: «العنوان وسميوطيقا الاتصال الأدبي» ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1998.
- جحا، فريد (ومحمود فاخوري): «سيرة ابن سينا» ـ مطابع الإدارة السياسية ـ دمشق 1981.
- الجداوي، عبد المنعم: «الجريمة في الرواية العربية» ـ كتاب الهلال ـ العدد 475 ـ تموز 1990.
- جعفر، نذير: «رواية القاريء» - شرقيات - القاهرة 1999.
- الجيار، مدحت: «السرد النوبي المعاصر» ـ دار النديم ـ القاهرة 1994.
«ح»
- الحاج، عزيز: «الغزو الثقافي ومقاومته» ـ المؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ بيروت 1983.
- حافظ، صبري: «أفق الخطاب النقدي ـ دراسات نظرية وقراءات تطبيقية» ـ دار شرقيات ـ القاهرة 1996.
- الحجاجي، د. أحمد شمس الدين: «صانع الأسطورة ـ الطيب صالح» ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1990.
- الحجمري، عبد الفتاح الحجمري: «عتبات النص: البنية والدلالة» ـ منشورات الرابطة ـ الدار البيضاء 1996.
- حسن، حسني: «يقين الكتابة ـ ادوار الخراط ومراياه المتكسرة» ـ المجلس الأعلى للثقافة ـ القاهرة 1996.
- حسن، حسين الحاج: «الأسطورة عند العرب في الجاهلية» ـ المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ـ بيروت 1988.
- حسن، عبد الكريم: «المنهج الموضوعي: نظرية وتطبيق» ـ المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ـ بيروت 1990.
- حسين، سليمان: «مضمرات النص والخطاب: دراسة في عالم جبرا ابراهيم جبرا الروائي» - منشورات اتحاد الكتاب العرب - دمشق 1999.
- الحصايري، محمد إبراهيم: «التجربة الوجودية في اليوم الأخير ـ لميخائيل نعيمة» ـ دار المعارف ـ تونس 1990
- حطيني، يوسف: «مكونات السرد في الرواية الفلسطينية» - منشورات اتحاد الكتاب العرب - دمشق 1999.
- حليفي، شعيب: «شعرية الرواية الفانتاستيكية» ـ المجلس الأعلى للثقافة ـ القاهرة 1997.
- حمدان، أحمد العلمي: «البنية والحدة ـ قراءات سيميائية وابستمولوجية لمظاهر من الفكر العربي» ـ أفريقيا الشرق ـ الدار البيضاء 1991.
- حنورة، مصري عبد الحميد: «الأسس النفسية للإبداع الفني في الرواية» ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1975.
- حنورة، مصري عبد الحميد: «الأسس النفسية للإبداع الفني في المسرحية» ـ دار المعارف ـ القاهرة 1980.
- حماد، حسن محمد: «تداخل النصوص في الرواية العربية» ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1997.
- حمودة، عبد العزيز: «المرايا المحدبة ـ من البنيوية إلى التفكيك» ـ سلسلة «عالم المعرفة» ـ المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ـ الكويت 1998.
- الحميدي، أحمد ومحمد جاسم: «الرواية ما فوق الواقع» ـ دار ابن هانئ ـ دمشق 1985.
- الحنصالي، سعيد: «بداية ونهاية: قراءة وتحليل» ـ دار توبقال للنشر ـ الدار البيضاء 1995.
- الحوت، محمود سليم: «في طريق الميتولوجيا عند العرب ـ بحث مسهب في المعتقدات والأساطير العربية قبل الإسلام» ـ دار النهار للنشر ـ بيروت ـ الط3 ـ 1983 (الأولى 1975).
«خ»
- الخال، يوسف: «الحداثة في الشعر» ـ دار الطليعة ـ بيروت 1978.
- خان، محمد عبد المعيد: «الأساطير والخرافات عند العرب» ـ دار الحداثة ـ بيروت ـ الط2 ـ 1980 (الأولى 1939).
- الخراط، ادوار: «أنشودة للكثافة» ـ دار المستقبل العربي ـ القاهرة 1995.
- الخراط، ادوار: «الحساسية الجديدة ـ مقالات في الظاهرة القصصية» ـ دار الآداب ـ بيروت 1993.
- الخراط، ادوار: «مهاجمة المستحيل ـ مقاطع من سيرة ذاتية للكتابة» ـ منشورات المدى ـ دمشق 1996.
- الخراط، إدوار: «أصوات الحداثة: اتجاهات حداثية في القص العربي» - دار الآداب - بيروت 1999.
- خزعل، عبد النبي: «إلياس الديري ـ قصاص الخيبة» ـ دار ومكتبة التراث الأدبي ـ بيروت 1987.
- خشفة، محمد نديم: «جدلية الإبداع الأدبي» ـ اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق 1990.
- خشفة، محمد نديم: «تأصيل النص، المنهج البنيوي لدى لوسيان غولدمان» ـ مركز الإنماء الحضاري ـ حلب ـ 1997.
- الخطيب، حسام: «الأدب الأوروبي: تطوره ونشأة مذاهبه» ـ مكتبة أطلس ـ دمشق 1972.
- الخطيب، حسام: «أبحاث نقدية ومقارنة» ـ دار الفكر ـ دمشق 1973.
- الخطيب، حسام: «سبل المؤثرات الأجنبية وأشكالها في القصة السورية الحديثة» ـ معهد البحوث والدراسات العربية ـ القاهرة 1973.
- الخطيب، حسام: «القصة القصيرة في سورية: تضاريس وانعطافات» ـ وزارة الثقافة ـ دمشق 1982.
- الخطيب، حسام: «النقد الأدبي في الوطن الفلسطيني والشتات» ـ المؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ بيروت 1996.
- الخطيب، محمد كامل (وعبد الرزاق عيد): «عالم حنا مينه الروائي» ـ دار الآداب ـ بيروت 1976.
- الخطيب، محمد كامل: «الرواية والواقع» ـ دار الحداثة ـ بيروت 1981.
- الخطيب، محمد كامل: «القديم والجديد» ـ قضايا النهضة العربية 1 ـ منشورات وزارة الثقافة ـ دمشق 1989.
- الخطيب، محمد كامل: «نظرية الرواية» ـ قضايا وحوارات النهضة العربية 2 ـ منشورات وزارة الثقافة ـ دمشق 1990.
- الخطيب، محمد كامل: «الرواية واليوتوبيا» ـ دار المدى ـ دمشق ـ بيروت 1995.
- الخطيب، محمد كامل: «تكوين الرواية العربية» ـ وزارة الثقافة ـ دمشق 1990.
- الخطيب، محمد كامل: «انكسار الأحلام» ـ وزارة الثقافة ـ دمشق 1987.
- الخطيبي، د. عبد الكبير: «الاسم العربي الجريح» ـ دار العودة ـ بيروت 1980.
- خضر، عباس: «القصة القصيرة في مصر منذ نشأتها حتى سنة 1930» ـ دار القومية للطباعة والنشر والتوزيع ـ القاهرة 1966.
- خضر، مصطفى: «الحداثة كسؤال هوية» ـ منشورات اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق 1996.
- خليل، خليل أحمد: «مضمون الأسطورة في الفكر العربي» ـ دار الطليعة للطباعة والنشر ـ بيروت 1973.
- خليل، الهادي: «العرب والحداثة السينمائية» ـ دار الجنوب للنشر ـ تونس ـ 1996.
- الخليلي، علي: «البطل الفلسطيني في الحكاية الشعبية» ـ دار ابن خلدون ـ بيروت ـ الط2 ـ 1979.
- خنسا، وفيق: «الوقائع والمصير» ـ وزارة الثقافة ـ دمشق 1994.
- خورشيد، فاروق: «في الأصول الأولى للرواية العربية» ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1992.
- خوري، إلياس: «تجربة البحث عن أفق» ـ منظمة التحرير الفلسطينية ـ مركز الأبحاث ـ سلسلة أبحاث فلسطينية رقم 44 ـ بيروت 1974.
- الخوري، بولس: «التراث والحداثة: مراجع لدراسة الفكر العربي الحاضر» ـ معهد الإنماء العربي ـ بيروت 1983.
«د»
- الداية، فايز: «دراسة تحليلية للتركيب اللغوي» ـ جامعة حلب ـ حلب 1982.
- الداية، فايز: «جماليات الأسلوب ـ الصورة الفنية في الأدب العربي» ـ دار الفكر المعاصر ـ بيروت ـ دار الفكر ـ دمشق الط2 ـ 1990.
- الدروبي، سامي: «علم النفس والأدب» ـ دار المعارف ـ القاهرة ـ الط2 ـ 1981.
- الدسوقي، عبد العزيز: «تطور النقد العربي الحديث في مصر» ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1977.
- دومة، خيري: «تداخل الأنواع في القصة المصرية القصيرة 1960-1990» - الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة 1998.
- دياب، محمد حافظ: «إبداعية الأداء في السيرة الشعبية» (جزءان) ـ مكتبة الدراسات الشعبية ـ الهيئة العامة لقصور الثقافة ـ القاهرة 1996.
«ر»
- راغب، نبيل: «موسوعة الفكر الأدبي» (جزءان) ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب القاهرة 1988.
- الربيعو، تركي علي: «الإسلام وملحمة الخلق والأسطورة» ـ المركز الثقافي العربي ـ بيروت ـ الدار البيضاء 1992.
- الربيعو، تركي علي: «العنف والمقدس والجنس في الميتولوجيا الإسلامية» ـ المركز الثقافي العربي ـ بيروت ـ الدار البيضاء 1994.
- الربيعي، عبد الرحمن مجيد: «الشاطئ الجديد: قراءة في كتاب القصة العربية» ـ منشورات وزارة الثقافة والفنون ـ بغداد 1979.
- الربيعي، عبد الرحمن مجيد: «رؤى وظلال: نقد ودراسات» ـ مؤسسة نقوش عربية ـ تونس 1994.
- الربيعي، عبد الرحمن مجيد: «من النافذة إلى الأفق: قراءات ومواقف» ـ مطبعة سعيدان ـ سوسة ـ تونس 1995.
- الربيعي، عبد الرحمن مجيد: «من سومر إلى قرطاج: قراءات في الأدب العربي المغاربي» ـ دار المعارف للطباعة والنشر ـ سوسة ـ تونس 1997.
- رشدي، رشاد: «فن القصة القصيرة» ـ دار العودة ـ بيروت ـ الط2 ـ 1975.
- رشيد، أمينة: «تشظي الزمن في الرواية الحديثة» الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة 1998.
- رضوان، عبد الله: «البنى السردية: دراسات تطبيقية في القصة القصيرة الأردنية» ـ منشورات رابطة الكتاب الأردنيين ـ عمان 1995.
- ركيبي، عبد الله خليفة: «القصة القصيرة في الأدب الجزائري المعاصر» ـ دار الكاتب العربي ـ القاهرة ـ 1969.
- رمضان، محمد خالد: «حكايات شعبية من الزبداني» ـ مطبعة المجد ـ دمشق 1977.
- الروبي، ألفت كمال: «الموقف من القص في تراثنا النقدي» ـ مركز البحوث العربية ـ القاهرة 1991.
«ز»
- الزاهي، فريد: «الحكاية والمتخيل ـ دراسات في السرد الروائي والقصصي» ـ أفريقيا الشرق ـ الدار البيضاء 1991.
- الزاهير، عبد الرزاق: «السرد الفيلمي ـ قراءة سيميائية» ـ دار توبقال للنشر ـ الدار البيضاء 1994.
- الزاوق، فوزية الصفار: «أزمة الأجيال العربية المعاصرة: دراسة في رواية موسم الهجرة إلى الشمال للطيب صالح» - مطبعة الوفاء - تونس 1997.
- زكريا، ميشال: «الألسنية ـ عمل اللغة الحديث ـ مبادؤها وأعلامها» ـ بيروت 1980.
- الزمرلي، فوزي: «الكتابة القصصية عند البشير خريف» ـ الدار العربية للكتاب ـ ليبيا ـ تونس 1973.
- الزيات، لطيفة: «من صور المرأة في القصص والروايات العربية» ـ دار الثقافة الجديدة ـ القاهرة 1989.
- الزيات، لطيفة: «نجيب محفوظ: الصورة والمثال» ـ كتاب الأهالي رقم 22 ـ القاهرة 1989.
- الزيات، لطيفة: «فوردمادوكس فورد و.. الحداثة» ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1996.
- زيادة، خالد: «اكتشاف التقدم الأوروبي ـ دراسة في المؤثرات الأوروبية على العثمانيين في القرن الثامن عشر» ـ دار الطليعة ـ بيروت 1981.
«س»
- الساريسي، عمر عبد الرحمن: «الحكاية الشعبية في المجتمع الفلسطيني ـ دراسة ونصوص» ـ المؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ بيروت 1980.
- ساعي، أحمد بسام: «الحكايات الشعبية في اللاذقية» ـ منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي ـ دمشق 1974.
- سبيلا، محمد (وعبد السلام بنعبد العالي): «الحداثة» ـ دار توبقال للنشر ـ الدار البيضاء 1996.
- سرحان، جمال: «المسامرة والمنادمة عند العرب حتى القرن الرابع الهجري» ـ دار الوحدة ـ بيروت 1981.
- السريحي، سعيد: «تقليب الحطب على النار: في لغة السرد» - كتب النادي الأدبي بجدة - جدة 1994.
- السريحي، سعيد: «حجاب العادة» - المركز الثقافي العربي - الدار البيضاء - بيروت 1996.
- سعيد، ادوار: «الثقافة والإمبريالية» (ترجمة كمال أبو ديب) ـ دار الآداب ـ بيروت 1997.
- سلام، محمد زغلول: «القصة في الأدب السوداني الحديث» ـ معهد البحوث والدراسات العربية ـ القاهرة 1970.
- سلوم، تامر: «نظرية اللغة والجمال في النقد العربي» ـ منشورات دار الحوار ـ اللاذقية 1983.
- سليمان، نبيل (بالاشتراك مع بو علي ياسين): «الأدب والأيديولوجية في سورية» ـ دار ابن خلدون ـ بيروت 1974.
- سليمان، نبيل (بالاشتراك مع بوعلي ومحمد كامل الخطيب): «معارك ثقافية في سورية» ـ دار ابن رشد ـ بيروت 1980.
- سليمان، نبيل: «النقد الأدبي في سورية ج1» ـ دار الفارابي ـ بيروت 1980.
- سليمان، نبيل: «الرواية السورية» ـ وزارة الثقافة ـ دمشق 1982.
- سليمان، نبيل: «مساهمة في نقد النقد الأدبي» ـ دار الطليعة ـ بيروت 1983.
- سليمان، نبيل: «وعي الذات والعالم ـ دراسات في الرواية العربية» ـ دار الحوار ـ اللاذقية 1985.
- سليمان، نبيل: «أسئلة الواقعية والالتزام» ـ دار الحوار ـ اللاذقية 1985.
- سليمان، نبيل: «في الإبداع والنقد» ـ دار الحوار ـ اللاذقية 1989.
- سليمان، نبيل: «فتنة السرد والنقد» ـ دار الحوار ـ اللاذقية 1985.
- سليمان، مصطفى: «القبض على جمر الإبداع» ـ دار المنارة ـ اللاذقية 1989.
- سماق، فيصل: «الواقعية في الرواية السورية» ـ مطابع دار البعث الجديدة ـ دمشق 1979.
-سماق، فيصل: «الرواية السورية» - دمشق 1982.
- سمعان، انجيل بطرس: «نظرية الرواية في الأدب الإنجليزي» ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1971.
- سمعان، إنجيل بطرس: «دراسات في الرواية الإنجليزية» ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1981.
- سمعان، إنجيل بطرس: «دراسات في الرواية العربية» ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1987.
- سويف، مصطفى: «الأسس النفسية للإبداع الفني في الشعر خاصة» ـ دار المعارف ـ القاهرة 1970.
- سويرتي، محمد: «النقد البنيوي والنص الروائي ـ نماذج تحليلية من النقد العربي» (جزءان) ـ أفريقيا الشرق ـ الدار البيضاء 1991.
- سويدان، سامي: «في دلالية القصص وشعرية السرد» ـ دار الآداب ـ بيروت 1991.
- السيد، رضوان (تحقيق وتقديم): «حكاية الأسد والغواص» - دار الطليعة - بيروت 1978.
- السيد، غسان: «دراسات في الأدب المقارن والنقد» - مطبعة زيد بن ثابت - دمشق 1996.
«ش»
- الشامي، حسان رشاد: «المرأة في الرواية الفلسطينية 1965-1985» - منشورات اتحاد الكتاب العرب - دمشق 1998.
- شاهين، روزماري: «قراءات متعددة للشخصية ـ علم نفس الطباع والأنماط ـ دراسة تطبيقية على شخصيات نجيب محفوظ» ـ دار ومكتبة الهلال ـ بيروت 1995.
- الشاوي، عبد القادر: «سلطة الواقعية ـ مقالات تطبيقية في الرواية والقصة» ـ منشورات اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق 1981.
- الشاوي، عبد القادر: «النص العضوي ـ سلخ الجلد نموذج دراسي» ـ دار النشر المغربية ـ الدار البيضاء 1982.
- شبلول، أحمد فضل: «قضايا الحداثة في الشعر والقصة القصيرة» ـ هيئة الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية بالإسكندرية ـ الإسكندرية ـ 1993.
- شتا، إبراهيم الدسوقي: «مطالعات في الرواية الفارسية المعاصرة» ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1986.
- شحيد، جمال: «في البنيوية التركيبية ـ دارسة في منهج لوسيان غولدمان» ـ دار ابن رشد ـ بيروت 1982.
- الشريف، جلال فاروق: «إن الأدب كان مسؤولاً» ـ اتحاد الكتاب العرب ـ 1978.
- شريبط، شريبط أحمد: «تطور البنية الفنية في القصة الجزائرية المعاصرة 1947-1985» - منشورات اتحاد الكتاب العرب - دمشق 1998.
- شعبان، بثينة: «100عام من الرواية النسائية العربية» - دار الآداب - بيروت 1999.
- شعرانة، المنصف: «أزمة الذات في مقامات الهمذاني» ـ دار المعارف للطباعة والنشر ـ سوسة 1996.
- شغموم، الميلودي: «المتخيل والقدسي في التصوف الإسلامي: الحكاية والبركة» ـ منشورات المجلس البلدي بمدينة مكناس ـ مطبعة فضالة المحمدية ـ المغرب 1991.
- شكري، غالي: «الماركسية والأدب» ـ المؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ بيروت 1979.
- شكري، غالي: «سوسيولوجيا النقد العربي الحديث ـ دفاع عن النقد» ـ دار الطليعة ـ بيروت 1981.
- الشوري، مصطفى عبدالشافي: «التراث القصصي عند العرب» - الهيئة العامة لقصور الثقافة - ط2 - القاهرة 1999 (صدرت الطبعة الأولى عن دار الفردوس للطباعة - القاهرة 1991).
- الشيخ، جمال الدين بن: «الشعرية العربية، تتقدمه مقالة حول خطاب نقدي» (ترجمة مبارك حنون ومحمد الوالي ومحمد اوراغ) ـ دار توبقال للنشر ـ الدار البيضاء 1996.
«ص»
- صالح، أحمد عباس: «ثأر ابن عنترة ـ دراسة تطبيقية في الأدب الشعبي» ـ كتاب روز اليوسف ـ القاهرة 1973.
- صالح، صلاح: «قضايا المكان الروائي في الأدب المعاصر» ـ دار شرقيات ـ القاهرة 1997.
- صالح، صلاح: «الرواية العربية والصحراء» ـ وزارة الثقافة ـ دمشق 1997.
- صالح، فخري: «وهم البدايات ـ الخطاب الروائي في الأردن» ـ المؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ بيروت 1993.
- الصالح، نضال عبدالقادر: «تحولات الرمل: الحكائي والجمالي في القصة القصيرة في قطر» - دائرة الثقافة والإعلام - الشارقة 1999.
- الصالحي، محمد: «قنديل أم هاشم: قراءة وتحليل» ـ دار توبقال للنشر ـ الدار البيضاء 1995.
- صبحي، محي الدين: «البطل في مأزق ـ دراسة في التخييل العربي» ـ منشورات اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق 1989.
- صبحي، محي الدين: «أبطال في الصيرورة ـ دراسات في الرواية العربية والمعربة» ـ دار الطليعة ـ بيروت 1980.
- صبحي، محي الدين: «دراسات ضد الواقعية في الأدب العربي» ـ المؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ بيروت 1980.
- صبحي، محي الدين: «نظرية النقد العربي وتطورها إلى عصرنا» ـ الدار العربية للكتاب ـ ليبيا ـ تونس 1984.
- صخري، محسن: «فوكو قارئاً لديكارت ـ دروس الجامعة التونسية» ـ مركز الإنماء الحضاري ـ حلب 1997.
- الصكر، حاتم: «البئر والعسل ـ قراءات معاصرة في نصوص تراثية» ـ دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد 1992.
- الصمادي، امتنان عثمان: «زكريا تامر والقصة القصيرة» ـ وزارة الثقافة ـ عمان 1995.
- صمود، حمادي: «في نظرية الأدب عند العرب» ـ كتاب النادي الأدبي الثقافي بجدة ـ العدد 64 ـ 12/12/1990.
«ض»
- ضاهر، مسعود: «مجابهة الغزو الثقافي الإمبريالي الصهيوني للمشرق العربي ـ دراسة في الثقافة المقاومة» ـ منشورات المجلس القومي للثقافة العربية ـ الرباط 1989.
- الضبع، مصطفى: «رواية الفلاح، فلاح الرواية» - الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة 1998.
«ط»
- الطالب، عمر: «الاتجاه الواقعي في الرواية العراقية» ـ دار العودة ـ بيروت 1971.
- طرابيشي، جورج: «لعبة الحلم والواقع ـ دراسة في أدب توفيق الحكيم» ـ دار الطليعة ـ بيروت 1972.
- طرابيشي، جورج: «الله في رحلة نجيب محفوظ الرمزية» ـ دار الطليعة ـ بيروت 1973.
- طرابيشي، جورج: «شرق وغرب، رجولة وأنوثة» ـ دار الطليعة ـ بيروت 1977.
- طرابيشي، جورج: «الأدب من الداخل» ـ دار الطليعة ـ بيروت 1978.
- طرابيشي، جورج: «رمزية المرأة في الرواية العربية» ـ دار الطليعة ـ بيروت 1981.
- طرابيشي، جورج: «عقدة أوديب في الرواية العربية» ـ دار الطليعة ـ 1982.
- طرابيشي، جورج: «الرجولة وأيديولوجيا الرجولة في الرواية العربية» ـ دار الطليعة ـ بيروت 1983.
- طرابيشي، جورج: «أنثى ضد الأنوثة: دراسة في أدب نوال السعدادي على ضوء التحليل النفسي» ـ دار الطليعة ـ بيروت 1984.
- طرابيشي، جورج: «المثقفون العرب والتراث: التحليل النفسي لعصاب جماعي» - رياض الريس للكتب والنشر - لندن - بيروت 1990.
- طرابيشي، جورج: «الروائي وبطله ـ مقاربة اللاشعور في الرواية العربية» ـ دار الآداب ـ بيروت 1995.
- طرشونة، محمود: «مباحث في الأدب التونسي المعاصر» ـ المطابع الموحدة ـ تونس 1989.
- طرشونة، محمود: «مدخل إلى الأدب المقارن» ـ مؤسسات باباي ـ تونس ط3 ـ 1997.
- الطعان، صبحي: «عالم عبد الرحمن منيف الروائي ـ تنظير وإنجاز» ـ دار كنان للدراسات والنشر ـ دمشق 1992.
- طنكول، عبد الرحمان: «الأدب المغربي الحديث ـ ببليوغرافيا شاملة» ـ منشورات الجامعة ـ الدار البيضاء 1984.
«ع»
- عاشور، المنصف: «التركيب عند ابن المقفع في مقدمات كتاب كليلة ودمنة» ـ ديوان المطبوعات الجامعية ـ الجزائر 1982.
- العالم، محمود أمين: «في الثقافة المصرية» ـ ط3 ـ دار الثقافة الجديدة ـ القاهرة ـ 1989.
- العالم، محمود أمين: «تأملات في عالم نجيب محفوظ» ـ الهيئة المصرية العامة ـ القاهرة 1970.
- العالم، محمود أمين: «توفيق الحكيم.. مفر وفنان» ـ دار شهدي ـ القاهرة ط2 ـ 1985.
- العالم، محمود أمين: «ثلاثية الرفض والهزيمة» ـ دا رالمستقبل العربي ـ القاهرة ـ 1985.
- العالم، محمود أمين: «مفاهيم وقضايا إشكالية» ـ دار الثقافة الجديدة ـ القاهرة 1989.
- العالم، محمود أمين: «أربعون عاماً من النقد التطبيقي» ـ دار المستقبل العربي ـ بيروت ـ القاهرة 1994.
- عامر، مخلوف: «مظاهر التجديد في القصة الجزائرية» - منشورات اتحاد الكتاب العرب - دمشق 1998.
- عباس، إحسان: «فن السيرة» ـ دار الثقافة ـ بيروت ـ الط2 ـ (د. ت).
- عبد الحكيم، شوقي: «أساطير وفولكلور العالم العربي» ـ كتاب روز اليوسف ـ القاهرة 1974.
- عبد الحكيم، شوقي: «الفولكلور والأساطير العربية» ـ دار ابن خلدون ـ بيروت 1978.
- عبد الحكيم، شوقي: «الزير سالم أبو ليلى المهلهل» ـ دار ابن خلدون ـ بيروت 1981.
- عبد الحكيم، شوقي: «الزير سالم أبو ليلى المهلهل» ـ دار ابن خلدون ـ بيروت 1982.
- عبد الحكيم، شوقي: «موسوعة الفلكلور والأساطير العربية» ـ دار العودة ـ بيروت 1982.
- عبد الحميد، شاكر: «الأسس النفسية للإبداع الأدبي ـ في القصة القصيرة خاصة» ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1992.
- عبد الحميد، شاكر: «الأدب والجنون» ـ الهيئة العامة لقصور الثقافة ـ القاهرة 1993.
- عبد الخالق، غسان: «الزمان، المكان، النص، في الرواية الأردنية» ـ دار الينابيع ـ عمان 1993.
- عبد الرزاق، محمد محمود: «فن معايشة القصة القصيرة» ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1995.
- عبد العال، محمد قطب: «الذات والموضوع ـ قراءة في القصة القصيرة» ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1994.
- عبدالعظيم، صالح سليمان: «سوسيولوجيا الرواية السياسية» - الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة 1998.
- عبد الغني، مصطفى: «الخروج من التاريخ ـ دارسة في مدن الملح» ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1993.
- عبد الغني، مصطفى: «نقد الذات في الرواية الفلسطينية» ـ سينا للنشر ـ القاهرة 1994.
- عبد الغني، مصطفى: «الاتجاه القومي في الرواية» ـ سلسلة «عالم المعرفة» ـ المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ـ الكويت 1994.
- عبد القادر، حامد: «دراسات في علم النفس الأدبي» ـ المطبعة النموذجية ـ القاهرة 1949.
- عبد القادر، فاروق: «أوراق من الجمر والرماد ـ 1985 ـ 1987» ـ كتاب الهلال ـ دار الهلال ـ القاهرة 1988.
- عبد القادر، فاروق: «أوراق أخرى من الجمر والرماد ـ متابعات مصرية وعربية 1986 ـ 1989» ـ مؤسسة العروبة للطباعة والنشر ـ القاهرة 1990.
- عبد القادر، فاروق: «من أوراق الرفض والقبول ـ وجوه وأعمال» ـ دار شرقيات ـ القاهرة 1993.
- عبد القادر، فاروق: «من أوراق التسعينيات ـ نفق معتم ومصابيح قليلة» ـ المركز المصري العربي ـ القاهرة 1996.
- عبد الله، عدنان خالد: «النقد التطبيقي التحليلي ـ مقدمة لدراسة الأدب وعناصره في ضوء المناهج النقدية الحديثة» ـ دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد 1986.
- العبدالله، عماد: «الأرض الحرام: الرواية والاستبداد في بلاد العرب» - رياض الريس للكتب والنشر - لندن - بيروت 1997.
- عبد الملك، بدر: «ملامح من أدب أمريكا اللاتينية/ الرواية نموذجاً» ـ دار الكنوز الأدبية ـ بيروت 1994.
- عبيدات، أروى: «صورة المرأة في الرواية الأردنية» ـ وزارة الثقافة ـ عمان 1995.
- عبود، حنا: «واقعية ما بعد الحرب في الأدب والنقد والشعر» ـ منشورات اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق 1980.
- عبود، حنا: «المدرسة الواقعية في النقد العربي الحديث» ـ وزارة الثقافة ـ دمشق 1978.
- عبود، حنا: «واقعية ما بعد الحرب» ـ اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق 1980.
- عبود، حنا: «تفاحة آدم» ـ دار المسيرة ـ بيروت 1980.
- عبود، حنا: «الحداثة عبر التاريخ: مدخل إلى نظرية» ـ منشورات اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق 1989.
- عبود، حنا: «فصول في علم الاقتصاد الأدبي: فصول مختارة من رؤى كاسندرا بريام» - اتحاد الكتاب العرب - دمشق 1997.
- عبود، حنا: «النظرية الأدبية الحديثة والنقد الأسطوري» - منشورات اتحاد الكتاب العرب - دمشق 1999.
- عبود، عبده: «الرواية الألمانية الحديثة ـ دراسة استقبالية مقارنة» ـ وزارة الثقافة ـ دمشق 1993.
- عبود، عبده: «هجرة النصوص» ـ اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق 1995.
- عبود، عبده: «القصة الألمانية الحديثة في ضوء ترجمتها إلى العربية» - اتحاد الكتاب العرب - دمشق 1996.
- عثمان، أحمد: «الأدب، اللغة والفضاء» ـ كتاب الرياض ـ مؤسسة اليمامة الصحفية ـ الرياض ـ العدد 23 ـ 1995.
- عثمان، بدري: «بناء الشخصية الرئيسية في روايات نجيب محفوظ» ـ دار الحداثة ـ بيروت 1986.
- عثمان، عبد الفتاح: «الرواية العربية الجزائرية ورؤية الواقع ـ دراسة تحليلية فنية» ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1993.
- العجيمي، محمد الناصر: «في الخطاب السردي ـ نظرية قريماس GREIMAS» ـ الدار العربية للكتاب ـ تونس ـ ليبيا 1993.
- عجينة، محمد: «موسوعة أساطير العرب عن الجاهلية ودلالاتها» ـ دار الفارابي ـ بيروت والعربية محمد علي الحامي للنشر والتوزيع ـ تونس 1994.
- عدة مؤلفين: «الرواية العربية ـ واقع وآفاق» ـ دار ابن رشد ـ بيروت 1981.
- عدة مؤلفين: «جماليات المكان» ـ عيون المقالات ـ الدار البيضاء ـ الط2 ـ 1988.
- عدة مؤلفين: «القصة العربية: أجيال وآفاق» «كتاب العربي» ـ العدد 23 ـ الكويت 15 تموز/ يوليو 1989.
- عدة مؤلفين: «العرب والعولمة» ـ منشورات مركز دراسات الوحدة العربية - بيروت 1997.
- عدة مؤلفين: «المشهد الجديد في القصة العراقية» ـ منشورات الأمد ـ بغداد 1992.
- عدة مؤلفين: «أبحاث الملتقى الثالث للكتابات القصصية والروائية في دولة الإمارات العربية المتحدة ج و ج2» ـ منشورات اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ـ 1993.
- عدة مؤلفين: «الإبداع الروائي اليوم» ـ دار الحوار ـ اللاذقية 1994.
- عدة كتاب: «مدخل إلى مناهج النقد الأدبي» (ترجمة رضوان الكاشف ـ مراجعة المنصف الشنوفي) ـ سلسلة «عالم المعرفة» ـ المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب 1997.
- عدة كتاب: «القصة ـ الرواية ـ المؤلف ـ دراسات في نظرية الأنواع الأدبية المعاصرة» (ترجمة وتقديم خيري أبو دومة ـ مراجعة سيد البحراوي) ـ دار شرقيات ـ القاهرة 1997.
- عدة مؤلفين: «أبحاث اتحاد الكتاب العرب إلى المؤتمر العام العشرين للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب» - منشورات اتحاد الكتاب العرب - دمشق 1997.
- عرسان، علي عقلة: «التغيير في عمق التفكير في مجلة الموقف الأدبي» دمشق ـ العدد 167 ـ 168 آذار ثم ظهرت المقالة في كتابه «مشكلات في الثقافة العربية» ـ اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق 1989.
- عزام، محمد: «الأسلوبية منهجاً نقدياً» ـ وزارة الثقافة ـ دمشق 1989.
- عزام، محمد: «وعي العالم الروائي» ـ اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق 1990.
- عزام، محمد: «الفهلوي ـ بطل العصر في الرواية الحديثة» دار الأهالي ـ دمشق 1993.
- عزام، محمد: «الحداثة الشعرية» ـ منشورات اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق 1995.
- عزام، محمد: «فضاء النص الروائي ـ مقاربة بنيوية تكوينية في أدب نبيل سليمان» ـ دار الحوار ـ اللاذقية 1996.
- عزام، محمد: «المنهج الموضوعي في النقد الأدبي» - اتحاد الكتاب العرب - دمشق 1999.
- العزاوي، فاضل: «بعيداً داخل الغابة: البيان النقدي للحداثة العربية» ـ منشورات المدى ـ دمشق 1994.
العشري، جلال: «ثقافتنا بين الأصالة والمعاصرة»- دار الكاتب العربي- القاهرة 1968.
- العشري جلال: «جيل وراء جيل» ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1987.
- عصار، خير الله: «مقدمة لعلم النفس الأدبي» ـ ديوان المطبوعات الجامعية ـ الجزائر 1982.
- عصفور، جابر: «الصورة الفنية في التراث النقدي» ـ دار الثقافة ـ القاهرة 1974.
- عصفور، جابر: «مفهوم الشعر ـ دراسة في التراث النقدي» ـ ط2 ـ دار التنوير ـ القاهرة 1982.
- عصفور، جابر: «نظريات معاصرة» ـ مكتبة الأسرة ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1997.
- عصفور، جابر: «زمن الرواية» - مكتبة الأسرة 1999 - الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة 1999.
- العطار، مها فائق: «فن السيرة الذاتية في الأدب العربي حتى أوائل الثمانينيات» ـ مطبعة الداووي ـ دمشق 1997.
- العطار، مها فائق: «السيرة الفنية في الأدب العربي حتى أوائل الثمانينيات» ـ مطبعة الداووي ـ دمشق 1995.
- العطيات، محمد: «القصة الطويلة في الأدب الأردني» ـ دائرة الثقافة والفنون ـ عمان (د. ت).
- عطية، د. أحمد: «في الأدب الليبي الحديث» ـ دار الكتاب العربي ـ طرابلس ـ ليبيا (د. ت).
- عكام، فهد: «نحو تأويل تكاملي للحكاية الخرافية ـ نموذج من كليلة ودمنة: باب القرد والغيلم» ـ دار ملهم للطباعة والنشر ـ حمص 1995.
- علوش، سعيد: «الرؤية والأيديولوجية في المغرب العربي» ـ دار الكلمة للنشر ـ بيروت 1981.
- علي، كمال محمد (تحرير): «عبد الرحمن الشرقاوي الفلاح الثائر» ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1990.
- علي، فاضل عبد الواحد: «الطوفان في المراجع المسمارية» ـ جامعة بغداد ـ مطبعة أوفست الإخلاص ـ بغداد 1975.
- علي، فاضل عبد الواحد: «سومر: أسطورة وملحمة» ـ دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد 1997.
- علوش، سعيد: «هرمنوتيك النثر الأدبي» ـ دار الكتاب اللبناني ـ بيروت 1985.
- عوض، لويس (تعريب وتأليف للمعجم الكلاسيكي): «نصوص النقد الأدبي ـ اليونان» (الجزء الأول) ـ دار المعارف بمصر ـ القاهرة 1965.
- عوض، رمسيس: «دراسات تمهيدية في الرواية الإنجليزية المعاصرة» ـ دار المعارف بمصر ـ القاهرة (د. ت).
- العوفي، نجيب: «مقاربة الواقع في القصة القصيرة المغربية من التأسيس إلى التجنيس» ـ المركز الثقافي العربي ـ بيروت ـ الدار البيضاء ـ 1987.
- العوفي، نجيب: «ظواهر نصية» ـ منشورات عيون المقالات ـ الدار البيضاء 1992.
- عياد، د. شكري محمد: «الأدب في عالم متغير» ـ الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر ـ القاهرة 1971.
- عياشي، منذر: «مقالات في الأسلوبية» ـ منشورات اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق 1990.
- عياشي، منذر: «قضايا لسانية وحضارية» ـ دار طلاس ـ دمشق 1991.
- عياشي، منذر: «اللسانيات والدلالة ـ الكلمة» ـ مركز الإنماء الحضاري ـ حلب 1996.
- عيد، حسين: «الإبداع الأدبي ـ المصادر ـ المخاطر» ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1995.
- عيد، حسين: «جارسيا ماركيز وأفول الديكتاتورية ـ دراسة في رواية خريف البطريرك» ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1988.
- عيد، عبد الرزاق: «في سوسيولوجيا النص الروائي» ـ دار الأهالي ـ دمشق 1988.
- عيد، عبد الرزاق: «عالم زكريا تامر القصصي: وحدة البنيوية والفنية في تمزقها المطلق» ـ دار الفارابي ـ بيروت 1989.
- العيد، يمنى: «ممارسات في النقد الأدبي» ـ دار الفارابي ـ بيروت 1975.
- العيد، يمنى: «الدلالة الاجتماعية لحركة الأدب الرومنطيقي في لبنان بين الحربين العالميتين» ـ دار الفارابي ـ بيروت 1979.
- العيد، يمنى: «في معرفة النص» ـ منشورات دار الآفاق الجديدة ـ بيروت 1983.
- العيد، يمنى: «الراوي الموقع والشكل ـ بحث في السرد الروائي» ـ مؤسسة الأبحاث العربية ـ بيروت 1986.
- العيد، يمنى: «تقنيات السرد الروائي في ضوء المنهج البنيوي» ـ دار الفارابي ـ بيروت 1990.
- العيد، يمنى: «الكتابة تحول في التحول» ـ دار الآداب ـ بيروت 1993.
- العيد، يمنى: «فن الرواية العربية بين خصوصية الحكاية وتميز الخطاب» - دار الآداب - بيروت 1998.
- عيسى، حمود محمد: «تيار الزمن في الرواية العربية المعاصرة» ـ مكتبة الزهراء ـ القاهرة 1991.
«غ»
- الغانمي، سعيد: «الكنز والتأويل ـ قراءات في الحكاية العربية» ـ المركز الثقافي العربي ـ بيروت ـ الدار البيضاء 1994.
- الغذامي، عبد الله محمد: «الصوت القديم الجديد ـ دراسات في الجذور العربية لموسيقى الشعر الحديث» ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1987.
- الغذامي، عبد الله محمد: «الموقف من الحداثة ومسائل أخرى» ـ مطابع دار البلاد ـ جدة 1987.
- الغذامي، عبد الله محمد: «القصيدة والنص المضاد» ـ المركز الثقافي العربي ـ بيروت ـ الدار البيضاء 1994.
- الغريبي، خالد: «التناقض والوحدة في رواية المستنقع لحنا مينة» - وزارة الثقافة - دمشق 1995.
- غلاب، محمد: «الروايات الواقعية في القرن التاسع عشر» ـ الدار القومية ـ القاهرة (د. ت).
- غلوم، إبراهيم عبد الله: «القصة القصيرة في الخليج العربي ـ دراسة نقدية تحليلية» ـ منشورات مركز دراسات الخليج العربي ـ جامعة البصرة ـ مطبعة الإرشاد ـ بغداد 1981.
- الغمري، مكارم: «الرواية الروسية في القرن التاسع عشر» ـ سلسلة عالم المعرفة ـ الكويت 1981.
«ف»
- فاضل، جهاد: «أسئلة الرواية» ـ الدار العربية للكتاب ـ بيروت (د. ت).
- فرنسيس، مريم: «في بناء النص ودلالته: محاور الإحالة الكلامية» - وزارة الثقافة - دمشق 1998.
- فريحة، أنيس: «ملاحم وأساطير من الأدب السامي» ـ دار النهار للنشر ـ بيروت ـ الط2 ـ 1979 (الأولى 1967).
- فريد، بهاء الدين محمد: «خالتي صفية والدير بين واقعية التجديد وأسطورية التجسيد» ـ دار سعاد الصباح للنشر والتوزيع ـ الكويت 1995.
- فضل، صلاح: «منهج الواقعية في الإبداع الأدبي» ـ الهيئة المصرية للكتاب ـ القاهرة 1978.
- فضل، صلاح: «علم الأسلوب: مبادئه وإجراءاته» ـ دار الآفاق الجديدة ـ بيروت 1983.
- فضل، صلاح: «نظرية البنائية في النقد الأدبي» ـ منشورات دار الآفاق الجديدة ـ ط3 ـ بيروت 1985.
- فضل، صلاح: «بلاغة الخطاب وعلم النص» ـ سلسلة «عالم المعرفة» ـ المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ـ الكويت 1992.
- فضل، صلاح: «أساليب السرد في الرواية العربية» ـ دار سعاد الصباح ـ الكويت ـ القاهرة 1992.
- الفيصل، سمر روحي: «الاتجاه الواقعي في الرواية العربية السورية» ـ اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق 1986.
- الفيصل، سمر روحي: «النقد الأدبي الحديث في سورية 1918-1945» ـ دار الأهالي ـ دمشق 1988.
- الفيصل، سمر روحي: «نهوض الرواية العربية الليبية» ـ منشورات اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق 1990.
- الفيصل، سمر روحي: «السجن السياسي في الرواية العربية» ـ جروس برس ـ الط2 ـ 1994.
- الفيصل، سمر روحي: «بناء الرواية العربية السورية 1980 - 1990» ـ اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق 1995.
- الفيصل، سمر روحي: «التطور الفني للاتجاه الواقعي في الرواية العربية السورية» ـ دار النفائس ـ بيروت 1996.
- الفيصل، سمر روحي: «معجم الروائيين العرب» ـ جروس برس ـ طرابلس/ لبنان 1995.
- الفيصل، سمر روحي: «معجم القاصات العربيات» ـ جروس برس ـ طرابلس/ لبنان 1995.
«ق»
- القاضي، محمد: «تحليل النص السردي» - دار الجنوب - تونس 1997.
- القاضي، محمد: «الخبر في الأدب العربي: دراسة في السردية العربية» - منشورات كلية الآداب منوبه - تونس ودار الغرب الإسلامي - بيروت 1998.
- القمري، بشير: «شعرية النص الروائي - قراءة تناصية في كتاب التجليات» - شركة البيادر للنشر والتوزيع - الرباط 1991.
- قسومة، الصادق: «النزعة الذهنية في رواية الشحاذ لنجيب محفوظ» ـ دار الجنوب للنشر ـ تونس 1992.
- قنديل، د. محمد المنسي: «وقائع عربية» ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1989.
- قنديل، د. محمد المنسي: «شخصيات حية من الأغاني» ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1990.
- قيسومة، منصور: «الأنا والآخر في الرواية العربية الحديثة» ـ دار سحر ـ تونس 1994.
- قيسومة، منصور: «الرواية العربية ـ الإشكال والتشكل» ـ دار سحر للنشر ـ تونس 1997.
«ك»
- كاسوحة، مراد: «المنفى السياسي في الرواية العربية» ـ دار الحصاد ـ دمشق 1990.
- كاسوحة، مراد: «الرؤية الأيديولوجية والموروث الديني في أدب حنا مينه» ـ دار الذاكرة ـ حمص 1991.
- الكتاني، محمد: «الصراع بين القديم والجديد في الأدب العربي الحديث» ـ (جزءان) ـ دار الثقافة ـ الدار البيضاء ـ 1982.
- الكردي، عبد الرحيم: «السرد في الرواية المعاصرة ـ الرجل الذي فقد ظله نموذجاً» ـ دار الثقافة للطباعة والنشر ـ القاهرة 1992.
- كليب، سعد الدين: «وعي الحداثة: دراسات جمالية في الحداثة العربية» ـ منشورات اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق 1997.
- الكشو، صالح: «مدخل في اللسانيات» ـ الدار العربية للكتاب ـ ليبيا ـ تونس 1983.
- الكيلاني، مصطفى: «تاريخ الأدب التونسي ـ ضمن سلسلة الدراسات «الأدب الحديث والمعاصر ـ شغكاليات الرواية» ـ بيت الحكمة ـ قرطاج 1990.
- كيليطو، عبد الفتاح: «الكتابة والتناسخ ـ مفهوم المؤلف في الثقافة العربية» (ترجمة عبد السلام بنعبد العالي) ـ دار التنوير ـ المركز الثقافي العربي ـ بيروت ـ الدار البيضاء 1985.
- كيليطو، عبد الفتاح: «الغائب، دراسة في مقامة للحريري» ـ دار توبقال للنشر ـ الدار البيضاء 1987.
- كيليطو، عبد الفتاح: «الحكاية والتأويل ـ دراسات في السرد العربي» ـ دار توبقال ـ الدار البيضاء 1988.
- كيليطو، عبد الفتاح: «المقامات ـ السرد والأنساق الثقافية» (ترجمة عبد الصمد بلكبير) ـ دار توبقال للنشر ـ الدار البيضاء 1993.
- كيليطو، عبد الفتاح: «لسان آدم» ـ دار توبقال للنشر ـ الدار البيضاء 1995.
- كيليطو، عبد الفتاح: «العين والأبرة ـ دراسة في ألف ليلة وليلة» (ترجمة مصطفى النحال ـ مراجعة محمد برادة) ـ دار شرقيات ـ القاهرة 1995.
«ل»
- لحمداني، حميد: «الرواية المغربية ورؤية الواقع الاجتماعي ـ دراسة بنيوية تكوينية» ـ دار الثقافة ـ الدار البيضاء 1985.
- لحمداني، حميد: «النقد الروائي والأيديولوجيا ـ من سوسيولوجيا الرواية إلى سوسيولوجيا النقد الروائي» ـ المركز الثقافي العربي ـ بيروت ـ الدار البيضاء 1990.
- لحمداني، حميد: «بنية النص السردي من منظور النقد الأدبي» ـ المركز الثقافي العربي ـ بيروت ـ الدار البيضاء ـ 1993.
«م»
- الماضي، شكري عزيز: «في نظرية الأدب» ـ دار الحداثة ـ بيروت 1986.
- المبخوت، شكري: «سيرة الغائب ـ سيرة الآتي: السيرة الذاتية في كتاب الأيام لطه حسين» ـ دار الجنوب للنشر ـ تونس 1992.
- مبروك، مراد عبد الرحمن: «العناصر التراثية في الرواية العربية في مصر ـ دراسة نقدية 1914-1986» ـ دار المعارف ـ القاهرة 1991.
- مبروك، مراد عبد الرحمن: «بناء الزمن في الرواية المعاصرة» - الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة 1998.
- مجموعة من المؤلفين: «دراسات في الرواية العربية» - الحلقة النقدية في مهرجان جرش السادس عشر - المؤسسة العربية للدراسات والنشر - بيروت 1998.
- محفوظ، نجيب: «اتحدث إليكم» (تقديم صبري حافظ) ـ دار العودة ـ بيروت 1977.
- محفوظ، عبد اللطيف: «وظيفة الوصف في الرواية» ـ دار اليسر ـ أفريقيا الشرق ـ الدار البيضاء 1989.
- محمد، السيد ابراهيم: «نظرية الرواية - دراسة لمناهج النقد الأدبي في معالم فن القصة» - القاهرة 1994.
- محمود، علي عبد الحليم: «القصة العربية في العصر الجاهلي» ـ دار المعارف ـ القاهرة ـ الط2 ـ 1979.
- محمد، أحمد سيد: «الرواية الانسيابية وتأثيرها عند الروائيين العرب» ـ دار المعارف ـ القاهرة 1985.
- محمد، رمضان بسطاويسي: «الجميل ونظريات الفنون دراسات في علم الجمال» ـ كتاب الرياض ـ مؤسسة اليمامة الصحفية ـ الرياض ـ العدد 25 ـ 26 ـ 1996.
- محمد، عبد الواحد: «الرواية اليابانية الحديثة» ـ دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد 1986.
- المديني، أحمد: «فن القصة القصيرة بالمغرب ـ في النشأة والتطور والاتجاهات» ـ دار العودة ـ بيروت 1980.
- مرتاض، عبد الجليل: «البنية الزمنية في القص الروائي» ـ ديوان المطبوعات الجامعية ـ جامعة وهران ـ وهران 1993.
- مرتاض، د. عبد الملك: «نهضة الأدب العربي المعاصر في الجزائر» ـ الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ـ الجزائر (د. ت).
- مرتاض، عبد الملك: «الثقافة العربية في الجزائر بين التأثير والتأثر» ـ اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق 1981.
- مرتاض، عبد الملك: «الأمثال الشعبية الجزائرية» ـ ديوان المطبوعات الجامعية ـ الجزائر 1982.
- مرتاض، عبد الملك: «النص الأدبي: من أين؟ إلى أين؟» - ديوان المطبوعات الجامعية - الجزائر 1983.
- مرتاض، عبد الملك: «تحليل الخطاب السردي: معالجة تفكيكية سيميائية مركبة لرواية زقاق المدق» - ديوان المطبوعات الجامعية - الجزائر 1985.
- مرتاض، عبد الملك: «فن المقامات في الأدب العربي» ـ المؤسسة الوطنية للكتاب/ الجزائر والدار التونسية للنشر ـ تونس ـ الط2/ 1988.
- مرتاض، عبد الملك: «ألف ليلة وليلة: تحليل سيميائي تفكيكي لحكاية حمال بغداد» ـ ديوان المطبوعات الجامعية ـ الجزائر 1993.
- مرتاض، عبد الملك: «مقامات السيوطي» ـ منشورات اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق 1996.
- مرتاض، عبد الملك: «في نظرية الرواية ـ بحث في تقنيات السرد» ـ سلسلة عالم المعرفة ـ الكويت 1998.
- مرتاض، عبد الملك: «الكتابة من موقع العدم: مساءلات حول نظرية الكتابة» - كتاب الرياض - الرياض - العدد 61-62 - فبراير 1999.
- المرزوقي، سمير (وجميل شاكر): «مدخل إلى نظرية القصة تحليلاً وتطبيقاً» ـ الدار التونسية للنشر ـ ديوان المطبوعات الجامعية ـ الجزائر1985.
- مروة، حسين: «دراسات نقدية في ضوء المنهج الواقعي» ـ دار الفارابي ـ بيروت ـ طبعة ثانية مزيدة ومنقحة 1976.
- المسدي، عبد السلام: «الأسلوبية والأسلوب ـ نحو بديل ألسني في نقد الأدب» ـ الدار العربية للكتاب ـ تونس ـ ليبيا ـ 1977.
- المسدي، عبد السلام: «الأسلوبية والأسلوب» طبعة منقحة ومشفوعة ببيلوغرافيا الدراسات الأسلوبية والبنيوية ط3 الدار العربية للكتاب ـ تونس ـ ليبيا ـ (د. ت أما الطبعة الثانية وهي الأولى بالنسبة للطبعة المنقحة فصدرت عام 1982).
- المسدي، عبد السلام: «النقد والحداثة ـ مع دليل ببيلوغرافي» ـ دار الطليعة ـ بيروت 1983.
- المسدي، عبد السلام: «قاموس اللسانيات ـ مع مقدمة علم المصطلح» ـ الدار العربية للكتاب ـ تونس ـ ليبيا ـ 1984.
- المسدي، عبد السلام: «قضية البنيوية ـ دراسة ونماذج» ـ دار أمية ـ تونس 1991.
- المسدي، عبد السلام: «مساءلات في الأدب واللغة» كتاب الرياض ـ مؤسسة اليمامية الصحفية ـ الرياض ـ العدد 10 ـ 1994.
- المسدي، عبد السلام: «في آليات النقد الأدبي» ـ دار الجنوب للنشر ـ تونس 1994.
- مشول، أحمد: «النص والحرية ـ عبد الرحمن منيف» ـ دار موقف ـ حلب 1994.
- مصايف، محمد: «الرواية العربية الجزائرية الحديثة بين الواقعية والالتزام» ـ الدار العربية للكتاب ـ تونس ـ ليبيا، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ـ الجزائر 1983.
- المصري، خالد: «غائب طعمة فرمان: حركة المجتمع وتحولات النص» ـ دار المدى ـ دمشق 1997.
- مصطفى، أحمد أمين: «المناظرات في الأدب العربي إلى نهاية القرن الرابع» ـ دار النمر للطباعة ـ القاهرة 1984.
- المصطفى، محمد الحسن ولد محمد: «الرواية العربية الموريتانية مقاربة للبنية والدلالة» ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1996.
- مصلوح، سعد: «في النص الأدبي ـ دراسة أسلوبية إحصائية» ـ منشورات النادي الأدبي الثقافي بجدة ـ جدة 1991.
- المعاملي، شوقي محمد: «السيرة الذاتية في التراث» ـ مكتبة النهضة المصرية ـ القاهرة 1989.
- مفتاح، محمد: «دينامية النص» - المركز الثقافي العربي - الدار البيضاء - بيروت 1987.
- المقداد، قاسم: «هندسة المعنى في السرد الأسطوري الملحمي: جلجامش» ـ دار السؤال ـ دمشق 1984.
- مكي، الطاهر أحمد: «القصة القصيرة: دراسة ومختارات» ـ دار المعارف ـ القاهرة ـ الط2 ـ 1978.
- مكي، الطاهر أحمد: «القصة القصيرة ـ دراسة ومختارات» ـ دار المعارف ـ القاهرة ـ الط2 ـ 1978.
- الملوحي، عبد المعين: «الأدب في خدمة المجتمع» ـ اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق 1980.
- ممو، أحمد: «دراسات هيكلية في قصة الصراع» ـ الدار العربية للكتاب ـ تونس ـ ليبيا 1984.
- مندور، محمد: «النقد المنهجي عند العرب» ـ نهضة مصر ـ القاهرة.
- المهيري، عبد القادر (وحمادي صمود وعبد السلام المسدي): «النظرية اللسانية والشعرية في التراث العربي من خلال النصوص» ـ الدار التونسية للنشر ـ تونس 1988.
- موافي، عبد العزيز: «أفق النص الروائي ـ دراسات تطبيقية» ـ الهيئة العامة لقصور الثقافة ـ ضمن سلسلة كتابات نقدية (37) ـ القاهرة 1995.
- الموافي، ناصر عبد الرزاق: «القصة العربية: عصر الإبداع» - دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع - المنصورة - ط2 - 1996.
- موسى، شمس الدين: «المرأة الأنموذج في الرواية العربية الحديثة» ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1985.
- موسى، شمس الدين: «تأملات في إبداعات الكاتبة العربية» ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1997.
- الموسوي، محسن جاسم: «ثارات شهرزاد: فن السرد العربي الحديث» ـ دار الآداب ـ بيروت 1993.
- الموسوي، محسن جاسم: «سرديات العصر العربي الإسلامي الوسيط» ـ المركز الثقافي العربي ـ بيروت ـ الدار البيضاء 1997.
- مينه، حنا: «حوارات.. وأحاديث في الحياة والكتابة الروائية» (تحرير وتقديم محمد دكروب) ـ دار الفكر الجديد ـ بيروت 1992.
«ن»
- النابلسي، شاكر: «تشيكوف والقصة القصيرة» ـ دار الفكر ـ القاهرة 1963.
- النابلسي، شاكر: «المسافة بين السيف والعنق» ـ المؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ بيروت 1985.
- النابلسي، شاكر: «مذهب للسيف ومذهب للحب» ـ المؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ بيروت 1985.
- النابلسي، شاكر: «مدار الصحراء ـ دراسة في أدب عبد الرحمن منيف» ـ المؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ بيروت 1991.
- النابلسي، شاكر: «جماليات المكان في الرواية العربية» ـ المؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ بيروت 1994.
- النجار، محمد رجب: «التراث القصصي في الأدب العربي ـ مقاربات سوسيو ـ سردية» (المجلد الأول) ـ منشورات ذات السلاسل ـ الكويت 1995.
- نجم، محمد يوسف: «القصة في الأدب العربي الحديث في لبنان حتى الحرب العظمى» ـ دار مصر للطباعة ـ القاهرة 1952.
- النصير، ياسين: «الاستهلال ـ فن البدايات في النص الأدبي» ـ دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد 1993.
- النصير، ياسين: «المساحة المختفية: قراءات في الحكاية الشعبية» ـ المركز الثقافي العربي ـ بيروت ـ الدار البيضاء 1995.
- نظيف، محمد: «ما هي السيميولوجيا» ـ أفريقيا الشرق ـ الدار البيضاء 1994.
- نور الدين، صدوق: «البداية في النص الروائي» ـ دار الحوار ـ اللاذقية 1994.
- نور الدين، صدوق: «عبد الله العروي وحداثة الرواية» ـ المركز الثقافي العربي ـ بيروت ـ الدار البيضاء 1994.
- نور الدين، صدوق: «البداية في النص الروائي»- دار الحوار- اللاذقية 1994.
- نيوف، نوفل: «مواجهة الغزو الثقافي ـ نموذج تطبيقي» في مجلة «أدب ونقد» (القاهرة) ـ العدد 131 ـ يناير 1996.
«هـ»
- الهاجري، سخمي محمد: «القصة القصيرة في المملكة العربية السعودية» ـ النادي الأدبي بالرياض ـ الرياض 1987.
- الهمامي، عبد الرزاق: «الشحاد أزمة وعي وانهيار عالم» ـ الشركة الجديدة للطباعة والنشر ـ تونس 1996.
- الهمامي، عبد الرزاق: «أزمة وعي وانهيار عالم: دراسة نقدية تتناول تقنيات السرد الروائي ودلالات النص في رواية الشحاذ» ـ الشركة الجديدة للطباعة والتفسير ـ تونس 1996.
- هلسا، غالب: «فصول في النقد» ـ دار الحداثة ـ بيروت 1984.
- الهواري، أحمد إبراهيم: «مصادر نقد الرواية في الأدب العربي الحديث» ـ دار المعارف ـ القاهرة ـ 1979.
«و»
- الوعر، مازن: «نحو نظرية لسانية عربية حديثة لتحليل التراكيب الأساسية في اللغة العربية» ـ دار طلاس ـ دمشق 1987.
- ال****، سعيد: «تحليل النص السردي: معارج ابن عربي نموذجاً» - الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة - 1998.
- وهبه، مجدي: «معجم مصطلحات الأدب» ـ مكتبة لبنان ـ بيروت 1974.
«ي»
- ياغي، هاشم: «النقد الأدبي الحديث في لبنان» (جزءان) ـ دار المعارف بمصر ـ القاهرة 1968.
- اليبوري، أحمد: «دينامية النص الروائي» ـ منشورات اتحاد كتاب المغرب ـ الرباط 1993.
- يحياوي، رشيد: «مقدمات في نظرية الأنواع الأدبية» ـ أفريقيا الشرق ـ الدار البيضاء 1991.
- يحياوي، رشيد: «الشعرية العربية ـ الأنواع والأغراض» ـ أفريقيا الشرق ـ الدار البيضاء 1991.
- يحياوي، رشيد: «شعرية النوع الأدبي ـ في قراءة النقد العربي القديم» ـ أفريقيا الشرق ـ الدار البيضاء (د. ت).
- يسين، السيد: «التحليل الاجتماعي للأدب» ـ دار التنوير ـ بيروت 1982.
- يقطين، سعيد: «تحليل الخطاب الروائي ـ الزمن ـ السرد ـ التبئير» ـ المركز الثقافي العربي ـ بيروت ـ الدار البيضاء ـ 1989.
- يقطين، سعيد: «انفتاح النص الروائي ـ النص ـ السياق» ـ المركز الثقافي العربي ـ بيروت ـ الدار البيضاء 1989.
- يقطين، سعيد: «قال الراوي: البنيات الحكائية في السيرة الشعبية» ـ المركز الثقافي العربي ـ بيروت ـ الدار البيضاء 1990.
- يقطين، سعيد: «الرواية والتراث السردي من أجل وعي جديد بالتراث» ـ المركز الثقافي العربي ـ بيروت ـ الدار البيضاء ـ 1992.
- يقطين، سعيد: «ذخيرة العجائب العربية ـ سيف بن يزن» ـ المركز الثقافي العربي ـ بيروت ـ الدار البيضاء ـ 1994.
- يقطين، سعيد: «الكلام والخبر ـ مقدمة للسرد العربي» ـ المركز الثقافي العربي ـ بيروت ـ الدار البيضاء ـ 1997.
- يوسف، آمنة: «تقنيات السرد في النظرية والتطبيق» ـ دار الحوار للنشر والتوزيع ـ اللاذقية 1997.
- يوسف، محسن: «القصة في الوطن العربي» ـ المنشأة العامة للنشر والتوزيع والإعلان ـ طرابلس ـ ليبيا 1985.
- اليوسفي، محمد علي: «البيانات» ـ سراس للنشر ـ تونس 1985.
- اليوسفي، محمد لطفي: «في بنية الشعر العربي المعاصر» ـ ط2 ـ دار سيراس للنشر ـ تونس 1992.
- اليوسفي، محمد لطفي: «لحظة المكاشفة الشعرية: إظلالة على مدار الرعب» ـ الدار التونسية للنشر ـ تونس 1992.
- اليوسفي، محمد لطفي: «الشعر والشعرية ـ الفلاسفة والمفكرون العرب، ما أنجزوه وما هفوا إليه» ـ الدار العربية للكتاب ـ ليبيا وتونس 1992.
- اليوسفي، محمد لطفي: «كتاب المتاهات والتلاشي ـ في النقد والشعر» ـ دار سيراس للنشر ـ تونس 1992.
- يونس، عبد الحميد: «الظاهر بيبرس في القصص الشعبي» ـ المكتبة الثقافية ـ العدد 30 ـ وزارة الثقافة والإرشاد القومي ـ دار القلم ـ القاهرة 1959.
- يونس، عبد الحميد: «الحكاية الشعبية» ـ المكتبة الثقافية العدد 20 ـ المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر ـ القاهرة 1968.
- يونس، عبد الحميد: «الهلالية في التاريخ والأدب الشعبي» ـ دار المعرفة ـ القاهرة ـ الط2 ـ 1968.
- يونس، عبد الحميد: «دفاع عن الفولكلور» ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1973.
- يونس، عبد الحميد: «معجم الفولكلور» ـ مكتبة لبنان ـ بيروت 1983.

ثانياً: المراجع الأجنبية المترجمة

« أ »
- ارفون، هنري: «الجمالية الماركسية» (ترجمة جهاد نعمان)، منشورات عويدات ـ بيروت ـ الط2 ـ 1982.
- ارنولد، ماتيو: «مقالات في النقد» (ترجمة وتقديم: علي جمال الدين عزت ـ مراجعة لويس مرقص) ـ الدار المصرية للتأليف والترجمة ـ القاهرة 1966.
- اسكاربيت، روبير: «سوسيولوجيا الأدب» (ترجمة آمال انطوان عرموني) ـ دار عويدات ـ بيروت 1981.
- ألن، روجر: «الرواية العربية - مقدمة نقدية» (ترجمة حصة منيف) - المؤسسة العربية للدراسات والنشر - بيروت 1988.
- أود، ايف: «غزو العقول ـ جهاز التصدير الثقافي الأمريكي إلى العالم الثالث» (ترجمة غسان أدريس) ـ منشورات دار البعث ـ دمشق 1985.
- آورباخ، إيريش: «محاكاة: الواقع كما يتصوره أدب الغرب» (ترجمة محمد جديد والأب روفائيل خوري) - وزارة الثقافة - دمشق 1998.
- اوكونور، فرانك: «الصوت المنفرد ـ مقالات في القصة القصيرة» ( ترجمة محمود الربيعي - مراجعة محمد فتحي) وزارة الثقافة ـ الهيئة العامة للتأليف والنشر ـ القاهرة 1969.
- إيجلتون، تيري: «النقد والأيديولوجية» (ترجمة: فخري صالح) ـ المؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ بيروت 1992.
- إيكو، امبرتو: «القارئ في الحكاية ـ التعاضد التأويلي في النصوص الحكائية» (ترجمة انطوان أبو زيد) ـ المركز الثقافي العربي ـ بيروت ـ الدار البيضاء 1996.
«ب»
- بارت، رولان: «الكتابة في درجة الصفر» (ترجمة نعيم الحمصي) منشورات وزارة الثقافة ـ دمشق 1970.
- بارت، رولان: «درجة الكتابة الصفر» (ترجمة محمد برادة) ـ دار الطليعة ـ بيروت والشركة المغربية للناشرين المتحدين ـ الرباط 1984.
- بارت، رولان: «مبادئ في علم الأدلة» (ترجمة وتقديم محمد البكري) ـ دار الحوار ـ اللاذقية 1987.
- بارت، رولان: «النقد البنيوي للنصوص» (ترجمة انطوان أبو زيد) ـ منشورات عويدات ـ بيروت 1988.
- بارت، رولان: «لذة النص» (ترجمة منذر عياشي) ـ مركز الإنماء الحضاري ـ حلب 1992.
- بارت، رولان: «الكتابة والقراءة» ـ تانسيفت ـ مراكش 1993.
- بارت، رولان: «مدخل إلى التحليل البنيوي للقصص» (ترجمة منذر عياشي) ـ مركز الإنماء الحضاري ـ حلب 1993.
- بارت، رولان: «نقد وحقيقة» (ترجمة منذر عياشي) ـ مركز الإنماء الحضاري ـ حلب 1994.
- بارت، رولان: «أسطوريات» (ترجمة قاسم المقداد) ـ مركز الإنماء الحضاري ـ حلب 1996.
- بايار، جان فرانسوا: «أوهام الهوية» ـ دار العلم الثالث ـ القاهرة 1998.
- براجو كينا، سفتيلانا: «حدود العصور - حدود الثقافات - دراسة في الأدب المغربي المكتوب بالفرنسية» (ترجمة ممدوح أبو الوي وراتب سكر) - اتحاد الكتاب العرب - دمشق 1995.
- بركلي، هربيرت: «مقدمة إلى علم الدلالة الألسني» (ترجمة قاسم المقداد) ـ وزارة الثقافة ـ دمشق 1990.
- بروب، فلاديمير: «مورفولوجيا الحكاية الخرافية» (ترجمة وتقديم أبو بكر أحمد باقادر وأحمد عبد الرحيم نصر) ـ النادي الأدبي الثقافي بجدة ـ جدة 1989.
- بورا، س. م.: «التجربة الخلاقة» (ترجمة سلافة حجاوي) ـ دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد (د. ت).
- برونل. ب وزملاؤه: «النقد الأدبي» (ترجمة هدى وصفي) - مكتبة الأسرة 1999 - القاهرة 1999 (الطبعة الأولى 1989).
- بيتروف: «الواقعية النقدية» (ترجة شوكت يوسف) ـ وزارة الثقافة ـ دمشق 1983.
- بيرنت، هالي: «كتابة القصة القصيرة» (ترجمة أحمد عمر شاهين)، كتاب الهلال العدد 547 ـ دار الهلال ـ القاهرة يوليو (تموز) 1996.
- بيكولسكا، بربارة: «التراث والمعاصرة في إبداع ليلى العثمان» ـ دار المدى ـ دمشق 1997.
«ت»
- تادييه، جان-إيف: «النقد الأدبي في القرن العشرين» (ترجمة قاسم المقداد) - وزارة الثقافة والمعهد العالي للفنون المسرحية - دمشق 1993.
- تادييه، جان-إيف: «الرواية في القرن العشرين» - (ترجمة وتقديم: محمدخير البقاعي) - الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة 1998.
- تشرنيتشفسكي: «علاقات النص الجمالية بالواقع» (ترجمة يوسف حلاق) ـ وزارة الثقافة ـ دمشق 1983.
- تودوروف، تزيفتان: «مفهوم الأدب» (ترجمة منذر عياشي) ـ منشورات النادي الأدبي الثقافي بجدة ـ جدة ـ 1990.
- تودوروف، تزفيتان: «المبدأ الحواري ـ دراسة في فكر ميخائيل باختين» (ترجمة فخري صالح) ـ دار الشؤون الثقافية العامة ـ آفاق عربية ـ بغداد 1992.
- تودوروف، تزفيتان: «مدخل إلى الأدب العجائبي» (ترجمة الصديق بوعلام ـ مراجعة محمد برادة) ـ دار الشرقيات ـ القاهرة 1994.
- تودوروف، تزيفتيان: «الأدب والدلالة» (ترجمة محمد نديم خشفة) ـ مركز الإنماء الحضاري ـ حلب 1996.
- تورين، آلان: «نقد الحداثة» (ترجمة أنور مغيث) ـ المجلس الأعلى للثقافة ـ المشروع القومي للترجمة ـ القاهرة 1997.
- تورنللي، ولسن: «كتابة القصة القصيرة» (ترجمة مانع حماد الجهني) ـ كتاب النادي الأدبي الثقافي بجدة ـ العدد 77 - 31/6/1992.
توماس (هنري) ودانالي توماس: «أعلام الفن القصصي» ـ (جزءان ـ ترجمة عثمان نويه) ـ دار الهلال ـ كتاب الهلال ـ القاهرة 1978.
«ج»
- جاكوبسون، رومان: «قضايا الشعرية» (ترجمة محمد الولي ومبارك حنون) ـ دار توبقال للنشر 1988.
- جيفرسون، آن (وديفيد روبي): «النظرية الأدبية الحديثة ـ تقديم مقارن» (ترجمة سمير مسعود) ـ وزارة الثقافة ـ دمشق 1992.
- جولدمان، لوسيان: «مقدمات في سوسيولوجية الرواية» (ترجمة بدر الدين عرودكي) ـ دار الحوار ـ اللاذقية 1993.
- جيرو، بيير: «علم الدلالة» (ترجمة منذر عياشي) ـ دار طلاس ـ دمشق 1988.
- جيرو، بيير: «الأسلوب والأسلوبية» (ترجمة منذر عياشي) ـ مركز الإنماء القومي ـ بيروت 1989.
- جيرو، بيير: «علم الإشارة ـ السيميولوجيا» (ترجمة منذر عياشي) ـ دار طلاس ـ دمشق 1988.
- جينيت، جيرار: «خطاب الحكاية» ـ (ترجمة: محمد معتصم وعبد الجليل الأزدي وعمر حلي) ـ المجلس الأعلى للثقافة ـ القاهرة 1997.
«خ»
- خرابتشنكو: «الإبداع الفني والواقع الإنساني» (ترجمة شوكت يوسف) ـ وزارة الثقافة ـ دمشق 1983.
«ر»
- رانيلا، أ.ل.: «الماضي المشترك بين العرب والغرب: أصول الآداب الشعبية الغربية» (ترجمة نبيلة ابراهيم - مراجعة فاطمة موسى) - علم المعرفة - كانون الثاني 1999.
- راي، وليم: «المعنى الأدبي ـ من الظاهراتية إلى التفكيكية» (ترجمة يوئيل يوسف عزيز) ـ دار المأمون ـ بغداد (د. ت).
- رتشاردز، ا. ا: «مبادئ النقد الأدبي» (ترجمة وتقديم مصطفى بدوي ـ مراجعة لويس عوض) ـ المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر ـ القاهرة ـ 1962.
- ريديكر، هورست: «الانعكاس والفعل: ديالكتيك الواقعية في الإبداع الفني» (ترجمة فؤاد مرعي) - دار الجماهير - دمشق - ودار الفارابي - بيروت 1977.
«ز»
زيرافا، ميشيل: «الأسطورة والرواية» (تعريب صبحي حديدي)- دار الحوار- اللاذقية 1985.
- زيما، بيير: «النقد الاجتماعي ـ نحو علم اجتماع للنص الأدبي» (ترجمة عايدة لطفي ـ مراجعة أمينة رشيد وسيد البحراوي) ـ دار الفكر للدراسات والنشر والتوزيع ـ القاهرة 1991.
«س»
- ستاغ، د. مارينا: «حدود حرية التعبير» ترجمة: طلعت الشايب ـ دار شرقيات ـ القاهرة 1995.
- ستروس، كلودليفي (وفلاديمير بروب): «مساجلة بصدد: علم تشكل الحكاية» (ترجمة محمد معتصم) ـ عيون المقالات ـ الدار البيضاء 1988.
- ستروك، جون: «البنيوية وما بعدها ـ من ليفي شتراوس إلى دريدا» (ترجمة محمد عصفور) ـ سلسلة «عالم المعرفة» ـ المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ـ الكويت 1996.
- سلدن، رامان: «النظرية الأدبية المعاصرة» (ترجمة سعيد الغانمي) - المؤسسة العربية للدراسات والنشر - بيروت 1996.
- ستولينتز، جيروم: «النقد الفني: دراسة جمالية وفلسفية» (ترجمة فؤاد زكريا) ـ المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت الط2 ـ 1981.
- سميث، إدوارد لوسي: «ما بعد الحداثة: الحركات الفنية منذ عام 1945» (ترجمة فخري خليل - مراجعة جبرا ابراهيم جبرا) - المؤسسة العربية للدراسات والنشر - بيروت 1995.
- سيرفوني، جان: «الملفوظية» (ترجمة قاسم المقداد) منشورات اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق 1998.
«ش»
- شورر، مارك (وجوزفين مايلز وجوردن ماكنزي)، «النقد ـ أسس النقد الأدبي الحديث» (ترجمة هيفاء هاشم ـ مراجعة نجاح العطار) ـ منشورات وزارة الثقافة والسياحة والإرشاد القومي ـ دمشق 1996.
- شولز، روبرت: «البنيوية في الأدب» (ترجمة حنا عبود) ـ اتحاد الكتاب العرب دمشق 1984.
- شولز، روبرت: «السيمياء والتأويل» (ترجمة سعيد الغانمي) ـ المؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ بيروت 1994.
- شولز، روبرت: «عناصر القصة» (ترجمة محمود منقذ الهاشمي) ـ دار طلاس ـ دمشق 1988.
«ع»
- عدة مؤلفين: «دراسات في الرواية الأمريكية المعاصرة» ـ (ترجمة: عنيد ثنوان رستم) ـ دار المأمون ـ بغداد 1989.
- عدة مؤلفين: «الحداثة» (جزءان) ـ (ترجمة: مؤيد حسن فوزي) ـ دار المأمون ـ بغداد 1989.
- عدة مؤلفين: «طرائق تحليل السرد الأدبي» ـ (ترجمة: مجموعة من النقاد والباحثين) ـ منشورات اتحاد كتاب المغرب ـ سلسلة ملفات ـ الرباط 1992.
- عدة مؤلفين: «مدخل إلى التحليل البنيوي للنصوص» (ترجمة عدة كتاب) ـ دار الحداثة ـ بيروت 1985.
- عدة مؤلفين: «مفهومات في بنية النص: اللسانية ـ الشعرية ـ الأسلوبية ـ التناصية» (ترجمة وائل بركات) ـ دار معد للطباعة والنشر والتوزيع ـ دمشق 1996.
- عدة مؤلفين: «الوعي والإبداع ـ دراسات جمالية ماركسية» (ترجمة رضا الطاهر) ـ مركز الأبحاث والدراسات الاشتراكية في العالم العربي ـ دمشق 1985.
- عدة مؤلفين: «في أصول الخطاب النقدي الجديد» (ترجمة وتقديم أحمد المديني) ـ عيون المقالات ـ الدار البيضاء ودار الشؤون الثقافة العامة ـ بغداد ـ الط2 ـ 1989.
- عدة مؤلفين: «نظرية الأجناس الأدبية» (تعريب عبد العزيز شبيل ـ مراجعة حمادي صمود) ـ النادي الأدبي الثقافي بجدة ـ جدة 1994.
- عدة مؤلفين: «الأسطورة والرمز ـ دراسات نقدية لخمسة عشر ناقداً» (ترجمة جبرا إبراهيم جبرا) ـ المؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ بيروت 1980.
- عدة مؤلفين: «نظرية المنهج الشكلي: نصوص الشكلانيين الروس» (ترجمة إبراهيم الخطيب) ـ مؤسسة الأبحاث العربية ـ بيروت والشركة المغربية للناشرين المتحدين ـ الدار البيضاء 1982.
- عدة مؤلفين: «مقدمة في المناهج النقدية للتحليل الأدبي» (ترجمة وائل بركات وغسان السيد) - مطبعة زيد بن ثابت - دمشق 1994.

«غ»
- غارودي، روجيه: «واقعية بلا ضفاف» (ترجمة حليم طوسون) ـ دار الكتاب العربي ـ القاهرة 1968.
غارودي، روجيه: «البنيوية، فلسفة موت الإنسان» (ترجمة جورج طرابيشي) ـ دار الطليعة ـ بيروت 1979.
- غروموف، ي: «الواقعية الاشتراكية» ـ (ترجمة: عدنان مدانات) ـ دار ابن خلدون ـ سلسلة دليل المناضل (2) ـ بيروت 1975.
- غروموف وكاجان: «وظيفة الفن الاجتماعية» (ترجمة عدنان مدانات) ـ دار ابن خلدون ـ بيروت 1980.
«ف»
- فاتيمو، جياني: «نهاية الحداثة: الفلسفات العدمية والتفسيرية 1987» (ترجمة فاطمة الجيوشي) - وزارة الثقافة - دمشق 1998.
- فاير، ديان دولت: «فن كتابة الرواية» (ترجمة عبد الستار جواد ـ مراجعة عبد الوهاب ال****) ـ دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد 1989.
- فراي، نورثروب: «نظرية الأساطير في النقد الأدبي» (ترجمة حنا عبود) - دار المعارف بحمص - حمص 1987.
- فراي، نورثروب: «تشريح النقد» (ترجمة محي الدين صبحي) ـ الدار العربية للكتاب ـ تونس ـ ليبيا 1991.
- فيشر، أرنست: «ضرورة الفن» (ترجمة د. ميشال سليمان) ـ دار الحقيقة ـ بيروت 1972.
«ك»
- كابانس، لوي: «النقد الأدبي والعلوم الإنسانية» ـ تعريب: فهد عكام ـ دار الفكر ـ دمشق 1982.
- كالوديل، ارسكين: «سمها.. تجربة» (ترجمة: علي الحلي) ـ دراسة الشؤون الثقافية العامة ـ بغدد 1990.
- كرانت، ديمين: «موسوعة المصطلح النقدي ـ المجلد الثالث ـ الواقعية» (ترجمة د. عبد الواحد لؤلؤة) ـ المؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ بيروت 1983.
- كريستيفا، جوليا: «علم النص» (ترجمة فريد الزاهي) - دار توبقال - الدار البيضاء - 1991.
- كرمود، فرانك: «الإحساس بالنهاية ـ دراسات في نظرية القصة» (ترجمة عناد عروان إسماعيل وجعفر صادق الخليلي) ـ وزارة الثقافة والإعلام ـ دار الرشيد للنشر ـ بغداد 1979.
- كريزويل، إديث: «عصر البنيوية» (ترجمة جابر عصفور) ـ دار سعاد الصباح ـ الكويت 1993.
- كلنغندر، فرانسيس: «الماركسية والفن الحديث» (ترجمة مصطفى عبود) ـ مركز الأبحاث والدراسات الاشتراكية في العالم العربي ـ دمشق 1987.
- كتيل، ارنولد: «مدخل إلى الرواية الإنجليزية» (مجلدان ـ ترجمة هاني الراهب) ـ وزارة الثقافة ـ دمشق 1977.
«ل»
- لافرتيسكي: «في سبيل الواقعية» (ترجمة د. جميل نصيف ـ مراجعة د. حياة شرارة) ـ عالم المعرفة ـ بيروت.
- لوفيفر، هنري: «ما الحداثة» (ترجمة كاظم جهاد) ـ دار ابن الرشيد ـ بيروت 1983.
- لوكاتش، جورج: «الرواية» ـ (ترجمة: مرزاق بقطاش) ـ المكتبة الشعبية ـ الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ـ الجزائر ـ (د. ت).
- لوكاتش، جورج: «الرواية كملحمة برجوازية» (ترجمة جورج طرابيشي) ـ دار الطليعة ـ بيروت 1979.
- لوكاتش، جورج: «دراسات في الواقعية» (ترجمة د. نايف بلوز) ـ وزارة الثقافة ـ دمشق 1970.
- لوكاتش، جورج: «معنى الواقعية المعاصرة» (ترجمة د. أمين العيوطي) ـ دار المعارف بمصر ـ القاهرة ـ 1971.
- لوكاتش، جورج: «دراسات في الواقعية الأوروبية» (ترجمة أمير إسكندر ـ مراجعة د. عبد الغفار مكاوي) ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1972.
- لوكاتش، جورج: «غوثة وعصره» (ترجمة بديع عمر نظمي) ـ دار الطليعة ـ بيروت 1984.
- لينداور، مارتن: «الدراسة الفنية للأدب» (ترجمة شاكر عبد الحميد) ـ الهيئة العامة لقصور الثقافة ـ القاهرة ـ الط2 ـ 1996.
- ليوتار، جان ـ فرانسوا: «الوضع ما بعد الحداثي» (ترجمة أحمد حسان) ـ دار شرقيات ـ القاهرة 1994.
- مارتن، والاس: «نظريات السرد الحديثة» (ترجمة: حياة جاسم محمد) ـ المجلس الأعلى للثقافة ـ القاهرة 1998.
«م»
- مونز، بيتر: «حين ينكسر الغصن الذهبي: بنيوية أم طبولوجيا» (ترجمة صبار سعدون السعدون ـ مراجعة جبرا إبراهيم جبرا) ـ دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد (د. ت).
- مونرو، توماس: «التطور في الفنون» (ترجمة محمد علي أبو ريده ولوسي اسكندر جرجس وعبد العزيز توفيق جاويد) ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1971 ـ 1972 ـ 1973.
- ميزر، جيفري: «اللوحة والرواية» - (ترجمة مي مظفر) - دار الشؤون الثقافية العامة - بغداد 1987.
«ن»
- نن، اناييس: «رواية المستقبل» ـ (ترجمة: محمود منقذ الهاشمي) ـ وزارة الثقافة ـ دمشق 1983.
- نورس، كريستوفر: «التفكيكية: النظرية والتطبيق» (ترجمة رغد عبد الجليل جواد) ـ دار الحوار ـ اللاذقية 1992.
- نويل، جان بيلمان: «التحليل النفسي والأدبي» ـ (ترجمة: حسن المودن) ـ المجلس الأعلى للثقافة ـ القاهرة 1997.
«هـ»
- هالبراين، جون: «نظرية الرواية: مقالات جديدة» (ترجمة محي الدين صبحي) ـ منشورات وزارة الثقافة ـ دمشق 1981.
- هاوزر، ارنولد: «الفن والمجتمع عبر التاريخ» (ترجمة فؤاد زكريا) ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 19710-1971.
- هايمن، ستانلي: «النقد الأدبي ومدارسه الحديثة» (قسمان) (ترجمة إحسان عباس ومحمد يوسف نجم) ـ دار الثقافة ـ بيروت 1958-1960.
- هو، غراهام: «مقالة في النقد» (ترجمة محي الدين صبحي) ـ المجلس الأعلى لرعاية الفنون والعلوم والآداب ـ دمشق 1973.
- هولب، روبرت: «نظرية التلقي» (ترجمة عز الدين إسماعيل) ـ النادي الأدبي الثقافي بجدة ـ جدة 1994.
«و»
- واثيونغو، نغوجي: «تصفية استعمار العقل» (ترجمة سعدي يوسف). مؤسسة الأبحاث العربية- بيروت 1987.
- واط، إيان: «نشوء الرواية» ـ (ترجمة: ثائر ديب) ـ دار شرقيات للنشر والتوزيع ـ القاهرة 1997.
- وارين، اوستن (ورينيه ويلك): «نظرية الأدب» (ترجمة محي الدين صبحي ـ مراجعة حسام الخطيب) ـ المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية ـ دمشق 1972.
- واطسون، جورج: «نقاد الأدب» (ترجمة وتقديم وتعليق عناد غزوان إسماعيل وجعفر صادق الخليلي) ـ وزارة الثقافة والفنون ـ بغداد 1979.
- واطسن، جورج: «الفكر الأدبي المعاصر» (ترجمة د. محمد مصطفى بدوي) ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1980.
- ويست، بول: «الرواية الحديثة الإنكليزية والفرنسية» ـ (الجزء الأول) (ترجمة: عبد الواحد محمد) دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد ط2 ـ 1986.
- ويمزات، ويليام ك (وكلينث بروكس): «النقد الأدبي: تاريخ موجز في أربعة أجزاء» (ترجمة حسام الخطيب ومحيي الدين صبحي) ـ مطبعة جامعة دمشق ـ دمشق 1973-1975-1976.
«ي»
- يولكوفسكي، تيودور: «أبعاد الرواية الحديثة ـ نصوص ألمانية وقرائن وروبية» (ترجمة إحسان عباس وبكر عباس) ـ المؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ بيروت 1994.


الفهرس التفصيلي
المقدمة 5
- الاتجاهات والاتجاهات الجديدة (ص7) - الدراسات السابقة (ص9) - دواعي البحث (ص15) - منهج البحث (ص17).
ــ الهوامش والإحالات (ص21).
الفصل الأول: التطور التاريخي والفني لنقد القصة والرواية في الوطن العربي 23
1ـ نظرة إلى نشأة نقد القصة والرواية (ص23):
- المرحلة الأولى حتى عام1945 (ص23) - المرحلة الثانية 1945-1970 (ص28) - محاولات شاملة لرؤية تطور القصة والرواية (ص32) - بواكير محاولات وعي الكتاب لفنهم القصصي والروائي (ص33) - التعريف بفن القصة (ص33) - انطلاقة الدراسات الواقعية (ص34)
2ـ مدخل لفهم نقد القصة والرواية في المرحلة المدروسة (ص34):
- استمرار التأليف في نشأة القصة والرواية وتاريخهما (ص35) - استمرار النقد التعريفي والنظري التقليدي (ص38) - ارتفاع نبرة الحديثة عن نبرة الحديث عن التجربة القصصية والروائية (ص39) - القضايا الأساسية التي عالجها نقد القصة والرواية (ص45) - قضايا تتصل بالمحتوى ص(45) - قضايا تتصل بالشكل (ص46) - هيمنة دراسات المذهب الواقعي (ص46) - البحث عن التراث القصصي ووعيه (ص58) - التراث السردي الشعبي (ص59) - البحث عن التراث السردي الأدبي (ص65) - القصة (ص67) - الخبر (ص67) - المسامرة والمنادمة (ص68) - المناظرات (68) - السيرة الذاتية (ص69) - العجائب والغرائب (ص71) - الأسطورة (ص71) - تأصيل النقد القصصي والروائي (ص74)
ــ الهوامش والإحالات (ص78).

الفصل الثاني: العوامل المؤثرة في تكوين الاتجاهات الجديدة لنقد القصة والرواية 93
1ـ الترجمة (ص93):
- ترجمة القصة والرواية (ص94) - ترجمة نقد القصة والرواية (ص96).
2ـ الروافد الأكاديمية (ص96).
3ـ تطور العلوم والنهاجيات المعرفية (ص100):
- تأثير العلوم والعلم (ص100) - تأثير تكنولوجيا المعلومات (ص101).
4ـ وسائل الاتصال وثورة المعلومات (ص102):
- وسائل الاتصال والرواية الاستهلاكية (ص102) - اللغة العربية والمعلوماتية (ص107).
5ـ تنامي أبحاث الهوية (ص109).
6ـ التطلع إلى الحديث والحداثة (ص115):
- من صراع القديم والجديد إلى الحداثة (ص115) - الحداثة في الأدب أولاً (ص117) - نقل أو تعريب فكرة الحداثة (ص119) - فهم الحداثة ونقدها عربياً (ص121).
7ـ التأليف المعجمي والمصطلحي والموسوعي (ص125).
8ـ العلاقات بين الفنون (ص130).
9ـ أبحاث نظرية الأدب ونظرية القصة والرواية بعد ذلك (ص133):
- أسئلة فهم القصة (ص133) - أسئلة النظرية الأدبية (ص136) - أسئلة فهم الرواية (ص141) - أسئلة نظرية الأدب عربياً (ص143).
10ـ البحث عن نظرية نقدية عربية (ص147).
ــ الهوامش والإحالات (ص150).

الفصل الثالث: الاتجاهات الجديدة المتصلة بالعلوم الإنسانية 157
1ـ قضايا النقد الأدبي والعلوم الإنسانية (ص158):
- مقاربة النقد الأدبي الحديث تعريباً وتأليفاً (ص158) - علم الجمال والنقد الفني (ص164) - مساءلات في النقد والعلوم الإنسانية (ص165) - علم النص (ص166) - علم الاجتماع الأدبي (ص168) - التحليل النفسي للأدب (ص170).
2ـ الاتجاهات الجديدة المتصلة بالعلوم الإنسانية في الممارسة (ص173):
- النقد الأدبي والفلسفة (ص173) - النقد الأدبي وعلم النفس (ص178) - النقد الأدبي وعلم الاجتماع (ص184).
ــ الهوامش والإحالات (ص192).
الفصل الرابع: الاتجاهات الجديدة المتصلة بالبنيوية وما بعدها 197
1ـ تطور الاهتمام بهذه الاتجاهات (ص201):
- الدراسة الأدبية (ص201) - الشكلانية وموروثها (ص206) - اشتغال النقد الجديد على النظرية (ص207) - تحديث المناهج النقدية (ص209) - نحو علم السرد (ص216) - السيرة (ص219) - عودٌ إلى مابعد الحداثة (ص220) - الأسلوبية (ص222) - اللسانية (ص225) - علم الدلالة (ص229) - علم الإشارة (ص231) - الشعرية (ص231).
2ـ الممارسة النقدية العربية لهذه الاتجاهات (ص232):
- شعرية السرد (ص232) - الألسنية (ص238) - البنيوية (ص246) - التفكيكية (ص257).
3ـ ملاحظات ختامية (ص261).
ــ الهوامش والإحالات (ص262).

الفصل الخامس: الموروث السردي المتأثر بالاتجاهات الجديدة 269
1ـ نقد الموروث السردي الشعبي (ص269).
2ـ نقد الموروث السردي الأدبي (ص304).
3ـ ملاحظات ختامية (ص350).
ــ الهوامش والإحالات (ص351).
الفصل السادس: النقد النظري المتأثر بالاتجاهات الجديدة 357
1ـ محاولات جنينية (ص357).
2ـ تحديث الأدوات دون منهج معين (ص357).
3ـ الاستعانة البنيوية الملتبسة (ص361).
4ـ التعامل مع المناهج الحديثة على استحياء (ص362).
5ـ جهود نظرية تمهيدية (ص263).
6ـ تسويغ عقائدي للنقد البنيوي (ص364).
7ـ الجهد التنظيري الأول المكتمل (ص368).
8ـ نحو علم السرد (ص375).
9ـ رؤية الاتجاهات الجديدة في سياقها التاريخي والمعرفي (ص377).
10ـ تنامي عمليات نقد الاتجاهات الجديدة (ص382).
11ـ بروز النظريات الشكلية (ص388).
12ـ ارتهان للمرجعية الغربية (ص391).
13ـ هيمنة المؤثرات الأجنبية (ص393).
14ـ استواء المؤثرات الأجنبية (ص395).
15ـ ظلال التأثير الأجنبي المستمرة (ص400).
16ـ استمرار الجهد التوفيقي (ص406).
17ـ ملاحظات عامة (ص409).
ــ الهوامش والإحالات (ص411).
الفصل السابع: نقد النقد التطبيقي المتأثر بالاتجاهات الجديدة 415
1ـ دراسات ذات ميل أقل إلى الاتجاهات الجديدة (ص415):
- عناية مفرطة بالأفكار (ص420) - اهتمام أساسي بالموضوعات (ص420) - اهتمام أساسي بالتطور التاريخي (ص422) - اهتمام قليل بالفن (ص422) - الحيرة المنهجية (ص423).
2ـ دراسات انتقائية للاتجاهات الجديدة (ص423):
- الإيديولوجيا (ص423) - الجمالية (ص425) - السردية (ص427) - التاريخ والفن (ص429) - الالتزام المنهجي (ص432) - المزج الأسلوبي (ص432) - تسويغ نقد الموضوعات (ص433) - انتقائية داعمة أو متمثلة (ص434).
3ـ دراسات ذات ميل أكبر إلى الاتجاهات الجديدة (ص435):
- الاشتغال السردي النصي (ص435) - قضايا في السرد (ص448) - التحليل السردي النصي (ص460).
4ـ ملاحظات ختامية (ص473).
ــ الهوامش والإحالات (ص474).
الفصل الثامن: منزلة الاتجاهات الجديدة إزاء بعض المشكلات النقدية والفكرية 479
1ـ منزلة الاتجاهات الجديدة إزاء بعض المشكلات النقدية (ص479):
- وهم الإيديولوجيا أو وهم الواقعية (ص480) - وهم الحداثة أو وهم المثاقفة (ص490).

2ـ منزلة الاتجاهات الجديدة بين التبعية والتأصيل (ص499):
- ظاهرة التبعية الثقافية (ص449) - ظاهرة التبعية النقدية (ص503) - حالة نقد القصة والسرد (ص507) - عبدالفتاح كيليطو نموذجاً (ص511).
ــ الهوامش والإحالات (521).
الخاتمة 523
مكتبة البحث 525
أولاً: المصادر والمراجع العربية (ص525).
ثانياً: المراجع الأجنبية المترجمة (ص546).
ثالثاً: الدوريات (ص553).
رابعاً: المراجع باللغة الأجنبية (ص554).
الفهرس التفصيلي 555







صدر للمؤلف

في القصة
1. موتى الأحياء دمشق 1976
2. ذلك النداء الطويل الطويل دمشق 1984
3. هواجس غير منتهية دمشق 1993

في النقد
1. التأسيس ـ مقالات في المسرح السوري دمشق 1979
2. فكرة القصة ـ نقد القصة القصيرة في سورية دمشق 1981
3. أدب الأطفال نظرياً وتطبيقياً دمشق 1983
4. الأدب العربي وتحديات الحداثة بيروت1986
5. الإنجاز والمعاناة ـ حاضر المسرح العربي في سورية دمشق 1987
6. الشباب والأدب اللاذقية1988
7. الأدب والتغير الاجتماعي في سورية دمشق 1989
8. الأطفال والسينما اللاذقية1990
9. عن التقاليد والتحديث في القصة العربية دمشق 1993
10. القصة العربية الحديثة والغرب دمشق 1995
في الفكر
1. الشرق أوسطية والفكر العربي دمشق 1996

* * شارك في تأليف 21 كتاباً منها:
• أدب الأطفال في وسائل الاتصال بجماهير الأطفال دمشق 1983
• جمهور الأطفال والثقافة دمشق 1984
• المقاومة في الأدب دمشق 1985
• الانتفاضة في الأدب دمشق 1990
• الثقافة والإبداع تونس 1992
• الأدباء العرب في مواجهة التحديات عمان 1994
• ثقافة الأطفال: واقع وآفاق دمشق 1995
• المثقف العربي ومواجهة التطبيع دمشق 1998
* * وضع مقدمات لـ16 كتاباً، منها:
• الطفل والثقافة. تأليف: د. عبدالرزاق جعفر دمشق 1986
• شهادات على جدران الوطن. تأليف: علي المزعل دمشق 1987
• مجموعات قصصية لـ محمد علي علي 1992 ـ محمد أبو خضور 1993
وخلدون فوزي الشرابي 1996، وابراهيم كبة 2000.
• العاصفة. مسرحية. تأليف: فتيح عقلة عرسان 1995.
• مسرحيات. فيصل الراشد 1995.
• الإرث. رواية. تأليف: طاهر عجيب 1996.
• حكايات شعرية للصغار. تأليف: خالد محي الدين البرادعي ـ الإمارات 2000.
• النص والأسلوبية بين النظرية والتطبيق ـ تأليف عدنان بن ذريل ـ دمشق 2000.
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59