صُوَرٌ مِن النَّقدِ الأدبي عندَ العلماء(*)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ رُويَ أنَّ أبا تمَّام الطَّائي مَدحَ الخليفة فقال :
إقدامُ عَمْروٍ في سماحَةِ حاتمٍ *** في حِلْمِ أحنَفَ في ذكاءِ إياسِ
ـ فقال الوَزير : شبَّهتَ أميرَ المؤمنين بأجلافِ العَرَب ، فأطرَقَ ثمَّ زادَها :
لا تُنْكِروا ضَربي لَهُ مَن دُونَهُ ** مَثلاً شَروداً في النَّدى والباسِ
فاللهُ قَد ضَرَبَ الأقـلَّ لنــوره ** مَثلاً مِـن المشـكاةِ والنِّبـْراسِ
• فقال الوَزير : أعطهِ ما شاءَ ؛ فإنَّهُ لا يعيش أكثر من أربعين يوماً، لأنَّهُ قَد ظهَرَ في عينيهِ الدَّمُ من شدَّة فكره ، وصاحبُ هذا لا يعيش إلا هذا القدر، فقال له الخليفة : ما تشتهي ؟ قال : الموصل ، فأعطاهُ إيَّاها ، فتوجَّهَ إليها وماتَ بعد هذه المدَّة .
• قال العلامة النقَّاد الذَّهبي في (( سِير أعلام النُّبلاء ))(11/69):
ـــ هذه حكاية غير صحيحة ، وأمَّا البيتُ ، فلن يحتاج إلى اعتذار أصلاً ، ولا وَلِيَ الموصل ، بلى ، وَلِيَ بريدَها .
ـــ وقال ابنُ خلِّكان في (( وفيَات الأعيان وأنباء وأبناء الزَّمان )) (2/14 ـ 16) :
ورأيتُ النَّاسَ مُطبقينَ على أنَّهُ مَدحَ الخليفة بقصيدتهِ السِّينيَّة (ثمَّ ذكرَ الحكاية والاختلاف في رواياتها ) ثمَّ قال :
ــ وَقَد تَتبَّعتُها وحقَّقتُ صورة ولايته للموصل ، فلم أجد سوى أنَّ الحسن بن وهب ولاه بريد الموصل ، فأقام بها أقلَّ من سنتين ثمَّ ماتَ بها . والذي يدلُّ على أنَّ القضيَّة ليسَت صحيحة أنَّ هذه القصيدة ما هي في أحَد من الخلفاء ، بل مدحَ بها أحمد بن المعتصم ، وقيل : أحمد بن المأمون ، ولم يلِ واحدٌ منهما الخلافة (!) .
ــ وقال العلامة ابن كثير في (( البداية والنِّهاية )) ( 10 / 301 ) : وليس هذا بصحيح ، ولا أصل لهُ ، وإنْ لهج بهِ بَعضُ النَّاس كالزَّمخشري وغيره !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
(*) م: الأصالة ـ ع : 1 ـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ